أثار اندلاع النيران في منشأة ملحقة بمحطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا من جراء الأعمال الحربية، المخاوف من وقوع كارثة نووية تشبه تلك التي وقعت في مفاعل تشيرنوبل عام 1986، كما أن إعلان روسيا رفع حالة التأهب النووي جعل العالم يكتم أنفاسه من تطور الصراع بين موسكو والغرب إلى حرب نووية....
بعد الهجمات الروسية على محطات الطاقة النووية في أوكرانيا، يخشى كثيرون من ارتفاع مستويات الإشعاع. تناول أقراص اليود كإجراء وقائي لا ينفع بل يعد خطيراً للغاية! فما هي مخاطر الإشعاع النووي وكيف يمكن للمرء أن يقي نفسه؟
في حالة وقوع حادث نووي نتيجة تدمير أو أضرار في محطة نووية، يعتبر اليود المشع أحد المواد الأولى التي تنتشر بعد الحادث. يمكن أن يسبب هذا اليود المشع أضراراً في أنسجة الغدة الدرقية ويدمرها، ويمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالسرطان. يدخل النشاط الإشعاعي إلى الجسم عن طريق الاستنشاق أو يُمتص عبر الجلد.
ويمكن للنشاط الإشعاعي أن يسبب سرطان الغدة الدرقية والأورام وسرطان الدم الحاد وأمراض العيون والاضطرابات العقلية وحتى الأضرار التي تلحق بالمواد الوراثية. وإذا تعرض الجسم لجرعة كبيرة من الإشعاع خلال فترة زمنية قصيرة جداً، فقد يؤدي ذلك إلى الوفاة في غضون ساعات أو أيام قليلة.
ما مدى فائدة تناول اليود؟ إذا تم تناول أقراص اليود، فإن هذا اليود غير الملوث يتراكم أيضاً في الغدة الدرقية، ويصبح فائضاً في الجسم. وجرعة عالية منه تمنع اليود الخطير الملوث من الاستقرار في خلايا الجسم، لأن الجسم ممتلئ باليود.
لذلك إذا أعطي اليود "الجيد" الكافي في الوقت المناسب، فلن يكون هناك أي مكان في الغدة الدرقية لـ "اليود المشع السيئ". ولا يمكن لليود المشع أن يتراكم في الجسم ومن ثم يتم إفرازه من خلال الكلى. لا يمكن لجسمنا إنتاج اليود بنفسه. علينا تناوله لإتمام عمل الغدة الدرقية في إنتاج الهرمونات التي تتحكم في العديد من وظائف الجسم، بما في ذلك نمو الدماغ.
ومع ذلك، عندما يتم تدمير محطة للطاقة النووية ومن ثم إطلاق النشاط الإشعاعي، فليس من المنطقي تناول أقراص اليود فوراً كإجراء وقائي، لأن الغدة الدرقية تخزن اليود فقط لفترة زمنية معينة. يمكن أن يكون التناول غير الضروري لجرعات عالية من اليود أمراً خطيراً، لأن العديد من الأشخاص، وكذلك في ألمانيا، يعانون بالفعل من فرط نشاط الغدة الدرقية. لا ينبغي لأحد أن يأخذ هذه الأقراص إلا إذا كان في خطر شديد!
وفقًا لوزارة البيئة الألمانية الاتحادية، فإن تناول أقراص اليود لمسافة تصل إلى مائة كيلومتر يمكن أن يكون منطقياً في حالة وقوع أي نوع من الحوادث النووية. لكن الوقت المناسب مهم. ويكون مفعول أقراص اليود أفضل، عندما يتم تناول الأقراص قبل أو أثناء التعرض لليود المشع.
تعتبر النظائر المشعة لليود 131 واليود 133 مسؤولة عن سرطان الغدة الدرقية. إنها ضرورية للتسبب بالإشعاع، خاصة في الأيام الأولى بعد حادث نووي.
وتعتبر النويدات المشعة السترونشيوم 90 والسيزيوم 137 أيضاً من المكونات الخطرة للإشعاع، حيث تترسب في أنسجة العظام، مما يؤدي أيضاً إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان. لا يفرق الجسم بين هذه المواد ومادة الكالسيوم ويدمج هذه المواد الخطرة في العمليات الفيزيولوجية في أنسجة العضلات والعظام، لكن نخاع العظم مسؤول عن تكوين خلايا دم جديدة، ويمكن أن يؤدي التعرض للإشعاع المؤين إلى إخراج هذه العملية عن السيطرة. ثم يمكن أن يسبب سرطان الدم (لوكيميا) الخطير والمميت في الكثير من الأحيان.
يمكن أن يتسبب الإشعاع أيضاً في أضرار جسيمة للمواد الجينية، كما حدث بعد إلقاء القنابل الذرية على مدينتي ناغازاكي وهيروشيما اليابانيتين في نهاية الحرب العالمية الثانية. وولد الكثير من الأطفال الذين يعانون من تشوهات.
وحتى في حالة وقوع كارثة مثل تلك التي حدثت في محطة الطاقة النووية الأوكرانية تشيرنوبل في أبريل/ نيسان 1986، فإن الآثار اللاحقة واضحة. بعد 20 عاماً من الحادث، إذ ارتفع معدل الإصابة بالسرطان بنسبة 40 بالمائة في معظم المناطق المتضررة. وتشير التقديرات إلى أن 25 ألف شخص ممن ساعدوا في تنظيف المفاعل لقوا حتفهم في روسيا وحدها.
في حالة التعرض للإشعاع، فلا توجد غالباً أي وسيلة مساعدة. ومع ذلك، فإن العامل الحاسم هو ما إذا كانت حالة تلوث أو اندماج المواد المشعة في الجسم، في حالة التلوث، تترسب المواد المشعة على سطح الجسم. ويمكن تقليل خطرها عبر غسل المناطق المتعرضة للإشعاع بالماء العادي ورغوة الصابون. لكن وفي حالة اندماج المواد المشعة في جسم الإنسان، تكون الإصابة أكثر خطورة، لأن المواد الخطرة تدخل مباشرة إلى الجسم ولا توجد أي احتمالات للتخلص منها.
يقاس النشاط الإشعاعي بالملي سيفرت (أو زيفرت). يمكن أن يؤدي التعرض لما يصل إلى 250 ملي سيفرت أو 0.25 سيفرت خلال فترة زمنية قصيرة إلى الإصابة بمتلازمة الإشعاع الحادة. وفقاً للمكتب الألماني الاتحادي للحماية من الإشعاع، يبلغ متوسط التلوث للإنسان من البيئة حوالي 2.1 ملي سيفرت. هذه القيمة تشير إلى التعرض للإشعاع في سنة واحدة.
تبدأ الإصابة بمتلازمة الإشعاع الحادة عند النشاط الإشعاعي 4000 ملي سيفرت أو أربعة سيفرت. معدل الوفيات يزداد عندها بشكل هائل. وعند وصول النشاط الإشعاعي إلى ستة سيفرت فإن معدل الوفاة يصل إلى 100 في المئة، أي أن الشخص المتعرض للإشعاع بهذه الدرجة لا توجد لديه أي فرصة للبقاء على قيد الحياة.
رغم مخاطر الإشعاع.. ما سبب صراع روسيا وأوكرانيا على تشرنوبيل؟
حذرت السلطات الأوكرانية من زيادة مستويات الإشعاع عند محطة تشرنوبيل النووية المعطلة، وذلك بعد سيطرة القوات الروسية عليها في اليوم الأول لغزوها أوكرانيا. فما أهمية المحطة ولماذا كانت من أول الأهداف التي سيطر عليها الروس؟
قالت الوكالة النووية ووزارة الداخلية الأوكرانية إنهما يرصدان مستويات إشعاعية متزايدة عند مفاعل تشرنوبيل النووي المعطل. ولم يذكر الخبراء في الوكالة النووية التابعة للدولة مستويات إشعاعية محددة، لكنهم قالوا إن التغيير حدث بسبب حركة المعدات العسكرية الثقيلة في المنطقة التي أدت لارتفاع الغبار المشع إلى طبقات الهواء. وقالت وزارة الداخلية "بدأ مستوى الإشعاع في التزايد. إنه ليس خطيرا بالنسبة لكييف في الوقت الحالي، لكننا نراقبه".
كما حذر سفير أوكرانيا لدى اليابان اليوم الجمعة (25 شباط/ فبراير 2022) من أن أوروبا معرضة لخطر "التلوث النووي" إذا تعرض مفاعل تشرنوبيل، الخاضع للسيطرة الروسية حاليا، لأضرار أو لم يُصن صيانة صحيحة، وقد خاضت القوات الروسية والأوكرانية معارك شرسة أمس الخميس للسيطرة على موقع تشرنوبيل الذي لا يزال يطلق إشعاعات نووية منذ وقوع أسوأ حادث نووي في العالم والذي أسهم في انهيار الاتحاد السوفياتي.
وكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على تويتر "المدافعون عن أرواحنا يضحون بأنفسهم كي لا تتكرر مأساة 1986". وكتب زيلينسكي هذه التغريدة قبل أن تسيطر القوات الروسية على محطة الطاقة النووية السابقة التي كانت مسرحا لحريق وانفجار مدمر في تلك السنة، لكن لماذا يرغب كل طرف في السيطرة على محطة طاقة نووية معطلة محاطة بأرض بها إشعاعات نووية على مدى أميال؟
الجواب هو الجغرافيا. فتشرنوبيل تقع على أقصر طريق من بيلاروسيا إلى العاصمة الأوكرانية كييف، وبالتالي فالمحطة بحسابات المنطق تقع على خط هجوم القوات الروسية الغازية لأوكرانيا.
ويقول محللون عسكريون غربيون إنه بسيطرة روسيا على تشرنوبيل تستخدم ببساطة أسرع طريق للغزو من بيلاروسيا، حليفة موسكو ونقطة انطلاق للقوات الروسية إلى كييف. وقال جيمس أكتون من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي "كان هذا أقصر طريق".
من جهته قال جاك كين، القائد السابق في أركان الجيش الأمريكي، إن تشرنوبيل "ليس لها أي أهمية عسكرية" لكنها تقع على أقصر طريق من بيلاروسيا إلى كييف الهدف في استراتيجية "قطع الرأس" الروسية الرامية للإطاحة بالحكومة الأوكرانية.
ويصف كين الطريق بأنه أحد "المحاور" الأربعة التي استخدمتها القوات الروسية لغزو أوكرانيا، بما في ذلك طريق آخر من بيلاروسيا، وتقدم باتجاه الجنوب إلى مدينة خاركيف الأوكرانية، واندفاع باتجاه الشمال انطلاقا من شبه جزيرة القرم التي تسيطر عليها روسيا إلى مدينة خيرسون. وتشكل الهجمات الأربعة مجتمعة أكبر انقضاض على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، وكانت السيطرة على تشرنوبيل جزءا من الخطة، وقال مسؤول أوكراني كبير إن القوات الروسية سيطرت عليها بالفعل أمس الخميس.
وانفجر المفاعل الرابع في تشرنوبيل الذي يبعد 108 كيلومترات إلى الشمال من كييف في أبريل/ نيسان 1986 خلال اختبار سلامة فاشل، وانطلقت سحب الإشعاع في معظم أنحاء أوروبا ووصلت إلى شرق الولايات المتحدة، وأثرت العناصر المشعة السيزيوم والبلوتونيوم والاسترونتيوم بشكل أساسي على أوكرانيا بيلاروسيا المجاورة، ومناطق من روسيا وأوروبا. وتختلف التقديرات فيما يتعلق بالوفيات المباشرة وغير المباشرة الناجمة عن الكارثة مما يقدر بالألوف إلى نحو 93 ألف وفاة إضافية بالسرطان في جميع أنحاء العالم.
وحاولت السلطات السوفيتية في بداية الأمر التستر على الكارثة، ولم تعترف فورا بالانفجار، مما شوه صورة الزعيم السوفياتي الإصلاحي ميخائيل غورباتشوف وسياساته المعروفة باسم "الغلاسنوست" الرامية إلى زيادة الانفتاح في المجتمع السوفياتي. اعتُبرت الكارثة من وجهة نظر الكثيرين أحد العوامل التي أسهمت في انهيار الاتحاد السوفياتي بعد سنوات قلائل، وقال أكتون إن سيطرة روسيا على تشرنوبيل أمس الخميس لم يكن بهدف حمايتها من مزيد من الأضرار، مضيفا أن هناك أربع محطات عاملة للطاقة النووية في أوكرانيا تمثل خطرا أكبر من تشرنوبيل، التي تقع داخل "منطقة حظر" شاسعة بحجم دولة لوكسمبورغ.
وفي غضون ستة أشهر من الكارثة، تم على عجل بناء غطاء مؤقت، أو "تابوت"، لتغطية المفاعل المتضرر وحماية البيئة من الإشعاع. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، تم وضع غطاء آمن جديد فوق التابوت القديم، قال أكتون "الواضح أن وقوع حادث داخل تشرنوبيل سيترتب عليه مشاكل كبيرة. لكن من المحتمل ألا يؤثر كثيرا على المدنيين الأوكرانيين، وعلى وجه الدقة بسبب وجود المنطقة المحظورة".
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أمس الخميس نقلا عن الهيئة المنظمة للطاقة النووية الأوكرانية، إن محطات الطاقة النووية الأربع النشطة في أوكرانيا تعمل بأمان ولم يحدث "تدمير" في النفايات والمنشآت الأخرى في تشرنوبيل، كذلك أكد البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير اليوم الجمعة أن البنية التحتية الحساسة لمحطة تشرنوبيل لم يلحق بها ضرر وإن أعمال الصيانة الضرورية فيها مستمرة، وأوضح أكتون أن المفاعلات الأوكرانية الأخرى ليست محاطة بمناطق حظر وتحتوي على وقود نووي أكثر إشعاعا. وأضاف "مخاطر القتال حولها (المفاعلات العاملة) أعلى بكثير"، أكدت منظمة السلام الأخضر في تقريرها الأخير على أن التداعيات البعيدة الأمد لكارثة مفاعل تشيرنوبل أكثر هولاً مما تدعيه البيانات الرسمية وأن ثمة نقص كبير في المعلومات الموثقة حول عدد عواقب الكارثة وعدد ضحاياها الحقيقي.
طالب تقرير منظمة الصحة العالمية بإجراء دراسة معمقة وميدانية لعواقب كارثة مفاعل تشرنوبيل النووي على دول أخرى غير روسيا البيضاء وأوكرانيا وروسيا الاتحادية مشيرا الى نقص البيانات لاسيما بالنسبة لدول غرب اوروبا.
الإشعاع الذري لا يحترم الحدود الدولية
وتتشابه نتائج التقرير مع نتائج منظمة السلام الأخضر /جرينبيس/ التي قالت إن عدد الوفيات الناجمة عن الكارثة التي وقعت منذ عشرين عاما قد يكون أعلى كثيرا من التقديرات الرسمية وذلك مع وفاة ما يصل إلى 93 ألف شخص آخرين بالسرطان في أنحاء العالم. وفي الإطار نفسه توقعت منظمة الصحة العالمية وفاة نحو تسعة آلاف شخص أضافيين في أشد المناطق تضررا وأقلها تلوثا في أوكرانيا وروسيا البيضاء وروسيا نتيجة لانفجار المفاعل رقم أربعة في المحطة النووية الاوكرانية ببلدة تشرنوبيل يوم 26 من ابريل نيسان عام 1986. ومن جانبه قال ايان فيرلي، أحد معدي التقرير في مؤتمر صحفي: "الاشعاع الذري لا يحترم الحدود الدولية" مضيفا ان التقرير جرى إعداده بناء على بيانات متاحة بالفعل. ودعا منظمة الصحة العالمية للتفويض بإجراء دراسة جديدة منفصلة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الغبار النووي المتساقط من تشرنوبيل.
أكبر كارثة بيئية، أدى التسرب النووي في مفاعل تشيرنوبل الأوكراني قبل عشرين عاماً إلى وقوع أكبر كارثة بيئية حين تسبب في إشعال حريق هائل في أبريل في عام 1986، وهو ما أدى بدوره إلى انفجار أحد أقسام المفاعل وانتشار مواد إشعاعية قاتلة وصل ضررها إلى الحدود الألمانية. ووفي هذا السياق يقول توماس بريور الخبير النووي في منظمة السلام الأخضر:"لا أحد يستطيع أن يتكهن بعدد الضحايا الذين من المحتمل أن يموتوا نتيجة انفجار مفاعل تشيرنوبل، كما أنه يصعب حصر الآثار المترتبة على الإشعاعات، والمعلومات حول هذا الموضوع قليلة جدا وغير كافية وغالباً ما تكون متناقضة أيضا".
ومن باب محاولة الكشف عن الأعداد الحقيقية لضحايا الانفجار، نظمت مجموعة من المختصين منتدياً خاصاً أطلقوا عليه اسم "منتدى تشيرنوبل" ضم ممثلين عن وكالة الطاقة الذرية العالمية (IAEA) ومنظمة الصحة العالمية. ومن خلال هذا المنتدى الفريد من نوعه قدم الأخصائيون تقريرا حول الآثار الصحية المترتبة على حادثة انفجار المفاعل، الذي خلص بالنهاية إلى أن ما بين 4.000 إلى 9.000 شخص توفوا أو سيتوفون لاحقا بسبب مرض السرطان المتسبب عن الأشعة الناتجة عن الانفجار. ومن جهتها لم تستطع منظمة السلام الأخضر أن تكشف من خلال تقاريرها الأعداد الحقيقية لضحايا هذه الكارثة، فهي تقول أنه من الصعب أن تعطي أرقام محددة لظاهرة بهذا الحجم والتعقيد يكون أثرها غالبا على المدى البعيد. ومع ذلك تؤكد المنظمة الناشطة في مجال حماية البيئة أن كل المعلومات والإحصائيات التي ذكرتها الجهات الرسمية تسعى فقط إلى لتقليل من حجم الموضوع ورسم صورة أقل ضررا عن أهواله البشرية.
السرطان من أخطر عواقب الكارثة، لم تكتف المنظمة بالإطلاع على الدراسات التي تم إجراؤها بالغرب، بل اطلعت على دراسات لم يتم تناولها، مثل الدراسات الروسية، التي تبين أن تلك الكارثة الإشعاعية انتشرت بشكل واسع مسببة بذلك الكثير من الأمراض على مر السنين الماضية والقادمة. وتقول المنظمة:" هناك معلومات كثيرة تؤكد أن الأمراض المترتبة على الإشعاعات النووية ما زالت تستمر بالانتشار وتصيب الكثير من الناس، ولكن وكالة الطاقة الذرية أشارت إلى إمكانية وجود عدد قليل من تلك الإصابات، وأن الموضوع ليس بتلك الخطورة". وبالرجوع الى الدراسات التي أجريت مؤخرا من قبل الأكاديمية الروسية للعلوم على روسيا البيضاء، تخمن روسيا وأوكرانيا أنه هناك تقريبا 270.000 حالة مرضية إضافية سببها السرطان الذي تسببه الإشعاعات. ومن المحتمل أن يكون الموت نهاية ما يقارب 93.000 شخص.
ليست منظمة السلام الأخضر هي الوحيدة التي تبدي شكوكها حول صحة الإحصائيات الرسمية. فادموند لينغفيلدر، الاختصاصي بالبيولوجية الإشعاعية في جامعة ميونخ يقول:" أنا أخمن أن عدد الذين قتلوا فوريا بسبب ذلك الانفجار من تقنيين وفرق الإنقاذ والنجدة وعمال التنظيف وحراس المنطقة، يتراوح بين 50.000 إلى 100.000 شخص". ويضيف لينغفيلدر أيضا:" إن الإحصائيات التي نشرتها السلطات الرسمية لم تحص جميع الحالات منذ البداية حتى النهاية". ويعلق بريور على الموضوع قائلا: "ما تقوم به السلطات المحلية هو محاولة منها للتخفيف من الآثار الجمة المترتبة على انفجار مفاعل تشيرنوبل".
كارثة نووية جديدة
بالنظر إلى إرث تشرنوبل قد يعتقد المرء أن روسيا ستتجنب الهجمات على المفاعلات العاملة، خاصة أنها ستكون ضحية الجسيمات المشعة التي ستحملها الرياح إليها، مع بداية الاجتياح الروسي لأوكرانيا سُجلت زيادة في مستوى الإشعاع حول مفاعل تشرنوبل وطفت على السطح مخاوف من تعرض المفاعلات النووية الأوكرانية إلى أضرار تؤدي لتسرب الإشاعات منها، فما احتمالية حدوث هذه المخاطر؟ وما هي تداعياتها إن وقعت؟ رغم أن أوكرانيا لا تمتلك أسلحة نووية حاليا فإنها تمتلك على أراضيها 15 مفاعلا للطاقة النووية في 4 محطات تولد ما يقارب 50% من احتياجاتها من الطاقة في 4 مواقع.
أشهر هذه المنشآت محطة تشرنوبل للطاقة النووية التي أدى انفجار أحد مفاعلاتها عام 1986 إلى إطلاق سحب من المواد المشعة فوق المنطقة المحيطة، في حادثة وصفت بأنها الأسوأ من نوعها في القرن الـ20.
ارتفاع في مستوى الإشعاع، سيطرت القوات الروسية على تشرنوبل ومحطة الطاقة الخاصة بها يوم الخميس 24 فبراير/شباط الماضي بعد اشتباكات بالقرب من مستودع النفايات النووية بالموقع، وأظهرت بيانات أنظمة رصد الإشعاع في المنطقة زيادة في مستوى إشعاع غاما بحوالي 20 مرة عن المستويات المعتادة في نقاط مراقبة متعددة، وفقا لتقرير نشر على موقع "لايف ساينس" (Live Science).
من ناحية أخرى، ذكر بيان نشرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنه تم إبلاغها بتعرض محول كهربائي في موقع التخلص من النفايات المشعة منخفض المستوى للضرر، لكن دون إطلاق مواد مشعة بالقرب من مدينة خاركيف (شمال شرقي أوكرانيا).
وقد أثارت هذه البيانات قلق المجتمع الدولي، خاصة مع أخبار عن احتجاز الروس فريق العمل المكلف بمراقبة مستويات الإشعاع والحفاظ عليها ضمن حدود آمنة كرهائن من قبل القوات الروسية، وفقا لمصادر أوكرانية.
ورغم أن مسؤولين من الوكالة النووية الأوكرانية أرجعوا أسباب هذا الارتفاع إلى الغبار المشع الناجم عن حركة المعدات العسكرية الثقيلة في المنطقة فإن خطر الإصابة المباشرة -المقصودة أو غير المقصودة- للمحطات النووية في خضم هذا الصراع تبدو محتملة، بحسب الخبراء، تعد محطات الطاقة أهدافا شائعة في الصراعات المسلحة الحديثة بحسب بينيت رامبيرغ الضابط الأميركي السابق ومؤلف كتاب "محطات الطاقة النووية كأسلحة للعدو (Nuclear Power Plants as Weapons for the Enemy)، لأن تدميرها يعيق قدرة الدولة على الاستمرار في القتال، لكن المفاعلات النووية ليست مثل مصادر الطاقة الأخرى، وقد تتحول إلى شبح مخيف إذا ما أصيبت، لاحتوائها على كميات هائلة من المواد المشعة، هذه الإشعاعات يمكن إطلاقها -وفقا لمقال نشره الخبير الأميركي في موقع "بروجكت سنديكيت" (Project Syndicate)- إثر قصف يحدث أضرارا بمبنى المفاعل أو يقطع خطوط التبريد الحيوية التي تحافظ على استقراره، كما يمكن إحداث أضرار جسيمة بالمحطة عبر هجوم إلكتروني أو قطع الطاقة الخارجية التي تعتمد عليها المحطات النووية لمواصلة عملها.
وبحسب الدكتورة ليديا زابلوتسكا أستاذة علم الأوبئة والصحة العامة بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو في تصريح لموقع "بيبول" (People)، فإن تعرض محطة تشرنوبل لأي ضرر ستكون له تداعيات خطيرة، خاصة أن "التابوت الحجري الذي تم تشييده في عام 2017 ليحيط بالمفاعلات النووية ويوفر درعا يغطي المواد الإشعاعية المخزنة في الموقع شارف عمره الافتراضي على الانتهاء، وكان من المقرر هدمه بحلول عام 2023، وقد بدأ ملء موقع التخزين داخل البراميل لاحتواء المواد المشعة منذ حوالي عام فقط"، ووفقا للخبراء، تعتمد العواقب الصحية لمثل هذه الحوادث على عدد السكان المعرضين وسُميَّة العناصر المشعة، ولا تزال التكلفة الحقيقية لكارثة عام 1986 غير معروفة، حيث قدرت التقارير عدد الضحايا الحقيقي بين 4 آلاف و90 ألفا رغم أن عدد القتلى الفوريين لم يتجاوز رسميا 31.
ما مدى خطورة الهجوم على محطة طاقة نووية؟
تعرضت المباني في محطة الطاقة النووية زابوريجيا في أوكرانيا، وهي الأكبر في أوروبا، لأضرار بعد قصفها، ودفع الهجوم زعماء العالم لاتهام روسيا بالتهوّر. وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن ذلك يمكن أن "يهدّد بشكل مباشر سلامة كل أوروبا".
ماذا حدث لمحطة توليد الكهرباء؟ هاجمت روسيا زابوريجيا قصفاً، وسيطرت لاحقاً على المحطة النووية، وقالت هيئة التفتيش النووية الأوكرانية إن المباني المحيطة بواحدة من وحدات الطاقة الست تضررت، وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، إن أنظمة الأمان في المحطة لم تتأثر، ولم تنطلق مواد مشعة جراء الهجوم.
يقول خبراء نوويون إن الهجوم خلق وضعاً محفوفاً بالمخاطر، في حالة تلف المفاعل، الجهاز الذي يولّد الطاقة في محطة للطاقة النووية، والمبنى الذي يحتوي عليه، فقد يتسبب ذلك في ارتفاع درجة حرارة المفاعل وانصهار قلبه، كما يمكن أن يتسرب الإشعاع بعد ذلك إلى البيئة المحيطة، وإذا تعرض الناس لهذا الإشعاع، فقد يتسبب ذلك في آثار صحية شديدة فورية وطويلة المدى بما في ذلك السرطان، وشوهد هذا في عام 1986 في محطة تشيرنوبيل للطاقة في أوكرانيا، موقع أسوأ حادث نووي في التاريخ.
هل يمكن أن يكون الهجوم "تشيرنوبيل أخرى"؟ يقول الخبراء إنه على الرغم من أن الهجوم كان خطيراً، إلا أن هناك اختلافات مهمة بين محطتي تشيرنوبيل زابوريجيا.
موقع زابوريجيا أكثر أماناً، وفقًا للدكتور مارك وينمان من إمبريال كوليدج لندن، وقال وينمان إن المفاعل يقع في مبنى خرساني مقوى بالفولاذ يمكنه "تحمل الأحداث الخارجية الشديدة، سواء كانت طبيعية أو من صنع الإنسان، مثل تحطم طائرة أو انفجارات".
بلدة تشيرنوبل بعد أن هجرها سكانها، لا يحتوي مفاعل زابوريجيا على أي غرافيت. ولكن في تشيرنوبيل، تسبب الغرافيت في حريق كبير وكان مصدر عمود الإشعاع الذي انتشر عبر أوروبا.
ماذا يحدث إذا فقدت المحطة النووية الطاقة؟
يقول أوليكسي باسويك، نائب مدير إكواكشن، وهي مجموعة ضغط في شؤون الطاقة في أوكرانيا: "لا تحتاج إلى استهداف المفاعل مباشرةً لتحدث مشكلة". كما يمكن أن يتسبب انقطاع إمدادات الطاقة بالمحطة في حدوث مشكلات خطيرة، وكان الأوكرانيون يستعدون لإيقاف المفاعلات لحمايتها. ويُعتقد الآن أن مفاعل واحد فقط من المفاعلات الستة العاملة في محطة الطاقة يعمل.
ولا يمكن إيقاف تشغيل المفاعلات مثل إمدادات الطاقة التقليدية. يجب تبريدها ببطء لأكثر من 30 ساعة، الأمر الذي يتطلب إمدادًا ثابتًا بالكهرباء للمحطة، ويمكن أن يؤدي انقطاع إمدادات الطاقة، وبالتالي عملية التبريد، إلى تسرب الإشعاع، يمكن أن يحدث هذا إذا تجاوز الوقود النووي درجة انصهاره واخترقت المواد المشعة مرافق الاحتواء.
تقول البروفيسور كلير كوركهيل، خبيرة المواد النووية في جامعة شيفيلد، إن أسوأ سيناريو سيكون فقدان تبريد مشابه لما حدث في محطة فوكوشيما اليابانية في أعقاب كارثة تسونامي عام 2011، وفي هذه الحالة، أدى فقدان الطاقة إلى فقدان التبريد، مما تسبب في انهيار ثلاثة من مفاعلاتها النووية، وتوجد أربع محطات نووية رئيسية في أوكرانيا، ومحطة تشيرنوبيل المغلقة حالياً، وتسيطر روسيا على زابوريجيا وتشيرنوبل وتقترب من موقع ثالث، وهو محطة الطاقة النووية في جنوب أوكرانيا.
وهناك أيضاً مفاعلات أصغر ومواقع التخلص الإشعاعي التي تخزن النفايات من عمليات الطاقة النووية في جميع أنحاء أوكرانيا، وفي 27 فبراير/شباط، وردت تقارير عن أن الصواريخ الروسية أصابت موقع منشأة للتخلص من النفايات المشعة في كييف، وقالت هيئة التفتيش النووية الأوكرانية إنه لم يتم الإبلاغ عن أي تسرب إشعاعي وأن المحطة لم تتضرر بشكل مباشر.
ماذا حدث بعد ذلك؟ في الوقت الحالي، سمحت القوات الروسية للموظفين الأوكرانيين بالبقاء في غرفة التحكم في زابوريجيا، لإجراء العمليات الضرورية، لكن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل ماريانو غروسي، قال: "إنني قلق للغاية لأننا لا نعرف كيف حدث - كان يمكن أن يكون مأساوياً. لا ينبغي أن ننتظر حدوث شيء كهذا (مرة أخرى)، ويخطط غروسي للسفر إلى أوكرانيا للتفاوض مع القوات الروسية من أجل التشغيل الآمن لجميع محطات الطاقة في أوكرانيا.
"السيناريو المرعب".. ماذا تفعل إذا وقع انفجار نووي؟
أثار اندلاع النيران في منشأة ملحقة بمحطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا من جراء الأعمال الحربية، المخاوف من وقوع كارثة نووية تشبه تلك التي وقعت في مفاعل تشيرنوبل عام 1986، كما أن إعلان روسيا رفع حالة التأهب النووي جعل العالم يكتم أنفاسه من تطور الصراع بين موسكو والغرب إلى حرب نووية.
ويؤثر إطلاق المواد المشعة على صحة الإنسان، وازدياد خطر الإصابة بالسرطان وقد يحدث تغييرا في الحمض النووي ويخلف تشوهات في الأجيال القادمة، وينصح خبراء الطاقة النووية، بالإسراع إلى إخلاء المنطقة التي تعرضت للإشعاع قبل أي إجراء آخر، ومن ثم يُنصح سكان المنطقة بعدم العودة إلى المنزل في حال التعرض لإشعاع نووي واللجوء إلى الأماكن العامة، ولا يجب البقاء داخل السيارات كونها غير آمنة من المواد المشعة. وفي حال الاضطرار إلى الاحتماء بها، ينصح بغلق النوافذ ونظام التهوية.
وفي الغالب يتم توزيع أقراص اليود على السكان الذين يعيشون بالقرب من المواقع النووية، على أن تحفظ هذه الأقراص في نفس أماكن تخزين الأدوية الأخرى، في مكان آمن ودافئ (15 درجة مئوية إلى 30 درجة مئوية).
الوقت والمسافة ومكان الحماية، وأحد أفضل الطرق للحماية من الإشعاع هو التعامل مع الكارثة بأسلوب "الوقت والمسافة ومكان الحماية". فخلال حالة الطوارئ الإشعاعية (إطلاق كبير للمواد المشعة في الجو)، يمكن استخدام هذه المبادئ للمساعدة في الوقاية من الإشعاع.
الوقت: تقليل وقت التعرض للإشعاع يقلل من الجرعة الإشعاعية التي يتلقاها الجسم، المسافة: كلما ابتعدت عن الحريق الناجم عن الانفجار النووي أو المنطقة المنكوبة، فإن جرعة الإشعاع تنخفض بزيادة المسافة بعدا عن المصدر، مكان الحماية: توفر الخرسانة والحواجز المصنوعة من الرصاص أو حتى المياه، حماية من أشعة جاما التي تتكون على هيئة رزم طاقة.
في حالات الطوارئ الإشعاعية، ينصح بالاحتماء في منتصف المباني بعيدا عن النوافذ وفي الطوابق السفلى أو الأقبية.
ترقب المعلومات، كما ينصح بمتابعة الإرشادات العامة التي تقدمها السلطات عبر التلفزيون أو الراديو أوالإنترنت، حيث تقوم الجهات المختصة بتوجيه السكان إلى أقرب الأماكن الآمنة وما يمكن أن يفعلوه لحماية أنفسهم.
الجحيم النووي.. ما هي مخاطر تدمير المفاعلات الأوكرانية؟
أثار القصف الروسي لأكبر محطة نووية في أوروبا إدانات دولية تجاه التصرف "المتهور"، كما وصفه رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، وزاد الغضب بعد أن استكملت روسيا قصف المفاعل، حتى بعد نشوب حريق بداخله، وحاولت إعاقة وصول فرق الإنقاذ.
كل هذا يثير التساؤلات، حول مخاطر نشوب كارثة نووية، قد تجعل الحياة في مناطق شاسعة في أوروبا ومنها روسيا غير صالحة للحياة، بسبب القتال بالقرب من بحسب تقرير لمنظمة السلام الأخضر.، ولأول مرة في التاريخ، يتم شن حرب كبرى في بلد به مفاعلات نووية متعددة، وآلاف الأطنان من الوقود المستهلك عالي النشاط الإشعاعي.
ما هي حجم البنية التحتية النووية أوكرانيا؟
تملك أوكرانيا واحدة من أكبر البنى التحتية النووية في العالم، حيث تمتلك 4 حطات نووية نشطة تضم 15 مفاعلا، يزودون البلد بنصف احتياجاتها من الكهرباء. بذلك، تصبح أوكرانيا ثالث أكبر بلد في العالم من حيث اعتمادها على الطاقة النووية.
المحطة الأكبر على الإطلاق هي زابوريجيا، جنوب شرقي البلاد، على بعد ١٩٠ كيلومتر تقريبا من دونباس. تضم المحطة 6 مفاعلات نشطة. وخلال فبراير الماضي، أغلقت أوكرانيا بالفعل اثنين من المفاعلات، وفصلتهما عن شبكة الكهرباء.
ما مخاطر الغزو الروسي على المفاعلات الأوكرانية؟
المحطات النووية قوية جدا في مقاومتها للحوادث، إذ يمكن أن تتحمل اصطدام طائرة ضخمة بها دون أن تتأثر المفاعلات داخلها. رغم ذلك، هي ليست مصممة لأن تكون في منطقة حروب، قد تتعرض هذه المحطات لقصف صاروخي مباشر أو بشكل غير مباشر عن طريق الخطأ، مما قد يؤدي إلى حدوث تسرب إشعاعي، خاصة إن أصيبت المباني المخصصة للتخلص من النفايات النووية، فهذه المباني أقل تأمينا من المفاعل نفسه.
لكن يظل الخطر الأكبر هو أن يؤدي صاروخ طائش إلى انقطاع الكهرباء عن آليات تبريد المفاعلات النووية، أو هجمة إلكترونية على شبكة الكهرباء تؤدي لفشل مولدات الكهرباء الاحتياطية. هذه السيناريوهات قد يؤدي لارتفاع حرارة قلب المفاعل النووي وذوبان المواد المشعة بداخله، كما يخشى الباحثون من صعوبة الحفاظ على تشغيل المفاعلات بموظفين مناسبين وبروتوكولات أمان في وسط منطقة حرب.
يقول إم في رامانا، خبير السياسة النووية في جامعة كولومبيا البريطانية، يمكن أن تتفاقم المخاطر بسبب مشاكل التوظيف". وأوضح: "لنفترض أن جميع الموظفين يقولون يجب أن نخرج من أوكرانيا، سأصطحب عائلتي إلى بولندا. كيف يتم تشغيل هذه المفاعلات في هذه المرحلة".
ما الذي سيحدث إن ذابت المواد المشعة داخل المفاعلات؟
في حالة ذوبان قلب المفاعل، فإن ذلك قد يؤدي لتسرب إشعاعي تبيد الحياة لآلاف الكيلومترات حولها، وتعتمد العواقب الصحية لمثل هذا التسرب على عدد السكان المعرضين للخطر وسمية العناصر المشعة، وصل عدد ضحايا حادث تشرنوبل عام 1986 إلى 4,000 شخص جراء التعرض للإشعاع المنبعث. وقدر منتدى تشيرنوبيل التابع للأمم المتحدة أن سيؤدي سيؤدي إلى 5000 حالة وفاة أخرى بسبب الإصابة بالسرطان على مدار 50 عامًا. كما أصيب الآلاف بسرطان الغدة الدرقية في السنوات التي أعقبت الحادث مباشرة.
في خضم جائحة أودت بحياة الملايين، قد تبدو وفيات المفاعلات النووية تافهة. لكن هذا سيكون قراءة خاطئة غير معقولة للمخاطر. للحد من امتصاص الإشعاع الذي استقر على الأرض بعد تشيرنوبيل، اضطرت السلطات السوفيتية إلى تهجير مئات الآلاف من الأشخاص وإزالة مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والغابات لعقود.
أما كارثة فوكوشيما التي وقعت في 11 مارس عام 2011 حين أدت هزة أرضية شمال شرق اليابان إلى أمواج مد عاتية (تسونامي)، تسببت في حدوث انصهار نووي، لم تكن هناك تأثيرات كبيرة على صحة السكان لأن كمية المشع التي تسربت كانت محدودة.
هل تعرضت المحطات الأوكرانية للقصف خلال الغزو الروسي؟
خلال الساعات الماضية، أعلنت السلطات الأوكرانية أن قصفاً روسياً استهدف محطة زابوريجيا، مما أسفر عن اندلاع حريق في مبنى للتدريب ومختبر، واتهم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، موسكو باللجوء إلى "الرعب النووي" والسعي "لتكرار" كارثة تشيرنوبل بقصفها محطة زابوريجيا، وقال الرئيس الأوكراني في رسالة عبر الفيديو نشرتها الرئاسة الأوكرانية "ليس هناك أي بلد آخر في العالم سوى روسيا أطلق النار على محطات للطاقة النووية. إنها المرة الأولى في تاريخنا، في تاريخ البشرية. هذه الدولة الإرهابية تلجأ الآن إلى الرعب النووي"، أكدت وكالة تفتيش المواقع النووية الأوكرانية أنها لم تسجيل أي تسرب إشعاعي من منشأة زابوريجيا النووية في جنوب البلاد مؤكدة أن الطاقم يؤمن تشغيل الموقع، كما شهدت المنطقة المحيطة بمحطة تشرنوبل لاشتباكات، انتهت بسيطرة القوات الروسية على المحطة.
ما موقف القانون الدولي من الهجوم على المنشآت النووية؟
بحسب القانون الصادر عن المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2009، فإن أي هجوم مسلح أو تهديد ضد المنشآت النووية المخصصة للأغراض السلمية يشكل انتهاكًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والنظام الأساسي للوكالة.
اضف تعليق