مايزال ملف الحقوق والحريات في مختلف دول العالم محط اهتمام واسع، خصوصا وان هذا الملف قد شهد وبحسب بعض التقارير تراجع كبير، حتى في الدول التي ترفع شعارات الديمقراطية والحرية ولاسباب مختلفة ومنها انتشار الافكار العنصرية المتطرفة في ظل النمو المتصاعد لأحزاب اليمين المتطرف...
مايزال ملف الحقوق والحريات في مختلف دول العالم محط اهتمام واسع، خصوصا وان هذا الملف قد شهد وبحسب بعض التقارير تراجع كبير، حتى في الدول التي ترفع شعارات الديمقراطية والحرية ولاسباب مختلفة ومنها انتشار الافكار العنصرية المتطرفة في ظل النمو المتصاعد لأحزاب اليمين المتطرف وخاصة في ألمانيا والنمسا وهولندا والسويد وغيرها. والتي استفادت كثيرا من بعض الاحداث والازمات العالمية، حيث رسمت مؤسسة "فريدوم هاوس" الأميركية، التي ترصد واقع الديمقراطية والحريات في جميع دول العالم في تقريرها لعام 2018، صورة قاتمة لهذه الأوضاع. وقالت المؤسسة في تقريرها إن "الديمقراطية واجهت في العام الماضي أخطر أزمة لها منذ عقود وواجهت تحديات جدية في ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة، واحترام حقوق الأقليات، وحرية الصحافة، وسيادة القانون".
وطبقا للنتائج التي توصلت إليها "فريدوم هاوس" فقد سجلت أوضاع الحريات والحقوق السياسية والمدنية تدهورا كبيرا في 71 بلداً وتحسنت في 35 أخرى. وخلص التقرير إلى أن 45% من دول العالم تتمتع بالحرية في حين أن 30% منها حرة نسبيا، في حين تفتقر 25% منها إلى كل أنواع الحريات. من جانب اخر يرى بعض المراقبين ان الخطابات العنصرية لبعض القادة ومنهم الرئيس الامريكي دونالد ترامب ودعمه المباشر لعبض الحكومات المتسلطة، قد اسهمت وبشكل فاعل في تعقيد الازمة خصوصا وان البعض يرى ان الولايات المتحدة الامريكية، قد كشفت اليوم عن وجهها الحقيقي واثبتت زيف الشعارات التي كانت ترفعها، وأعلنت الولايات المتحدة في وقت سابق انسحابها رسميا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بسبب ما قالت إنه "انحياز ضد إسرائيل المتهمه بارتكاب جرائم خطيرة ضد ابناء الشعب الفلسطيني.
ووصفت المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، المجلس بأنه منظمة "منافقة وأنانية وتستهزأ بحقوق الإنسان". وكانت هيلي قد أبلغت المجلس علنا، العام الماضي، بأن واشنطن ستراجع عضويتها وربما تنسحب من المجلس ما لم يتوقف "الانحياز المزمن ضد إسرائيل". وجاء قرار الولايات المتحدة على خلفية اتهام إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لمجلس حقوق الإنسان بأنه ينتهج "الانحياز المعادي لإسرائيل وشن حملة ممنهجة ضدها".
امريكا
وفي هذا الشأن اعتبر الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر ان الولايات المتحدة "تخلت" عن دورها الريادي في مجال الدفاع عن حقوق الانسان، وندد بما اعتبره "لا مبالاة" ازاء التجاوزات في هذا المجال التي ترتكب في البلاد وفي العالم. وقال كارتر الذي ترأس الولايات المتحدة بين عامي 1976 و1980 ان "الولايات المتحدة فقدت مركزها الاول في مجال حماية الشعوب وحقوقهم".
واضاف في كلمة القاها امام ندوة حول حقوق الانسان عقدت في اتلانتا في ولاية جورجيا "اذا استمرينا في موقفنا الحالي القائم على اللامبالاة ازاء الخروقات لحقوق الانسان، فأننا نشجع" على المزيد من هذه الخروقات بشكل اسرع مما حصل خلال السنوات القليلة الماضية. والمعروف ان ادارة الرئيس الحالي دونالد ترامب متهمة بانتهاك الحقوق الاساسية لعائلات المهاجرين المعتقلين الذين يدخلون خلسة الى الولايات المتحدة عبر الحدود مع المكسيك، عبر فصل الاولاد عن اهاليهم.
واثار هذا التدبير الذي اقر الربيع الماضي غضب الطبقة السياسية الاميركية، وذهب البعض الى تشبيه هذا الامر بما كان يحصل مع الاطفال في معسكرات الاعتقال النازية خلال الحرب العالمية الثانية. واعتبر كارتر البالغ الثالثة والتسعين من العمر ان الولايات المتحدة كانت رائدة في الدفاع عن حقوق الانسان بعد الحرب العالمية الثانية عندما اقرت الامم المتحدة الشرعة العالمية لحقوق الانسان في كانون الاول/ديسمبر 1948. الا ان الرئيس الاسبق راى ان القوانين لمكافحة الارهاب التي اقرت بعد اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 حدت من الحريات العامة. بحسب فرانس برس.
واضاف كارتر الذي أسس في اتلانتا مركز كارتر للدفاع عن الديموقراطية والحقوق الانسانية "لقد تخلينا في نهاية الامر عن موقعنا الريادي في مجال حقوق الانسان". وختم كارتر بالقول ان الولايات المتحدة اصبحت قوة عظمى ليس بفضل قوتها الاقتصادية او العسكرية بل "لاننا نحمي الامور المهمة للانسانية، واعتقد ان حقوق الانسان هي جزء من هذه الامور المهمة".
ممارسات مخزية
الى جانب ذلك شجب تقرير سنوي صادر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش 38 دولة لاتخاذها إجراءات ”مخزية“ بينها القتل والتعذيب والاعتقالات التعسفية ضد أناس تعاونوا مع المنظمة الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان. وشمل التقرير أيضا مزاعم عن سوء معاملة ومراقبة وتجريم ووصم المدافعين عن حقوق الإنسان. وكتب جوتيريش ”العالم مدين لهؤلاء الشجعان، الذين يساندون حقوق الإنسان والذين استجابوا لطلبات بتقديم معلومات للأمم المتحدة والتعامل معها، من أجل ضمان احترام حقهم في المشاركة“. وأضاف ”معاقبة أفراد لتعاونهم مع الأمم المتحدة ممارسة مخزية يتعين على الجميع نبذها“.
ومن بين الدول الثماني والثلاثين 29 دولة تمت إضافتها فيما يتعلق بقضايا جديدة و 19 دولة لها قضايا مستمرة. ورصدت القضايا الجديدة في البحرين ومصر وإسرائيل والسعودية وجنوب السودان والمغرب وتركيا والكاميرون والصين وكولومبيا وكوبا والكونجو الديمقراطية وجيبوتي وجواتيمالا وجيانا وهندوراس والمجر والهند وقرغيزستان والمالديف ومالي وميانمار والفلبين وروسيا الاتحادية ورواندا وتايلاند وترينيداد وتوباجو وتركمانستان وفنزويلا.
وقال التقرير إن الحكومات عادة ما تتهم المدافعين عن حقوق الإنسان بالإرهاب أو تلقي باللوم عليهم في التعاون مع جهات أجنبية أو الإضرار بمكانة البلاد أو أمنها. وأضاف ”هناك ميل مزعج لاستخدام الدول لاعتبارات الأمن القومي واستراتيجيات مكافحة الإرهاب لتبرير قطع اتصال المجتمعات ومنظمات المجتمع المدني بالأمم المتحدة“. وأبلغت نساء متعاونات مع الأمم المتحدة عن تهديدات بالاغتصاب والتعرض لحملات تشويه سمعة على الإنترنت وكثيرا ما التقى عاملون بالأمم المتحدة مع أشخاص يخشون مجرد الحديث معهم حتى في مقار الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف. بحسب رويترز.
وقال آندرو جيلمور مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في بيان إن الحالات المذكورة في التقرير ليست سوى قمة جبل الجليد. وقال ”نشهد كذلك أعدادا متزايدة من العقبات القانونية والسياسية والإدارية التي تستخدم لترويع -ولإسكات- المجتمع المدني“. وبعض الدول الواردة في التقرير من الأعضاء الحاليين في مجلس حقوق الإنسان الذي تبنى قرارا العام الماضي يؤكد أن كل شخص، سواء منفردا أو ضمن مجموعة، يحق له الاتصال بالأمم المتحدة دون عقبات.
الصين وقوى أخرى
الى جانب ذلك دعت ميشيل باشليه مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الصين إلى السماح بدخول مراقبين بعد تقارير وصفتها بأنها ”مزعجة للغاية“ عن معسكرات كبرى تحتجز فيها الويغور في إقليم شينجيانغ. وجاءت مطالبتها فيما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن أقلية الويغور ومعظمها من المسلمين في إقليم شينجيانغ تواجه اعتقالات تعسفية وقيودا على ممارسة شعائرها الدينية بالإضافة إلى عملية ”تلقين سياسي قسري“ ضمن حملة أمنية واسعة النطاق.
وقالت لجنة معنية بحقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة إنها تلقت تقارير موثوقة عن احتجاز ما يصل إلى مليون من الويغور في مراكز اعتقال غير قانونية في الإقليم الواقع في أقصى غرب الصين ودعت إلى الإفراج عنهم. ورفضت الصين تلك المزاعم واتهمت ”عوامل خارجية“ بإثارة اضطرابات في الإقليم. وقالت باشليه رئيسة تشيلي السابقة في أول كلمة لها أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن اللجنة سلطت الضوء على ”مزاعم مزعجة للغاية عن عمليات اعتقال تعسفية على نطاق واسع للويغور ومسلمين آخرين في معسكرات للتلقين في أنحاء شينجيانغ“.
وأضافت أن هناك تقارير وردت أيضا عن ”أنماط متكررة من انتهاكات حقوق الإنسان في مناطق أخرى“ ودعت حكومة بكين للسماح للمفوضية بالدخول إلى مناطق في أنحاء الصين وقالت إنها تتوقع بدء مناقشات في هذا الشأن قريبا. ولم يرد تعليق بعد من الوفد الصيني في المجلس. ومن المقرر أن ترد وفود الدول على خطاب باشليه. ووعدت المفوضة بأن تكون صوتا للضحايا وقالت لمجلس حقوق الإنسان المؤلف من 47 دولة في جنيف ”كنت معتقلة سياسية وابنة سجين سياسي. لقد كنت لاجئة وطبيبة.. وشمل ذلك علاج أطفال تعرضوا للتعذيب وللاختفاء القسري لوالديهم“.
وأبدت باشليه قلقها لعدم إعادة السلطات الأمريكية 500 طفل من أبناء المهاجرين بعد فصلهم عن ذويهم. وأدانت إعلان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن انسحابها من اتفاق قضائي يضع حدا أقصى لفترة اعتقال أطفال المهاجرين هو 20 يوما. وحثت باشليه التحالف بقيادة السعودية في اليمن على إبداء شفافية أكبر بخصوص قواعد الاشتباك التي يتبعها ومحاسبة المسؤولين عن الضربات الجوية التي أودت بحياة مدنيين بما في ذلك ضربة على حافلة أطفال في صعدة. وقالت ”سأتابع عن كثب الخطوات التي تُتخذ لمحاسبة الجناة وتقديم تعويضات للضحايا“. بحسب رويترز.
وقال محققون مستقلون معنيون بحقوق الإنسان في تقرير إن بعض الضربات الجوية التي نفذها التحالف في اليمن قد تصل إلى حد جرائم الحرب. وقالت باشليه إن المحققين زودوها بقائمة سرية للمشتبه بهم فيما يتعلق بارتكاب جرائم دولية في الصراع. وتابعت قائلة ”المرسوم الملكي السعودي الذي صدر مؤخرا والذي بدا أنه يمنح عفوا شاملا لأفراد من القوات المسلحة السعودية عن أفعال تمت في اليمن مقلق للغاية“.
الهند
من جانب اخر أعلنت السلطات الهندية سحب الجنسية من أربعة ملايين شخص في ولاية آسام (جنوب شرق) بموجب قائمة للمواطنين مثيرة للجدل أثارت مخاوف من عمليات ترحيل لمواطنين غالبيتهم من المسلمين الناطقين بالبنغالية. وقال المدير العام للسجلات "إنه يوم تاريخي لآسام والهند بشكل عام. حققنا خطوة مهمة تتعلق بنشر أول مسودة كاملة للسجل الوطني للمواطنين". وأضاف إن الذين لم تشملهم القائمة "لديهم فرصة كبيرة" للاعتراض على تسجيل أسمائهم في القائمة النهائية.
وقال شاهد إنه جرى تشديد الإجراءات الأمنية عبر الولاية المتاخمة لبنغلادش فيما يخشى آلاف المسلمين الذين يتحدثون البنغالية من إرسالهم إلى مراكز احتجاز أو ترحيلهم. وولاية آسام التي تشتهر بزراعة الشاي محور لتوترات اجتماعية وطائفية إذ يشن السكان المحليون حملات ضد مهاجرين غير شرعيين، في معركة أيدتها حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي التي يقودها الهندوس القوميون.
وفي عام 1983 لاحقت حشود مسلحة بأسلحة بيضاء العشرات وقتلتهم بنية طرد المهاجرين المسلمين. وقالت الحكومة إن المسودة لا تهدف لطرد الناس وإن من لم تدرج أسماؤهم في القائمة سيحصلون على فرصة لإعادة التقدم بأوراقهم. وقال سايليش مفوض تعداد السكان للصحافيين في جواهاتي كبرى مدن الولاية "بناء على هذه المسودة، لا يوجد مجال لإحالة أي شخص إلى مراكز احتجاز أو لمحاكم الأجانب". بحسب رويترز.
وهرب مئات الآلاف من الناس إلى الهند من بنغلادش خلال حرب الاستقلال عن باكستان في أوائل السبعينيات. واستقر معظمهم في ولاية آسام التي تمتد حدودها مع بنغلادش لمسافة 270 كيلومترا. وذكر سايليش أن أكثر من 30 مليونا تقدموا بأوراقهم وأنه جرى استبعاد 4007707 من القائمة. ويتعين على كل سكان آسام تقديم وثائق تثبت أنهم أو أسرهم كانوا يعيشون في البلاد قبل 24 مارس/آذار 1971 لكي يتم الاعتراف بهم كمواطنين هنود. ويرى منتقدون أن اختبار المواطنة هو إجراء آخر يدعمه حزب بهاراتيا جاناتا بقيادة مودي ويستهدف الأقلية المسلمة. وينفي الحزب أي تحيز لكنه يقول إنه يعارض سياسة استرضاء أي طائفة من طوائف المجتمع.
نيجيريا
على صعيد متصل نددت منظمة هيومن رايتس ووتش الثلاثاء بتزايد المضايقات بحق وسائل الإعلام وبـ"أجواء من الخوف" تبثها أجهزة أمنية في نيجيريا حيث أحيل صحافيان إلى المحاكمة. وأعلنت المنظمة في بيان أن توقيف العديد من المراسلين والناشطين في نيجيريا مؤخرا يسلّط الضوء على نزعة مثيرة للقلق نحو قمع حرية التعبير. وتابعت الباحثة في المنظمة أنييتي إيوانغ أن "رمي المراسلين في السجن بسبب تأديتهم عملهم الإعلامي يوجه رسالة ترهيب للصحافيين في نيجيريا".
وأضافت إيوانغ "على السلطات النيجيرية وقف كل المضايقات وضمان ممارسة الصحافيين لعملهم من دون خوف". وأوقف جهاز أمن الدولة جونز أبيري، الصحافي في صحيفة "ويكلي سورس"، ووضعه في الحبس الانفرادي لنحو سنتين من دون محاكمة، بحسب المنظمة. وأوقف أبيري على خلفية ادعاءات بوجود روابط بينه وبين متمردين في دلتا النيجر، المنطقة الغنية بالنفط في جنوب شرق البلاد.
وبعد حملة إعلامية كبيرة أُطلق سراحه بكفالة في 16 آب/أغسطس.. وأُوقف صامويل اوغونديبي وهو صحافي في الموقع الإلكتروني الإخباري "بريميوم تايمز" أواسط آب/أغسطس إثر نشره تقريرا سريا حول سيطرة الأجهزة الأمنية على البرلمان، وأُطلق سراحه بكفالة بعد أيام. وفي 7 آب/أغسطس قطع شرطيون وعناصر استخبارات مسلحون وملثمون الطريق التي تصل إلى البرلمان في أبوجا لعدة ساعات ومنعوا النواب والموظفين والصحافيين من الدخول. وأقيل رئيس الاجهزة الأمنية لوال موسى داورا على خلفية الحادثة.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن "أجهزة أمن الدولة... تورطت سابقا في استغلال السلطة وانتهاك حقوق الإنسان في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك توقيفات مخالفة للقانون وعمليات اعتقال وتعذيب". وقالت إيوانغ إن "إقالة لوال داورا لا تكفي لتحويل جهاز أمن الدولة من مؤسسة تنتهك الحقوق إلى مؤسسة تحترمها، من دون إصلاح الأنظمة التي لا تردع الانتهاكات". وتابعت "على السلطات النيجيرية اتخاذ خطوات فورية لوقف أجواء الخوف والترهيب السائدة والتي تبثها الأجهزة الأمنية، وإسقاط كافة التهم عن جونز أبيري وصامويل اوغونديبي لممارستهما حرية التعبير سيشكل انطلاقة جيدة لذلك".
اضف تعليق