الحاجة الملحة للاستجابة للإرادة العامة، التي تتباين بحسب الظروف المحيطة، وتوالي الأجيال فلا يمكن لجيل معين إن يكبل بإرادته الأجيال اللاحقة بل يمكن إن يترك لهم الخيار، وقد كانت للحركة الاحتجاجية الشعبية العام 2019 المصداق الحقيقي والدليل على أهمية التعديل بما يتماشى مع الظروف المحيطة بالبلد...

ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات وضمن نشاطاته الفكرية الشهرية موضوعا حمل عنوان (أهمية تعديل دستور العراق 2005 وأثره في ترشيد نظام الحكم)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يعقد بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.

قدم الورقة النقاشية وأدار الجلسة الحوارية الدكتور علاء إبراهيم الحسيني أستاذ جامعي وباحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، وابتدأ حديثه قائلا:

"التعديل يعني إحداث تغييرات في النسيج الداخلي للوثيقة الدستورية، وليلبس هذا العمل القانوني ثوب المشروعية لابد إن يقترن بموافقة السلطة التأسيسية الأصلية الممثلة بالشعب، بالأداة الأكثر اتفاقاً مع المذهب الديمقراطي ألا وهي الاستفتاء العام، سواء أكان هذا التعديل جذري من شأنه إن يغير من بنية السلطات الحاكمة أو يؤثر في اختصاصاتها، أو كان تغييراً شكلياً جزئياً غير مؤثر فيما تقدم على نحو عميق، بعبارة أخرى هو إحداث تغيير في الوثيقة الدستورية بتبديل الأحكام القانونية التي تضمنتها بالإضافة أو الحذف، وللتعديل العديد من الأسباب الدافعة في مقدمها:

- يضفي الدستور الشرعية على الهيئات العامة (تشريعية وتنفيذية وقضائية) ولما كان واضع الدستور إنسان فبالتأكيد تجري على ما يصدر عنه سنة الخطأ أو النقص ومن الأولى تجاوز ذلك في التعديلات اللاحقة.

- إن الحياة العامة بكل جوانبها (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية) في حالة من التطور المستمر ولابد من مواكبة الوثيقة الدستورية لتلك الأوضاع وإلا سيحصل انفصام بين الواقع والنص الدستوري ما يتسبب بـ(التعطيل الفعلي للنصوص).

- الحاجة الملحة للاستجابة للإرادة العامة، فمن نافلة القول أنها أي الإرادة تتباين بحسب الظروف المحيطة، وتوالي الأجيال فلا يمكن لجيل معين إن يكبل بإرادته الأجيال اللاحقة بل يمكن إن يترك لهم الخيار، وقد كانت للحركة الاحتجاجية الشعبية العام 2019 المصداق الحقيقي والدليل على أهمية التعديل بما يتماشى مع الظروف المحيطة بالبلد.

- أهمية أن تعكس النصوص الدستورية الحاجات الحقيقية للبيئة التي تطبق فيها فالنظام الديمقراطي الناجح في دولة ما ليس بالضرورة إن ينجح في دولة أخرى، فالنظام البرلماني والتعددية الحزبية التي نجحت في دول كثيرة مثل ألمانيا الاتحادية وفرنسا وسويسرا لم تحقق درجة النجاح والاستقرار والتمثيل الديمقراطي الحقيقي في العراق، بل أفرزت دكتاتورية رؤساء الأحزاب والكتل وساعد على ما تقدم الفساد الإداري والمالي، لذا لابد من إعادة النظر بالأسس التي يقوم عليها هذا النظام في دستور العراق بما يمكن إن يحقق التوازن بين فاعلية المؤسسات الدستورية وضمانات الحقوق والحريات العامة والخاصة في العراق.

وفي الوقت الذي نؤمن إن الدستور هو القانون الأسمى والأعلى في الدولة لابد من إن نشير إلى إن هذه الوثيقة هي البوابة الطبيعية والمدخل الأول للإصلاح على جميع الأصعدة، لاسيما إن علمنا إن الحياة الحرة الكريمة التي ننشدها تتحقق بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بمعني إن تكون تلك الوثيقة مفتاح للتحقيق ذلك لا أن تكون سببا في تأجيج الصراعات السياسية أو تكريس التمايز الطبقي والاقتصادي أو تعزيز الأفكار الانفصالية أو القبلية أو الطائفية.

ومن الواجب أيضا إن توكل مهمة صياغة الوثيقة الدستورية أو تعديلها إلى المختصين القادرين على استعمال المصطلحات القانونية التي من شأنها أن (تقلل من حالات الاختلاف حول المعنى الحقيقي، وتحد من الحاجة إلى اللجوء إلى القضاء الدستوري لتفسير النص)، وما تقدم غير متحقق في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 لنا في المادة السادسة والسبعون المتعلقة بالكتلة الأكبر الدليل على ما تقدم ولذا ينصح المختصون ومن باب المثال عدم تبني الدستور لمذهب اقتصادي محدد وإلا سيكون عائقاً يحول دون إصلاح القوانين والأنظمة الاقتصادية المطبقة في الدولة.

تفسيرات المحكمة الاتحادية

يمكن الإشارة أخيرا إلى إن الأزمة الحالية التي بدأت بعد إعلان نتائج الانتخابات المبكرة التي جرت في شهر تشرين الأول من العام الماضي أحد أهم أسبابها هو الدستور والنصوص التي صيغت بشكل يخالف الأساليب العلمية والمنطقية، ولنعطي لما تقدم مثال بسيط (فسرت المحكمة الاتحادية العليا المادة (70/أولا) من الدستور العراقي النافذ والمتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية بقرارها المرقم (16/اتحادية/ 2022 في 3/2/2022) بالشكل الآتي "ينتخب مجلس النواب رئيساً للجمهورية من بين المرشحين لرئاسة الجمهورية بأغلبية ثلثي مجموع عدد أعضاء مجلس النواب الكلي ويتحقق النصاب بحضور ثلثي مجموع عدد أعضاء مجلس النواب الكلي"، وكان الأولى بالمحكمة أن تفسر النص بضرورة التمييز بين أغلبية الانعقاد وأغلبية التصويت فالنص المفسر بغاية الوضوح إذ حدد أغلبية التصويت أو الانتخاب وليس الانعقاد، ولم يقيد مجلس النواب في إدراج موضوع الانتخاب بجدول الأعمال أو المضي بالإجراءات إنما يمكن إن يدرج في أي جلسة بيد إن التصويت والفوز من الجولة الأولى لا يتحقق إلا بتصويت أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب.

وبسبب هذا التفسير تعاظمت المشكلة السياسية ووصل البلد إلى منزلق خطير لا تحمد عقباه، ورسالتنا تتلخص بالآتي إن المحكمة الاتحادية ينبغي أن تفسر النصوص بما يتماشى مع الظروف المحيطة بالمؤسسات الدستورية والبلد بشكل عام وان تكون مصدر استقرار وحكماً بين الخصوم لا أن تكون هي سببا في المشكلة ذاتها ولعل ذلك يختصر الحكمة التي يبتغيها دستورنا النافذ حين أوجب إشراك فقهاء القانون مع القضاة في تشكيل المحكمة ولكن للأسف لم يمتثل لهذا النص وتم الإصرار على إن تتكون من القضاة فحسب".

وللاستزادة من الآراء والمداخلات حول الموضوع نطرح السؤالين الآتيين:

السؤال الأول/ هل بات التعديل الدستوري في العراق المفتاح الوحيد لإيجاد حلول جذرية للمشاكل المتراكمة؟

السؤال الثاني/ ما المطلوب من المجتمع المدني للوصول إلى التعديل الدستوري المنشود؟

المداخلات

الدكتور محمد مسلم الحسيني:

"دون شك الدستور العراقي المعاصر لا يخلو من الخلل والثغرات والمطبات، حيث أن وجود هذا النقص له تأثيرات سلبية على مسار العملية السياسية في هذا البلد. لكن رغم كل هذا فتعديل الدستور حتى وإن تم على أوجه سليمة وصالحة فهذا الإجراء هو ليس الفانوس السحري لمعضلات العراق والعراقيين بل إن العلة اكبر وأعمق من ذلك.

الذي أنشأ كيان الديمقراطية في العراق تغاضى عن طبيعة الأسس التي سيقوم عليها هذا الكيان، فلم يعر أهمية لطبيعة الأرض الهشة التي ستبنى عليها هذه الديمقراطية. فالعراق مزيج غير متجانس بقومياته ولغاته وأديانه وطوائفه وولاءاته. في أعرق دول العالم ديمقراطية تقسمت البلدان أو تكاد أن تتقسم بسبب هذه التباينات المجتمعية العرقية منها أو العقائدية أو اللغوية أو غيرها، فكيف الحال في بلد فتي على الديمقراطية يمتلك كل هذه التباينات ومحاط ببلدان جوار تتباين في رؤاها وتوجهاتها وطموحاتها واغراضها في هذا البلد !؟.

فوق هذا وذاك فإن الديمقراطية تنجح وتوتي ثمارها إن نشأت في مجتمع يتحصن أبنائه بالوعي والثقافة والمعرفة لأن هذا المجتمع سيحسن اختيار قادته وأولياء أمره، حيث الناخب الواعي يدرك خطورة خياراته فلا يعطي صوته إلا لمن يملك الإخلاص والنزاهة والصدق والكفاءة والتجربة والمعرفة والإيثار ومحبة الوطن. الوعي والمعرفة وثقافة الديمقراطية هي ضروريات ولوازم انتخابية فالمجتمع الذي يمتلكها يمتلك أدوات نجاح الديمقراطية والمجتمع الذي يفتقدها ستنقلب محاسن الديمقراطية عليه وتصبح وباءا وشرا.

وهكذا فتعثر العملية السياسية في العراق هي نتاج خلل متعدد الأقطاب والأسباب ولا تنحصر حيثياته بالشكليات والثانويات، بل حتى لو أعيد النظر بهذه الجزئيات فليس هناك ضامن بأن التعديل والتغيير سيحصل بتوافق الجميع على الأمور والإشكاليات كما ينبغي، بل ستبقى الثغرات مفتوحة ويبقى التعديل هامشيا لا جذريا حيث لا تكون الطبابة في جوهر العلة وإنما في أعراضها فقط وليس هذا هو المطلوب!".

الدكتور اسعد كاظم شبيب:

"بعد الأزمة السياسية التي ضربت العملية السياسية بعد انتخابات تشرين بات من الواضح إن النظام السياسي يحتاج إلى ديمومة ونهضة من الركود والخلل الذي أصابه، وان النظام السياسي لا تتم معالجته إلا بالرجوع الى البنية السياسية والقانونية والاجتماعية التي يرتكز عليها وتتمثل بالدستور، والحقيقة إن صراع الأغلبية الوطنية الذي تبناه التيار الصدري، والتوافقية الذي يريد الإطار التنسيقي الاستمرار عليه بيّن حجم الخلل الموجود في الدستور العراقي النافذ، خصوصا بعد تفسيرات المحكمة الاتحادية بخصوص بعض المواد التي بينت أن الدستور بني على أسس التوافقية السياسية والمحاصصة.

وطالما أردنا كشعب عراقي نظام سياسي يعتمد على آليات الحكم الرشيد فلابد من إجراء تعديلات دستورية شاملة أو حتى إصدار دستور جديد، حيث أن هناك العديد من المواد الدستورية التي تحتاج إلى تعديل ومنها المادة 76 من الدستور والمواد التي تشير إلى تكوين الكتلة التي تشكل الحكومة حيث من الأهمية بمكان تحديد هوية هذه الكتلة، ومن الضروري احترام مبادئ الديمقراطية التي تقوم إن الكتلة الفائزة بالانتخابات هي الكتلة التي تشكل الحكومة، كما إن هناك مبادئ ومواد أخرى تحتاج إلى تعديلات طبعا إذا أردنا إصلاح سياسي كبير وجذري لابد من تعديلات أساسية خصوصا إن ما شمل التعديل شكل النظام السياسي إذ تبين إن النظام البرلماني في العراق اتجه صوب الفشل والإخفاق، لذا من الضروري التفكير جديا بنظام حكم ينطوي على مبادئ الحكم الرشيد وينسجم وما يريده أبناء المجتمع العراقي من التداول السلمي للسلطة والشفافية وتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الفساد والتغول الحزبي".

الباحث جواد العطار:

"يعتبر الدستور الوثيقة الأسمى في الأنظمة السياسية والتي لايمكن تجاوزها أو العبور فوق موادها بسهولة، لكن أي وثيقة دستورية قابلة للتغيير والتعديل حتى في الأنظمة الديكتاتورية وان اختلفت الآلية… إما الأنظمة الديمقراطية فالتعديل الدستوري وارد في أية مرحلة حتى إن دستور الولايات المتحدة الأمريكية تم تعديله ٢٧ مرة آخرها كان عام ١٩٩٢.

وفي العراق صدر دستور عام ٢٠٠٥ باستفتاء شعبي عام وافقت فيه أغلبية الشعب العراقي على مواده وما زال ساريا إلى اليوم، وبعد ١٧ عاما على سريان مواده ما زالت تثار مع كل أزمة أسئلة من قبيل: هل يمكن إعادة كتابة الدستور من جديد؟ وهل بالإمكان تعديل بعض مواده؟.

لا يخفى على أحد إن الدستور العراقي كتب على عجل أولا؛ وتحت وصاية الاحتلال الأمريكي ثانيا؛ وفيه الكثير من المواد التي تحتاج إلى تعديل ثالثا؛ وكان يمثل مرحلة خطيرة من تأريخ العراق رابعا؛ فيها الإرهاب متفشي بدرجة خطيرة والعملية السياسية ما زالت غضة وليدة لذا كان لا بد من تعميدها بدستور يثبت إقدامها.

إذن الدستور لم يكن غلطة وبنفس الوقت هو ليس مقدسا بحيث لا يمكن تغييره أو تعديله مع وضع تغييره بين هلالين لأسباب موضوعية لم تتوفر بعد، لكن كتابه وضعوا العصا في عجلة تعديل مواده عندما اشترطوا موافقة كل المحافظات على أي تعديل مستقبلي وفي حالة رفض ثلاث محافظات لا يمرر إي تغيير كما ورد في المادة ١٤٢ منه، وهنا لمسة الأخوة الكرد والسنة الذين أرادوا لأي تغيير إن يتم بمعرفتهم وموافقتهم.

إن الدستور العراقي بحاجة ماسة إلى التعديل لكن بعيدا عن اتفاق المكونات بل وفقا لمتطلبات المرحلة السياسية والجيل الجديد الذي ظهر بعد ١٧ عاما من كتابة الدستور الحالي، وان تعليق الأزمات على شماعة المواد الدستورية ليس منطقيا، فالانسداد السياسي المستمر اليوم بين الفائزين بالانتخابات الأخيرة ضرب عرض الحائط كل المدد الدستورية في انتخاب رئيسي الجمهورية والحكومة.

نحن اليوم مطالبين الالتزام بمواد الدستور الحالي وتشكيل حكومة تواجه الأزمات الاقتصادية والخدمية والاحتقان الشعبي العام من خلال حوار بناء جاد وهادف بين كافة الإطراف السياسية والمكونات المجتمعية دون استثناء بما يمهد الطريق لحلول ناجحة تؤمن الاستقرار السياسي والأمني، وبعدها ممكن إن يأتي حديث تعديل الدستور".

الدكتور حميد مسلم الطرفي:

"حول تعديل الدستور قبل الخوض في قضية تعديل الدستور العراقي الدائم لا بد من ذكر الملاحظات التالية :

1- يجب إن لا نربط بين إخفاق النظام السياسي لأي بلد وبين دستوره ففي العراق مثلاً لا نص في الدستور يتحدث عن توزيع الرئاسات مكوناتياً ولكن هكذا دأبت الطبقة السياسية أن تفعل.

2- كل الدساتير بل كل القواعد القانونية تكتب بصيغة عامة ومجردة فليس من خلل إن تجد الدستور العراقي في بعض مواده نحتاج فيه إلى تفسير المحكمة الاتحادية ففي كل الدول هناك مثل هذه المحاكم وهناك من الدساتير ما هي أكثر إيجازا واختصارا من الدستور العراقي.

3- هناك علاقة وثيقة بين تفاهم ووحدة الطبقة السياسية واطمئنانها لبعضها البعض وبين تعديل الدستور فحتى الدساتير الجامدة فأنها تعدل بسهولة في حال كانت الطبقة السياسية متفاهمة مع بعضها وبخلافه فلا سبيل للتعديل وان كان الدستور مرناً علماً إن الدستور العراقي من الدساتير الجامدة التي تتطلب شروطا صعبة لتعديلها.

4- الدستور هو القانون الاسمي في البلاد وله العلوية فوق كل القوانين ولكن قواعده القانونية (مواده) لا ترتب جزاءات مادية (غرامات) أو سالبة للحرية (سجن) وإنما ترتب جزاءً معنوياً يتمثل بعدم صلاحية مخالف الدستور لان يكون أمينا على شؤون العباد والبلاد، ومن حق كل ذي مصلحة التقدم بطلب للمحكمة الاتحادية لتقرر ما تراه مناسباً.

بعد هذه الملاحظات نود إن نبين لجنابكم الكريم إن تعديل الدستور ليس هو المطلب الذي يصلح شان النظام السياسي في العراق بل هو الطبقة السياسية وضرورة إن تنتقل من همومها الفئوية إلى همومها الوطنية ومن حالة الشك والريبة ببعضها إلى الحوار والثقة ببعضها ومن حالة الثورة والمظلومية إلى حالة الدولة المؤسساتية.

نعم الدستور العراقي بحاجة إلى مراجعة بعد سبعة عشر عاماً من كتابته تحت ظل ظروف غير آمنة تلقت فيها كل الكتل السياسية ضغوطاً من الاحتلال ينبغي المراجعة بهدوء لمواد هذا الدستور.

هل يستطيع المجتمع المدني إن يساهم في ذلك نعم مادامت الطبقة السياسية هي الجزء المتقدم من المجتمع المدني فيقيناً انه سيفرز في يوم ما طبقة سياسية ناضجة تعي حاجات الوطن وشؤونه وتستجيب لما هو أفضل للعراقيين والعراق".

الدكتور علي الشكراوي:

"هنالك حلّين رئيسيين لمشاكل العراق والأزمة الحالية، وهما:

أولاً- الحل من خلال معالجة الدستور النافذ حالياً من قبل الأطراف المتنازعة:

أ- تطبيق الدستور بوضعيته الحالية لحين حصول الاتفاق على تعديله.

ب- تعديل الدستور، بما يضمن تطوير النظام السياسي للدولة، تحقيق الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

ج- تعطيل الدستور، لكونه أحد الأسباب الرئيسية لمشكلات العراق، خاصة وأنه قد كتب في ظل الاحتلال الأجنبي وتأثيره، ومن قبل أشخاص معظمهم كان موالي لأطراف خارجية.

د- إلغاء الدستور من خلال مفاوضات حرة وعلنية بين ممثلي الشعب الفائزين بانتخابات حقيقية نزيهة وعادلة، ومن ثم طرح الموضوع على الاستفتاء الشعبي.

ثانياً- الحل من خلال القوة الشعبية أو العسكرية:

أ- اقتحام المتظاهرين مقرات الحكم الاتحادية والمحلية، والسيطرة عليها، وإعلان إيقاف عملها، وتعطيل الدستور، لحين تشكيل حكومة ثورية شعبية انتقالية.

ب- إعلان المؤسسة العسكرية مسؤوليتها عن حماية الدولة ومؤسساتها، وتعطيل الدستور، واستلامها السلطة السياسية، وإعلانها حالة الطوارئ، وقيامها بدور الحكومة الانتقالية فيما يخص تمشية الأعمال اليومية للدولة، والإعداد إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة وعادلة بتكليف أحد المؤسسات الدولية المختصة وبإشراف الأمم المتحدة.

وان المطلوب من المجتمع الدولي هو:

أولاً- دعم الحقوق المشروعة للمتظاهرين والسعي إلى تضمين معالجتها في أي تعديل دستوري محتمل.

ثانياً- الضغط على مؤسسات الدولة وصناع القرار بشأن قبولهم تنفيذ حلول للمشكلات الأساسية التي تضمنتها مطالب المتظاهرين، وسد أي منفذ يمكنه إعاقة التنفيذ من خلال وضع نصوص دستورية واضحة في أي تعديل دستوري محتمل.

ثالثاً- طرح مقترحات خاصة بالجوانب المطلوب تعديلها في الدستور، والصياغات المقترحة لها، وأسبابها الموجبة.

رابعاً- تشجيع المواطنين من خلال ندوات التوعية والتثقيف على المشاركة الفاعلة في الانتخابات القادمة لتغيير الخارطة السياسية بما يضمن تواجد أكبر عدد ممكن من الذين يتبنون مطالب المتظاهرين العادلة".

الدكتور حسين السرحان:

"لو افترضنا أن مجلس النواب تم عقده لتجاوز مرحلة الثلثين، من الممكن للجهات السياسية التي سيطرت على مجلس النواب أن ترفع طلبا إلى المحكمة الاتحادية لإيجاد تفسير لهذا الموضوع، وإذا ما تراجعت المحكمة الاتحادية وقالت إن القضية ليست قضية أعضاء بل هي قضية انعقاد يعني إننا لا نحتاج إلى الثلثين في الموضوع، ونحن لدينا نظام سياسي وهذا النظام فيه عناصر التي هي الأحزاب وفيه قواعد التي هي المؤسسات والقواعد هي الأطر القانونية، والسلطات الثلاثة إضافة إلى المجتمع المدني وغيرها، وان التعديل الدستوري يأتي من بيئة سياسية جديدة وهو شيء لاصق للبيئة السياسية الموجودة، وبكل الأحوال البيئة التي أوصلتنا للحاجة إلى التعديل الدستوري ممكن أن توصلنا إلى تعديل دستوري آخر، والمؤسسات والسلطات والعناصر بما فيها الأحزاب التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة ليس من الممكن أن تعمل على تعديل الدستور، وأصبحت السلطات عاجزة عن التعديل باتجاه المصلحة الوطنية، وبخصوص المجتمع المدني ولأنه غير منظم وغير مجتمع وإذا ما تجمعت المنظمات كالمنظمات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية وغيرها وطرحت أراء وأفكار ممكن إن تكوّن ضغطا باعتبارها سلطة رقابية وممكن إن تكون اليد الأولى ومن خلال مساندة الإعلام وغيره أن تطرح مبادرة سياسية باتجاه الحل".

الباحث محمد علاء الصافي:

"بالنسبة للدستور العراقي لسنة ٢٠٠٥ لم يكتب بأيادي عراقية خالصة، ولم تكن هذه الأيادي مقيمة في العراق بالسنوات التي سبقت وضع الدستور كالحروب مثلاً، واغلبهم كان خارج البلد ولم ينطلقوا من منطلقات تخص المجتمع العراقي والنظام كان مشكلته مع فرد واحد، كما وفشل النظام فشلاً ذريعاً على مدار عشرين عام وبالتالي إن المشكلة ليست بنظام البرلمان بل بالعقلية العراقية بالحكم والشعب العراقي لديه مشاكل نفسية كبيرة ويميل للفوضى ومشاكل مستمرة والمشكلة الاجتماعية اكبر من مشكلة الدستور".

الباحث عدنان الصالحي:

"أصبح تعديل الدستور العراقي حاجة ملحة وضرورية جداً، وان التعديل الدستوري ليس بالأمر السهل، لان المادة التي قيدت التعديل الدستوري هي التي تحتاج إلى تعديل التي اشترطت موافقة ثلثي ثلاث محافظات، وان الطرف السياسي الكردستاني يرى بكل أزمة مغانم سياسية والجانب الأخر من الشيعة والسنة غير متفقين، ومن خلال هذا الواقع يعتبر التعديل الدستورية شبه مستحيل، والمحكمة الاتحادية تعيش بمأزق لان ما بني على خطأ فهو خطأ وفي حال تراجعها تكون الكارثة الأكبر ولربما تتسبب بثورة عارمة تجاه القضاء الذي يحاول إن ينجو بنفسه من المأزق، فالمشكلة مركبة ومعقدة وصعب حلها بهذه الطريقة بالحلول الترقيعية المتعارف عليها لذلك نحتاج إلى بداية جديدة وانطلاقة جديدة".

الشيخ مرتضى معاش:

"الدستور العراقي خلق مغلقا وغير قابل للتعديل لذلك هو جامد، وهذه مشكلة تمنع من عملية تعديل الدستور، بالإضافة إلى أن الدستور هو ناقص لم يكمّل من خلال تشريع القوانين والمؤسسات الدستورية، والدستور هو مجرد وثيقة وليس بقانون، وان عملية التعديل الدستوري عملية ناقصة بحد ذاتها وفيها انتهاكات كثيرة، وهناك من يرى ان هذه الأحزاب التي دخلت الانتخابات ليست لها شرعية قانونية لأنها لم تلتزم بقانون الأحزاب والذي هو ايضا فيه إشكالات كثيرة تخالف الدستور نفسه.

بالإضافة إلى أن منظمات المجتمع المدني ليس لها القدرة على التعبير عن نفسها ولا تتمتع بالاستقلالية اللازمة للمشاركة في عمليات تعديل الدستور، حيث انها تتعرض الى ضغوط شديدة من قبل مختلف الاجهزة الأمنية وبعض المؤسسات الحكومية والكتل السياسية، كما وأن المحكمة الاتحادية أصبحت اكبر من السلطات التشريعية والتنفيذية وهي بالأصل ليست منبثقة من البرلمان والدستور وكان من المفترض أن يصدر قانون خاص بالمحكمة الاتحادية بمجرد اكتمال الدستور حتى تكتمل المؤسسات الدستورية ومنها مجلس الاتحاد، حتى لا يتم تأويل النصوص لصالح جهات سياسية لتكون العملية السياسية مرنة وناجحة".

احمد جويد، مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات:

"القضية لا تتعلق بالدستور أبدا بل بالجهات التي تحمي الدستور، من رئيس الجمهورية الذي يعتبر انفصالي إلى المحكمة الاتحادية بتفاسيرها التي ارتكبت الكثير على الدستور وحتى الأحزاب والرؤوس السياسية الذين اختلقوا الكثير من الأعراف الفاسدة السياسية عن طريق المحاصصة وغيرها والقوا بالدستور جانباً، وإذا لم تتغير عقلية السياسي العراقي ليس من الممكن لهذا البلد إن يرى النور ويرى المؤسسات ويخضع لحكم القانون".

الأستاذ صلاح الجشعمي:

"مؤسسات المجتمع المدني لها تأثير كبير ولكن كيف لنا إن نفعّل ونوجه هذا المجتمع، وهناك حادثة سابقة حدثت لتركيز على قانون لتغييره وهو نص المادة (7) من قانون الأحوال الشخصية العراقية، وعندما أصبح هناك تركيز في هذا الموضوع أصبح في ذهن المشرع يجب تعديل هذا القانون نتيجة لإستراتيجية التركيز التي حدثت من شريحة كبيرة من المجتمع المدني من خلال وقفات وورش وإعلام، لذلك نحتاج إلى آلية تفعيل المجتمع المدني من خلال ورش عمل وتوجيههم نحو نقطة معينة لتعديل الدستور، ونتصور أن قضية تعديل الدستور هو أمر مرعب بل أن هناك تجارب كثيرة مثل تونس ومصر والأردن وتركيا وروسيا مروا بتعديل الدستور وأيضا مر المجتمع بإرباك وكانت هناك طرق عملية لمواجهة هذا الإرباك".

وفي ختام الملتقى تقدم مدير الجلسة الدكتور علاء إبراهيم الحسيني، بالشكر الجزيل والامتنان إلى جميع من شارك وأبدى برأيه حول الموضوع.

...........................................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات/2009-Ⓒ2022
هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
http://ademrights.org
ademrights@gmail.com
https://twitter.com/ademrights

اضف تعليق