يواصل الباحثون والعلماء اكتشاف خبايا عصور الديناصورات، إذ تم العثور على حفرية ديناصور يرجع عهدها الى 201 مليون سنة، كما اكتشف العلماء حفريات لكائن بري يسمى (روزينجوريكس) يتميز بأنف عجيب الشكل هو أقرب للديناصورات منه للثدييات، وفي إطار هذه الاكتشافات، صنف باحثون بقايا ديناصور على أنه أحد أكبر الديناصورات التي كانت تعيش آنذاك، فقد زاد طول أكبر ديناصور عاش على كوكب الأرض عن طول حمام سباحة أوليمبي، وكان هذا المخلوق أكثر ارتفاعا من مبنى مؤلف من خمسة طوابق، وأثقل من طائرة ركاب عملاقة من تلك المعروفة باسم الجامبو.
على صعيد ذي صلة يقول علماء الأحياء القديمة إن حفرية ديناصور يرجع عهدها الى 201 مليون سنة عثر عليها منذ عامين على شاطئ مقاطعة ويلز يمكن ان تطرح قرائن مهمة لفهم عملية التطور من أواخر العصر الترياسي الى بواكير العصر الجوراسي، وصنف ديناصور (دراكورابتور هانيجاني) على انه نوع جديد وهو من أقدم ديناصورات العصر الجوراسي التي عثر عليها حتى الآن وهو من بين أكثر اكتشافات الحفريات اكتمالا من ذلك العصر، والعصر الجوراسي المبكر مهم في تاريخ تطور الديناصورات وهو يلي حادثة انقراض في أواخر العصر الترياسي أدت الى ابادة أكثر من نصف الأنواع على سطح الأرض وربما أوجدت الهيمنة الشاملة للديناصورات وفي مقدمتها ديناصورات مثل (تيرانوصور ركس) و(فيلوسيرابتور)، ويرى الخبراء أن الأنواع التي نجحت في البقاء عبر العصر الجوراسي تنطوي على قرائن تدل على تنوع الديناصورات الى عدة أنواع عاشت في أواسط العصر الجوراسي وبعضها من أسلاف الطيور، وفي السنوات الأولى من العصر الجوراسي -عندما كان العالم لا يزال يتعافى من آثار واحدة من أسوأ حوادث الانقراض الجماعي في تاريخ كوكب الأرض- ساعد هذا الديناصور ضئيل الجسم من آكلات اللحوم من منطقة ويلز في تهيئة الظروف لنشأة بعض من أكثر المفترسات رهبة على الإطلاق كي تدب بقدميها على سطح الأرض.
من جانب آخر وفي قاع قناة قديمة على جزيرة روزينجا الكينية اكتشف العلماء حفريات لكائن بري يسمى (روزينجوريكس) يتميز بأنف عجيب الشكل هو أقرب للديناصورات منه للثدييات، في حين شهدت حديقة حيوان بانجلترا أول ولادة من نوعها لنوع زواحف (تشيواتارا) الليلية النادرة خارج موطنه الأصلي في نيوزيلندا، ويعتقد أن حيوان (تشيواتارا) نشأ على الأرض منذ 225 مليون سنة قبل وجود الديناصورات لكن إكثاره وتربيته اقتصر على مناطق قبالة جزر في نيوزيلندا، ومن غرائب هذا الحيوان ان له ثلاث عيون أحدها على قمة الرأس ولكن على الرغم من وجود شبكية وقرنية وعدسات ونهايات عصبية الا ان الحيوانات لا تستخدم في الرؤية، فيما يلي ادناه ابرز واحدث الاكتشافات والدراسات حول الدينصورات في العالم.
اكتشاف نوع من الديناصورات يطرح قرائن على نظرية التطور
في سياق متصل تقول سندي هولز أمينة متحف الأحياء القديمة بمتحف ويلز القومي حيث تعرض الحفرية "إنه اكتشاف مهم في مطلع العصر الجوراسي لأنه في ذلك الوقت بدأ تنوع الديناصورات. وبدأت في التطور لتوها لكن القارات كانت في وضع موات لهذا التطور مع دفء المناخ، "وهو الزمن الذي شهد تطور مختلف أنواع الديناصورات اللاحمة التي استهلت رحلتها لتصل الى (تيرانوصور ركس) و(فيلوسيرابتور) التي ظهرت في العصر الكريتاسي (الطباشيري) لذا فإن هذا الديناصور الصغير مجرد واحد من سلسلة أولية طويلة انتهت بظهور (فيلوسيرابتور)".
ويعني الاسم العلمي (دراكورابتور) "التنين اللص" أما (هانيجاني) فيشير الى الأخوين روب ونيك هانيجان اللذين اكتشفا هذه الحفريات بمنطقة لافرنوك بوينت قرب كارديف عاصمة ويلز، كان 40 في المئة من جسم الحيوان محفوظا جيدا بما في ذلك الجمجمة والمخالب والأسنان وعظام القدم وبالاستعانة بعملية تناظر الجسم تمكن العلماء من وضع 80 في المئة من شكل الديناصور (دراكورابتور). بحسب رويترز.
وقال الخبراء إنه نظرا لاكتمال الحفرية على هذا النحو فقد أمكن سد الكثير من الثغرات في تطور كائنات تلك الفترة ومقارنة هذه الديناصورات بأخرى عاشت في امريكا وفي بقاع أخرى من العالم مع مقارنة صفاتها التشريحية ما ساعد على تفهم كيفية حركتها وطبيعة غذائها ومعيشتها، كان هذا الديناصور صغير الحجم نسبيا وطوله متران من الرأس حتى الذيل وله ذراعان قصيرتان وكان نشط الحركة وله ذيل طويل لتوازن الحركة وأسنان حادة ومخالب مدببة لاقتناص فرائسه وكان يتغذى على الزواحف والثدييات الصغيرة وهو أصغر كثيرا من (تيرانوصور ركس)، وأمكن تحديد عمر الحفرية نظرا لوجودها بين طبقات من القشرة الأرضية فوق طبقات تحتوي على حفريات تنتمي للعصر الترياسي (الثلاثي) وفقا لقانون تعاقب الطبقات مع امكان تحديد الزمن الجيولوجي من خلال تحليل نظائر الكربون، وقالت هولز إن عمر الحفرية نحو 200 مليون سنة وأمكن معرفة ذلك أيضا من خلال مقارنة مباشرة مع صخور في النمسا التي شهدت الفترة الانتقالية بين العصرين الترياسي والجوراسي، وأعلن العلماء اكتشاف بقايا حفرية لهذا الديناصور الذي يسير على قدمين ويسمى (دراكورابتور) وكان الجد الأكبر لمعظم آكلات اللحوم الضخمة التي نشأت فيما بعد مثل (تيرانوصور ركس) و(ألوصور) و(سباينوصور)، ولا يزال علم مقاطعة ويلز بالمملكة المتحدة يحمل صورة تنين أحمر في اشارة الى (دراكورابتور).
عرض هيكل عظمي ضخم لديناصور بمتحف التاريخ الطبيعي
يزاح الستار بمتحف التاريخ الطبيعي في نيويورك عن هيكل عظمي ضخم لديناصور يفوق حجما نموذجا للحوت الأزرق هناك يجتذب الكثير من الزوار من مختلف أرجاء العالم، ويبلغ طول الهيكل 37 مترا ما تعذر معه عرضه في قاعة الحفريات لذا فان جمجمة الهيكل وعنقه ستوضعان عند مدخل المتحف لتكونا أول ما يراه الزائر، وقال المتحف في بيان إن الديناصور اكتُشف حديثا ولم يطلق عليه اسم بعد فيما يصل ارتفاعه الى ستة أمتار ليلامس سقف المتحف عند عرضه.
يقول علماء الأحياء القديمة إن الديناصور من آكلات العشب وينتمي لمجموعة تسمى (تايتانوصور) وكان يزن نحو 70 طنا أي ما يعادل عشرة من الفيلة الافريقية، واكتشف الهيكل العظمي عام 2014 بمنطقة باتاجونيا في الارجنتين حين كانت الديناصورات تجوب المنطقة قبل نحو 100 مليون عام. بحسب رويترز.
وقال المتحف على موقعه الالكتروني إنه يضم أيضا حيوانات متوحشة أخرى منها ماموث وبري محنط عاش منذ 11 ألف عام، ومن بين المعروضات الأخرى هيكل عظمي للديناصور (تايرانوصور ركس) الذي يصل طول فكه الى 1.2 متر وطول السن الواحدة 15 سنتيمترا الى جانب الحوت الأزرق وهو نموذج من الألياف الزجياجية طوله 29 مترا.
سمات عجيبة قريبة من الديناصورات
قال الباحثون إن النتوء الهلالي الشكل على قمة رأس كائن (روزينجوريكس) -الذي كان يجوب مناطق السافانا الافريقية منذ عشرات الآلاف من السنين- لا يشبه الثدييات في شيء سواء الحالية أو العتيقة لكنه يشبه بروزات على الرأس لمجموعة من الديناصورات ذات منقار شبيه بالبط، وقال هالي أوبريان عالم الأحياء القديمة بجامعة أوهايو إن هذا التركيب المجوف ربما كان يساعد مخلوق (روزينجوريكس) آكل العشب ذا القرون والحوافر في اصدار صوت ضعيف مثل البوق للتواصل مع أفراد أخرى من قطيعه على مسافات بعيدة. بحسب رويترز.
وقال أوبريان "هذا التركيب في غاية الغرابة فمن العجيب ان ترى عرفًا أنفيا مجوفا على الديناصورات أو في الثدييات التي عاشت فيما بعد"، ويرجع عمر حفريات (روزينجوريكس) -الذي كان في حجم أولاد عمومته من الحيوانات البرية- الى 55 و75 ألف سنة، وقال أوبريان إن هذا التركيب نموذج على تنوع تراكيب النشوء والارتقاء حين كانت الكائنات المتباعدة النسب تنشأ لديها سمات متماثلة مثل أجنحة الطيور والخفافيش والزواحف الطائرة المنقرضة وذلك للتكيف مع بيئات مشابهة أو ظروف بيئية ما.
وعاش (روزينجوريكس) حياة تشبه مجموعة من الديناصورات ذات منقار شبيه بالبط إذ كانت كائنات تتغذى على الأعشاب وتسير في قطعان ويرى بعض العلماء ان هذه المخلوقات ربما تكون قد استخدمت هذا العرف على الرأس للتواصل الصوتي بين أفرادها.
وقال البحث -الذي ورد بدورية (كارانت بيولوجي)- إن الجهاز الأنفي لمخلوق (روزينجوريكس) ربما كان يمكنه من تعميق النداءات الصوتية الطبيعية الى مستويات "تحت صوتية" ربما كان بوسع أنواع أخرى سماعها، وقال أوبريان "صدور الصوت كان ينبه الكائنات المفترسة وتحويل النداءات الى طبقة صوتية ذات ترددات مختلفة ربما كان يجعل التواصل أكثر أمنا"، وتضمن البحث فحص جماجم ستة من كائنات (روزينجوريكس) اليافعة وربما كان العرف العظمي يقع على قمة وجانب الجمجمة وقد يكون مجوفا وبه ممرات أنفية.
وعثر على 24 على الأقل من مخلوقات (روزينجوريكس) في الموقع وقال كريسن جنكنز عالم الأحياء القديمة بجامعة مينيسوتا إن العظام المكسورة والأدوات الحجرية أوضحت انه ربما يكون الانسان قد تسبب في قتلها وقال جنكنز إنه ربما يكون صيادون قد اقتادوا قطيعا الى كمين في القناة المائية.
ولادة أول نوع نادر من الزواحف خارج موطنه
كانت ايزولدر مكجورج المسؤولة بحديقة حيوان تشسيتر بانجلترا قد أمضت 38 عاما في محاولة تشجيع الكائن على التكاثر، وولد الكائن الجديد في ديسمبر كانون الأول الماضي ويزن 4.21 جرام بعد فترة حضانة استمرت 238 يوما وانتظرت حديقة الحيوان حتى هذا الاسبوع للاطمئنان على صحته قبل الاعلان عن ولادته.
وقالت ايزولدر "تربية تشيواتارا انجاز هائل نظرا لصعوبة تكاثره... وأمضيت 38 عاما لانجاز ذلك من خلال جهود جبارة والكثير من اللحظات المضطربة والجهد المضني في ظروف الحفاظ عليه طوال ذلك الوقت لكن الأمر يستحق كل هذا العناء"، وأضافت "ظل الحيوان على ظهر الكوكب أكثر من ربع مليار سنة وما من شك في انه لأمر مشهود ان نكون أول حديقة حيوان تقوم بتربيته خارج موطنه الأصلي في نيوزيلندا".
والاسم العلمي لكائن (تشيواتارا) هو (سفينودون بونكيوتاتوس) ولا يتكاثر الا كل أربع سنوات وأمضت ايزولدر 12 عاما لمساعدة الأم (موستارد) والأب (بيكسي) على انجاب الصغير، وانقرض هذا النوع منذ 70 مليون سنة من على وجه المعمورة باستثناء نيوزيلندا وهو حيوان مقدس لدى حضارة مانوري ولا يسمح الا لقلة من الناس بزيارة الجزيرة التي يوجد بها (تشيواتارا).
تعرف على أضخم ديناصور زلزل الأرض بأقدامه
زاد طول أكبر ديناصور عاش على كوكب الأرض عن طول حمام سباحة أوليمبي، وكان هذا المخلوق أكثر ارتفاعا من مبنى مؤلف من خمسة طوابق، وأثقل من طائرة ركاب عملاقة من تلك المعروفة باسم الجامبو.
قبل التطرق للحديث عن أضخم الديناصورات، يجدر بنّا الحديث عن كيف يُعرِّف كل منّا لفظ "الأضخم" من الأساس، ويمكن القول إن الديناصورات المنتمية لجنس "سوبر صوروس" هي من بين أطول الديناصورات بدنا؛ إذ يقدر العلماء طول كل منها بنحو 34 مترا (111قدما)، وذلك من خطم هذا الحيوان العملاق وحتى طرف ذيله، استنادا إلى عظام عموده الفقري التي عثر عليها، بالمثل، بوسعنا أن نقول إن أكثر أنواع الديناصورات ارتفاعا هي تلك المنتمية لجنس "صوروبوسايدون" وهي كائنات هائلة الحجم تتغذى على النباتات، واكتُشفت في أمريكا الشمالية. وبفضل طول أعناق تلك الديناصورات، على نحو يثير الضحك تقريبا؛ يصل ارتفاعها إلى 17 مترا (55 قدما). ولكن الحفريات التي عُثر عليها لحيوانات من هذا النوع لا تزال محدودة نسبيا.
ويُعزى تقدير ارتفاع ديناصورات ذلك الجنس بشكل كبير إلى بقايا أكثر اكتمالا تعود لحيوانات منتمية لجنس يحمل اسم "جيرافاتيتان". وكانت ديناصورات فصيل من هذا الجنس يحمل اسم "جيرافاتيتان برانكاي" تُعتبر سابقا "الأكبر" في العالم.
أما لقب أثقل الديناصورات المعروفة حجما فهو حاليا من نصيب الوحوش المنتمية لجنس "أرجنتينوصورس"، والتي بلغت من الحجم حدا أحدث انقلابا في المقاييس الخاصة بأحجام الديناصورات، عندما تم التعرف على الحيوانات التي تعود لهذا الجنس وتحديد هويتها للمرة الأولى في تسعينيات القرن الماضي.
وتتراوح التقديرات الخاصة بوزن مخلوقات ذلك الجنس ما بين 60 إلى 100 طن. ومن جديد، يتعين علينا توضيح أنه ليس بوسعنا تقديم تقدير محدد للغاية في هذا الصدد نظرا لأن البقايا التي عُثر عليها للديناصورات المنتمية لهذا الجنس محدودة للغاية.
الآن، وبحسب أدلة مستقاة من حفريات جرت مؤخرا، وهي أدلة عُدت الأكثر اكتمالا من نوعها، بات هناك نوع من الديناصورات يشكل منافسا قويا لأقرانه في المنافسات الكبرى بين هذه الوحوش على ألقاب الأكبر والأثقل والأكثر ارتفاعا وطولَ بدنٍ.
المنافس الجديد هو أحد الديناصورات المنتمية لجنس الـ"تيتانوصورات"، وهو ما يعني أنه ينتمي إلى نفس النوع الذي ينتمي إليه جنس "أرجنتينوصورس". وسمي الـ"تيتانوصور" بهذا الاسم نسبة إلى مخلوقات عملاقة تقول الأساطير إنها عاشت في اليونان القديمة. وربما تكون الديناصورات المنتمية لهذا الجنس قد عاشت قبل نحو 70 إلى 100 مليون عام.
ويقول عالم الحفريات بول بريت من متحف التاريخ الطبيعي في العاصمة البريطانية لندن: "هذه الحيوانات توجد على نطاق واسع للغاية (و) يوجد الكثير من الأنواع المختلفة منها. وليست كل هذه المخلوقات هائلة الحجم، فعدد محدود منها للغاية يصل إلى هذه الأحجام الكبيرة جدا".
وحتى هذه اللحظة يتسم سجل الحفريات الخاصة بالديناصورات من جنس "تيتانوصور" بأنه هزيل إلى حد بعيد، فمن بين الحفريات هائلة الحجم التي عُثر عليها لا توجد سوى شذرات ضئيلة تشير إلى الحجم الإجمالي للمخلوقات من هذا الجنس. وهنا يقول بريت: "كنا على علم (بالديناصورات المنتمية لهذا الجنس) منذ بعض الوقت، ولكنها – بصفة عامة - ليست من بين المجموعات المعروفة جيدا من الديناصورات".
وفي الآونة الأخيرة، أصبحت منطقة باتاغونيا بقعة تعج بالحفريات الخاصة بتلك الديناصورات هائلة الحجم. ويرجع الفضل في أحدث – وربما أعظم - كشف عُثر عليه هناك حتى الآن، إلى عامل زراعي ارتطم عرضا عام 2014 بقمة عظمة عملاقة الحجم على نحو هائل في الصحراء القريبة من منطقة لا فليتشا.
وتجاوز طول عظام الفخذ التي عُثر عليها في هذا الموقع طول رجل بالغ. ويقول خبراء متحف "إيجيدو فيرولجو" للحفريات بالأرجنتين إلى أن ذلك يشير إلى أن ارتفاع كتفي الكائن، الذي كانت هذه العظمة جزءا من جسده، يناهز 580 سنتيمترا (19 قدما).
وتشير محيط عظام الفخذ هذه، والقائمة الأمامية للديناصور الذي تخصه تلك الحفريات، إلى أن وزنه قد يصل إلى نحو 70 طنا، وكذلك إلى أنه من المرجح أن يصل طول بدنه إلى قرابة 40 مترا (131 قدما).
ولسوء الحظ، لم يعثر الخبراء حتى الآن على جمجمة الـ"تيتانوصور" الذي يُعتقد أنه قد يكون الأكبر والأثقل والأكثر ارتفاعا، وذلك رغم الكم المثير للإعجاب، الذي عُثر عليه من عظام سبعة ديناصورات من ذلك الجنس، والتي بلغ عددها 223 عظمة. وعوضا عن ذلك؛ ومن أجل إعادة تكوين هيكل كامل لذلك الحيوان تحديدا، عكف العلماء على فحص جماجم تيتانوصورات أخرى، لم يتعد عدد ما عُثر عليه منها حتى الآن سوى ثلاث جماجم فقط.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن حجم التيتانوصور المُكتشف حديثا يزيد بنسبة 10 في المئة على حامل اللقب السابق لأثقل الديناصورات وزنا. رغم ذلك فإن تحديد أحجام وأوزان مخلوقات من عصر ما قبل التاريخ مثل هذه الحيوانات يشكل مهمة صعبة ودقيقة.
فبالنسبة للديناصورات من جنس"أرجنتينوصورس"، لم نعثر حتى الآن سوى على بضع فقرات عظمية متحجرة من العمود الفقري وعظام الضلوع، وكذلك على عظام توجد في أسفل الساق، إلى جانب شذرات عظمية أخرى.
وفي عام 2005، تم تحديد هوية بعض العظام، التي عُثر عليها، بأنها تنتمي إلى ديناصور من نوع "بويرتاصورس ريلولي" وهي أكبر من تلك التي تخص الديناصورات من جنس "أرجنتينوصورس"، وهو ما يعني أنها قد تكون أثقل منها كذلك. ولكن للأسف، فمن المعروف أن هذه العظام هي جزء من العمود الفقري للكائن الذي تخصه، وهو ما يجعل من العسير مقارنة هذا الكائن بنظراء له.
وفي الوقت الحالي، يعود أكثر هيكل عظمي مكتمل حدد هويته العلماء لديناصور من جنس الـ"تيتانوصور" إلى حيوان ينتمي لشعبة فرعية تحمل اسم "دريدنوتس شراني"، والتي تم التعرف على هويتها الإحيائية للمرة الأولى عام 2014 على يد العالم كينيث لاكافورا وزملائه من جامعة دركسيل بولاية فيلادلفيا الأمريكية. وقد عثر على 116 عظمة من إجمالي عظام الهيكل العظمي لهذا الحيوان العملاق المُقدر عددها بـ 256.
وبينما كانت التقديرات الأولية تشير إلى أن وزن الديناصور من هذه الشعبة يمكن أن يصل إلى 60 طنا، فإن دراسة جرت عام 2015 توقعت وزنا أقل من ذلك بنحو 20 إلى 25 طنا. على أي حال ليست هذه هي المرة الأولى التي "ينكمش" حيوان يُعتقد أنه هائل الحجم.
ويقول العالم بول بريت في هذا الصدد: "في فترة حداثتي، كان يُقال إن (الديناصورات المنتمية لجنس) براكيوصورس هي الأكبر على الإطلاق في كل العصور". وقد ظهرت هذه الديناصورات، طويلة العنق التي تنتمي لنوع صوروبودا، في الجزء الأول لفيلم "جوراسيك بارك".
واعتقد العلماء يوما ما أن وزن الواحد منها قد يبلغ 80 طنا. ولكن تبين فيما بعد - كما يقول بريت – أن هذا التقدير "مبالغ فيه للغاية. فمعظم التقديرات (الآن) تُخفض الوزن إلى 50 طنا؛ كحدٍ أقصى".
وقد تغيرت هذه التقديرات بفعل زيادة المعلومات المتوافرة لدينا بشأن تركيب العظام التي يعُثر عليها ومواضعها في الهيكل العظمي للحيوان. كما أن الأساليب المتبعة لتقدير الأحجام استنادا إلى هياكل عظمية غير مكتملة أصبحت أكثر تطورا. وهنا يوضح بريت بالقول: "نظرا لطبيعة الحفريات فإنه ما من قاعدة ذهبية واحدة" تُتبع لاستنتاج وزن الحيوان استنادا إليها.
وتعتمد الطريقة التقليدية في هذا الشأن على قياس محيط عظام الساق. ويقول بريت :" نعلم أن هناك علاقة بين الوزن ومحيط العظام"، وذلك من خلال دراسة العلاقة بينهما في الحيوانات التي لا تزال تعيش على سطح الأرض ولم تنقرض بعد.
أما أحدث التقنيات المتبعة في هذا المضمار، والمعروف باسم "الهيكلة المحدودبة"، فيعتمد على إعداد نماذج افتراضية بواسطة الكمبيوتر؛ إذ يجري الباحثون فحصا بالأشعة على كل عظمة لبلورة نموذج افتراضي لشكل الديناصور. وإذا كان الهيكل العظمي غير مكتمل، يتم ملء الفراغات القائمة فيه، من خلال وضع عظام يتم تصور حجمها وشكلها استنادا لما هو قائم في ديناصورات أخرى تمت للديناصور موضع البحث بصلة قرابة.
وبعد ذلك يُملأ النموذج بالأجهزة والأعضاء المختلفة التي يُفترض وجودها في جسد الديناصور، قبل أن يُغلف كل ذلك بالعضلات ويُكسى بالجلد. ويعتمد العلماء في تصور أشكال كل هذه المكونات وأحجامها على التفاصيل الخاصة بالسحالي والطيور والتماسيح التي تعيش في وقتنا الحاضر، وبعد اكتمال هذه العملية يتسنى للخبراء تقدير وزن الديناصور. ومن شأن اتباع هذا الأسلوب تعديل التقديرات السابقة لجعلها أقرب إلى الدقة، وهو ما حدث مع الديناصورات من شعبة "دريدنوتس شراني"، التي تراجع وزنها التقديري بشكل حاد.
وفي هذا الإطار، يمكن الاستعانة بإفادة دييجو بول، وهو أحد أعضاء الفريق المسؤول عن كشف أسرار الديناصور المنتمي لجنس "التيتانوصور" الذي عُثر عليه في منطقة لا فليتشا؛ إذ يقول هذا الرجل إنه بات لدى الفريق 70 في المئة من كامل الهيكل العظمي لهذا الحيوان العملاق، وهو ما ينبغي أن يجعل تقديراتهم بشأن وزنه دقيقة للغاية.
رغم ذلك، فلن يكون بمقدور هذا التيتانوصور – الذي لم يُختر له اسم بعد – الإطاحة بالديناصورات من جنس "أرجنتينوصورس" من عرشه كأضخم الديناصورات المعروفة حتى الآن، حتى يتم توصيف ذلك التيتانوصور والتعرف على هويته الإحيائية رسميا من قبل الباحثين في دورية علمية محكمة يتولى باحثوها تقييم مدى الدقة العلمية للتقديرات الخاصة بحجمه.
ويرى بريت أن "حيوانات كبيرة بحق مثل هذه لا تظهر كثيرا"، وهو ما أدى إلى ألا تطرأ سوى بضعة تغييرات على هوية الديناصور الموصوف بأنه الأكبر والأضخم خلال المسيرة المهنية لهذا الرجل، الذي يضيف بالقول: "إننا ندنو بشدة من الحدود القصوى لأكبر حجم يمكن أن يصل إليه حيوان يعيش على البر ويبقى في ظله قادرا على الحياة أيضا".
وكان من بين الاكتشافات المثيرة والتي يصعب إثباتها بدقة في الوقت نفسه، ما يقوله بول من أن الحيوان الذي يفحص بقاياه حاليا قد نفق قبل أن يصل إلى طور البلوغ واكتمال النمو تماما. ويقول في هذا الشأن: "بوسعك – من خلال تحليل أنسجة العظام - تقدير العمر الذي كان عليه الحيوان عند نفوقه". ويجري ذلك عبر فحص شرائح رقيقة من نسيج عظام الأطراف "وهو ما يشبه إلى حد ما إحصاء عدد الحلقات الموجودة في المقطع العرضي لجذع الشجرة لتحديد عمرها، ويشير ما استنتجه بول بخصوص نفوق ذلك الديناصور قبل اكتمال نموه إلى أنه ربما كان أمام هذا الحيوان العملاق فرصة للنمو بشكل أكبر قليلا. ولن يتسنى تأكيد هذه الفرضية سوى بالعثور على حفريات لأجزاء من هذه الكائنات ولكن في طور النضوج، وهو ما يعني أننا قد نرى في قابل الأيام تيتانوصورات أخرى أكبر حجما.
اضف تعليق