قضية مقتل الكاتب والصحفي الأردني ناهض حتر، ما تزال محط اهتمام واسع داخل وخارج المملكة الاردنية الهاشمية، فقد أثار اغتيال حتر وكما نقلت بعض المصادر، ردود فعل متناقضة وغاضبة خصوصا وان البعض يرى ان هذه الجريمة تعد عملا ارهابيا موجها ضد الفكر والحرية التعبير، من جانب اخر اكد بعض المراقبين ان ما حدث هو دليل واضح على فشل اصحاب الفكر المتطرف العاجزين عن استخدام لغة الاقناع اوالاستماع إلى الرأي الآخر وتصيحيح بعض الاخطاء ان وجدت.
وكان حتر (56 عاماً) قد نشر وكما نقلت بعض المصادر، رسماً كاريكاتورياً على صفحته الشخصية على فيسبوك بعنوان "رب الدواعش" ما أثار جدلاً واستياء على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن حتر حذف المنشور من صفحته وأكد في توضيح أن الرسم "يسخر من الإرهابيين وتصورهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الإلهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهية عما يروجه الإرهابيون". وأضاف حتر الذي أغلق بعد ذلك صفحته الشخصية أن "الذين غضبوا من هذا الرسم نوعان: أناس طيبون لم يفهموا المقصود بأنه سخرية من الإرهابيين وتنزيه للذات الإلهية عما يتخيل العقل الإرهابي، وهؤلاء موضع احترامي وتقديري". والنوع الثاني "إخونج- داعشيون يحملون المخيال المريض نفسه لعلاقة الإنسان بالذات الإلهية. وهؤلاء استغلوا الرسم لتصفية حسابات سياسية لا علاقة لها بما يزعمون". وقد اكد بعض الخبراء ان قضية اغتيال ناهض حتر ليس بسبب معتقده الديني بل جاء بسبب الاختلاف الفكري ومعتقده السياسي الذي تم استغلاله وتجييره من قبل القاتل لتبرير تنفيذ جريمته بحجة الدفاع عن معتقد التوحيد الذي لا تختلف عليها الاديان السماوية.
هذه الحادثة ايضا دفعت السلطات الاردنية الى حظر نشر الاخبار المتعلقة بالكاتب الصحافي ناهض حتر.و قالت هيئة الاعلام في بيان، إن محكمة أمن الدولة قررت حظر نشر أي اخبار أو معلومات فيما يخص قضية مقتل الصحافي ناهض حتر وبأي وسيلة كانت، سواء عن طريق المواقع الإلكترونية أو وسائل التواصل الاجتماعي أوغيرها من وسائل الاعلام والنشر، موضحة أن القرار اتخذ حفاظا على سرية التحقيق، وتحقيقا للصالح العام. واستثنى البيان من قرار الحظر ما يصدر عن النائب العام لمحكمة أمن الدولة من بيانات ومعلومات. كما نظم ذوو الكاتب الصحفي الأردني الراحل ناهض حتر وأنصاره، اعتصاما أمام رئاسة الوزراء في العاصمة الأردنية عمان. وطالب المحتجون باستقالة حكومة هاني الملقي ووزير الداخلية سلامة حماد اثر اغتيال الكاتب حتر امام قصر العدل. كما طالبوا بأن تكون الدولة علمانية هاتفين: لا إخوان ولا سلفية، علمانية اشتراكية.
امام قصر العدل
وفي هذا الشأن قال شهود عيان ووسائل إعلام أردنية رسمية إن مسلحا قتل الكاتب الأردني ناهض حتر مام قصر العدل حيث كان سيمثل للمحاكمة في اتهامات متعلقة بازدراء الدين بعد نشره كاريكاتيرا اعتبر مسيئا للإسلام. وذكرت وكالة الأنباء الأردنية أن المسلح اعتقل في موقع الحادث. وقال مصدر أمني إن القاتل عمره 39 عاما ويعمل واعظا إسلاميا بأحد مساجد العاصمة عمان. واستنكرت الحكومة الأردنية الحادث مؤكدة أن القانون سيطبق بحزم على من قام بهذا العمل. وقال محمد المومني وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق باسم الحكومة في تصريح نقلته وكالة الأنباء الأردنية "اليد التي امتدت إلى الكاتب المرحوم حتر ستلقى القصاص العادل حتى تكون عبرة لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجريمة الغادرة".
وأطلق المسلح ثلاث رصاصات على حتر أمام قصر العدل في منطقة العبدلي بوسط عمان حيث كان في طريقه للمثول أمام المحكمة في اتهامات "بإثارة النعرات المذهبية والعنصرية" بعد أن أعاد نشر رسم كاريكاتيري اعتبر مسيئا للذات الإلهية. وقالت وكالة الأنباء الأردنية إن قوات الأمن المتواجدة بمحيط المكان ألقت القبض على المسلح وهو يخضع حاليا للتحقيق. ونعى حزب الله اللبناني حتر وأدان اغتياله واصفا إياه بأنه "كان بحق صوتا شجاعا ومدويا في مناهضة حركة التكفير والإلغاء والإقصاء والإبادة".
وقبض على حتر- وهو مسيحي مؤيد للرئيس السوري بشار الأسد- في أغسطس آب الماضي بعد أن أعاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي نشر الكاريكاتير الذي يصور رجلا ملتحيا في الجنة على سرير مع نساء ويطلب من الرب أن يحضر له الخمر والمكسرات. واعتبر مسلمون محافظون أردنيون ما فعله حتر مسيئا للإسلام. وقالت السلطات إنه انتهك القانون بإعادة نشر الكاريكاتير. وأصدر حتر حينها بيانا أوضح فيه أن الرسم الذي نشره "كان يسخر من الإرهابيين وتصورهم للرب والجنة ولا يمس الذات الإلهية من قريب أو بعيد."
وقال شريف منصور منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين في بيان إن مقتل حتر نتيجة مباشرة لعدم الالتزام بحرية التعبير من جانب السلطات الأردنية. ونقلت الوكالة عن مصدر أمني قوله إن المسلح أطلق ثلاث رصاصات على حتر وهو على درج سلم قصر العدل في العاصمة الأردنية. ونقلت عن المصدر الأمني قوله "فور إطلاق النار تمكن رجال الأمن العام الموجودون على مقربة من الحادث من القبض على مطلق النار وضبط السلاح الناري الذي بحوزته وبوشرت التحقيقات معه للوقوف على ملابسات الحادث." بحسب رويترز.
وقال شاهدا عيان إن المسلح وهو ملتح كان يرتدي دشداشة تقليدية من النوع الذي يرتديه السنة المحافظون ممن يهجرون النمط الغربي في حياتهم. واستنكرت دائرة الإفتاء العام في الأردن في بيان على موقعها الرسمي مقتل حتر مؤكدة أن "الدين الإسلامي برئ من هذه الجريمة البشعة ويمنع الاعتداء على النفس الإنسانية." وأودع حتر رهن الاحتجاز لنحو أسبوعين قبل أن يصدر أمر قضائي بالإفراج عنه بكفالة مالية في وقت سابق من هذا الشهر. ولد حتر في 1960 وتخرج في الجامعة الأردنية قسم علم الاجتماع والفلسفة ونال درجة الماجستير في فلسفة الفكر السلفي المعاصر. أصدر 15 كتابا من أبرزها (دراسات في فلسفة حركة التحرر الوطني) و(في نقد الليبرالية الجديدة.. الليبرالية ضد الديمقراطية) و(الملك حسين بقلم يساري أردني).
ومن الرأي ما قتل
الى جانب ذلك ترك الكاتب والصحفي الأردني المثير للجدل ناهض حتر، حمولة صندوقين من الكتب والإصدارات الجديدة والروايات، جهزها له صديقه الناشر حسين ياسين صاحب مكتبة "الأزبكية" بعد دردشة "ثقافية"، كانت الأخيرة في مسيرته. وحتّر الذي نزلت واقعة اغتياله كالصاعقة على عائلته، وأثارت استياء الأوساط السياسية والإعلامية في الأردن، لم تبد عليه آثار القلق إزاء المحاكمة، التي يرى أصدقاءه والمقربون منه، أن منشور موعد أولى جلساتها على موقع "فيسبوك" بهدف التضامن، تحول إلى "إيعاز" لارتكاب جريمة القتل.
حتى الساعات الأخيرة من حياة حتّر، وفق الناشر ياسين لم يختلف اهتمامه الاعتيادي بآخر الإصدارات، حين مرّ على "الأزبكية"، سائلا عن أحدث الروايات، وطالبا أيضا اقتناء جميع ما تبقى من مؤلفات الكاتب الروسي فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي. وقال ياسين: "زارني ناهض بحدود الحادية عشر والنصف صباحا في المكتبة وتبادلنا أطراف الحديث حتى أنه مازحني بأن لديه ولدى شقيقه خالد مجموعة وافرة من الكتب الممنوعة وأنه سينافسني بطباعتها باعتبار أنني الأكثر شهرة في بيع الكتب الممنوعة في البلاد". وطلب حتّر من صديقه ياسين مجموعة من الكتب وصلت إلى نحو 40 كتابا حفظت للآن في صندوقين مغلقين.
ولم يعرف عن الكاتب حتّر سوى آرائه الجدلية و"المتطرفة" كما يصفها البعض، في قضايا تتعلق بتأييد نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحزب الله اللبناني، وكذلك رفضه للوجود الفلسطيني في الأردن، كما انتقد اللاجئين السوريين المهاجرين، معتبرا أن معظمهم "من الفئات غير القادرة على التعايش مع التعددية والنمط الحضاري الخاص في سوريا، وهكذا فإن خسارتهم لا تعد نزفا ديموغرافيا"، وفق ما جاء في مقال له في جريدة "الأخبار" اللبنانية، اعتذرت عنه لاحقا. لكن ذلك برمته، كما يقول ياسين، لم يبلغ حد دعوة حتّر إلى العنف أو التحريض عليه، بل كان يدعو خصومه في كل المرات إلى التحاور.
وتعرض حتر لاعتداء في عام 1998 على خلفية آراء سياسية نجا منه بأعجوبة. ومؤخرا طلب منه أصدقاؤه بحسب ياسين، السفر إلى بيروت بعد تلقيه تهديدات بالقتل عقب إعادة نشر رسم كاريكاتيري على "فيسبوك"، اعتبروه مسيئا لكل الأديان، إلا أنه لم يستجب لتلك الدعوات. ويذكر متابعون، بعضا من المواقف الجدلية للكاتب حتر، من بينها انقلابه على الشيوعية التقليدية منذ اعتقاله في 1979، وتصنيفه كزعيم لما سمي "بالليكود الأردني" وتأييده لقوننة قرار فك الارتباط بين الضفتين الشرقية والغربية، فيما دعا حتر مؤخرا إلى ما وصفه، عبر صفحته على "فيسبوك"، بـ"تطهير" المجتمع المسيحي من المرشحين الذين يخوضون الانتخابات على قوائم "جبهة النصرة"، في إشارة منه إلى المرشحين المسيحيين الذين ترشحوا على قوائم جماعة الإخوان المسلمين.
ويقول ياسين مجددا: "أعرف ناهض جيدا، اختلفنا في الآراء والمواقف السياسية والاجتماعية، نحن أصدقاء هو صديقي المسيحي وأنا صديقه المسلم، والدة ناهض لم تكن تطبخ في نهار رمضان حتى لا يتأذى جيرانها المسلمين، من قتل ناهض قتلنا جميعا". وتخرج ناهض حتر، من قسم الفلسفة في الجامعة الأردنية، وسجن عدة مرات على خلفية انتمائه للحزب الشيوعي، خاصة في الأعوام 1977 و1979 و1996، كما تعرض لمحاولة اغتيال سنة 1998 أدت به إلى إجراء سلسلة من العمليات الجراحية، حيث غادر بعدها إلى بيروت التي كان يتردد عليها.
كيف خطط قاتل
على صعيد متصل أفاد مصدر أمني أن قاتل الكاتب والصحافي الأدرني ناهض حتر تم اعتقاله ووجهت له ثلاث تهم، وهو يواجه حكم الإعدام شنقا بسبب جريمته. وأظهر التحقيق الأولي مع الجاني أنه خطط لجريمته إثر نشر الكاتب على فيسبوك لرسم كاريكاتوري، اعتبر "مسيئا للذات الإلهية". ووجه مدعي عام محكمة الجنايات الكبرى "ثلاث تهم لقاتل حتر هي تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وجناية القيام بعمل إرهابي أدى إلى موت إنسان، وحمل وحيازة سلاح ناري بدون ترخيص"، بحسب ما أفاد مصدر قضائي. وأوضح المصدر الذي فضل عدم كشف هويته أن "المدعي العام قرر توقيف القاتل 15 يوما على ذمة القضية وإحالة ملف القضية على محكمة أمن الدولة صاحبة الاختصاص".
وبحسب قانون العقوبات الأردني تصل عقوبة تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار إلى الإعدام شنقا. وقال مصدر قريب من التحقيق إن "القاتل الذي يعمل مهندسا بوزارة التربية والتعليم أفاد خلال استجواب المدعي العام له بأنه كان قد خطط لارتكاب الجريمة منذ فترة وأنه لم يكن يعرف أو يسمع بالكاتب حتر، وأنه قام بالبحث عن صورته على شبكة الإنترنت بعد إعادة نشره الكاريكاتور على صفحته على فيسبوك".
وأضاف المصدر، الذي لم يشأ كشف هويته، أن "القاتل أبلغ المدعي العام أنه علم بموعد عقد جلسة محاكمة من خلال المواقع الإلكترونية، وأنه قام بشراء مسدس قبل أسبوع وتوجه إلى قصر العدل وظل ينتظر الكاتب حتر لقرابة ساعة وعند مشاهدته له توجه نحوه وفتح عليه النار". وتابع أن "العمل الذي قام به القاتل هو عمل فردي ولا يرتبط بأي تنظيم إرهابي وليس لديه أي ارتباطات بأي جماعة سواء كانت داخل الأردن أو خارجه".
وقال محمد الجغبير، وهو إعلامي وصديق لحتر كان يرافقه لحضور جلسة المحاكمة مع عدد من الاصدقاء ونجل حتر، "بينما كنا نصعد درجات مدخل الباب الرئيسي للمحكمة اقترب منا شخص ملتح يلبس دشداشة، أخرج مسدسا من كيس كان يحمله وأطلق الرصاص على رأس حتر من مسافة صفر، فسقط حتر قبل أن يطلق القاتل رصاصات أخرى بينما كنا مصدومين ونحن نرى إطلاق النار". وأوضح أن "سيارة الإسعاف تأخرت كثيرا بالوصول". وبحسب الجغبير "لم يكن هناك حماية للشهيد رغم أنه كان تعرض للتهديد وطلب توفير حماية من الأمن منذ بدء محاكمته". وأصيب حتر (56 عاما) بمنطقتي الرأس والرقبة ونقل جثمانه أولا إلى مستشفى "لوزميلا" ثم إلى مستشفى البشير في عمان حيث الطب الشرعي.
وقال مصدر أمني إن "مطلق النار أردني يبلغ من العمر 49 عاما وقام بتسليم نفسه لحرس المحكمة". وبحسب وسائل إعلام أردنية، فإن القاتل يحمل شهادة بكالوريوس في الهندسة الكهربائية، وكان إماما لأحد مساجد عمان قبل نحو ستة أعوام قبل أن تفصله وزارة الأوقاف. ودان مجلس الوزراء في جلسته برئاسة رئيس الوزراء هاني الملقي بـ"أقسى العبارات الجريمة النكراء" التي أودت بحياة حتر. ووجه المجلس وزيري الداخلية والعدل "للمتابعة الفورية لإجراءات التحقيق، وإنفاذ ما سيصدر من قرارات القضاء العادل بحقّ المجرم الذي اقترف هذا العمل الآثم بالسرعة القصوى". وشدد على ضرورة "تطبيق القانون أيضا بحق كل من يستغل هذه الجريمة لبث خطاب الفتنة والكراهية الدخيل على مجتمعنا الأردني المتماسك".
وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة محمد الموني إن "اليد التي امتدّت إلى الكاتب المرحوم حتّر ستلقى القصاص العادل حتّى تكون عبرة لكلّ من تسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الجريمة الغادرة". ومن جانبه، كتب وزير الخارجية الأردني ناصر جودة في تغريدة على تويتر إنها "جريمة نكراء وبعيدة كل البعد عن أخلاقنا وقيمنا ونموذج التسامح الذي نفخر به. الأردنيون يعالجون اختلافاتهم بالحوار والقانون وليس بالرصاص". بحسب فرانس برس.
وأعلن مصدر مقرب من عائلة حتر أن "عائلته سترفض تسلم جثمانه لحين ظهور نتائج التحقيق". وأضاف أن "حتر سبق أن تلقى تهديدات بالقتل وأنه كان خائفا على حياته وكان يغير مكان إقامته بين فترة وأخرى". وفي بلدة الفحيص غرب عمان والتي تتحدر منها عائلة حتر، نظم عشرات من أبناء عشيرته وأقاربه وقفة احتجاجية للتنديد بمقتله. وقال ماجد حتر شقيق ناهض حتر "أحمل رئيس الوزراء ووزير الداخلية والأجهزة الأمنية التي لم تحم شهيدنا البطل" المسؤولية. وأضاف "لقد قتل ناهض حتر بدم بارد بباب المحكمة، بباب أكبر مؤسسة للعدل في الأردن".
نعي وتنديد
في السياق ذاته نعى "حزب الله" اللبناني الكاتب الصحفي الأردني ناهض حتر، الذي قُتل في العاصمة الأردنية عمّان وأدان "حزب الله" اغتيال حتر واصفاً إياه بأنه "كان بحث صوتاً شجاعاً ومدوياً في مناهضة حركة التكفير والإلغاء والإقصاء والإبادة". ودعا الحزب اللبناني في بيان نشره الموقع الإلكتروني لقناة "المنار" التابعة له، السلطات الأردنية إلى "إنزال أقصى العقوبات بمرتكبيها ومن يقف وراءهم، كي يبقى للكلمة الحرة مكانتها في هذه المنطقة، وكي يوقن أعداء حرية الرأي أنهم لن يفلتوا من عقاب الأرض، وهم الذين ينتظرهم عقاب السماء". وكان الكاتب الأردني حتر شديد الولاء لرئيس النظام في سوريا بشار الأسد، وعبر مراراً عن مواقفه الداعمة له في كتابات له بصحيفة "الأخبار" اللبنانية الداعمة لـ"حزب الله".
بدوره، دان مركز حماية وحرية الصحافيين الأردنيين اغتيال حتر واعتبر في بيان أن "الرصاصات التي استهدفته هي إرهاب موجه لكل صاحب قلم وكلمة". واستنكرت دائرة الإفتاء العام الأردنية في بيان مقتل حتر، مؤكدة أن "الدين الإسلامي بريء من هذه الجريمة البشعة ويمنع الاعتداء على النفس الإنسانية". ودعت "أبناء المجتمع الأردني جميعاً باختلاف أديانهم وأطيافهم إلى الوقوف صفاً واحداً خلف قيادتهم الهاشمية ضد الإرهاب ومثيري الفتنة". كما دانت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن مقتل حتر. وقال بادي الرفايعة الناطق باسم الجماعة في بيان، إن الجماعة "تستنكر هذا الاعتداء والطريقة البشعة التي جرت فيها". وأضاف "نحذر من إثارة الفتنة وندعو الجميع في وطننا الغالي للحفاظ على أمنه واستقراره".
كما نددت صحف عربية بمقتل الكاتب الأردني، وأدان بعض الكتاب الاغتيال ووصفوه بأنه يشوه صورة الإسلام، وصفه آخرون بأنه "عمل إرهابي" يستهدف وحدة الأردن وحرية التعبير في العالم العربي. ووصف سمير البرغوثي في صحيفة الوطن القطرية قتل حتًّر بالجريمة، متسائلاً كيف يمكن لمسلم أن يأتي بمثل هذا الفعل. وقارن الكاتب بين الحادث وبين ما يقترفه تنظيم داعش، حيث قال "إن مقتل حتر بهذه الطريقة ومن قبل رجل يبدو في هيئته رجلا مسلما هو في حقيقته إساءة إخرى للإسلام تضاف إلى إساءات داعش، التي تقتل من تضبط معه علبة سجائر أو من تدعي أنه لا يحفظ جزءا من القرآن".
أما جمانة غنيمات فكتبت في صحيفة الغد الأردنية عما سمته بـ "الإرهاب الأسود". فقالت إن الرصاصات التي اغتالت حتر لم تكن تستهدفه وحسب "وإنما استهدفت وطنا بأكمله، بوحدته الوطنية والدينية، بكل ما فيه من مكونات وألوان وأطياف لطالما شكلت قوس قزح فريدا". وأضافت: "كان القاتل يستهدف بث روح الكراهية وإشاعة الفتنة بين مكونات مجتمع لم يعرف الفتنة الطائفية في يوم من الأيام". وفي نفس السياق، كتب صالح القلاب في صحيفة الرأي الأردنية أن إغتيال حتر هو جريمة في حق الأردن ككل. وأضاف: "إنها ليست صدفة أن يرتكب هذا القاتل المجرم جريمته في هذه الفترة بالذات وبعد الإنتخابات البرلمانية الأخيرة التي عززت نظرة العالم الإيجابية لبلدنا... إن الرصاصات المجرمة التي أطلقت على هذا الأردني حتى النخاع قد إستهدفت كل أردني".
من جانبه لم يندد قاسم حسين في صحيفة الوسط البحرينية بالحادث وحسب، وإنما ندد كذلك بما أسماه بـ "البيئة الفكرية المتخلفة" التي افرزت قاتل حتّر. وأضاف الكاتب: "اغتيال ناهض حتر انتهى على أبواب قصر العدل، لكن التخطيط له بدأ في ستوديوهات قنوات الفتنة، التي دأبت على التحريض والتكفير والإقصاء واستباحة حرمات وكرامات ومعتقدات الآخرين. بدأ الاغتيال على يد شيوخ الفتنة الذي يكفّرون عامة المسلمين إلا من حذا حذوهم وسلك مسلكهم وسار على نهجهم". بحسب بي بي سي.
وفي صحيفة الوطن العمانية، كتب زهير ماجد معرباً عن خوفه من تهديد حرية التعبير في المنطقة. فقال الكاتب: "لن تحمي الكلمة على ما يبدو لأنها سببت قتل الكثير من كتابها الأحرار، تلك الحرية التي لا تمت بصلة إلى ما يجري في وطننا العربي اليوم، لأنها حالة تخريب للمفهوم وللممارسة وللانسان. ولن يكون لهذه الكلمة مكان اليوم، طالما أن الرصاصة تلاحق الأدمغة، وتريد أن تفتت العقول، وأن تميت القلوب، وأن لا تبقي من المشاعر سوى تلك الحاقدة على كل قيمة وطنية حقيقية".
اضف تعليق