احتفالات اعياد الميلاد هذا العام وفي ظل تفاقم الصراعات والازمات العالمية المختلفة، اختلفت كثيرا عن احتفالات الاعوام السابقة، حيث يرى بعض المراقبين ان التهديدات المستمرة والعمليات الارهابية التي تقوم بها بعض التنظيمات والجماعات المتطرفة ومنها تنظيم داعش الارهابي في مختلف دول العالم، اسهمت وبشكل واضح في تغير اجواء الاحتفال بهذه المناسبة، خصوصا وان العديد من الدول قد عمدت الى تكثيف اجراءاتها الامنية لتأمين الكنائس والميادين العامة تحسبا لاي طارئ. يضاف الى ذلك قضية النزوح والهجرة ومعاناة العوائل المسيحية التي اجبرت على ترك ديارها بسبب العنف وقيام حكومات بعض الدول ممن تعاني من مشكلات امنية بمنع احتفالات اعياد الميلاد لاسباب مختلفة.
ويعد عيد الميلاد وكما تنقل بعض المصادر ثاني أهم الأعياد المسيحية على الإطلاق بعد عيد القيامة، ويُمثل تذكار ميلاد يسوع المسيح وذلك بدءًا من ليلة 24 ديسمبر ونهار 25 ديسمبر في التقويمين الغريغوري واليولياني غير أنه وبنتيجة اختلاف التقويمين ثلاث عشر يومًا يقع العيد لدى الكنائس التي تتبع التقويم اليولياني عشية 6 يناير ونهار 7 يناير. ورغم أن الكتاب المقدس لا يذكر تاريخ أو موعد ميلاد يسوع فإن آباء الكنيسة قد حددوا ومنذ مجمع نيقية عام 325 الموعد بهذا التاريخ، كذلك فقد درج التقليد الكنسي على اعتباره في منتصف الليل، ويترافق عيد الميلاد باحتفالات دينية وصلوات خاصة للمناسبة، واجتماعات عائلية واحتفالات اجتماعية أبرزها وضع شجرة الميلاد وتبادل الهدايا واستقبال بابا نويل وتناول عشاء الميلاد، علمًا أن أعدادًا كبيرة من غير المسيحيين تحتفل بالعيد أيضًا، وهو عطلة رسمية في أغلب دول العالم وفي الوطن العربي يعتبر عطلة في سوريا ولبنان ومصر والأردن وفلسطين ولأبناء الطائفة في العراق كذلك.
تعزيزات أمنية غير مسبوقة
في هذا الشأن احتفل الكاثوليك في دول العالم بعيد الميلاد وسط إجراءات أمنية مشددة، بسبب تصاعد المخاوف من التهديدات الجهادية. ودعا البابا فرنسيس بكنيسة القديس بطرس في الفاتيكان للعودة إلى "القيم الجوهرية للحياة" والتحلي "بالبساطة". في حين شارك الرئيس الفلسطيني محمود عباس في قداس منتصف الليل بكنيسة المهد في بيت لحم التي أطفأت أنوارها لدقائق ترحما على ضحايا الإرهاب.
وقال البابا أمام آلاف المؤمنين في كنيسة القديس بطرس "في مجتمع شديد التعلق بالاستهلاك والمتعة والرخاء والفخامة وبالمظاهر والنرجسية، فإن الله يدعونا إلى التحلي بالسلوك البسيط المعتدل والمتناسق والقادر على إدراك ما هو أساسي وعيشه". وأضاف "في عالم كثيرا ما يكون قاسيا مع الآثم ورخوا مع الإثم، يجب العمل على تنمية الحس بالعدالة". وبدا البابا (79 عاما) متعبا وشاحبا وكان يتحدث بصوت خافت بعد أن أصيب بانفلونزا رفعت حرارة جسمه لعدة أيام.
وفي نهاية الموكب رافق 16 طفلا من الدول التي زارها البابا هذا العام وبيدهم باقات ورود البابا وهو يحمل تمثال يسوع لوضعه في معلف أقيم في كنيسة القديس بطرس. ولم يحضر الزوار بأعداد كبيرة إلى ساحة القديس بطرس نهارا خشية حدوث عمل إرهابي. وانتشر جنود وشرطة وعناصر درك في كامل الحي المحيط بالفاتيكان.
ويأتي الاحتفال بهذه المناسبة المسيحية في ظرف دولي متوتر خصوصا بسبب تهديدات جهادية. وقبل ذلك بدأ المسيحيون الاحتفال بعيد الميلاد في بيت لحم مع وصول موكب بطريرك اللاتين قبل قداس منتصف الليل التقليدي، على خلفية أعمال عنف دامية بين الفلسطينيين والإسرائيليين شهدت تصعيدا في الأشهر الثلاثة الأخيرة. وفي يوم الاحتفالات التي بلغت أوجها مساء في كنيسة المهد التي أقيمت في مكان ولادة المسيح بحسب التقليد المسيحي، قتل أربعة فلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة برصاص قوات إسرائيلية.
وتطرق بطريك القدس للاتين فؤاد طوال في قداس حضره الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى الوضع في المنطقة. وقال "إننا نفكر في تلك المنازل المهدمة في القدس وفلسطين والأراضي المصادرة والأهالي الذين تطالهم عقوبة جماعية" في الوقت الذي استأنفت فيه سلطات إسرائيل هدم منازل الفلسطينيين المتهمين بشن هجمات على إسرائيليين. وأضاف طوال "نحن نفكر في كافة ضحايا الإرهاب في كل مكان ومن أي شعب كان".
ودقت الأجراس في كنيسة المهد وأطفئت الأنوار لدقائق ترحما على ضحايا الإرهاب. وأعلن طوال أن قداس الميلاد هذا العام في بيت لحم مخصص لـ"ضحايا العنف والإرهاب" الناتج عن "إيديولوجية الموت التي يغذيها التشدد الديني التكفيري الذي يثير الرعب". وفي دول كثيرة خبا الاحتفال بالميلاد بعض الشيء أمام أعمال العنف والانتهاكات التي يرتكبها جهاديون. ففي سوريا استعد مسيحيو القرى التي يهددها تنظيم "داعش" وسط القلق لإحياء احتفالات الميلاد.
وأعرب ممثل البابا في دمشق ماريو زيناري في تصريحات لإذاعة الفاتيكان عن الأمل في أن يكون هذا الميلاد الرابع وسط حالة الحرب في البلاد الأخير وقال "نريد أن نبدي الأمل في أن تزهر هذه البراعم التي ظهرت (خصوصا خارطة الطريق التي دعمها مجلس الأمن الدولي) وأن تغطي في العام المقبل أغصان الزيتون كافة المعالف في سوريا". وفي العراق التي يسيطر تنظيم "داعش" على مناطق واسعة من أراضيه تراجع عدد أفراد الطائفة المسيحية في السنوات العشر الأخيرة ولا يبدو أن هناك مكان للفرح.
وفي الصومال حيث الأكثرية مسلمة ذهبت الحكومة إلى حد منع الاحتفالات بالميلاد ورأس السنة لأنها قد تشكل أهدافا لهجمات حركة "الشباب الإسلامية" بحسبها. في فرنسا التي شهدت هجمات تبناها التنظيم الجهادي المتشدد قتل فيها 130 شخصا في الشهر الفائت تقرر تعزيز الإجراءات الأمنية على مداخل الكنائس استباقا لقداس الميلاد. ونشر جنود أمام الكناس والمتاجر الكبرى التي تدنى عدد زبائنها خلال كانون الأول/ديسمبر من الفرنسيين والأجانب في حين يأمل قطاع السياحة أن تشجع التدابير الأمنية السياح على العودة إلى باريس مع تسجيل تراجع في عدد الصينيين على سبيل المثال بثلاثين بالمئة واليابانيين بثمانين بالمئة. بحسب فرانس برس.
في إشارة إلى "تهديدات محتملة ضد الغربيين" طلبت سفارتا الولايات المتحدة وبريطانيا في بكين من رعاياهما تجنب زيارة حي يشهد الاحتفالات في العاصمة في أعياد الميلاد، وهي تحذيرات غير معهودة في المدينة الضخمة. أما المهاجرون المتجهون إلى أوروبا فيمضون الميلاد في عوز وخوف. وتمت نجدة 370 منهم في البحر المتوسط. وفي تشرين الثاني/نوفمبر ندد البابا مع اقتراب عيد الميلاد بعالم "لم يسلك طريق السلام". وأضاف "سنرى الأنوار والاحتفالات والأشجار مضاءة (...) لكن كل هذا ادعاء! فالعالم يواصل خوض الحرب".
دعوى قضائية
الى جانب ذلك وفي ديسمبر كانون الأول من كل عام تتحول الأجواء في منزل كاثي ومارك هايات إلى أجواء أشبه بالكرنفالات حيث تتلألأ أنوار 200 ألف مصباح ويزين المنزل بابا نويل وحيوانات الرنة وتغطي الحلوى والثلوج المكان ويرفع الزوجان لافتة على مرأب منزلهما مكتوب عليها "فلنؤمن بسحر عيد الميلاد".. لكن رد فعل بعض جيرانهم ومدينتهم قد يكون مختلفا.. وقال رافاييل إيمبرت (56 عاما) وهو أحد جيرانهما الذي يقيم سياجا من البلاستيك حول منزله لابعاد الآلاف ممن يقفون لاختلاس النظر على الأضواء قبالة حديقته "هذه أشبه بمنطقة حرب وكل ذلك بسبب أنانية هذا الرجل". ويواجه الزوجان هايات الآن دعوى قضائية أقامها مجلس مدينة بلانتيشن لاطفاء الأنوار وإزالة الزينات التي يعتبرها المجلس مصدر إزعاج عام إلا أن الزوجين أوضحا أنهما لن يتراجعا.
ويقول مارك هايات وهو سمسار ووالد لابنين إنه ورث هذا التقليد من والديه الكاثوليكيين. ويضيف أن أسرته تبدأ في الاعداد لعرض "هايات لعيد الميلاد" في يوليو تموز وتبدأ في وضع الزينة في أكتوبر تشرين الأول وتركيب الأضواء بعد يوم من عيد الشكر. وفي مطلع كل أسبوع خلال شهر ديسمبر تستقبل الأسرة الزوار داخل بوابات منزلها حتى يتمكنوا من مشاهدة مجموعتها وبينها عجلة ملاهي دوارة صغيرة بناها هايات بنفسه.
وقال "لدي ابنان يحضران إلى هنا الآن مع أبنائهما وهو أروع شيء." ولكن جيرانه غير سعداء ويقولون إن غرباء يقرعون على أبواب منازلهم لطلب دخول دورة المياه ويسيرون في ممتلكاتهم لمشاهدة العرض ويلقون بالقمامة في الشارع. إلا أن هايات يقول إن كل هذه الروايات غير حقيقية أو مبالغ فيها. وقال بعض السكان إنهم اضطروا إلى ترك منازلهم عندما زادت الحشود بشكل غير محتمل. بحسب رويترز.
وقال مجلس مدينة بلانتيشن إنه أقام دعوى عام 2014 ضد أسرة هايات على أساس أن الأجواء أشبه "بأجواء الكرنفالات" وهو أمر يتنافى مع الحي السكني وتحددت جلسة للنظر في الدعوى في ابريل نيسان. ورفض متحدث باسم المجلس التعليق لكن الزوار الحاليين لمنزل الأسرة سعداء لأن الأضواء ما زالت تتلألأ.
حركة السياحية
على صعيد متصل يقف المرشد السياحي سامي عبد الله على مدخل كنيسة بيت لحم لعله يظفر بوفد سياحي يقدم له شرحا عن تاريخ الكنيسة التي شهدت مولد السيد المسيح لكن دون جدوى. وقال عبد الله فيما كان يقف في ساحة الكنيسة التي تزينها شجرة عيد الميلاد على ارتفاع عدة أمتار "الوضع صعب جدا. أعداد السياح محدودة جدا."
وأضاف "هناك الكثير من العوامل التي أدت الى هذا الوضع ومنها الأوضاع الأمنية هنا وما تشهده المدينة من أحداث وتظاهرات إضافة إلى أن السياحة الروسية التي كانت تنعش المدينة في مثل الوقت تكاد تكون معدومة بعد حادث سقوط الطائرة" في إشارة إلى الطائرة الروسية التي سقطت في مصر في أواخر اكتوبر تشرين الأول. وأوضح عبد الله أن السياح الروس كان يزورون المنطقة خلال تواجدهم في طابا او شرم الشيخ في مصر أو في تركيا إلا أنهم لم يأتوا هذا العام."
وبدت ساحة الكنيسة خالية إلا من بعض الزوار وعدد منهم من السكان المحليين الذي يلتقطون صورا تذكارية مع شجرة عيد الميلاد فيما كان يدخل عدد من الاجانب الى الكنيسة لمشاهدة معالمها. وتجري في الكنيسة أعمال ترميم وكتب على مدخلها أنه سيتم الانتهاء منها قبل نهاية العام القادم.
وتأتي احتفالات هذا العام في وضع تشهد فيه الأراضي الفلسطينية مواجهات متواصلة للشهر الثالث على التوالي مع القوات إلاسرائيلية. ودعا البطريرك فؤاد طوال بطريرك اللاتين في رسالته بمناسبة الاحتفالات بعيد الميلاد "الحجاج لزيارة الأراضي المقدسة" مضيفا "ستكون إقامتهم آمنة بالرغم من الأوضاع المتوترة في هذه الأرض فهم موضع احترام وتقدير من قبل الجميع."
وقال شرطي يعمل على تسجيل الوفود التي تدخل إلى الكنيسة ان الأعداد قليلة مقارنة مع العام الماضي في مثل هذا الوقت. وأضاف أنه في هذه الايام قد يصل عدد الحافلات التي تقل سياحا إلى الكنيسة الى ثلاثين في أفضل الأحوال رغم أن هذا العدد كان يصل في السابق إلى مئة حافلة في مثل هذا الوقت من العام.
ويرى البطريرك طوال أن الوضع السياسي الحالي "يحتم علينا أن نخفض وتيرة الاحتفالات الخارجية وأن نعمق المعنى الروحي." وأوضح أنه "من المصادفات السعيدة لهذا العام أن عيد الموالد النبوي الشريف يتزامن مع احتفالنا بالميلاد المجيد. هذا أمر نادر ولطيف لذا أهنئ شعبنا الفلسطيني بالعيدين المجيدين وأتمنى لكم سنة جديدة مليئة بالبهجة والسرور." وأضاف "إلى الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين نقول أنه حان الوقت للتسلح بالشجاعة والسعي الى سلام عادل. كفانا تردد وتأجيل الحل النهائي بدون مبرر." وتابع "الناس يطلبون السلام والأمن والطمأنينة وكلا الشعبين في الأرض المقدسة الاسرائيلي والفلسطيني لهما نفس الكرامة والحق في العيش داخل دولة مستقلة وآمنة." بحسب رويترز.
ويسكن مدينة بيت لحم 30 الف مواطن ويفصلها عن مدينة القدس التي تضم كنيسة القيامة جدار أسمنتي يرتفع عدة أمتار جعل الدخول إليها يقتصر عبر بواية حديدية كبيرة. وتنطلق احتفالات عيد الميلاد من مدينة القدس حيث ينطلق موكب البطريرك منها الى مدينة بيت لحم حيث تكون في استقباله فرق الكشافة.
منع الاحتفالات
في السياق ذاته حظرت السلطات في طاجيكستان مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد في المدارس، من وضع شجرة العيد وإقامة المآدب. ومنعت وزارة التعليم في هذا البلد، الواقع في آسيا الوسطى، "استخدام الألعاب النارية، ومآدب العيد، وتبادل الهدايا وجمع الأموال" بمناسبة عيد الميلاد في المؤسسات التعليمية، كما منعت "وضع أشجار الميلاد الطبيعية منها والاصطناعية" في المدارس والجامعات، وذلك بموجب مرسوم حكومي. وتعد هذه القرارات الأكثر صرامة في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة ذات الأغلبية المسلمة، التي سبق أن منعت سنة 2013 مظاهر الاحتفال برأس السنة الميلادية. وقد أقرت السلطات في العام 2007 قانونا يحظر الاحتفال بأعياد ميلاد مواطنيها بشكل علني.
الى جانب ذلك قررت الحكومة الصومالية منع الاحتفال بعيدي ميلاد المسيح ورأس السنة "لمخالفتهما" الثقافة الإسلامية بحسب المدير العام بوزارة الشؤون الدينية الصومالية الذي أضاف بأن سلطات الأمن الصومالية تلقت الأوامر بمنع الاحتفال بمثل هذه المناسبات. في حين صرح أحد أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى في الصومال بأن الاحتفال بمناسبات غير إسلامية قد يثير غضب حركة "الشباب" الصومالية المتطرفة.
وأوضح الشيخ محمد خيرو المدير العام بوزارة الشؤون الدينية أن "كافة الأحداث المرتبطة بالاحتفال بعيد الميلاد أو العام الجديد مخالفة للثقافة الإسلامية ويمكن أن تسيء للأهالي المسلمين". وأضاف "لا يجب تنظيم أي نشاط" من هذا القبيل موضحا أن قوات الأمن تلقت الأوامر بمنع أي احتفال من هذا النوع.
من جهته قال الشيخ بور بارود غورهان عضو المجلس الإسلامي الأعلى في الصومال أن الاحتفالات غير الإسلامية يمكن أن تثير غضب إسلاميي تنظيم الشباب المنضوي تحت تنظيم القاعدة. وأضاف "نحن نحذر من تنظيم هذه الاحتفالات التي لا صلة لها بديننا" مشيرا إلى أنها قد تدفع تنظيم الشباب إلى "تنفيذ هجمات". بحسب فرانس برس.
وكان هذا التنظيم شن في عيد الميلاد هجوما على مطار مقديشو خلف 12 قتيلا على الأقل. والصومال هي ثاني دولة تمنع هذا العام الاحتفال بعيد الميلاد ورأس السنة بعد سلطنة بروناي. وكانت الصومال اتخذت القرار ذاته في 2013. ولم يعد يوجد تقريبا مسيحيون في الصومال والكنيسة الوحيدة التي أقامها الإيطاليون فيها دمرت في قصف لكنها تبقى مع ذلك معلما معروفا. بيد أنه يسمح للأجانب الذين يقيمون في موقع شديد الحراسة في المطار بتنظيم احتفالاتهم الخاصة بمثل هذه المناسبات.
مظاهرات وأقنعة مخيفة
من جانب اخر نظم رجال يصفون أنفسهم بـ"الفاشلين مع النساء" تظاهرة في العاصمة اليابانية طوكيو للتعبير عن رفضهم لاحتفالات عيد الميلاد معتبرين أنها لا تعدو كونها إحدى خدع الرأسمالية التي تنطوي على تمييز سلبي ضد الرجال العازبين. وضمت التظاهرة حوالى عشرين رجلا ينتمون الى مجموعة شيوعية معروفة باحتجاجاتها المتكررة على الأعياد الغربية الطابع في اليابان.
وحمل المتظاهرون لافتات انتقدوا فيها بشدة احتفالات عيد الميلاد وجابوا شوارع حي شيبويا في العاصمة اليابانية حيث يتهافت الأزواج والعائلات على التسوق تحضيرا لأعياد نهاية السنة. وأكد المحتجون وهم بغالبيتهم من الرجال العازبين، أنهم يعارضون الرأسمالية ويرفضون الطابع التجاري لعيد الميلاد.
وقال قائد هذه المجموعة المعروفة سابقا بإسم "الرابطة الثورية للفاشلين"، "في هذا العالم تسحب الأموال من الأشخاص المغرومين كما أن الناس السعداء يدعمون الرأسمالية". وأضاف "عيد الميلاد يمثل أكثر الأحداث رمزية في هذا المجال". وأشار الرجل الذي عرف عن نفسه بإسم مستعار الى ان التظاهرة ترمي الى دعم الرجال غير الموفقين في العلاقات العاطفية.
وتابع هذا المتظاهر في تصريحاته لوكالة "الرجال غير المحبوبين ممن ليست لديهم حبيبة أو زوجة يعانون تمييزا مفرطا. نريد كسر هذا الحاجز". يشار الى ان عيد الميلاد ليس عطلة رسمية في اليابان لكنه مناسبة يحتفل بها في الدرجة الأولى الأزواج والعشاق في حين تعتبر ليلة رأس السنة مناسبة للاجتماعات العائلية.
على صعيد متصل تحتفل قرية لونكافيتا الرومانية بعيد الميلاد بطريقة مختلفة عن باقي العالم، حيث يتنكر الشبان في ملابس غريبة مصنوعة من جلود الأغنام ويضعون على وجوههم أقنعة مخيفة، ويهدفون من وراء ذلك إلى "طرد الأرواح الشريرة"، كما يعتقدون.
ويتجمع الشبان في مجموعات يضم كل منها حوالى عشرين شخصا متنقلين من منزل إلى آخر ومؤدين أغنيات ورقصات تمتزج فيها التقاليد المسيحية بالوثنية. وتقول الاختصاصية في علم الإثنيات دوينا إيسفانوني "أناشيد ميلادية كثيرة رائجة في جنوب أوروبا هي مزيج بين طقوس قديمة لعبادة الشمس وترانيم مسيحية" للإعلان عن ميلاد السيد المسيح. وتضيف "الإنسان يخاطب القوة الإلهية على أمل أن تسهم هذه الطقوس في تطهير أسرته، وتكون صلاته من أجل حياة أفضل مستجابة".
وفي لونكافيتا، تترافق الأناشيد مع الرنين القوي لأجراس ضخمة يزن كل منها أكثر من كيلوغرامين، ويتم ربطها بأحزمة الأشخاص الذين يرتدون هذه الملابس الغريبة المعروفين باسم "موشوي" والذين يتعين عليهم القفز لقرع الأجراس. وإذا كان المضيفون الذين يقصدهم الشبان راضين عن هذه الممارسات، فإنهم يقدمون لهم فواكه وسكاكر والقليل من المال. وتلفت إيسفانوني إلى أن الـ"موشوي" (وهي عبارة مشتقة من كلمة "موس" الرومانية التي تعني الجد أو المسن) "هي تجسيد لأحد الأسلاف الأسطوريين يأتي لنصرة الإنسان عبر طرد القوى الشريرة".
وقد صمد هذا التقليد المتوارث عبر الأجيال إبان حقبة النظام الشيوعي، عندما كانت شخصية سانتا كلوز "ممنوعة" في رومانيا، لكنه شارف على الزوال في التسعينات قبل إحيائه من جانب غيورغي تراندافير، وهو مدرس محلي متحمس لهذه الممارسات. ويقول تراندافير "وقعت في حب هذا التقليد منذ طفولتي. بحسب فرانس برس.
وعندما رأيت أنه بات مهددا بالاندثار، بدأنا بتصنيع أزياء وأقنعة وأجراس لإعطائها للأطفال" بهدف التشجيع على المشاركة في مسابقات واحتفالات. ويضيف "عمري 60 عاما، أيامي المتبقية ليست بكثيرة، لكن يجب عدم السماح بتاتا بزوال هذا التقليد، هذا أجمل ما في لونكافيتا"، لافتا إلى أن هذه الطقوس تجذب عددا كبيرا من السياح إلى القرية.
أنوار عيد الميلاد
في السياق ذاته أظهرت دراسة أجرتها مجموعة بحوث أميركية ان كمية الطاقة المستخدمة في أنوار عيد الميلاد في الولايات المتحدة تتخطى بنسبة كبيرة الاستهلاك السنوي لبلدان فقيرة مثل اثيوبيا والسلفادور. واشارت مجموعة "سنتر فور غلوبال ديفلبمنت" عبر مدونة الكترونية الى ان "انوار الزينة" المستخدمة خصوصا على اشجار الميلاد في الولايات المتحدة تستهلك طاقة بواقع 6,63 مليار كيلووات في الساعة، اي ما يفوق بكثير كمية الطاقة المستخدمة على الصعيد الوطني سنويا في السلفادور (5,35 مليار) واثيوبيا (5,30 مليار) وتنزانيا (4,81 مليار).
وللوصول الى هذه الخلاصات، جمع معدا البحث تود موس وبريسيلا اغيابونغ بيانات من دراسة اعدتها وزارة الطاقة الاميركية سنة 2008 مع نتائج خلصت اليها دراسة للبنك الدولي. وذكر الباحثان أيضا بأن كمية الطاقة البالغة 6,63 مليار كيلووات في الساعة هذه لا تمثل سوى 0,2 % من استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة خلال عام واحد بالرغم من أنها تسمح بتشغيل 14 مليون ثلاجة. بحسب فرانس برس.
وأشار الباحثان ايضا الى ان الطاقة المستخدمة من المنازل الاميركية لا تتعدى نسبتها ما يقرب من ربع الاستهلاك الاجمالي في البلاد. كما أن حصة الأسر في استهلاك الطاقة ضعيفة ايضا في كوريا الجنوبية (14 %) ضمن عينة من 31 بلدا تم وضعها بالاستناد الى بيانات للأمم المتحدة، في حين ترتفع الى 57 % في غانا وفق المدونة.
اضف تعليق