q

تعاني الأقليات المسلمة في فرنسا وباقي الدول الاوربية الاخرى من مشكلات وازمات مزمنة، تفاقمت كما يقول بعض المراقبين بشكل كبير في السنوات الاخيرة بسبب تنامي وانتشار الاحزاب اليمينية المتطرفة، التي سعت الى تشوية صورة الاسلام من خلال فبركة وتشوية الحقائق والاستفادة من تصرفات بعض الجماعات الاجرامية المتشددة التي تدعي انتمائها الى الاسلام وهو ما مكنها من اثارة الرأي العام ضد الاسلام والمسلمين في هذا البلد، حيث تشير العديد من التقارير الى ارتفاع ظاهرة العنف والعنصرية والتضييق ضد الأقليات المسلمة، التي تعاني اليوم من جور القوانين والانظمة الحكومة وهو ما يعد مخالفة صريحة لمبادئ حقوق الانسان فيما يخص الحريات الدينية، فقد سعت فرنسا الى اعتماد الكثير من القوانين والقرارات العنصرية ضد المسلمين ومنها قانون تجريم النقاب وقانون منع الحجاب من المدارس والجامعات والهيئات الحكومية المختلفة، وقانون حظر الصلاة في الشوارع والساحات العامة وأمام المساجد وغيرها من القوانين الاخرى.

ويعد الإسلام وكما تنقل بعض المصادر الدين الثاني في فرنسا، ويتراوح نسبتهم وفقا لتقديرات جريدة لوموند (2007) ومؤسسة ايبسوس موري سنة 2011 3% وبين 5-8% وفقا لكتاب حقائق العالم، وتشير أغلب التقديرات أن عدد المسلمون في فرنسا يترواح بين 5 إلى 6 ملايين. في حين قدرت وزارة الداخلية الفرنسية أعدادهم ب 4.5 مليون. وهذه الأرقام ليست رسمية أو حكومية، فقانون الإعلام والحريات يمنع تعداد المواطنين حسب انتمائهم العرقي أو الديني أو الفلسفي. وفقا لدراسة لمعهد الوطني للدراسات الديموغرافية INED فان الغالبية الساحقة من مسلمي فرنسا هم من المغرب العربي ونسبتهم 82% من مجمل مسلمي فرنسا. (43.2% من الجزائر، 27.5% من المغرب و11.4% من تونس) و9.3% من أفريقيا جنوب الصحراء و8.6% من تركيا و0.1% فرنسيون تحولوا إلى الإسلام (حوالي 70,000 متحول للإسلام).

ندوة مثيرة للجدل

وفي هذا الشأن فقد أثارت ندوة حول الاسلام في فرنسا نظمها حزب "الجمهوريون" الفرنسي الجديد بزعامة نيكولا ساركوزي سلسلة من الانتقادات في الأوساط الاسلامية الفرنسية ولدى بعض المسؤولين السياسيين. ما جعل المجلس الأعلى للديانة الاسلامية في فرنسا إلى مقاطعة الندوة كونها "تقلل من قيمة المسلمين" حسبه. واختار حزب "الجمهوريون" الفرنسي (حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية سابقا) بقيادة نيكولا ساركوزي بدء سلسلة من النقاشات بندوة مغلقة حول الإسلام في فرنسا بحضور مسؤولين في الحزب وبعض ممثلي الديانات في فرنسا دون أن يتم الكشف عن هويتهم.

وأقل ما يقال عن هذه الندوة هي أنها أثارت قبل بدايتها جدلا واسعا في الأوساط السياسية والدينية الفرنسية التي تساءلت لماذا حزب ساركوزي الجديد يبدأ هذه المواعيد بنقاش حول الإسلام عوضا عن أن يحاضر حول المشاكل العويصة التي تمر بها فرنسا، مثل أزمة البطالة وتدني القدرة الشرائية والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى.

وأثار هذا اللقاء "المغلق" الكثير من الجدل بين مسؤولين كبار في حزب "الجمهوريون"، من بينهم ألان جوبيه المنافس الأبرز لنيكولا ساركوزي في الانتخابات التمهيدية للحزب التي ستنظم في نهاية 2016 ونتالي كوسيسكو موريزيه، نائبة رئيس الحزب وبرينو لومير وأصوات أخرى تتمتع بوزن ثقيل داخل الحزب اليميني المعارض، قرروا مقاطعة الندوة وعدم المشاركة فيها. من جهتها، رفضت الجمعيات الممثلة للمسلمين والإسلام في فرنسا، وعلى رأسها المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، المشاركة في هذه الندوة المثيرة للجدل، حيث قال عبد الله زكري، رئيس المرصد الفرنسي لمكافحة الإسلاموفوبيا (العداء للإسلام) المقرب من دليل بوبكر عميد مسجد باريس:" نحن نرفض المشاركة في هذا المبادرة كونها تضر بالمسلمين وتقلل من قيمتهم"، مضيفا أن "دليل بوبكر، عميد مسجد باريس تعرض منذ أيام إلى ضغوطات لكي يشارك في هذه الندوة، لكنه لن يكون طرفا فيها".

هذا، وشرع عبد الله زكري منذ عدة أيام، في حملة هدفها إقناع الجمعيات والشخصيات المسلمة المدعوة بمقاطعة الندوة. وركز بن زكري حملته على التصريحات المناهضة للإسلام التي أدلى بها مسؤولون في حزب "الجمهوريون"، أبرزها تلك التي جاءت على لسان كريستيان إستروزي رئيس بلدية نيس (جنوب شرق فرنسا) وتناقلتها الكثير من وسائل الإعلام الفرنسية، مفادها أن "المسلمين اجتاحوا فرنسا بكاملها".

من جهته، قرر اتحاد الجمعيات الإسلامية في فرنسا عدم المشاركة في هذه الندوة كذلك، حيث قال رئيسه عمار لصفر:" لن نشارك لسببين: الأول أننا لم تصلنا دعوة للمشاركة والثاني نحن نرفض أن نشارك في اجتماع مع حزب حديث الولادة والذي بدأ محاضراته بموضوع الإسلام في فرنسا، الأمر الذي يزعجنا كثيرا". وأضاف عمار لصفر أنه لم يتقبل تصريحات ساركوزي حول منع الحجاب في الجامعات وعدم تقديم وجبات حلال في المدارس الفرنسية.

وبينما وصفت نتالي كوسيسكو موريزيه هذه الندوة ب"الفكرة السيئة"، دافع بالمقابل عنها هينري غينو، وهو نائب في الجمعية الوطنية باسم حزب "الجمهوريون". غينو الذي شغل في السابق منصب مستشار الرئيس السابق نيكولا ساركوزي( 2007-2012) دافع عن فكرة تنظيم ندوة حول الإسلام في فرنسا.

وقال في تصريح لإذاعة " أوروبا 1" "لا نريد أن نحاسب الإسلام أو نعلق عليه. نحن نبحث فقط عن أحسن صيغة للعيش الجماعي. أشياء كثيرة تغيرت في العالم. الدين أصبح يأخذ مكانة كبيرة في المجتمعات. وإذا أردنا أن نعيش في سلام وأمان، فعلينا أن نتحاور ونعمل سويا لنجد الحلول. وإن لم نسلك هذا الطريق، فسنفتح الباب واسعا أمام كل أشكال التطرف والأفكار الديماغوجية".

هذا، وندد النائب اليميني المقرب من نيكولا ساركوزي، هنري غينو بتصريحات ستيفان لوفول، الناطق الرسمي باسم الحكومة الفرنسية اليسارية الذي عبر عن "قلقه الشديد" إزاء تنظيم مثل هذه الندوة من طرف حزب اليمين. وقال غينو في تصريح لوسائل إعلام فرنسية "الجمهورية تعني الإدماج. وهذا لا يعني أننا ننتزع من الناس تاريخهم أو نطلب منهم أن ينسون من حيث جاءوا، لكن نطلب فقط منهم أن يتقاسموا معنا فكرة وثقافة مشتركة". بحسب فرانس برس.

من جهته، دعا نيكولا ساركوزي خلال تجمع في ضاحية باريس إلى عدم الهروب من النقاش، بل "التفكير" و"العمل" من أجل إيجاد حلول لكل المشاكل المطروحة، لأن "المشكل هو أن نقول بأنه لا يوجد صعوبات" حسب رأيه. ويتوقع أن لا ينشر مضمون التدخلات والنتائج التي توصلت إليها الندوة لعدم تأجيج التعليقات أكثر حسب منظميها.

تصنيف التلاميذ المسلمين

في السياق ذاته أثارت تصريحات لرئيس بلدية مدينة "بيزييه" الفرنسية روبير مينار موجة غضب في أوساط الطبقة السياسية في البلاد وفتح تحقيق قضائي بشأنها، وذلك إثر قيامه بتصنيف تلاميذ المدارس حسب انتمائهم الطائفي وتصريحه على القناة الفرنسية الثانية العامة أن "نسبة التلاميذ المسلمين 64,6%". وفتح القضاء الفرنسي تحقيقا للتأكد من صحة معلومات تفيد بأن إحصاء جرى في مدينة يقودها اليمين المتطرف في جنوب غرب فرنسا لمعرفة عدد التلامذة المسلمين في مدارسها، ما أثار موجة غضب شديدة في أوساط الطبقة السياسية في البلاد.

وأعلن رئيس بلدية بيزييه (جنوب غرب) روبير مينار الذي انتخب في 2014 بدعم من الجبهة الوطنية، أنه يجري إحصاءات حول ديانة التلاميذ في مدارس مدينته. وقال مينار على القناة الفرنسية الثانية العامة "نسبة التلاميذ المسلمين 64,6%". وقال مينار لأحد رواد الإنترنت الذي كان يسأله عن هذه النسبة "إنها أرقام بلديتي. آسف للقول لكن رئيس البلدية يملك أسماء التلاميذ في كل صف. أعلم أنه لا يحق لي القيام بذلك. آسف للقول إن الأسماء تدل على الديانة. أن نقول العكس يعني أن ننكر الواقع".

وأثارت هذه التصريحات احتجاجات في حين أن الإحصاءات الأثنية محظورة في فرنسا. وقال رئيس الوزراء الاشتراكي مانويل فالس في تغريدة "العار على رئيس بلدية" بيزييه. وأضاف "الجمهورية لا تميز بين أولادها". كما قال وزير الداخلية برنار كازنوف إن مينار "تجاوز الخط الأصفر ويضع نفسه عمدا خارج قيم الجمهورية". وأضاف في بيان "القانون يمنع هذا التصنيف، إن تصنيف التلاميذ استنادا إلى ديانتهم يعني العودة إلى أحلك حقبات تاريخنا".

وذكرت وزيرة التربية نجاة فالو بلقاسم أن عملية تصنيف التلاميذ المسلمين استنادا إلى أسمائهم "غير شرعية" و"مناهضة لقيم الجمهورية". وقال رئيس المرصد الوطني ضد الإسلاموفوبيا في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عبدالله زكري "إني مصدوم ومشمئز من هذه التصريحات. القانون يحظر هذه العملية. بالتالي يمكن أن يكون اسم التلميذ محمد من دون أن يكون متدينا!". وقالت البلدية في وقت لاحق في بيان "لا تعد بلدية بيزييه ولم تعد أبدا ملفات تتضمن تصنيفا للأولاد" حسب طوائفهم. وأضافت "حتى وإن أرادت ليس لديها الوسائل للقيام بذلك. بالتالي لا يمكن إعداد -ملفات خاصة- بالأولاد أكانوا مسلمين أو لا". وكان روبير مينار المسؤول السابق لمنظمة "مراسلون بلا حدود" أثار جدلا مرات عدة منذ انتخابه رئيسا لبلدية بيزييه في آذار/مارس 2014. بحسب فرانس برس.

فقد منع نشر الغسيل على النوافذ في وسط المدينة وفرض حظر تجول على القاصرين وأطلق حملة دعائية تجعل من مسدس عملاق "الصديق الجديد" للشرطة في مدينته. وفي بيان نشر دان الأمين العام للحزب الاشتراكي جان كريستوف كامباديلي التصريحات الجديدة لرئيس البلدية وقال إنها تتضمن "تمييزا عنصريا". وقال النائب اليميني (معارضة) إيلي عبود في تغريدة "إعداد ملفات خاصة بالتلاميذ ! عليك أن تخجل سيد مينار".

مدارس الغيتو

"لا يريدون الاستماع إلينا أو الاستجابة إلى مطالبنا بالأساليب السلمية سنستعمل القوة معهم"، هذا ما لجأت إليه مئات من أمهات التلاميذ غالبيتهن من أصول عربية وأفريقية في حي "لو بتي بارد" الفقير الواقع غرب مدينة مونبيليه جنوب فرنسا حيث تعيش نحو 2000 من العائلات المغاربية، من أجل الضغط على السلطات المحلية للمدينة التي يقودها اليسار الفرنسي منذ 2014 من أجل إنهاء "مدارس الغيتو" والمطالبة بـ"اختلاط اجتماعي" أكبر وإخراج أولادهن من القوقعة الاجتماعية التي يعيشون فيها.

وأمام لامبالاة السلطات المحلية التي لم تحرك ساكنا منذ قرابة شهرين من الاحتجاجات والتنديد رغم البيان الذي أرسله رئيس بلدية مونبيليه فيليب سورال والذي اعتبر فيه بأن المشكل تتقاسمه البلدية والمجلس الأعلى والدولة وبأنه "متسمك جدا بالاختلاط الاجتماعي"، قامت أمهات التلاميذ بدعم من بعض الآباء بغلق 4 مؤسسات تعليمية، حارمة بذلك نحو 600 تلميذ من الدراسة طيلة أسابيع، كما قمن بالتظاهر في شوارع المدينة لإسماع الرأي العام بقضيتهم، كما قطعن خط "ترامواي" في الحي لساعات عديدة، لأنه على حد قول إحداهن لصحيفة "20 دقيقة" الفرنسية، "لن نسكت حتى يستجاب لمطالبنا وننقذ مستقبل أبنائنا".

وأضافت السيدة فتيحة أيت الله "نريد إخراج أولادنا من مدارس الغيتو، حيث نلاحظ انطواء هويات على أنفسها بشكل حاد...100 بالمئة من الأطفال هم فرنسيون من أصول مغاربية، وبدرجة كبيرة مغاربة...ولذلك فإن تنوع واختلاط اجتماعي عرقي وثقافي سيسمح لهؤلاء الأطفال تعلم "العيش معا" واكتشاف ثقافات أخرى... نريد أن تعكس مدارس الحي صورة مجتمع اليوم". بحسب فرانس برس.

مسؤول حزب اليسار الراديكالي في المنطقة، فيليب تيناس، أبدى دعمه الكامل لخطوة أمهات التلاميذ واعتبرها في تصريح لجريدة "لوبارزيان" الفرنسية بالمهمة حيث قال "النواب الفرنسيون لا يكفون عن اتهام بعض أفراد الجاليات بالرغبة في العيش منطوين على أنفسهم، واليوم لدينا دليل على أنه العكس...فإذا طالبت هاته الأمهات بحق أولادهن في الاختلاط الاجتماعي فهذا يدل على انفتاحهن على المجتمع الفرنسي الذي يعيشن فيه".

البحث عن إسلام فرنسي

الى جانب ذلك وفي فصل دراسي بالجامعة الكاثوليكية في باريس يطل على قبة كنيسة ترجع للقرن السابع عشر تعكف ثلاث مسلمات من الجزائر على بحث أصول كلمة "علمانية". ومن خلال لقاءات أسبوعية في هذا المكان غير المتوقع وغيره تأمل فرنسا الدولة العلمانية ذات الأغلبية المسيحية أن تدرب ما يقرب من 2000 من الأئمة ورجال الدين المسلمين لتنتشر الكلمة بين نحو خمسة ملايين مسلم يمثلون أكبر الأقليات في فرنسا.

ويعد تشجيع المسلمين على تقبل إسلام "فرنسي" أكثر اعتدالا فكرة قديمة ظهرت على السطح في الآونة الأخيرة في أعقاب الهجمات التي شنها اسلاميون متشددون في باريس وأسفرت عن مقتل 17 شخصا في يناير كانون الثاني الماضي. ولمحاربة التشدد تأمل الحكومة الاشتراكية للرئيس فرانسوا أولوند العمل على توجيه الأسلوب الذي يتم به تعليم الاسلام وهو اقتراح صعب في بلد تضرب فيه العلمانية بجذورها وغالبا ما تعتبر فيه قضايا المسلمين من الحجاب إلى الطعام الحلال قضايا خلافية.

وقال كامل قبطان إمام مسجد ليون الكبير الذي يستضيف برنامجا مماثلا "هذا جهد من أجل الاسلام الوسطي. فلا يمكنك توجيه نفس الرسالة التي توجهها في كابول أو مالي.. هنا." غير أن من العوامل التي تعقد هذه المهمة الطبيعة الهلامية لماهية الاسلام الفرنسي في ضوء تعدد التفاسير في الاسلام وتباين الثقافات التي يتكون منها نسيج المجتمع الاسلامي في فرنسا. وبمقتضى هذه الخطة يرتفع عدد الدورات التدريبية عن "التعددية الثقافية والعلمانية والدين" من ستة إلى 12 دورة في مختلف أنحاء فرنسا بما فيها الدورة المقامة في الجامعة الكاثوليكية في باريس وجامعة ستراسبورج.

وستصبح هذه الدورات في نهاية المطاف إلزامية لنحو 200 مسلم ومسلمة يعملون كمرشدين دينيين في المستشفيات والسجون والجيش وتمول الدولة جانبا من رواتبهم. وزار رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس المسجد الكبير في ستراسبورج وقال إنه يود مهاجمة "كل ما يمثل عائقا أمام الاسلام الفرنسي." وقال فالس إن بلاده تحتاج لرجال دين وأئمة مسلمين يتحدثون الفرنسية ويتعلمونها ويحبون فرنسا ويلتزمون بقيمها وبتمويل فرنسي وشدد على أن الحكومة لن تتدخل في المسائل الدينية.

وتقول دراسة حكومية نشرت في وقت سابق إن من العوامل الرئيسية أن يظل التركيز منصبا على فرنسا نظرا لأن ما بين 25 و30 في المئة فقط من الأئمة العاملين في فرنسا من رعاياها إذ أن تركيا والجزائر والمغرب توفد مئات آخرين. وكثير منهم لا يتحدثون الفرنسية وليسوا على دراية بالقانون الفرنسي أو التقاليد الفرنسية وهي عقبات تسعى الدورات التدريبية للتغلب عليها. وقد شارك نحو 200 شخص من كل الأديان وليس المسلمين فقط في البرنامج الذي ترعاه الحكومة وبدأ العمل به عام 2008. ويعمل حوالي 1800 إمام في فرنسا في نحو 2500 مسجد ومصلى.

وقال فيليب بوردان رئيس الجامعة الكاثوليكية في باريس "لا يوجد علاج سحري" للتشدد. وأضاف "لكن العمل (المطلوب) في الأجل الطويل هو تدريب القادة الدينيين حتى يكونوا أكثر ارتياحا في المجتمع... قادرين على التصدي للأهواء والمساعدة في محاربة التشدد." ولعدم وجود مرجعية مركزية في الاسلام مثلما هو الحال في الكنيسة الكاثوليكية بوجود البابا بالاضافة إلى عزوف المسؤولين الفرنسيين عن التعامل مع المسائل الدينية ظهرت تفسيرات متباينة للدين مع اختلاف الأئمة. ولم تحقق محاولات سابقة للتشجيع على اعتناق اسلام وسطي في فرنسا نجاحا. ففي عام 2003 أسس الرئيس السابق نيكولا ساركوزي وكان حينذاك وزيرا للداخلية المجلس الاسلامي الفرنسي للمساعدة في معالجة قضايا مثل تدريب الأئمة وبناء المساجد وتنظيم عملية ذبح الماشية والطيور وفقا للشريعة الاسلامية.

لكن ثبت عدم فاعلية المجلس بسبب الانقسامات بين المساجد المتنافسة. وقال محمد زيدوني رئيس فرع المجلس في بريتاني للبرلمان "الكل يمارس إسلامه على طريقته." ودعا زيدوني إلى إقامة وحدة مركزية للدراسات الدينية ربما داخل المجلس نفسه لتطوير فقه متأقلم مع الأوضاع في فرنسا. ومن المتوقع أن تقدم الحكومة مقترحات حول كيفية إصلاح المجلس لزيادة فاعليته. بحسب فرانس برس.

ويتشكك معلمون من أمثال أوليفيه بوبينو خبير علم الاجتماع المدرس السابق بالجامعة الكاثوليكية في باريس فيما إذا كانت البيئة الجامعية بما تقتضيه من متطلبات اللغة الفرنسية هي المحفل السليم للتواصل مع الائمة الذي يعيش كثيرون منهم في أحياء فقيرة يسكنها الوافدون. وأضاف "بدلا من حمل الأئمة على المجيء ربما يجدر بنا أن نذهب إليهم إلى قلب المساجد كي يستقبلونا ونعمل معهم."

اضف تعليق