المشهد السياسي في ايران وتصاعد وتيرة الخلافات والمنافسة بين المحافظين والإصلاحيين، اصبحت من اهم الامور التي حظيت باهتمام خاص من قبل اطراف وجهات عديدة كما يرى بعض الخبراء، الذين اكدوا على التطورات الاخيرة التي شهدتها ايران والنجاح المهم الذي حققه الرئيس الايراني حسن روحاني، فيما يخص رفع العقوبات الدولية وتحسن العلاقات مع العالم الخارجي، ربما لن تغير واقع وسياسة ايران الداخلية والخارجية، بسبب سيطرة المحافظين والمؤسسات الأمنية والجيش لاسيما الحرس الثوري.
فمنذ ان تمكنت إدارة الرئيس الحالي حسن روحاني من التوصل إلى الاتفاق النووي مع القوى الغربية، يحاول المتشددون الذين يسيطرون على مؤسسة الحكم داخل طهران تقليل آثار هذا الاتفاق خوفا من الانفتاح على العالم، وهناك محاولة للحد من نطاق إعادة انخراط إيران في المجتمع الدولي.
وترصد الظواهر السياسية الهوة بين المحافظين البراغماتيين (الإصلاحيين) مثل روحاني والمحافظين المتشددين، إذ يدرك الجناح اليميني الإيراني الديني والسياسي أن الاتفاق النووي يمثل تهديداً غير مسبوقا لمصالحه الأيديولوجية والمادية، وفي ما يخص الشأن الداخلي في ايران وللمرة الاولى في تاريخ مجلس الشورى في الجمهورية الاسلامية في ايران، سيكون عدد رجال الدين اقل من النساء، اي 16 مقابل 17 من اصل 290 نائبا، وفق ما افادت وسائل اعلام ايرانية.
وكان عدد رجال الدين في مجلس الشورى المنتهية ولايته 27 مقابل 9 نساء من التيار المحافظ. ويضم مجلس الشورى الجديد، 17 امرأة بينهن 15 من الاصلاحيين والمعتدلين، وهو العدد الاكبر للنساء في المجلس منذ الثورة الاسلامية في عام 1979. وكان من الممكن ان يصل عدد النساء الى 18، لكن انتخاب المرشحة الاصلاحية من الدورة الاولى في اصفهان (وسط) تم ابطاله، وستكون هناك عملية اقتراع جديدة في تاريخ محدد. وفي المجلسين اللذين انتخبا بعد عام 1979، كان لرجال الدين تأثير كبير، فهم كانوا يشغلون اكثر من نصف المقاعد، مع 164 مقعدا في المجلس الاول و153 في المجلس الثاني، بحسب موقع "irneda.ir" التابع لحزب "نداي ايرانيان" الاصلاحي.
واوضح الموقع انه "مع انطلاق الثورة اتخذ العديد من رجال الدين مناصب في الحكومة والنظام، ودخل بعضهم الى البرلمان". والجديد ايضا في مجلس الشورى المنتخب حديثا، هو انه ليس هناك شخصية بارزة بين رجال الدين المنتخبين، خلافا لما كان عليه الحال في السابق. فالرئيس الحالي حسن روحاني، والرئيس السابق اكبر هاشمي رفسنجاني والرئيس الاصلاحي السابق محمد خاتمي، جميعهم كانوا نوابا. يشار الى ان غالبية رجال الدين المنتخبين في البرلمان الجديد محافظون، لكن ما لا يقل عن ثلاثة منهم اصلاحيون.
وبين نحو 30 نائبا منتخبا في العاصمة طهران، جميعهم اصلاحيون او معتدلون، ليس هناك سوى رجل دين واحد مقابل ثماني نساء. واذا كان عدد رجال الدين قد انخفض في البرلمان، الا انهم لا يزالون يحتلون مناصب رئيسية في النظام، والرئيس روحاني احدهم. وهناك ايضا رجل دين رئيسا لمجلس صيانة الدستور، المكون من عدد متساوي من رجال الدين والقانونيين، ويلعب دورا اساسيا في الحياة السياسية الايرانية.
حملة الإصلاح
في السياق ذاته يعود البرلمان الإيراني للانعقاد في أواخر مايو أيار في دورة يحمل فيها عشرات من النواب الجدد مفتاح التعجيل بالإصلاحات الرامية لزيادة الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التجارة لكن من الصعب التنبؤ بما إذا كان هؤلاء النواب سيصبحون سبب نجاحها أم فشلها، ويحل مجلس النواب الجديد الذي انتخب في فبراير شباط والمكون من 290 مقعدا محل المجلس الذي كان يهيمن عليه المتشددون ويشعر بالارتياب في سياسة المهادنة مع الغرب وكان يقيد خطط الرئيس الإصلاحي حسن روحاني لتحرير الاقتصاد ورفع مستوى الإنتاجية.
وقد عزز المرشحون المؤيدون لروحاني تمثيلهم في المجلس وأصبح 60 في المئة من أعضائه نوابا جددا. ومع ذلك تشير تقديرات مستقلة إلى أن هذا سيكون أول برلمان منذ أكثر من 20 عاما دون أغلبية سواء من المحافظين أو الإصلاحيين وربما تتبدل ولاءات ممثلي الشعب الجدد بين الفصائل المتعددة في إيران. وقالت جميلة قاضيوار النائبة الإصلاحية السابقة التي تعيش الآن في لندن "من ناحية هذه علامة ايجابية ... إمكانية وصول قوى جديدة للبرلمان واكتساب أشخاص جدد خبرة في التشريع.
"ومن ناحية أخرى ... فإلى أن يتمكن النواب الجدد من اكتساب الخبرة اللازمة يمكن أن تتفوق مؤسسات أخرى من مؤسسات الدولة في المناورة على البرلمان أو يصبح هؤلاء النواب عرضة للتأثر بالنفوذ الخارجي. والصورة ليست واضحة حتى داخل المجلس نفسه. فالانتماءات الحزبية في إيران ليست جامدة وقد أيد المعسكران بعض المرشحين في الانتخابات في حين أن التربيطات قبل افتتاح البرلمان في 27 مايو أيار قد تؤدي إلى انحياز نواب مستقلين إلى جانب أو الآخر.
وسيمثل التنافس على اختيار رئيس للمجلس اختبارا مبكرا إذ أن هذه إحدى المهام الأولى للبرلمان. فإذا استطاع الإصلاحي المخضرم محمد رضا عارف إزاحة الرئيس الحالي علي لاريجاني المحافظ الذي يتمتع بتأييد عريض فقد يؤذن ذلك بأن يكون المجلس أكثر تأييدا لروحاني بما يعمل على دفع سياساته.
ويتعرض روحاني الذي يمثل تيار الوسط لضغوط لخلق وظائف ودعم القطاع الخاص وتقليل الفساد وجعل الاقتصاد المتعثر أكثر إغراء للمستثمرين الأجانب وذلك لعوامل ليس أقلها ما إذا كان يأمل في خوض انتخابات الرئاسة التي تجري في يونيو حزيران عام 2017. ويشعر المعسكران الإصلاحي والمحافظ بالقلق خشية أن تفتقر الوجوه الجديدة للفاعلية التي تتيح لها دفع إصلاحات روحاني للأمام أو سد الطريق أمامها وللخبرة اللازمة للحفاظ على الوحدة في مواجهة الانتكاسات.
ويبدو أن الروح المعنوية أعلى بين الإصلاحيين وذلك رغم أن أحزابهم الرئيسية مازالت محظورة بعد انتفاضة عام 2009 ووجود شخصيات بارزة كثيرة في السجن أو رهن الإقامة الجبرية. وكان مجلس صيانة الدستور وهو هيئة دينية غير منتخبة مكونة من 12 عضوا قد منع كل الشخصيات الإصلاحية المعروفة تقريبا من خوض الانتخابات. ثم التف أنصارهم حول مجموعة من المرشحين المغمورين الذين عرفوا باسم قائمة الأمل.
ووحد أعضاء قائمة الأمل صفوفهم خلال حملة الدعاية الانتخابية. وبفضل دعم حليفي روحاني المعتدلين الرئيسين السابقين أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي استطاع مرشحو القائمة إنهاء سيطرة المحافظين على البرلمان على مدى عشر سنوات وذلك من خلال الإطاحة بكثير من المتشددين. لكن ما من ضمان أن يتمكن الإصلاحيون من الحفاظ على هذا التناغم في الأداء ويتشكك بعض المحللين أن يتمكن النواب الجدد من تحدي المؤسسة الدينية التي تتمتع بنفوذ كبير.
وروحاني ليس حرا في توجيه السياسة الاقتصادية إذ أن مجلس صيانة الدستور يراجع كل القوانين كما أن الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي له الكلمة الأخيرة في المسائل المهمة في الدولة وسبق أن أصدر مراسيم أغلق بها باب مناقشات برلمانية. ويعتقد أحمد سلاماتيان النائب السابق الذي يعيش في باريس أن قائمة الأمل قد تتفكك بسرعة إذا فقدت زخمها تحت مثل هذه الضغوط وذلك لأن ما يوحدها هو الدعم الشعبي فقط.
ويقول "أعضاء قائمة الأمل ... يمكنهم البقاء متحدين في البرلمان الجديد إذا أمكنهم الحفاظ على التأييد الشعبي بتنفيذ إصلاحات اقتصادية ملموسة خاصة فيما يتعلق بإيجاد الوظائف." وعلى النقيض يعاني المحافظون من كثرة الأحزاب. ولم يستطيعوا توحيد صفوفهم خلال الحملة الانتخابية ومازالت معنوياتهم متأثرة سلبا بعد اللطمة القوية التي تلقوها في الانتخابات التي فقدوا فيها كل مقاعد العاصمة طهران وعددها 30 مقعدا. بحسب رويتر.
وعلى أي حال فبدون الأغلبية ستضطر حكومة روحاني إلى اختيار معاركها. ويقول محللون إن من المرجح أن يركز الرئيس على دفع الإصلاحات الاقتصادية بدلا من التحرر الاجتماعي. وقد يؤدي ذلك إلى مجموعة جديدة من المشاكل لتخلق مشاعر إحباط لدى ملايين الشباب والإيرانيين المتعلمين الذين صوتوا لروحاني في انتخابات الرئاسة عام 2013 أملا في مزيد من الحريات السياسية والاجتماعية. ومن بين كل الوجوه الجديدة تبلغ أعمار 12 في المئة من النواب الجدد 40 عاما أو أقل وفقا لبيانات وزارة الداخلية في حين أن 60 في المئة تقريبا من الإيرانيين دون سن الثلاثين. ورغم انتخاب عدد قياسي من النساء لعضوية البرلمان فمازلن يمثلن ستة في المئة فقط من إجمالي الأعضاء في حين أنهن يمثلن نحو 60 في المئة من مجموع الطلبة في الجامعات.
7 الاف مخبر
الى جانب ذلك بدأ حوالى سبعة الاف مخبر باللباس المدني بين رجال ونساء، القيام بدوريات في شوارع طهران لمحاربة "المنكر" خصوصا عدم ارتداء الحجاب حسب الأصول او مضايقة النساء، حسب ما اعلن قائد الشرطة في العاصمة الايرانية. وقال الجنرال محسن ساجيدينيا لوكالة انباء ميزان التابعة للسلطة القضائية في ايران ان "الدوريات باللباس المدني بدأت اعمالها في كل المدينة".
واضاف ان مهمة هذه الدوريات هي مراقبة "سوء ارتداء الحجاب والاصوات الصاخبة ومضايقة النساء وعدم احترام ارتداء الحجاب في السيارات". واوضح مع ذلك انه لا يحق لهؤلاء المخبرين التحرك من تلقاء انفسهم بل عليهم رفع تقرير بهذه الحالات الى الشرطة.
وفي وقت سابق اعلنت الشرطة ان السيارات التي تقودها نساء او يتواجد فيها نساء غير محجبات او لا ترتدين الحجاب حسب الاصول ستحتجز لمدة اسبوع. ومنذ الثورة الاسلامية في العام 1979، اصبح ارتداء الحجاب الزاميا في ايران ان للايرانيات او للاجنبيات بغض النظر عن الديانة. لكن خلال السنوات الماضية، حدث بعض التراخي في التزام النساء بالزي الرسمي. وتزايدت في شوارع العاصمة والمدن الكبرى في المحافظات رؤية نساء يقدن السيارات وقد سقط الحجاب على اكتافهن. كما تشاهد ايضا نساء شعرهن غير مغطى بشكل كامل ويرتدين ثيابا ضيقة. بحسب فرانس برس.
كما شددت الشرطة ايضا الاجراءات ضد السائقين الخطرين او الذين يشربون الخمر او يتعاطون المخدرات. كما اعلنت عن نظام جديد يسمح "للاشخاص الموثوق بهم" ابلاغ الشرطة عن هذه الجنح. وقد يكون هؤلاء الاشخاص من "المسؤولين في الادارة او في القوات المسلحة او ايضا رجال شرطة بلباس مدني". ويدعو الرئيس حسن روحاني وهو رجل دين معتدل انتخب في حزيران/يونيو 2013 الى مزيد من الانفتاح السياسي والاجتماعي خصوصا في ما يتعلق باحترام ارتداء الملابس.
الجنسية الايرانية
على صعيد متصل اقرت ايران قانونا يسمح للحكومة بمنح الجنسية لعائلات الاجانب الذين قضوا خلال قتالهم لصالح الجمهورية الاسلامية، وفق ما ذكرت وكالة الانباء الرسمية. واوضحت الوكالة ان "مجلس الشورى الاسلامي صادق على مشروع قرار يسمح للحكومة الايرانية بمنح الجنسية لزوجة وابناء ووالدي الشهداء غير الايرانيين الذين استشهدوا خلال الحرب التي فرضها نظام صدام ضد الجمهورية الاسلامية".
واضافت ان "القرار يشمل ايضا الشهداء الذين استشهدوا بعد الحرب العراقية الايرانية الذين كلفتهم المؤسسات المسؤولة تنفيذ مهمات معينة". ويتعين على الحكومة ان تمنح هؤلاء الجنسية في غضون عام من تقديم طلب للحصول عليها. وتنتهي ولاية مجلس الشورى الذي يهيمن عليه المحافظون اواخر ايار/مايو. ولا توجد ارقام متوافرة عن عدد الاجانب الذين قتلوا خلال الحرب الايرانية العراقية، لكن افغانا ومجموعة من العراقيين قاتلوا الى جانب القوات الايرانية ضد نظام صدام حسين.
ويمكن ان يسري هذا القانون على "المتطوعين" الافغان والباكستانيين الذين يقاتلون في سوريا والعراق ضد الجهاديين مثل تنظيم داعش وجبهة النصرة. وايران من ابرز المؤيدين للرئيس السوري بشار الاسد، وتقدم الدعم المالي والعسكري لنظامه. وتقول طهران ان المجندين الافغان في لواء الفاطميين تطوعوا دفاعا عن الاضرحة المقدسة لدى الشيعة في سوريا والعراق ضد المتطرفين السنة مثل تنظيم داعش. بحسب فرانس برس.
وتنفي الجمهورية الاسلامية نشر اي جنود على الارض وتصر على ان القادة العسكريين والجنرالات التابعين لها في سوريا والعراق يعملون بصفة "مستشارين عسكريين". وتنشر وسائل الاعلام الايرانية بانتظام تقارير عن مقتل متطوعين افغان وباكستانيين في سوريا والعراق تدفن جثثهم في ايران. ويعيش اكثر من ثلاثة ملايين افغاني في ايران، بينهم مليون بصفة مهاجرين شرعيين.
اضف تعليق