q

ناقش ملتقى النبأ للحوار موضوعا بعنوان (التسوية الوطنية) من 20 الى 25 كانون الأول عام 2016، شارك في الحوار مجموعة من الناشطين والسياسيين من بينهم (الدكتور سامي شاتي, الدكتور عبد الخالق الشاهر, الدكتور احمد الميالي, الدكتور جواد البكري, القاضي رحيم العكيلي, الاستاذ عدنان الصالحي, المحلل السياسي علاء النشوع, الخبير القانوني امير الدعمي, الناشط المدني عباس العطار)

أجرى الحوار مدير الملتقى الكاتب الصحفي علي الطالقاني، وملتقى النبأ للحوار هو مجتمع يسعى إلى تحفيز المناقشات بهدف توليد الأفكار من أجل دعم المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وإسداء النصح لها من خلال عدة فعاليات يقوم بها الملتقى.

لمشاهدة تقارير ملتقى النبأ للحوار http://annabaa.org/arabic/tags/5030

(محاور البحث)

التسوية التاريخية التي أطلقت من قبل قيادة التحالف الوطني قبل أيام، من اجل إنهاء الصراع السياسي ضمت في طياتها العديد من الفقرات، فان ما يطرح من مبادرات للمصالحة الوطنية والتسوية السياسية محل تساؤلات عن جدوى هذه المبادرات، وحتى وان كان من يطرح هذه المبادرات جادا بها فان الاطراف الاخرى ومنذ البداية حددت اهدافها ومطالبها، لهذا نطرح امام الاخوة والأخوات في ملتقى النبأ للحوار السؤال التالي:

ما هي الغاية من اطلاق هذه المبادرات وما هو مستقبل هذه المبادرة التي تتشابك اهدافها من مشروع المصالحة حسب فهم البعض، فاذا كانت هناك تعليقات اخرى بما يتعلق بالموضوع.

الدكتور سامي شاتي:

التسوية التاريخية ام المصالحة المجتمعية تعددت التسميات لبرامج ومبادرات ولجان معنية بالمصالحة او التوافق والتعايش وغيرها من المصطلحات التي استهلكت وكالعادة تطلق في جو اعلامي بهيج يصور لنا انها النهاية السعيدة ثم تختفي بدون اي سبب ولا نعرف ماهي النتيجة او المشكلات او التحديات. ويمكن لنا ان نوجز ابرز الاخطاء التي تواجه تلك المحاولات :

*ان الجهات التي تتبنى مشاريع التسوية او المصالحة جهات ذات توجه حزبي وبالتالي تفتقد الى صفة الحيادية.

*غياب المرجعية الفكرية او الاسس التي تستند منهجية واضحة ذات تجربة عملية سابقا فمثلا اغلب التجارب العالمية تستند الى مرجعية اليات العدالة الانتقالية.

*انفراد القوى السياسية بالتمثيل والتفاوض وتهميش القوى المجتمعية والمدنية.

*الغموض في الفئات المشتركة والمستهدفة من المصالحة والتسوية.

*تغييب الدور القضائي في حسم قضايا المتهمين بارتكاب جرائم ضد المدنيين والقوات الامنية او له سجل جنائي في احداث العنف الطائفي.

وبالتالي فان النوايا الحسنة والشعارات الكبيرة لن تنتج لنا استقرارا ومصالحة في ظل تكرار الاخطاء السابقة وغياب المنهجيات العلمية المبنية على ضوء تجارب دولية ناجحة.

الدكتور عبد الخالق الشاهر:

تعودنا ان تكون خطاباتنا تاريخية وكذلك انجازاتنا واحلامنا بينما واقع الامر يشير الى انها غالبا ما تكون بعيدة عن صفة (التاريخية) كونها لا تحمل انعطافه في المسار التاريخي بل هي عادة ما تأتي تأكيدا لمسالكنا السابقة بصياغة جديدة وهذا ما يشمل الجميع, حكومة بعقلية معارضة ومعارضة بعقلية حكومة ونوع آخر (يضع قدما في الحكومة وقدما في المعارضة) كما نصت عليه وثيقة التسوية .

جاءت وثيقة التسوية التاريخية للتحالف الوطني دون مقدمات ودون حوارات مع الآخر في ظروف حرب الموصل التي يسميها الجميع معركة الموصل ولا ندري لماذا نختار الظروف الشاذة لطرح المسائل المهمة وتمريرها مثل اقرار الدستور وحضر البعث وتقنين الحشد الشعبي وغير ذلك الكثير بينما تكون الحرب نفسها وآثارها الانسانية بعيدة عن سلطاتنا الثلاث.

ففي الوقت الذي نقنن جيشا جديدا وهو الحشد الشعبي او نختلف عليه نجد ان الكتل لا تسأل لماذا نحن لا نمتلك مستشفى عسكري لجيشنا الاساسي بعد ان قدمت قواتنا المسلحة آلاف الشهداء والجرحى وبعد ان دخلت خزائننا كنوز الارض ولم يسأل احد لماذا لا يعود النازحين الى مناطقهم المحررة ولماذا اطفالنا من جرف الصخر لازالوا مشردين، وغير ذلك الكثير.

مع ذلك الوثيقة صدرت وسلمت لكتل اخرى من لدن بعثة الامم المتحدة ورفضت من كتل اساسية, ولكونها تمثل رؤية الكتلة الاكبر في البرلمان للمصالحة وبناء الدولة فأن محاولة دراستها وتقييمها وتقويمها بحيادية تكتسب اهمية خاصة. ستحاول الورقة المحددة بصفحات خمس القيام بهذه المهمة بما لا يضيع الهدف مما يستدعي التركيز على المسائل الاكثر اهمية وليس المهمة وبالتالي سوف لن يتم التطرق لإيجابيات وثيقة التسوية التاريخية.

* ان اثارة موضوع (تسوية تاريخية) يعني ضمنا ان هناك خلل استراتيجي في العملية السياسية مما يتطلب ان تكون الخطوة الاولى هي المصارحة (غلاسنوست) وتعني المراجعة الجدية للطريق الذي سلكناه منذ العام 2003 ومحطاته التي جعلتنا بوضع اقل ما يقال عنه انه بحاجة الى (تسوية تاريخية). الجميع يراجع كون الجميع مسؤول عن الخلل وحسب نسبة مساهمتهم في صنع القرار وبالتالي يتحمل التحالف الوطني الوزر الاكبر في هذه المراجعة، بينما نجد ان المبادرة لا تتضمن اية اشارة عن اي خطأ بدر منها او من غيرها عدا انها اسهبت وكررت في عدة مواقع من المبادرة اخطاء النظام السابق وكأنه جزءا من النظام القائم.

* تنص المبادرة على شرط (الاعتراف الرسمي والملزم لكل الاطراف بالعملية السياسية ومخرجاتها), مع العرض ان هناك اطرافا هي ليست طرفا في العملية السياسية وهي قد تكون ملزمة كافتراض جدلي بشرعية العملية السياسية ولكنها غير ملزمة بالمخرجات والتي تبدأ بالمحاصصة وتنتهي بالفساد المالي والاداري، والمنطق يقول انه اذا كانت المخرجات جيدة وتصلح قاعدة للالتزام بها من لدن الجميع فلا داعي للتسوية او الاصلاح.

* نرى ان تظمين المبادرة 14 ثابتا هو امر مبالغ فيه فالحوار سيكون صعبا او مستحيلا بوجود كل هذه الثوابت ، والتي يمكن اختصارها ب (3-4) ثوابت بل كان يمكن اختصارها بكلمتين (الالتزام بالدستور) خصوصا وأن معظمها كان عبارة عن مواد دستورية جرى تسطيرها دون مبرر.

* ان اكبر التحديات التي تواجه اي تسوية هي انعدام الثقة بين اطراف العملية السياسية وبينها وبين الاطراف الاخرى من خلال المبادرات السبع الفاشلة السابقة ومن خلال نقض التحالف لاتفاق اربيل الذي جاء بالسيد المالكي والاتفاق السياسي الاخير الذي جاء بالسيد العبادي ،وبالتالي فأن الاشارات الواردة عن عدالة التوزيع وغير ذلك من خروق للدستور لم يأت بها الحزب الشيوعي مثلا او التحالف المدني بل كتلة التحالف نفسها كونها تمثل السلطة التنفيذية (رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة) وما اكثر القوات التي ترتبط به.

وهي الكبرى في التشريعية ويمكنها تعزيزا للثقة ان تبدأ بنفسها وتقول نعم ان دولة القانون مثلا اخذت اكثر من حصتها بكثير في مواقع الدولة والقوات المسلحة من خلال خرق الدستور وخلال كذا شهر سيتم العمل على ازالة هذه الحالة وانها تمثل الجانب المدين في جوانب عدة وينبغي ايفاء الدين السابق قبل عقد صفقة اخرى مع العرض. ان هذا الدين بالنسبة لدولة القانون ينتظر السداد حتى من كتل داخل التحالف الوطني نفسه وهذا ليس بالجديد حيث سبق لمصالحة نيلسون مانديلا ان بدأت باعتراف مئات السياسيين باقتراف جرائم حرب وليس خروق دستور فقط.

* الموضوع الاكثر حساسية هو حزب البعث المحظور دستوريا وبقانونين ومسائل بقانون، وآخر وضع على الرفوف رغم ان الاتفاق كان ان يناقش بسلة واحدة كل هذا وتبقى الطائفية غير محرمة في المادة الدستورية التي حضرت البعث وغيره ولذلك لا نجد قانونا يحرم الطائفية وبالتالي سنبقى بحاجة الى تسويات تاريخية الى الابد.

وبما ان التسوية نصت على السعي لتعديل الدستور وكذلك طالبت الاطراف الاخرى فان الورقة ايضا توصي بذلك ولكن ليس على طريقة رفع المصاحف على أسنة الرماح بل بتحديد المواد التي يراد تعديلها وتسبيب التعديل وهي المواد التي تتعارض مع روح الدساتير والتي متعلقة بالحقوق والحريات ولنأخذ على سبيل المثال المادة السابعة المثيرة للجدل والخلاف وستبقى هكذا وهي المادة التي تحضر البعث ولا تحضر الطائفية كما اسلفنا، ونقول الآتي بكل شفافية وحيادية وخارج قاعدة (الخاص يقيد العام) فلا يجوز لأمر خاص ان يقيد روح الدستور نفسه (الحقوق والحريات):

آ- الدستور حضر البعث الصدامي وهو ليس جريدة كي نتفلسف في تحديد المفاهيم فاستخدام مفردة الصدامي يعني وجود بعث غير صدامي وعلى القانون التعامل مع هذا الامر بجدية خصوصا وأن البعث تأسس عندما كان الرئيس صدام حسين تلميذا في الابتدائية وأن المؤسسين كانوا مسيحيين وشيعة وسنة ودروز.

ب- حدد الدستور مفهوم البعث بأنه (الحزب الذي استولى على السلطة في العراق) فلماذا البعث السوري محظور رغم ان الدماء العراقية سالت وتسيل اليوم للدفاع عنه؟؟ بعد اصرار الحكومة العراقية نفسها في وقت سابق على احالته للقضاء الدولي بتهمة الارهاب؟؟ هل ان السياسة كما قال شاعرنا النواب (عهر فدول)؟

ج- يتعارض اجتثاث البعث مع الدستور العراقي في المواد (2،14،15،19،20،22،30،37،38،39،42،46،135)

د- مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان في المواد (1،2،3،6،11،17،18،19،21،22،23،25،27،29،30)

هـ- يتعارض مع تسعة مواد من وثيقة العهد الدولي:

* الا تكفي كل هذه المواد لاعادة النظر بالقانون وألا تكفي فترة 13 سنة من الاجتثاث والملاحقة؟؟ الا يأتي اليوم الذي نصحوا فيه ولا نسمع فقرة (الملطخة ايديهم بالدماء) وهي لا تشمل الذين تلطخت ايديهم من النظام الحالي ؟؟متى يحال الامر الى القضاء وتنتهي القصة التي اصبحت الوسيلة الوحيدة لتجميل صورة النظام الحالي.

* لا يوجد مؤمن بالديمقراطية لا يؤمن بالأغلبية السياسية ولكن كون الاحزاب المهيمنة هي احزاب اسلامية طائفية بتركيبتها الشيعية والسنية وتحالفات تلك الاحزاب جاءت طائفية ايضا عليه ينبغي القول الاغلبية المذهبية بصراحة وشفافية وهي اولى معرقلات التسوية، ويبقى الحديث عن الغاء المحاصصة هو اشبه بقصص الخيال العلمي, فكيف يسعى من جاءت به المحاصصة وتحالف على اساسها لإلغائها وهكذا هو الحديث عن الغاء التبعية، والدليل ان حتى سفير ايران السابق السيد حسن قمي بات يصرح حول خطط حرب الموصل والممرات الامنة.

والسيد رحيم صفوي يقول ان من واجبنا حماية العراق من دول الاستكبار والتحالف الوطني ساكت، وتركيا تدخل جيشها في العراق ومتحدون ساكتة والسفير السعودي يتجاوز حدوده الدبلوماسية وتحالف القوى ينحوا نفس المنحى والسؤال هو اننا لو كنا نفكر بعراقية وطنية الا نشعر بالأهانة من كل ذلك، نصرح بسهولة ودون شعور بالمهانة (لولا بقاء النظام في سوريا لسقطت بغداد), (لولا الدعم الفوري من ايران لسقطت بغداد) و(لولا الحشد الشعبي لسقطت بغداد) هل اصبح العراق بلدا آيلا للسقوط ؟؟ ولماذا اوصلتموه الى هذا الحال يا من اتبعتم الاسلام السياسي؟؟ انها المحاصصة التي لن يحلها حزب طائفي بل حزب مدني علماني عابر للطائفية ولا يدخل السياسة الى الجامع والحسينية لأن السياسة لا تتوضئ.

* كثيرة هي التشريعات التي تعيق المصالحة والاكثر منها هو خرق تلك التشريعات فمتى ما خطر ببال هيئة المسائلة امر ما اصدرت اوامرها بقطع معاش س من الناس حتى بلغت الارقام حدا غير مقبول ممن قطعت ارزاق اطفالهم خلافا لقانون المسائلة والعدالة نفسه والموضوع طويل اختصره بأنه يعد جريمة ابادة جماعية بموجب الفقرة 3 (التجويع الجماعي) من اتفاقية منع الابادة الجماعية ومحاسبة مرتكبيها الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 فكيف يمكن التصالح مع من تقطع رزق اطفاله والقانون ينص على (احالتهم الى التقاعد) وكيف يمكن التصالح مع من دمرتهم قوانين حجز الاموال (حجز الاموال المنقولة وغير المنقولة لرموز النظام السابق وزوجاتهم ووكلائهم واقاربهم) والذي لم يكلف اعضاء مجلس الحكم انفسهم في تحديد من هم الرموز ومن هم الاقارب كوننا كلنا ابناء آدم ورغم سقوط القانون دستوريا حيث نص الدستور على بطلانه.. بقى وسيبقى طالما الماضوية باقية.

* قانون مكافحة الارهاب احد معرقلات المصالحة وهو قانون كتب بيومين من لدن شخص واحد وسبق ان قيمته لجنة الارهاب في مجلس الامن بانه (وضع بطريقة تسمح للسلطة بقمع معارضيها )، وألحت على الحكومة العراقية لتعديله أما آن الاوان لأن يدخل التسوية ؟؟

* ينص الدستور على ان (العراقيون متساوون) وينبغي ان يعامل متقاعدو الجيش السابق كمتقاعدي الجيش الحالي دون تعسف في حرمانهم من حقوق كثيرة بل وحتى الحقوق المدنية للبعض منهم لدعاوى كيدية ومخبر سري, فمنهم من حرم من جواز السفر وتجديد الجنسية كالفريق نعمة فارس المحياوي الذي تهمته الانفال وهو كان رئيسا لجامعة البكر خلالها، واللواء دفاع جوي صالح المعيني المدان بقضية تجفيف الاهوار ولكونه دفاع جوي فهو لم يشاهد الاهوار خلال حياته والكثير الكثير مما يتطلب تصحيحه قبل التسوية كون التسوية لا تكون بين ظالم ومظلوم من لدن (مخرجات) العملية السياسية التي يجب على المظلوم الالتزام بها.

* هناك مفقودون لدى القوات الامنية والحشد انهم 600 رجل من اهالي كرمة الفلوجة وقسم آخر فقد في سيطرة الرزازة ، والتحقيق جار حول الموضوع ولا ندري كيف يطول كل هذه الفترة والدستور يقول (يحضر الحجز وتحال الاوراق التحقيقية للقضاء بعد 24 ساعة) نسائهم لا زلن نازحات. وآخر ما قرروا فعله هو حرق خيام النزوح فدعونا ننهي الموضوع ونرفع التهمة عن الحشد الشعبي بمناسبة صدور قانونه ولنفرح شعبنا بأن يسمع بإحالة شخص واحد للقضاء لانتهاكه حقوق الانسان، واحد فقط كعربون للتسوية.

ختاما, انصرفت ورقتنا القصيرة لأثبات فرضية مفادها ان الماضوية والاستقواء والتبعية ينبغي ان تزال من القلوب والعقول أي ان يتصالح كل منا مع نفسه اولا, ثم تأتي بعدها المصارحة والمراجعة والبدء بتصحيح الاخطاء وللكل اخطائهم بعدها نبحث عن التصالح مع الاخرين اما ما جاء في الورقة من اهداف وتوصيات فقد تبدوا بعيدة المنال وغير منطقية لكن بدونها لا يمكن الخروج من عنق الزجاجة والغاء ديمقراطية اجتثاث الآخر كي نقول انها تسوية تاريخية فعلا.

الدكتور احمد الميالي:

التسوية الوطنية غير قادرة على انقاذ العملية السياسية القائمة على المحاصصة اي بمثابة ثابت من ثوابت النظام السياسي العراقي بعد ٢٠٠٣من الممكن الاتفاق على مشروع سياسي وطني بين الاطراف الفاعلية في العملية السياسية يتم الاتفاق فيه على الثوابت الوطنية فمشروع التسوية لا ينجح الا اذا تبنى الهوية الوطنية ويكافح التطرف والتخندق الطائفي. مابعد داعش يمثل مرحلة حقيقية لإعادة صياغة هذا الاتفاق ومعالجة ثغرات النظام السياسي والدستوري والممارسة المشوهة للفعل السياسي.

الدكتور جواد البكري:

طرح زعيم التحالف الوطني العراقي، السيد عمار الحكيم، مبادرة (التسوية الوطنية)، وذلك في إطار السعي للملمة الوضع العراقي، وتحقيق المصالحة التاريخية التي يفترض أن تكون حاضرة في عراق ما بعد تنظيم داعش، وكان المجلس الاعلى الاسلامي قد طرح قبل احتلال الموصل من قبل تنظيم داعش مبادرة مشابهه بعنوان (المبادرة الوطنية للسلم الاهلي وبناء الدولة) تضمنت تسعة أبواب ( الدستور العراقي، الوحدة الوطنية، النظام السياسي، الامن ومكافحة الارهاب، بناء مؤسسات الدولة وتشريع القوانين، صلاحيات المحافظات غير المنتظمة بأقليم، السياسة الخارجية، الاماكن المقدسة، الخطاب الاعلامي) وكانت تلك المبادرة قد تضمنت فقرات تفصيلية وآليات قضائية.

وتشير بعض المصادر الى أن خلفيّة الوثيقة تعود إلى بداية تشكيل حكومة السيد حيدر العبادي في آب 2014، التي جاءت وفق اتّفاق بين القوى السياسيّة الشيعيّة والسنيّة والكرديّة، التزم من خلالها السيد العبادي بالمضي في مشروع المصالحة الوطنيّة ضمن حكومة توافقيّة تنتهج مبدأ الفيدراليّة وتوزيع الصلاحيّات والثروات في شكل عادل بين كلّ مكوّنات البلد.

ووثيقة التسوية الوطنية" لازالت مسودة أُعدت من قبل لجنة من المختصين شكلتها رئاسة التحالف الوطني لوضع بنودها، وهي تعكس رؤية وإرادة قوى التحالف الوطني لتسوية وطنية تنتج مصالحة تاريخية عراقية، وستؤدي بعثة (يونامي) دور الطرف الضامن لتنفيذ بنود هذه التسوية، عبر تجميع مقترحات كل الاطراف العراقية لصياغة ورقة نهائية تقوم على حمايتها وتنفيذها، فقد تعهدت البعثة الأُممية بالتعامل مع اي طرف يهدد او يعرقل تنفيذها، كما تعهدت بالتحشيد الدولي لصالح المبادرة، فضلاً عن تعهدها بتقديم جهة سياسية سُنية موحدة للتوقيع على الوثيقة، والحصول على موافقة دول إقليمية سُنية بشأنها.

والمرحلة الاخيرة لهذه التسوية هو ان تقوم بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق بمشورة الحكومة العراقية وممثلي التحالف الوطني وباقي الاطراف العراقية بتقديم استراتيجية تفصيلية للتسوية الوطنية التاريخية في ضوء المبادرات التي تقدّمت بها الأطراف العراقية، بما فيها إعداد خطة تفاوضية ذات سقوف زمنية محددة للدخول بمشغل تفاوضي تفصيلي لجميع المبادرات بإشراف الأمم المتحدة، ويتم التوصل الى الصيغة النهائية للتسوية وتطرحها البعثة الاممية وتكون ملزمة لجميع الأطراف العراقية ويتم إقرارها في مجلس النواب والحكومة بعد مباركة المرجعيات الدينية ودعم وضمان المنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية وفي مقدمتها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

أولاً. ردود الفعل المحلية

1. اتحاد القوى: رفض اتحاد القوى استلام مسودة التسوية التاريخية بعد اقرار مشروع قانون الحشد الشعبي، وحتى قبل ذلك ادعت قيادات فيه ان التسوية فيها شروط والتزامات يحاول التحالف الوطني فرضها على الشركاء في العملية السياسية واوضحوا لاحقا ان اقرار مشروع قانون الحشد الشعبي نسف العملية السياسية وزاد التخوف بين الشركاء، فيما عكفت الكتل السياسية المنضوية في اتحاد القوى بتاريخ 11/12/2016 في منزل رئيس الكتلة النيابية أحمد المساري بالعاصمة بغداد، لمناقشة فقرات التسوية السياسية المقدمة من قبلِ الهيئة القيادية للتحالف الوطني ورئيسه السيد عمار الحكيم، وصرح أحد اعضاء اتحاد القوى أن (المجتمعين سيطلعّون على مضمون تلك الفقرات وسيضيفون موادٍ أخرى تتلائم مع التوازن السياسي المتبع في النظام الحالي وفق الدستور العراقي).

2. دولة القانون: يتمثل موقف دولة القانون بموقفين:

- لأول هو موقف رئيس الوزراء السابق السيد نوري المالكي والذي يؤكد ان التسوية السياسية المبنية على خرق العدالة الاجتماعية ليست تسوية انما هي قنبلة موقوتة يمكن أن تعود للانفجار باي وقت ويمكن ان تعاود التدمير من جديد، وأن هناك مقدمات يجب ان تنفذ قبل التسوية السياسية أولها محاكمة الارهابيين مهما كانت صفتهم، وأن يقوم إقليم كردستان بتسليم جميع المتهمين بالإرهاب الى الحكومة المركزية، حينها يمكن التفكير بعقد تسوية سياسية وتصفير المشكلات.

- الثاني هو موقف رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي الذي جاء مخالفاً للرؤى التي طرحتها مسودة التسوية، إذ تتجه رؤيته الى ان تكون أكثر محدودية وضيق وهي الحاجة الى ما أسماها (تسوية مجتمعية في المناطق المحررة) بين العوائل التي طالها الضرر من سلوكيات داعش الاجرامية من جهة وبين العوائل التي انضم ابنائها الى هذا التنظيم.

3. التيار الصدري: رأي التيار الصدري ان مسودة التسوية فارغة المضمون وهي حبر على ورق ولا يمكن ان تحفز اتباعها للقيام بما توجبه هذه التسوية لأنها قد تؤدي الى مشاركة شخصيات متهمة بدعمها للتنظيمات الارهابية في مرحلة مابعد داعش.

4. السيد اياد علاوي: حذر من ان عدم تحقيق مصالحة حقيقية في البلد عقب الانتهاء من تحرير الموصل قد يوفر الاجواء لإعادة ظهور تنظيم القاعدة في العراق، لوجود البيئة الحاضنة التي تشكو من حالة الاقصاء والتهميش، واكد أن هناك فرصة تاريخية للعراق في مرحلة ما بعد تحرير الموصل من تنظيم داعش، وان العراق على مفترق طرق، فأما أن يخرج من هذه القوقعة ويبني مصالحة حقيقية بين المكونات تنقذ الاوضاع من الانهيار الشامل، واما ينتهي.

ثانياً. ردود الفعل الدولية

1. الجمهورية الاسلامية: اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن وثيقة التسوية السياسية التي قدمها التحالف الوطني العراقي “أمر مهم” لمستقبل العراقي السياسي، داعيا دول المنطقة إلى عدم نقل مشاكلها الى العراق.

2. المملكة العربية السعودية: هناك معلومات اشارت الى ان وزير شؤون الخليج وسفير السعودية السابق في العراق ثامر السبهان سوف يصل الى بغداد كمبعوث من العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز لمناقشة التسوية السياسية مع رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم، وسيقوم بطرح شروط بلاده والتي تتضمن إعادة حزب البعث وإطلاق سراح سجناء سعوديين والحد من التدخل الإيراني في العراق مقابل تقريب رؤية دول الخليج العربي ومجلس التعاون للموافقة على التسوية، على أن توفر السعودية الدعم المالي لهذه المبادرة.

ثالثاً. السلبيات:

1. بما أن المبادرة تم طرحها من قبل التحالف الوطني وهي الجهة التي تدير البلد، هذا البلد الذي يحقق انتصارات ظاهرة للعيان على تنظيم داعش الارهابي وفي طريقة لطرد هذا التنظيم من محافظات العراق الغربية، فيبدو أن الطرف المنتصر هو الذي قدّم المبادرة، ولكن ماهي الضمانات التي سيحصل عليها التحالف مقابل هذه المبادرة، فلم تتضمن المبادرة على أية ضمانات توضح ما الذي سيتحقق لهذا البلد بعد اقراها، فإذا ما ظل حال البلد في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والامني وتدخل دول الجوار واستمرار التفجيرات ونشاط الفكر المتطرف، فلماذا إذن هذه التنازلات؟ فعلى الرغم من ورود فقرة (وتضع جميع الأطراف العراقية أمام التزامات متبادلة وضمانات ضمن سقوف زمنية محددة تلتزم بها الأطراف) في المادة الثانية ولكنها لا تعني ضمانات لاستقرار البلد السياسي والامني، وانما ضمانات للاستمرار بالتسوية.

2. لم يرد في نص المبادرة أية اشارة الى القضاء، وكأن المبادرة هي عبارة عن عفو عام غير مشروط لادخل للقضاء بها، فالقاتل والمحرض على القتل وعضو المجاميع الارهابية هم في خانة المعفى عنهم بلا عقوبة أو جزاء أو شروط أو ضمانات تمنع عودتهم الى ممارسة النشاطات الارهابية.

3. وردت أغلب فقرات المبادرة فضفاضة، وتحمل في طياتها عبارات عامة تؤكد على السلم الاهلي والتعايش السلمي وقبول الاخر، ولكن بدون آليات دقيقة لتنفيذ كل هذه الفقرات.

4. ورد في المادة الرابعة من مسودة التسوية نص (التفاهم مع كل القوى الفاعلة في المجتمع العراقي على تنوعه سواء كانوا داخل أطر الدولة او العملية السياسية أو خارجها بما فيها الوجودات السياسية والدينية والمجتمعية والمعارضة والجماعات المسلحة ضمن سقف الدستور استثناء حزب البعث وداعش وكل كيان إرهابي وتكفيري وعنصري) فهل هناك وجود لجماعات مسلحة تعمل في العراق لا تحمل فكر تكفيري؟ فيبدو أن هناك تناقض في هذه الفقرة أو تم وضعها لجعل بعض فقرات المبادرة فضفاضة وتقبل اكثر من تفسير واحد.

5. ان فقرة (الإدانة الصريحة والواضحة لسياسات النظام البعثي الصدامي كجرائم الإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والإعدامات والاغتيالات بحق مراجع وعلماء ورجال الدين والنخب الوطنية.. الخ) هي فقرة مذكورة اصلاً في الفقرة (أولاً) من المادة (7) من الدستور العراقي.

6. في الفقرة (2) من سابعاً تذكر المسودة نص (تساعد بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق على تحديد وحسم التمثيل الرسمي لممثلي جميع المكونات والاطراف العراقية بما يرضي كافة الاطراف، وتتعامل الامم المتحدة مع الجهات المعرقلة لهذه التسوية على وفق السياقات المعمول بها أمميا) هل من الممكن ضمان حيادية الامم المتحدة، والكل يعلم أن مصداقية وحيادية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، أصبحت على المحك في إطار تأثير المال السياسي ومصالح الدول الكبرى ؟.

7. في الفقرة (5) من سابعاً نص (تطرح بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق الصيغة النهائية للتسوية الوطنية وتكون ملزمة لجميع الأطراف العراقية ويتم إقرارها في مجلس النواب والحكومة بعد مباركة المرجعيات الدينية ودعم وضمان المنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية وفي مقدمتها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وستعمل بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق على تحشيد الدعم اللازم من الدول الاقليمية المجاورة لإنجاح خطة التسوية الوطنية المتفق عليها) ماذا عن الاجندات الاقليمية المتصارعة في العراق؟ وهل يمكن ضمان اجندات بعض الدول الاقليمية كدول داعمة لوحدة واستقرار العراق، أو حتى مواقف جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي؟.

8. بما ان التسوية نصت على السعي لتعديل الدستور، فلماذا لايتم تحديد المواد التي يراد تعديلها في الدستور؟

ثانياً. الايجابيات: من أهم ايجابيات وثيقة التسوية هي الفقرات الاتية:

1. الإيمان والالتزام قولاً وفعلاً بوحدة العراق أرضاً وشعباً والحفاظ على سيادته واستقلال قراره وهويته ونظامه الديمقراطي البرلماني الفيدرالي ورفض تقسيمه تحت أي ظرف.

2. لا عودة ولا حوار ولا تسويات مع حزب البعث أو داعش أو أي كيان إرهابي او تكفيري او عنصري وتمثيل المكونات والاطراف العراقية يجب أن يخضع للقبول بالثوابت الواردة بهذه المبادرة.

3. إقرار قانون خدمة العلم الذي يعد من اهم الشعارات التي تطالب بها القوى الوطنية العراقية من أجل تقوية الوحدة الوطنية.

التحليل

• نعتقد إن الساحة السياسية العراقية اليوم مهيأة لطرح مثل هكذا تسوية أو مبادرة، لأن الجميع يبحث في مرحلة ما بعد داعش، وهي مرحلة خطرة نتيجة تصارع العديد من الاجندات الاقليمية والدولية المختلفة والمتناقضة للحصول على موطئ قدم لها في العراق ومن ثم المشاركة في رسم القرار العراقي لخدمة مصالحها.

• ان التحالف الوطني أرسل مسودة التسوية الى البعثة الاممية قبل ان يوافق عليها جميع اطرافه مما يدلل اختلاف اراء الاحزاب والكتل السياسية داخله حول مضمون المسودة.

• نعتقد أن التسوية اذا تم احكام بنودها فهي بمثابة تحقيق نصر سياسي عراقي يمثل خارطة طريق لجميع مكونات البلد، وستطرح تلك التسوية بعد انتهاء معركة تحرير الموصل واستعادتها بالكامل.

القاضي رحيم العكيلي:

عندما اضحى الدستور يقسم المجتمع العراقي الى مكونات بدل المواطنين ضاعت حقوق المواطنين وبالتالي ضاعت حقوق المكونات وسحقت احيانا من مكونات اخرى تحمل السلاح وتملك المال والقوة والنفوذ، وحينما تعامل النظام السياسي مع الناس كطوائف وقوميات واديان ضاعت بوصلة الوطن والدستور التي لا يمكن ان تضمن حقوقا للمكونات قبل ان تضمن حقوق الافراد وحرياتهم بصفتهم افراد لقد ضاعت الدولة وتاه النظام السياسي حينما ترك التعاطي مع الافراد الى التعاطي معهم كمكونات وهذا التيه لازال راسخا في ورقة التسوية التي لا زالت تتعاطى مع الدولة كمكونات متصارعة.

ان ورقة التسوية محاولة من احزاب وكتل سياسية فاشلة لكسب الوقت وخداع الناس مرة اخرى بعد ان تكشفت عورتها امام جمهورها بلصوصيتها وعمالتها واجرامها وانحرافها عن الدستور والقانون ومن الغريب ان تكون التسوية بين من يتغانمون السلطة من شيعة السلطة وسنة السلطة وكأنهم يريدون ان يقولوا اننا ممثلي هذا الشعب ونحن من نتصالح ونعقد التسويات باسمه، في حين انهم خسروا شرعية الانتخاب لو كانت لهم مثل تلك الشرعية بفشلهم في نيل شرعية الانجاز ولم يعد اي منهم يمثل المهجرين في العراء ولا الفقراء منهوبي الثروات ولا طبقات المجتمع التي اضحت ترفضهم اجمعين الا بعضا من الانتهازيين والمتزلفين للسلطة.

ولا اظن ان هذه التسوية قد تحمل بين طياتها اية تسويه مثلما لم تحمل وثيقة الشرف التي سبقتها

ذرة من شرف وثيقة التسوية لا تحمل اية ضمانات تطبيقية ولا اليات عمل واقعية، ولا اظن ان احدا قد يثق بأحزابنا وكتلنا السياسية لتطبيق اي مبدأ فيها دون ضمانات واليات تطبيق تفصيلية وشفافية كاملة بعدها مساءلة حقيقية تضمن عدم تبنى الغدر من الطرف القوي مثلما فعل مرات سابقة دون ان يحاسبه احد.

والمساءلة تقتضي تحديد جهة للرقابة قوية ومستقلة وفاعلة ( ليست من ادعائنا العام النائم) وجهة للفصل والمحاكمة (لاعلاقة لها بقضائنا المنبطح) كلجنة محكمين مستقلة من شخصيات شجاعة يضمن لها الحرية الكاملة والامان الشامل ويفضل ان تكون مقرها خارج العراق لتفصل في المنازعات حول بنود التسوية وتوقع العقوبات السياسية على من يخون ويغدر وينكل او يتجاوز ويعطل . ان تسوية بدون اليات رقابة حقيقة وبدون اليات فصل في المنازعات والمساءلة مستقلة وفاعلة لن تكون الا خدعة جديدة.

الاستاذ عدنان الصالحي:

اي كانت المسميات اعتقد بانها محاولة لأعادة الروح الى الحياة السياسية التي تعاني من امراض قاتلة كالفساد والمحاصصة والتشظي السياسي وهي لاتعدوا كونها جزء من اوراق لحملات انتخابية ستنتهي بعد انتهاء صلاحيتها وهي فترة الانتخابات. ما اثرها على الشارع العراقي فهو كاثر النمل هل الحصى فالشعب فاقد الثقة بمن في السلطة ولا اعتقد بانه سيثق بما يطرحونه.

وهنا التساؤل التسوية مع من؟ هل ارتكب الشعب جرائم وجاء السياسيون كي يكونوا حمامة السلامة للتوسط بين طوائف الشعب للمصالحة ام ان العكس هو الصحيح؟ اعتقد ان افضل مصالحة هي مصالحة الكتل السياسية مع شعبهم وطبعا القرار بيد الشعب هل سيقبل الصلح ام يقرر الاقتصاص ممن دمر البلاد والعباد.

المحلل السياسي علاء النشوع:

اود ان اوضح نقطه مهمه غابت عن القيادة العسكرية في الموصل وقد اوضحتها في كافة اللقاءات على القنوات الفضائية وهي ان القيادة العسكرية في الميدان مازالت تستخدم الحرب التقليدية في كل صفحات القتال التي بنيت على اساس الهجوم المباشر والاحاطة السوقية لمحاور القتال وبنظري ان هذه الخطط تعتبر غير فعاله في حسم المعركة باقل وقت واقل خسائر في صفوف الجيش والمدنيين لان داعش يمتلك المباغتة السوقية والعمل التعرضي والهجوم الاجهاضي.

فعليه ان تستخدم الحرب الحديثة التي تعتمد على الضربة الاستباقية والصدمة المباشرة وذلك بضرب دفاعات داعش بالعمق وليس في الجوانب اي القيام بعمليات انزال في مناطق منتخبة وبعدها يتم تطوير المحاور لتخلل الخطوط الدفاعية في العمق.

اذا بقت الخطط على ما عليه الأن فان المعركة ستطول وستحتاج الى ادامة الزخم الهجومي يوميا لأنه يوثر على المعنويات بالاضافة الى الخسائر المادية والمعنوية وعليه فان الحسم السريع بخطط جديده تعطي الكثير من المعطيات القتالية في تحرير الموصل.

الخبير القانوني امير الدعمي:

متى ما تمت في داخل العراق بعيداً عن المطابخ الاجنبية العربية منها او غيرها فأنها ستكون ايجابية لكن طالما حملت الى هذه الدولة في الغرب او تلك الدولة في الشرق فأنها ستكون كما سابقاتها حبراً على ورق ووثيقة مكة خير دليل رغم توقيعها في اطهر بقعة.

ثم ان التسوية مع من والى من اعتقد ان السياسيين اغلبهم وليس الكل وخصوصاً رؤساء الكتل هم من يحتاجوها وليس للشعب فيها ناقة او جمل فهم متى ما اتفقوا على مصالحهم الشخصية والحزبية فأن التسويات لا حاجة لها واختلافاتهم الفئوية هي من تولد هذه التسويات وليس الهدف منها مصلحة الشعب خصوصاً وان كلاً يغرد بما يراه مناسب لحزبه فيجلس مع هذا ويبعد ذاك ثم اين هي المصالحة الوطنية التي وئدت قبل ان ترى النور لتظل شعار على السن السياسيين يتغنون به ليقيموا الولائم ويملئوا الجيوب لاغير.

اعتقد ان طرح المبادرات والتسويات بين فترة واخرى هو كمن يدور في حلقة فارغة جميع المبادرات ومن ضمنها هذه التسوية هدفها سياسي بين الاحزاب لم تكن يوماً للشعب لان الحقيقة هي ان الشعب بعيداً عن اهداف الاحزاب ومصالحهم التي متى ما تضاربت مصالح احزابهم انعكست على واقع الشارع خصوصاً وان جميعها تطبخ في دول الشرق والغرب اما هدفها الرئيسي هو تقاسم السلطة والمال والمصالح وليس للشعب فيها لا ناقة ولا جمل.

الناشط المدني عباس العطار:

التسوية بالمفهوم العام لها معان عدة فهي تبرز بصورة جلية في الصراعات العشائرية إزاء أي مشكلة تنتج عداء من طرف على آخر وتعدي على حقوقه وكرامته وتجسدت اغلب هذه التسويات في العرف العشائري في جرائم القتل والاغتصاب والسرقة والخيانة وجرائم أخرى يندى لها جبين الإنسانية ومعظم هذه الجرائم سببها هو اعتماد التسويات بالفصل العشائري وكانت باب للفلتان من العقوبات القانونية وقد احدثت أضرار كبيرة وآثار مجتمعية لسنا بصدد ذكرها في المقام. وتجسد مفهوم التسوية أيضا في العرف العسكري او القانون العسكري وضوابطه حيث تم إخفاء الكثير من الجرائم العسكرية التي تعاقب عليها الانظمة والضوابط والتعليمات العسكرية تحت هذا العنوان والامثلة كثيرة أيضا.

وهنا نشير إلى خطورة التسوية المطروحة اذا اعتمدت نفس الآليات أعلاه كمفهوم وسياق واصبحت عرفا يخترق القوانين الاجتماعية وينتهك حقوق الإنسان ويستهين بالكرامات المتأصلة وحرية المواطن في الرأي والمشاركة في صناعة السلم وترتيب وطنه. ان ما يطرح من مبادرة للتسوية يشوبه الكثير من التساؤلات والشبهات والغموض لا من حيث المضمون فقط انما من حيث موت الثقة في وجدان الجمهور العراقي بمختلف طبقاته .

فلا بد اولا لأصحاب المبادرة مشاركة المجتمع عبر حوارات مجتمعية لقادة الرأي وكل المعنيين والطبقات المستهدفة ومنظمات المجتمع المدني والأكاديميين والقيام بقياس الرأي العام عبر استطلاعات تعد من قبل خبراء متخصصين للتعرف على التصورات الذهنية للمواطن العراقي واتجاهات تفكيره ازاء هذه القضية وهذه الآلية تعمل على كسب الثقة وتعزيز الشراكة بين المواطن والحكومة.

والسؤال الذي يطرح الآن, هو التسوية مع من؟ ولأي سبب؟ ولماذا حدث الصراع؟ ومن السبب في زرع الفتنة وتأجيج الاقتتال؟ والأهم سؤالا:- هل هناك تسوية مجتمعية؟ ام سياسية؟ فاذا كانت مجتمعية لماذا حدثت؟ ومن هي المجتمعات المتصارعة؟ ولماذا تتصارع؟ ولماذا حدثت هذه الصراعات وهناك دولة ومؤسسات وقوانين ودستور واجهزة امنية كثيرة؟ ومن هو المسؤول عن الصراع؟ ومن المسؤول عن إيقافه؟ ولماذا لم يسيطر على المشهد؟

وان كانت سياسية فلا معنى لها حيث انهم متساوون في الحصص والامتيازات ومتصالحون في الخفاء إلا امام المشهد العراقي العلني. قبل الإجابة على هذه التساؤلات لا يمكن ان نعتمد على تنبؤات وتحليلات تترجم الغايات وتتعرف على مستقبل المبادرة لان السياسة متحركة حسب متطلبات المراحل.

اضف تعليق