q

عقد مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات ملتقاه الفكري لشهر أغسطس/آب الجاري حاول التسليط الضوء من خلاله على مسودة قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر، ويأتي هذا الملتقى في ظل ما يشهده العراق من تظاهرات في أغلب مدنه مطالبة بالإصلاحات اللازمة وحل المشكلات التي يعاني منها المواطن منذ اثني عشر عام.

 قدم تمهيدا للموضوع الأستاذ احمد جويد مدير المركز قائلا "يشهد البلد حالة تظاهر عامة غير مسبوقة كون جميع التظاهرات التي سبقتها كانت بإرادة وتحفيز من قبل جهات سياسية معينة، أما ما يميز التظاهرات الحالية هو التنظيم المدني من قبل الناشطين في مجال حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني"، مشيرا إلى أن الملتقى الفكري يحاول التركيز على ماهية التظاهر في ظل نظام سياسي يسعى إلى تطبيق النظام الديمقراطي كالتظاهر بشكل سلمي من اجل التعبير عن الرأي.

 وبين جويد بأن هناك مسودة قانون قدمت الى البرلمان العراقي تكفل حرية التظاهرات والتعبير عن الرأي تتكون من سبعة عشر مادة قانونية، مؤكدا أن الهدف من هذه المسودة لرسم آلية جديدة تضمن حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة وتحديد الجهات المسؤولة عن التنظيم ومعاقبة المخالفين.

الجانب الحقوقي والسياسي لمسودة القانون

 وتحدثت الورقة البحثية التي تقدم بها الدكتور علاء إبراهيم الحسيني عن الجانب الحقوقي والسياسي لمسودة القانون، فضلا عن معرفة تاثيراتها على الحقوق والحريات، بالإضافة إمكانية مطابقة بنود المسودة مع ما يطمح إليه الإنسان العراقي في الحصول على حقه من خلال التظاهر السلمي.

 استهل الحسيني حديثه قائلا، "العراق قبل عام 2003 كان يحكمه نظام معين ودستور عمل على تنظيم الحقوق والحريات، ولكن مما يؤخذ عليه كان يعطي بيد ويأخذ بيد أخرى، مضيفا أن حق التظاهر مكفول وينظم بقانون لكن من الملاحظ أن القانون لم يُقر وبقيت المواد حبرا على ورق".

 وبين الحسيني أن العراق بعد تغيير نظام الحكم فيه شهد انفراج في ملف حقوق الإنسان على وجه التحديد، إذ أصدر خلال هذه المرحلة وثيقتين دستوريتين الأولى هي قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، والثانية هي الدستور العراقي النافذ لعام 2005 حيث كلاهما ضمن حق التظاهر ولكن بأساليب مختلفة، ففي قانون إدارة الدولة جاءت المادة الثالثة عشر والثانية عشر لتضمنان حق الإضراب ليس التظاهر فحسب.

 وأضاف الدكتور علاء الحسيني "إن حق التظاهر نمط من أنماط التعبير عن الرأي سواء كان دينيا أو سياسيا وكذلك الاقتصادي وهذا ما عمل عليه الحاكم المدني في العراق بول بريمر من خلال إصداره الأمر رقم (19) لسنة 2003 والذي أطلق عليه تسمية حق التجمع كفل من خلاله حرية التظاهر بشكل كبير، مقدما بعض الانتقادات حول هذه القرار من أهمها هو وجود ترخيص من قبل سلطة الاحتلال لغرض الخروج بمظاهرة معينة، تم تعديله فيما بعد وأعُطيت السلطات العراقية هذا الحق".

 وفيما يتعلق بمسودة قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر والكلام للحسيني أرسلت هذه المسودة إلى البرلمان العراقي عام 2008 وبعد اعتراضات جمة وقفت بوجهها لم ترى النور لغاية اللحظة، مكملا حديثه أن من يمعن النظر في مسودة القانون من الناحية القانونية يجدها تصادر حرية الرأي والتعبير والتظاهر بشكل تام، حيث يعطي الحكومة العراقية سلطات وحقوق كبيرة خارجة عن الدستور العراقي.

خاتما حديثه بتوجه عدد من الأسئلة للحاضرين كان منها:

 هل يلبي هذا القانون الطموح ويحفظ الحقوق والحريات في العراق؟.

أول المداخلات كانت للأستاذ احمد جويد مدير المركز حيث قال، إن مسودة القانون توجد فيها تناقضات كبيرة من الناحية القانونية، موضحاً انه يتصف بصبغة سياسية من قبل الطبقة السياسية الحاكمة محاولة إلى حد كبير تحفظ حقوقها من جهة وتقمع الشعب من جهة أخرى، من خلال الاعتماد على القوانين الوضعية، مشيرا الى ان الطبقة السياسية تحاول جاهدة حماية نفسها وتكبيل الحريات لتبرير فشلها على مدار الاثني عشر عام المنصرمة ولذلك فان القانون لايصلح لشعب يتوق للحرية.

 وذكر الاستاذ حمد جاسم الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية ان الاعتراض على مضمون القانون وليس على شكله متماشيا مع المادة التي توجب معرفة المنظمين للمظاهرة لضمان عدم حدوث أي خروقات مثلما حدث في محافظة البصرة مؤخرا، مشددا على ضرورة فصل أماكن العبادة عن أماكن التظاهر وذلك للحفاظ على قدسيتها.

حيدر الجراح مدير مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث قال، ان ما يتعلق بالمناسبات الدينية والاعياد الوطنية في إقليم كردستان تكون مسيرة اي لا تعبر عن رأي معين وهذا ما يُشكل على هذه الفقرة وذلك لان اغلب المناسبات تجير لصالح جهة معينة وبالتالي لاتحتاج الى موافقة الجهات المعنية، أما فيما يخص دور العبادة، قال ليس لها علاقة بالتظاهر وكذلك الزيارات لا حاجة لاستحصال موافقات أمنية كونها تندرج ضمن الطقوس والشعائر الدينية.

 الاستاذ جواد العطار الباحث الاسلامي قال، إن الغرض الأساسي من القانون لتنظيم عملية التعبير عن الرأي والتظاهر، فقد يأتي القانون على أوجه مختلفة يسعى لتنظيم التظاهر من جهة وتحديده للحريات من جهة أخرى، داعيا الى ضرورة ان يكون هنالك توازن بين الحالتين وهذا ينبثق من النظرة العامة للنظام الحاكم ما إذا كان شرعيا أو غير ذلك.

 وأشار عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات والبحوث في حديثه الى ان هنالك مشكلة معينة تتعلق في مسألة الصياغة القانونية، مشددا على أهمية ان تكون صياغة دقيقة لكون هذه القوانين تسن لعقود من الزمن وبالتالي يجب علينا ان نجعلها تطبق على الأجيال القادمة، لاسيما وان الشعب لا يعرف نوايا واتجاهات الطبقات الحاكمة القادمة، وهنا يجب سن القوانيين لا على أساس مؤقت بل على أساس يحفظ نظام السلطة وهيبة الدولة بصورة دائمة.

 ودعا الصالحي البرلمان العراقي لوضع قوانين تحفظ النظام العام وإعطاء صلاحيات اكبر للجهات غير المرتبطة بالحكومة المركزية.

وكان الإعلامي حيدر مرتضى قد أكد على منح الرخصة للتظاهر يجب ان يكون بيد السلطات القضائية في البلد كونها تستطيع التمييز فيما إذا كانت هذه المظاهرات متجاوزة على الحريات أم لا للخروج من دائرة المسؤولين، متسائلا عن إمكانية الطعن في القانون حال إقراره.

وقال الأستاذ علي الطالقاني ان القوانين التي تسن خاضعة للمزاجات الفردية بصورة كبيرة مقارنا ماتم تشريعه من قوانين في جمهورية مصر لاسيما وان اغلب القوانين تسن لحاجة او لمرحلة معينة، معتقدا ان البرلمان لا يستطيع إقرار القانون مالم يكن هناك دور لمنظمات المجتمع المدني.

في سياق متصل أضاف باسم عبد عون الباحث في مركز الفرات، ان الأهمية تأتي في تطبيق القوانين وليس في طرحها، ومما يلاحظ على بعض مواد الدستور تتسم بالتناقض فيما بينها بالإضافة الى وجود مشاكل تتعلق بالنظام السياسي في البلد.

التوصيات

وخرج المجتمعون بمجوعة من التوصيات نوجزها بالنقاط التالية:

1- إعادة دراسة مسودة القانون ويشرك فيها منظمات مؤسسات المجتمع المدني ولجنة حقوق الانسان البرلمانية ولجنة منظمات المجتمع المدني وتصاغ بطريقة أخرى ويتم إعادتها الى البرلمان العراقي للتصويت عليها.

2- إعطاء دور اكبر لمنظمات المجتمع المدني من خلال توجيه وتوعية السلطات وقوات الأمن وكذلك الشعب بمعنى التظاهر وأسبابه.

3- يجب على القانون الالتفات الى مسألة الأبعاد الزمانية والمكانية في تطبيقاته.

4- ضرورة قيام المراكز المختصة بتوجيه كتب رسمية الى البرلمان عن طريق لجنة منظمات المجتمع المدني يطالب من خلالها المشاركة في المشاورات الخاصة بأعداد هذا القانون.

 

اضف تعليق