"الجانب القبيح للرياضة الجميلة" عنوان تقرير نشرته منظمة العفو الدولية تبين فيه استغلال العمال في قطر لكأس العالم. حيث تسعى قطر الغنية بالغاز الطبيعي لتحديث بنية أساسية بتكلفة 200 مليار دولار قبيل بطولة كأس العالم عام 2022 وجلبت مئات الألوف من العمال الأجانب من بلدان مثل الهند ونيبال وبنجلادش. وعدد العمال الأجانب يزيد على عدد العمال المحليين بواقع نحو 20 إلى واحد ويمكن أن يتعرضوا للسجن أو الترحيل إذا ما شكلوا اتحادات أو نظموا احتجاجات.
قطر اول دولة عربية تستضيف مونديال بطولة كأس العالم على أراضيها يبدوا هذا الوقع مهم بالنسبة الى قطر لكن هذه الجهود المبذولة والمكانة التي تنعم بها قطر قد حطمتها اتهامات وانتقادات منظمات حقوق الإنسان والهيئة المنظمة لبطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر وكالة "إمباكت" الاستشارية بشأن سوء معاملة العمال الأجانب.
خاصة بعد ان رفع أحد العمال دعوى قضائية ضد الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بخصوص المعاملة السيئة التي تعرض اليها صوب وصوله الى قطر حيث اخذوا منه جوازه بالإضافة استغلاله أثناء عمله في منشآت خاصة ببطولة كاس العالم لكرة القدم المقرر إقامتها في قطر وطالب بتعويض مالي نحو 11500 دولار عن عقد عمل دفع أربعة آلاف دولار للحصول عليه من شركة توظيف.
إضافة الى ذلك اتهام عمال اجنبيون الى قطر بخصوص اجبارهم على العيش في أماكن غير صحية والعمل دون أن يتاح لهم قدر كاف من المياه والحماية تحت شمس حارقة. حيث يدفعون العمال الآسيويين رسوم مالية من اجل الحصول على فرصة عمل في ورش بناء الملاعب التي تستضيف كأس العالم 2022 في قطر. لكن يجدون بالمقابل معاملة سيئة ويعانون العمال من ظروف قاسية.
فبرغم من ان القانون القطري لا يجوز ان تتجاوز ساعات العمل عن 48 ساعة أسبوعيا، أي ثمان ساعات يوميا مع الحصول على يوم واحد على الأقل من الراحة أسبوعيا. لكن هذه القوانين لا تطبق مع العمال الأجانب حيث يعانون ظروفا قاسية، كالعمل لمدة 18 ساعة يوميا، وعدم الحصول على راحة على الأقل لمدة يوم أسبوعيا.
نتيجة لهذه المعاملة السيئة التي يتعرض اليها العمال الاجانب في مواضع البناء والملاعب الخاصة بكأس العالم فقد سجلت شركة دي.إل.إيه بايبر وقوع عشرات من حالات الوفاة بسبب ظروف العمل في أنحاء قطر بين العمال الوافدين من جنوب آسيا. كان اخرها عاملا بريطانيا توفي أثناء عمله في تشييد استاد رياضي.
بمقابل هذا كله تنفي قطر أي انتهاك لحقوق العمال وأنها تعمل على تحسين وضع العمال الأجانب على أراضيهم لذا أصدرت قطر قانونا جديدا يتيح للعمال الأجانب في البلاد وعددهم 1.6 مليون الذين استكملوا فترة عقودهم حرية تغيير عملهم ويفرض غرامات على الشركات التي تصادر جوازات سفر الموظفين. لذا سارع نحو 9 آلاف عامل غير قانوني في قطر الزمن من أجل مغادرة البلاد مع اقتراب انتهاء مهلة العفو التي منحتهم إياها الحكومة.
العمل المتواصل
ندد تقرير أعدته وكالة استشارات بريطانية، بالظروف التي يقاسيها عمال ورش بناء الملاعب، التي ستستضيف كأس العالم 2022 في كرة القدم بقطر، كالعمل لفترات تصل إلى 18 ساعة يوميا، وعدم الحصول على أي يوم راحة طيلة خمسة أشهر. وجاء في التقرير الذي أعدته وكالة "إمباكت" الاستشارية في مجال أخلاقيات التجارة، بطلب من اللجنة المنظمة لمونديال قطر، وشمل عشر شركات تنفذ عقودا من الباطن في ورش الملاعب، أن نصف هذه الشركات لا تمنح عمالها أي يوم راحة، كما أضاف أنه في الحالات الأكثر تطرفا، لم يحصل بعض العمال على أي يوم راحة طيلة 148 يوما (حوالي خمسة أشهر) من العمل المتواصل.
وجاء في التقرير أنه "من أصل الشركات العشر التي شملها التدقيق، حددت إمباكت ست حالات حرجة من عدم الامتثال"، مشيرة إلى أن هذه المخالفات تشمل "ساعات عمل مفرطة (أكثر من 72 ساعة أسبوعيا) أو ساعات عمل إضافية مفرطة، (أكثر من ساعتين يوميا)". كما لفت التقرير إلى وضع العمال المهاجرين الذين يضطرون إلى الاستدانة لدفع تكاليف الحصول على وظيفة في الخليج. وفي إحدى الشركات التي شملها التدقيق لاحظت إمباكت أن اثنين من العمال طردا في تشرين الأول/أكتوبر للاشتباه في أنهما يعتزمان الإضراب. لكن التقرير خلص إلى أن اللجنة المنظمة لمونديال قطر أحرزت "تقدما"، كون العديد من الشركات يطبق القوانين الجديدة المتعلقة بالحقوق الأساسية للعمال. بحسب فرانس برس.
وسبق لمنظمات حقوقية أن اتهمت الدوحة بانتهاك حقوق العاملين في المنشآت التي تبنيها لاستضافة كأس العالم، إلا أن قطر نفت الاتهامات مرارا، وأعلنت اتخاذها سلسلة خطوات لتحسين ظروف العمالة الأجنبية، كان أبرزها في كانون الأول/ديسمبر، بإلغاء نظام الكفالة من قانون العمل، واستبداله بنظام جديد يقوم على عقد العمل، يشمل زهاء 2,1 مليوني عامل أجنبي.
مقاضاة الفيفا
رفع رجل من بنجلادش يقول إنه تعرض للاستغلال أثناء عمله في منشآت خاصة ببطولة كاس العالم لكرة القدم المقرر إقامتها في قطر عام 2022 دعوى قضائية ضد الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لما يقول إنه إخفاقه في ممارسة نفوذه لضمان معاملة العاملين بشكل عادل.
والدعوى التي رفعت في زوريخ حيث مقر الفيفا بمساندة من أكبر اتحاد للعمال في هولندا تدعو الفيفا لإجبار قطر على تطبيق "الحد الأدنى من معايير العمل" على العمالة المهاجرة التي تقوم بالتحضيرات للبطولة بما في ذلك على الأقل الحق في ترك العمل أو مغادرة البلاد. ورفع الدعوى نديم شريف العلم (21 عاما) ويطلب تعويضا قدره نحو 11500 دولار عن عقد عمل دفع أربعة آلاف دولار للحصول عليه من شركة توظيف. حسب رويترز
ولدى وصوله إلى قطر أُخذ منه جواز سفره وأُجبر على العمل 18 شهرا تحت ظروف صعبة وذلك وفق ما جاء في مسودة خطاب سيقدم إلى المحكمة التجارية في زوريخ. كان شريف العلم يقوم بتفريغ سفن تحمل مواد بناء ويدفع أجر الوجبات التي يتناولها في مجمع العاملين الذي يقيم فيه. ويقول إنه بعد ذلك فُصل من العمل وتم ترحيله ولم يكن قد كسب سوى مبلغ ضئيل لا يكفي حتى لسداد قيمة رسوم عقد العمل.
حملة توعية
رفض متحدث باسم الحكومة القطرية التعليق على الفور. كانت قطر نفت من قبل اتهامات باستغلال العمال وتقول إنها تطبق إصلاحات عمالية. وأكدت متحدثة باسم الفيفا تلقي الاتحاد خطابا قانونيا بتفاصيل القضية. وقالت إن موقف الفيفا "في هذه المسألة معروف تماما" مشيرة إلى خطط يجري بحثها لتشكيل مجموعة لمراقبة ظروف العمل في قطر.
وقال اتحاد نقابات العمال الهولندية إن الفيفا يجب أن يتحمل مسؤوليته إذ أن لديه سلطة منح أو حجب اتفاقات استضافة البطولات وله تاريخ من مطالبة الدول المضيفة بتقديم تنازلات. قالت ليزبيث زجفيلد المحامية لدى اتحاد نقابات العمال الهولندية "في قطر سيسمحون باحتساء الجعة والمشروبات الكحولية في البلاد خلال مباريات كأس العالم. هل تتصور ذلك في بلد إسلامي؟" واحتساء الخمور في الأماكن العامة ممنوع في قطر لكن سيُسمح به في مناطق وجود المشجعين خلال فترة البطولة. حسب رويترز.
وأضافت "كيف يكون من الصعب عليهم القول بأن كل الشركات التي لا تدفع أجرا كافيا للعمال أو التي تجبرهم على البقاء في البلاد إذا أرادوا الرحيل ستواجه غرامة كبيرة؟" وتابعت تقول إن صدور حكم في القضية قد يحتاج على الأرجح لأكثر من عام. وأطلقت حكومة قطر حملة لتوعية العمال الأجانب بإصلاحات وشيكة في قوانين العمل في البلاد التي تعرضت لانتقادات شديدة.
ففي ظل نظام الكفالة المطبق في قطر يحتاج العمال الأجانب لموافقة صاحب العمل على الانتقال لعمل آخر أو مغادرة البلاد. لكن اعتبارا من ديسمبر كانون الأول سيكون من حق العمال رفع التماس للحكومة في حال رفض صاحب العمل السماح لهم بمغادرة البلاد. ويقول منتقدون إن الإصلاح ليس كبيرا وإن العمال سيستمرون في مواجهة صعوبات إذا ما أرادوا تغيير عملهم أو السفر.
وفاة عامل
قالت السلطات القطرية إن عاملا بريطانيا توفي أثناء عمله في تشييد استاد رياضي لبطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022 في قطر. وقالت اللجنة العليا للمشاريع والإرث المسؤولة عن البنية التحتية لكأس العالم إن تحقيقا جار لتحديد سبب الوفاة. وأضافت في بيان أن البريطاني (40 عاما) توفي في استاد خليفة الدولي. ولم يقدم البيان المزيد من التفاصيل.
وقالت شركة ميداماك سيكس كونستراكت في بيان إن الحادث وقع بينما كان العامل يقف على منصة معلقة مخصصة لأداء الأعمال التقنية المرتبطة بالتركيبات الصوتية والضوئية. وأضافت الشركة في بيان "انكسرت إحدى الروافع التي تحمل المنصة مما تسبب في سقوط العامل الذي كان يرتدي كل معداته للسلامة بما في ذلك حزام الآمان. للأسف انقطع الحزام أثناء السقوط مما تسبب في وفاته."
ويعمل نحو 5100 عامل بناء من نيبال والهند وبنجلادش في بناء الملاعب الرياضية في قطر التي تواجه اتهامات من جماعات حقوق الإنسان بسوء معاملة العمال ومن بين ذلك نقص إجراءات السلامة في مواقع العمل وأوضاعهم المعيشية المزرية. وتقول اللجنة العليا إنه لم تقع وفيات بسبب ظروف العمل في مواضع البناء الخاصة بكأس العالم ووجدت شركة دي.إل.إيه بايبر القانونية في مراجعة أجرتها لحساب الحكومة عام 2013 أدلة على وقوع عشرات من حالات الوفاة بسبب ظروف العمل في أنحاء قطر بين العمال الوافدين من جنوب آسيا. بحسب رويترز.
ودأبت الحكومة القطرية على نفي مزاعم ارتفاع حالات الأزمات القلبية بين عمال البناء ولم تنشر أي إحصائيات تم التحقق منها بشكل مستقل عن إصابات أو وفيات خلال نوبات العمل. ويحظر القانون القطري تشريح الجثث في حالات الوفاة المفاجئة إلا لشبهة جنائية. وحثت الأمم المتحدة قطر على معالجة قضية حقوق العمال قبل ذروة أعمال البناء الخاصة بنهائيات كأس العالم في 2017 وتقول الدوحة إنها تعمل على تقليل أوجه سوء المعاملة وأن هذا يحدث في مختلف مواقع البناء بالعالم.
نظام الكفالة
أعلنت قطر رسميا الغاء نظام الكفالة، في أكبر اصلاح لنظام العمل تتخذه الدولة التي تستعد لاستضافة بطولة كاس العالم لكرة القدم 2022. وفي الاعلان المرتقب منذ فترة قال وزير العمل عيسى بن سعد الجفالي النعيمي وقال ان هذا النظام سيستبدل بنظام جديد يعتمد على عقد العمل يشمل نحو 2,1 مليون عامل أجنبي.
وبموجب نظام "الكفالة" يتعين على جميع العمال الاجانب في قطر الحصول على كفيل سواء فرد او شركة، الحصول على مواقفه في حال تغيير عمله او مغادرته البلد. ويقول منتقدو هذا النظام انه يحرم العمال من الحماية ويمكن ان يعرضهم للاستغلال. وقال النعيمي ان القانون الجديد هو أحدث خطوة لتحسين وحماية حقوق كل العاملين الاجانب في قطر.
واضاف ان القانون الجديد يحل محل نظام الكفالة ويستبدله بنظام يعتمد على العقود يحمي حقوق العمال ويزيد مرونة العمل. وذكر مسؤولون قطريون ان حرية الحركة مضمونة ضمن القوانين الجديدة التي تمنح العمال حق تغيير وظائفهم او مغادرة البلاد ويقدم لهم حماية أكبر لعقودهم. وأعلن امير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني عن الاصلاحات التي تعرف بقانون رقم 21 لعام 2015 اول مرة العام الماضي. بحسب فرانس برس.
وقال النعيمي "نرحب بتلقي أية ملاحظات أو نقد بناء، وسنواصل القيام بذلك في المستقبل، كما أننا ندعو المجتمع الدولي إلى عدم التسرع في إطلاق استنتاجات سابقة لأوانها حول القانون الجديد وإعطائه وقتاً كافياً. ونحن نؤمن ايماناً راسخاً بأن إصلاح القانون هو الأمر الذي ينبغي علينا القيام به، كونه يوفر مزايا جديدة".
مغادرة قطر
يتنظر نحو 9 آلاف عامل غير قانوني مغادرة قطر بموجب عفو حكومي مدته ثلاثة أشهر وينتهي في الأول من كانون الأول/ديسمبر ويتيح لهم تسوية أوضاعهم من دون تبعات قانونية. وعادة ما تفرض القوانين القطرية غرامات مالية وحتى عقوبة بالسجن على من يخالف نظام الإقامة أو يبقى في البلاد بطريقة غير قانونية. إلا أنه بموجب العفو، وهو الأول منذ 2004، تتيح السلطات للمخالفين المغادرة في حال تقدموا منها بجواز سفرهم وبطاقة الهوية أو تأشيرة الدخول، إضافة إلى تذكرة عودة إلى بلادهم، أو على الأقل إثبات حيازتهم على ما يكفي من المال لشراء واحدة.
ولدى صدور الموافقة على التسوية، على الأشخاص مغادرة قطر خلال سبعة أيام. وتتولى إدارة البحث والمتابعة التابعة لوزارة الداخلية، النظر في أوضاع المقيمين بشكل غير قانوني. ويقول أحد ضباط الوزارة "عندما بدأت مهلة العفو، كنا نستقبل زهاء مئة شخص يوميا. حاليا مع اقتراب الموعد النهائي، وصل العدد إلى نحو 300 يوميا".
ولا تتوافر أرقام رسمية عن عدد المقيمين بشكل غير قانوني في قطر، والتي يبلغ عدد العمال فيها 1,8 مليون شخص، يتركز قسم كبير منهم في المشاريع التي تنفذ استعدادا لكأس العالم لكرة القدم 2022. وفي ظل الانتقادات الواسعة التي وجهت إلى الدوحة على خلفية حقوق العمالة الأجنبية لاسيما منذ منحها حق استضافة البطولة الأبرز عالميا في كرة القدم، يسعى المسؤولون إلى التركيز على إصلاحات تنفذ في مجال حقوق العمالة، منها تعديلات في نظام الكفالة وضمان حصول العمال على رواتبهم بشكل دوري ومنتظم. بحسب فرانس برس.
ويوضح مسؤولون في إدارة البحث والمتابعة أن غالبية الذين سيستفيدون من العفو يتحدرون من دول آسيوية كبنغلادش ونيبال والفيلبين. وكانت وزارة الداخلية أعلنت بداية عن العفو في بيان نشر عبر مواقع التواصل، وترجم إلى 14 لغة. ويتوافر في مقر إدارة البحث، مكتب للخطوط الجوية القطرية للراغبين في شراء تذاكر السفر. ويبدي بعض الساعين إلى تسوية أوضاعهم، رغبة في العودة مجددا للعمل.
اضف تعليق