الروهينجا شعب مسلم من ميانمار ذات الأغلبية البوذية، حيث عانوا طويلا من القمع. وفر نحو 800 ألف إلى بنجلادش منذ 2017، وفر الآلاف إلى وجهات أبعد في جنوب شرق آسيا. وهذه الواقعة هي الأحدث في سلسلة من وصول القوارب وعمليات الإنقاذ حول المنطقة في الأسابيع القليلة الماضية...
روى مسلمو الروهينجا الذين نجوا من محنة استمرت 40 يوما على متن قارب عبر المحيط الهندي لينتهي بهم المطاف في إندونيسيا قصصا عن الجوع واليأس، وقالوا إن أكثر من 20 ممن كانوا على متن القارب لقوا حتفهم في الطريق.
وقال مسؤولون في المجلس الوطني الإندونيسي لإدارة الكوارث إن قاربا جرفته الأمواج إلى شاطئ جزيرة سومطرة في إقليم اتشيه بإندونيسيا كان على متنه 174 من الروهينجا، معظمهم يعانون من الجفاف والإعياء وفي أمس الحاجة إلى الرعاية الطبية العاجلة بعد الإبحار أسابيع في البحر.
وقال شفيق رحمان، وهو أحد الناجين، إن 200 أبحروا على متن قارب صغير من بنجلادش في محاولة للوصول إلى إندونيسيا ذات الأغلبية المسلمة ومات 26 منهم في عرض البحر.
وقال رحمان “أبحرنا 40 يوما“، مضيفا أن إمدادات الغذاء تضاءلت بعد عشرة أيام وسرعان ما حدث تسرب في القارب المتهالك.
وأضاف “وصلنا إلى هذا المكان سالمين آمنين بفضل الله“، وذلك في أثناء وجوده في ملجأ مؤقت في مقاطعة بيدي، حيث تلقى العشرات منهم الرعاية الطبية العاجلة، بينما شوهدت امرأة وهي تعمل على تهوية أطفال نائمين بقطعة من الورق المقوى.
والروهينجا هم شعب مسلم من ميانمار ذات الأغلبية البوذية، حيث عانوا طويلا من القمع. وفر نحو 800 ألف إلى بنجلادش منذ 2017، وفر الآلاف إلى وجهات أبعد في جنوب شرق آسيا.
وقال شفيق إنه وآخرين قدموا إلى إندونيسيا للبحث عن حياة أفضل وإيجاد فرصة للدراسة.
وقالت ساموسا كاتون، وهي ناجية أخرى، إنها قدمت إلى إندونيسيا للفرار من العوز وإيجاد وظيفة.
وهذه الواقعة هي الأحدث في سلسلة من وصول القوارب وعمليات الإنقاذ حول المنطقة في الأسابيع القليلة الماضية، إذ يفر الروهينجا من الظروف الطاحنة في مخيمات اللاجئين في بنجلادش ومن الاضطهاد المتزايد في ميانمار.
ويُعتقد أن قاربا على متنه 180 شخصا غرق في أوائل الشهر الجاري، مع اعتبار جميع من كانوا على متنه في عداد الموتى، وفقا للجماعات الحقوقية. وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يوم الاثنين إن عام 2022 ربما يكون أكثر الأعوام الذي شهد سقوط ضحايا في البحر منذ عقد تقريبا بالنسبة للروهينجا.
وغالبا ما يبحر الروهينجا الذين يحاولون العبور إلى تايلاند وإلى ماليزيا وإندونيسيا اللتين بهما أغلبية مسلمة بين شهري نوفمبر تشرين الثاني وأبريل نيسان حينما تكون البحار هادئة.
وشهدت إندونيسيا وصول ما يقرب من 500 من الروهينجا إلى شواطئها خلال الأسابيع الستة المنصرمة، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وقالت وزارة الأمن في بيان إن الحكومة تعمل مع منظمة الهجرة الدولية والمفوضية لنقل الروهينجا إلى ملاجئ في مدن قريبة.
عبور مأساوي
في مركز إيواء على ساحل إندونيسيا، يحاول نحو 200 لاجئ من الروهينغا يعانون من الجوع والجفاف استعادة قواهم بعد رحلة عبور مروعة حصدت أرواح 20 شخصا كانوا برفقتهم.
ووصل اللاجئون من الروهينغا، ومن بينهم عشرات النساء والأطفال، مساء الإثنين إلى شاطئ في إقليم أتشيه في غرب إندونيسيا على قارب خشبي يناهز طوله عشرة أمتار. وأمضوا الليل مفترشين الأرض في أحد المساجد.
وكان القارب ينقل 174 فردا من هذه الأقلية المضطهدة في بورما، وفق أحدث تعداد للسلطات المحلية.
وكان يصعب على البعض المشي، فيما كان كثيرون يعانون من تجفاف شديد تطلّب معالجتهم بالمصل بعدما أمضوا عدّة أسابيع في البحر في منطقة خليج البنغال.
وقامت طواقم طبية تابعة للمنظمة الدولية للهجرة بـ "معالجة حالات خطيرة من التجفاف وسوء التغذية"، بحسب ما صرّح لوكالة فرانس برس لويس هوفمان رئيس بعثة المنظمة في إندونيسيا.
وروى عدّة لاجئين حصلت فرانس برس على شهاداتهم أنهم أمضوا أكثر من شهر في البحر بعد مغادرة مخيمات بنغلادش التي تؤوي حوالى مليون فرد من الروهينغا.
وقال راسييت الذي بدت عليه ملامح التعب ويجيد شيئا من اللهجة المحلية "قضى البعض في القارب، نحو 26 شخصا. ورمينا جثثهم في البحر".
وأخبر عمر فاروق الفتى البالغ 14 عاما والذي يتكلّم الإنكليزية "عندما غادرنا بنغلادش، كان معنا مياه لسبعة أيام وطعام لعشرة"، لكن محرّك القارب تعطّل بعد أسبوع وراح المركب يجنح لأكثر من شهر.
وأضاف عمر الذي يسافر بلا ذويه "لم تسمح لنا ماليزيا بالرسو".
حياتنا صعبة
فرّ مئات الآلاف من الروهينغا، وهي أقلية مضطهدة في بورما معظم أفرادها من المسلمين، الفظائع التي يرتكبها في حقّهم الجيش البورمي، لاجئين إلى بنغلادش المجاورة في 2017. وقضى الانقلاب العسكري سنة 2021 في بورما على آمال العودة لعديمي الجنسية هؤلاء الذين يعيشون في مخيمات كبيرة للاجئين.
ويجازف الآلاف منهم كلّ سنة بحياته في رحلات بحرية طويلة وخطيرة على متن قوارب متهالكة، سعيا إلى حياة أفضل في ماليزيا أو إندونيسيا.
وأخبر محمد طاهر، وهو لاجئ آخر يتكلّم إحدى اللهجات المحلية "حياتنا صعبة في بنغلادش. لا يحقّ لنا الخروج ولا يحقّ لأطفالنا أن يتعلّموا".
وجهت الأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر نداء عاجلا إلى بلدان المنطقة لمساعدة عدّة قوارب للاجئين، بلا مأكل أو مشرب، تجنح في المحيط الهندي.
وفي تغريدة على "تويتر"، وجّهت آن مايمان، ممثّلة المفوضية الأممية في جاكرتا، "خالص الشكر إلى إندونيسيا"، مشيدة بـ "إحدى الدول النادرة في المنطقة التي تحترم المبادئ الإنسانية الأساسية" بشأن اللاجئين.
فخلال الشهرين الماضيين، وصل حوالى 472 لاجئا إلى أتشيه، بحسب إحصاءات مفوضية شؤون اللاجئين.
وكشف لاجئون وصلوا الأحد على قارب آخر يقل 57 راكبا لوكالة فرانس برس أنهم تلقّوا مساعدة من القوّات البحرية الإندونيسية والهندية.
وقال اللاجئ زاهد حسين (18 عاما) "أبحرنا لثلاثة أيام ثمّ تعطّل المحرّك ولم يبق معنا ما نأكله. وبعد 11 يوما، وفّر لنا صيّادون طعاما والتقينا عناصر من القوّات البحرية الهندية ساعدونا في الوصول إلى المياه الإندونيسية".
وأردف "عندما وصلنا إلى المياه الإندونيسية، رأيت التلال وعرفت أننا سنصمد".
وأكّد الشاب الذي فقد خمسة على الأقلّ من رفقاء الرحلة أن "الله ساعدنا في العثور على البحرية الإندونيسية".
لكن الأمم المتحدة تخشى أن تكون قوارب أخرى لا تزال تائهة في البحر.
وإذا ما تأكّد غرق القارب الذي ينقل نحو 180 شخصا، فسيكون العام 2022 أحد أسوأ الأعوام بالنسبة إلى الروهينغا مع حصيلة تتخطى 400 شخص فُقدوا في البحر، بحسب مفوضية شؤون اللاجئين.
وقال عمر فاروق البالغ 14 عاما "جئنا من مخيم للاجئين الروهينغا في بنغلادش على أمل أن تمنحنا إندونيسيا فرصة للتعليم".
وأشار أحد سكان أتشيه الى أن الصيادين في المنطقة اعتادوا مساعدة قوارب الروهينغا على الرسو، لكن القارب الأخير دفعته الرياح الى اليابسة بعد أن أصبح الصيادون أكثر ترددا في تقديم المساعدة.
ووصل أيضا قارب خشبي يحمل 57 لاجئا من الروهينغا جميعهم من الرجال إلى الساحل الغربي لإندونيسيا بعد أن أمضى شهرا في البحر، بحسب الشرطة المحلية.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، رسا قاربان يحملان ما مجموعه 229 من الروهينغا في نفس المنطقة، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لللاجئين.
وتعد ماليزيا وجهة مفضلة للروهينغا الذين يحاولون ايضا الوصول الى المناطق ذات الغالبية المسلمة الأكثر ترحيبا بهم.
ودعت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة دول المنطقة إلى "التعاون بشكل عاجل لتجنب تكرار أزمة 2015" عندما فر آلاف اللاجئين الروهينغا بالقوارب، مما أدى إلى خسائر فادحة في الأرواح قبالة ماليزيا وإندونيسيا وتايلاند.
فقدان الاتصال مع 180 من الروهينغا
فقد أقارب حوالى 180 لاجئًا من الروهينغا جنح قاربهم المتضرر في المحيط الهندي منذ اسابيع الاتصال بهم واعتبروا "انهم فارقوا الحياة"، وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
القارب الذي كان يقل عشرات النساء والأطفال، غادر الشهر الماضي وورد أنه في حالة سيئة قبالة سواحل تايلاند والهند ثم ماليزيا وإندونيسيا.
وكتبت المفوضية في تغريدة خلال عطلة نهاية الأسبوع "فقد الأقارب الاتصال بهم. ومن تمكنوا من الاتصال بهم آخر مرة يعتبرون أنهم فارقوا الحياة. ونأمل ألا يكون الأمر كذلك".
وأضافت "إذا صح ذلك، فهذه أخبار مأساوية. أفكارنا مع العائلات التي فقدت أقاربها في هذه المأساة المروعة. نكرر دعواتنا إلى الدول لإنقاذ الأرواح. يجب أن تكون هذه الأولوية".
واتصلت مونوارا بيغوم (23 عامًا) التي استقلت هذا القارب بأسرتها التي تعيش في مخيم كبير للاجئين الروهينغا في بنغلادش. وقالت في تسجيل صوتي "نحن في خطر. ساعدونا" مضيفة "ليس لدينا ماء أو طعام ولا أحد ينقذنا من هذا القارب الغارق".
في كانون الأول/ديسمبر، تم إنقاذ 104 لاجئ من الروهينغا قبالة سواحل سريلانكا بعد عبورهم خليج البنغال، وفقًا لتقارير إعلامية.
دعت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة دول المنطقة إلى "التعاون بشكل عاجل لتجنب تكرار أزمة 2015" عندما فر آلاف اللاجئين الروهينغا بالقوارب، مما أدى إلى خسائر فادحة في الأرواح قبالة ماليزيا وإندونيسيا وتايلاند.
وقالت "نجحت الحكومات وشركاؤها بالتعاون سابقاً لإيجاد حلول على المستوى الإقليمي ... وندعو مرة أخرى إلى اتخاذ إجراء إقليمي عاجل".
شهر في البحر
وصل زورق متهالك يحمل 57 لاجئا من الروهينغا جميعهم من الرجال إلى الساحل الغربي لإندونيسيا الأحد بعد أن أمضوا شهرًا في البحر، وفق ما أفاد مسؤول في شرطة أتشيه فرانس برس.
وقال المتحدث باسم شرطة المنطقة ويناردي إن القارب الخشبي وصل صباحا إلى الشاطئ في إقليم أتشيه في أقصى غرب إندونسيا.
وقال ويناردي "محرك القارب كان معطلًا وحملت الرياح القارب إلى شاطئ قرية لادونغ. قالوا إنهم كانوا تائهين في البحر منذ شهر".
وأضاف أن أربعة من الرجال كانوا مرضى وتم نقلهم إلى المستشفى.
وقال رئيس مكتب الهجرة المحلي تيلمايزول سياتري إن اللاجئين سيتم إيواؤهم مؤقتًا في منشأة حكومية محلية، وأضاف "سننسق مع المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية حتى يمكن التعامل مع هذه القضية على نحو حسن".
هذا ثالث قارب ينقل لاجئين من الروهينغا يصل إلى إندونيسيا ذات الأغلبية المسلمة في الأشهر الأخيرة، بعد قاربين حملا ما مجموعه 229 من الروهينغا ووصلا إلى أتشيه يومي 15 و16 تشرين الثاني/نوفمبر، وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويأتي ذلك فيما دعا سياسيون من جنوب شرق آسيا ومفوضية اللاجئين إلى إنقاذ سفينة أخرى تحمل ما يصل إلى 200 لاجئ من الروهينغا، بينهم نساء وأطفال، تائهين في البحر منذ عدة أسابيع.
شوهدت السفينة في المياه القريبة من تايلاند وماليزيا وإندونيسيا والهند في بحر أندامان ومضيق ملقا، أحد أكثر طرق الشحن ازدحامًا في العالم.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الأسبوع الماضي إنه أبلغ عنها منذ أواخر تشرين الثاني/نوفمبر وإنها تلقت تقارير عن وفاة ما لا يقل عن عشرة أشخاص على متنها، فيما من بقوا أحياء ليس لديهم طعام ولا ماء.
السلطات البورمية تسجن الهاربين
أوقفت السلطات البورمية أكثر من 110 من أفراد أقلية الروهينغا بينهم أطفال خلال محاولتهم الهرب إلى ماليزيا، كما ذكرت وسائل إعلام رسمية.
وقالت صحيفة "غلوبال نيو لايت أوف ميانمار" إن 112 "بنغاليا" بينهم 12 طفلاً كانوا يسافرون "بدون أي وثائق رسمية"، اعتقلوا في بلدة بوغالي في جنوب شرق البلاد.
وتستخدم السلطات البورمية صفة "بنغالي" في الحديث عن الأقلية المسلمة.
وذكرت وسائل إعلام محلية نقلاً عن مصادر مقربة من الشرطة أن توقيف هؤلاء تم صباح العشرين من كانون الأول/ديسمبر.
وقالت صحيفة "غلوبال نيو لايت أوف ميانمار" إن المحكمة حكمت في وقت لاحق على 35 من أعضاء المجموعة تزيد أعمارهم عن 18 عامًا، بالسجن خمس سنوات لسفرهم من دون وثائق، موضحة أنه سيتم إيداع 13 قاصرًا في "مركز للتدريب" حتى بلوغهم العشرين من العمر.
وفر مئات الآلاف من الروهينغا الذين هاجروا إلى بورما منذ أجيال، في السنوات الأخيرة من هذا البلد ذي الأغلبية البوذية الذي لا يتمتعون بجنسيته أو يحصلون على خدمات الصحة أو التعليم.
وفي 2017، أدت حملة عسكرية في البلاد إلى فرار مئات الآلاف من الروهينغا إلى بنغلادش المجاورة. وقد رافقتها روايات مروعة عن القتل والاغتصاب والحرق العمد.
وتواجه بورما اتهامات بالإبادة الجماعية أمام أعلى محكمة في الأمم المتحدة بسبب هذا النزوح الجماعي.
وفي الخامس من كانون الأول/ديسمبر عُثر على جثث 13 من أفراد الروهينغا على جانب طريق بالقرب من بلدة هليغو المجاورة لرانغون.
واعتقلت الشرطة البورمية بعد ذلك 12 شخصا يشتبه بانتمائهم إلى منظمة للتهريب وصلتهم بموت هؤلاء.
وماليزيا ذات الغالبية المسلمة هي الوجهة المفضلة لأفراد الروهينغا الذين يسعون إلى الفرار من الاضطهاد.
اضف تعليق