يواجه رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، وهو ثالث شخصية تٌكلف بهذه المهمة جملة من التحديات والمشكلات فيما يخص تشكيل حكومة جديدة قادرة على ادارة شؤون البلاد، بسبب الازمات والخلافات المستمرة بين الكتل والاحزاب، يضاف الى ذلك الصراعات والتدخلات الخارجية التي اثرت سلباً على مصالح العراق...
يواجه رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، وهو ثالث شخصية تٌكلف بهذه المهمة جملة من التحديات والمشكلات فيما يخص تشكيل حكومة جديدة قادرة على ادارة شؤون البلاد، بسبب الازمات والخلافات المستمرة بين الكتل والاحزاب، يضاف الى ذلك الصراعات والتدخلات الخارجية التي اثرت سلباً على مصالح العراق، كما ويواجه الكاظمي تحديات اقتصادية وصحية كبيرة، بسبب الهبوط الحاد في أسعار النفط وتفشي فيروس كورونا. وأعلن رئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي كما نقلت بعض المصادر، أنه أرسل البرنامج الوزاري لحكومته إلى رئاسة مجلس النواب. وقال في تغريدة له على تويتر "أرسلت المنهاج الوزاري (البرنامج الحكومي) إلى مجلس النواب الموقر لاطلاع النواب، وسيتمّ إرسال أسماء المرشحين للكابينة الوزارية ضمن المدة الدستورية لتحديد جلسة التصويت".
وتعهد الكاظمي في بيان بأن يعمل على إجراء انتخابات عامة في العراق على أسس نزيهة في البلاد، دون أن يحدد موعدها. وأوضح أن مفوضية الانتخابات التي التقى وفدها، شركاء في العبور بالبلاد من الأزمة الحالية. وأكد الكاظمي رفضه أي ضغط هدفه تقويض الدولة، مشددا على أن الحكومة التي يسعى إلى تشكيلها يجب أن تكون بمستوى الأزمات التي تشهدها البلاد، وهو ما عده بعض المراقبين مجرد خطاب اعلامي ارضاء الشارع العراقي الذي يسعى الى تغير الواقع الحالي، ولا يزال عادل عبد المهدي، الذي استقال تحت ضغط الاحتجاجات يقود حكومة تصريف أعمال.
والكاظمي ليس شخصية جديدة مطروحة على طاولة السياسة العراقية. فقد كان اسم رئيس جهاز المخابرات العراقي واردا منذ استقالة عبد المهدي، وحتى قبل ذلك بديلاً لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في 2018. وكان اسم الكاظمي (53 عاماً) متداولا كخيار محتمل لقيادة مرحلة ما بعد دحر تنظيم داعش في العراق. لكن عوامل عدة حالت حينها دون نيله التوافق، خصوصاً مع وصفه من بعض الأطراف على أنه "رجل الولايات المتحدة" في العراق.
حكومة محاصصة
وفي هذا الشأن اكد النائب بدر الزيادي، ان رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي منح الكتل السياسية حصصها في الكابينة الوزارية، مبينا ان الحكومة ستكون حكومة محاصصة. وقال الزيادي في تصريح صحافي ان "الكتل السياسية شبه متفقة بشكل نهائي على الحقائب الوزارية، مع رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، وتم حسم المرشحين"، مبينا ان "الكاظمي منح الكتل حصصها في الكابينة، أي أنها ستكون حكومة محاصصة". واضاف ان "هناك أربع وزارات متبقية لم تحسم حتى الآن بشكل نهائي، وهي الدفاع والداخلية والمالية والنفط، إذ ما زال هناك خلاف بين الكتل بشأن المرشحين لها".
وأوضح وبحسب السومرية أنه "في حال عدم التوافق بشأن تلك الوزارات، فإن الكابينة الوزارية سيتم تقديمها إلى البرلمان من دون تلك الوزارات"، مبيناً أن "الاجتماعات ما زالت مستمرة لبحث التشكيلة الحكومية وبعض التفاهمات الأخرى، وأن الجميع يريدون الذهاب نحو حكومة قوية تحظى بدعم برلماني، لتكون لها القدرة على مواجهة الأزمات التي يمرّ بها العراق". وقال ان "الأمور حتى الآن تبشر بخير، خصوصاً مع حصول الكتل السياسية على حصصها، ما يعني أنها ستمرّر الحكومة ولن تعترض عليها".
واكد ان "الأمر غير محسوم، فمن غير المستبعد أن تتراجع كتل عن التصويت بسبب بعض المرشحين، ويجوز لجهات أخرى، في حال لم يمرَّر وزراؤها، أن تنسحب"، موضحا ان "الوضع ليس سهلاً، ولا توجد ضمانات حاسمة لتمرير الكابينة". وتنتهي المهلة الدستورية المحددة لعرض الكاظمي حكومته على البرلمان للحصول على ثقته، في التاسع من الشهر الجاري، وفقاً لنص الدستور العراقي، الذي منح رئيس الوزراء المكلف مهلة شهر واحد لتشكيل حكومته.
الحرب ضد داعش
الى جانب ذلك تعهد رئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي، بتكثيف الحملة ضد "داعش" بعد الهجوم الذي شنه التنظيم الإرهابي في محافظة صلاح الدين. وذكر الكاظمي في بيان: "إن العملية التي نفذتها زمر الإرهاب الإجرامية، إنما تمثل محاولة يائسة لاستثمار حالة التناحر السياسي التي تعرقل تشكيل الحكومة للقيام بواجبها الوطني في حماية أمن المواطنين وملاحقة الإرهاب على امتداد الوطن، وهي محاولات تتطلب المزيد من المسؤولية في تعاطي القوى السياسية المختلفة مع ملف تشكيل الحكومة بعيدا عن روح الاستئثار والتحاصص".
أفادت بعض المصادر بأن القوات العراقية حصلت على معلومات وصفتها بـ"المهمة" وذلك خلال عمليات بحث عن مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي في منطقة مكيشيفة بمحافظة صلاح الدين وسط البلاد. وذكرت مصادر عراقية، أن 11 من عناصر الحشد الشعبي قتلوا في هجوم لتنظيم "داعش" على حشد فوج دجلة في منطقة مكيشيفة. ويأتي ذلك بعد إعلان الحشد الشعبي نهاية أبريل الماضي مقتل 7 عناصر من تنظيم "داعش" بمساندة من طيران الجيش العراقي.
وخلال الأسابيع الأخيرة، زادت وتيرة هجمات مسلحين يشتبه في انتمائهم لداعش، خاصة في المنطقة الوعرة بين محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى، المعروفة باسم "مثلث الموت". والشهر الماضي، أعلنت خلية الإعلام الأمني في العراق عن توجيه القوات العراقية لضربات جوية، لمناطق تأوي عناصر من "داعش" في صلاح الدين. وقالت خلية الإعلام الامني في العراق إنه "وفقا لمعلومات استخبارية دقيقة، وجهت طائرات "إف 16" العراقية ضربات دقيقة لأوكار عصابات داعش الإرهابية، في جزيرة عبد العزيز، وسط نهر دجلة، غربي قضاء الدور في محافظة صلاح الدين". وبحسب السلطات العراقية فإن الضربات أسفرت عن "قتل مجموعة من العناصر الإرهابية وتدمير الأوكار بالكامل، حيث كانت هذه الأماكن تنطلق منها العناصر الإرهابية لاستهداف القوات الأمنية والمواطنين.
واشنطن وطهران
الى جانب ذلك يشهد العراق منذ أسابيع انخفاضاً في التوتر على أراضه بين حليفيه الأميركي والإيراني، مع توقف للهجمات الصاروخية والغارات الثأرية، غير أن خبراء يحذرون من أن يكون هذا الهدوء لإعادة رص صفوف المعسكرين تحضيراً لجولة جديدة من المواجهات. وعندما قتل جنديان أميركيان وبريطانية بهجوم صاروخي في منتصف آذار/مارس، وضعت وزارة الدفاع الأميركية تصوراً لرد الفعل الأميركي المحتمل الأكثر تدميراً ضد الفصائل العراقية المسلحة.
وقال فيليب سميث من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إنه "حتى لو لم يكن هناك إطلاق للصواريخ، فإن الإيرانيين يعيدون تنظيم صفوفهم". وأضاف أن "القوات الأميركية في الوقت الحالي، تأخذ التهديدات على محمل الجد". وبدأت وزارة الدفاع الأميركية وضع خطة شاملة ترمي إلى تنفيذ ضربات ضد أكثر من مئة موقع بتوقيت متزامن ضد فصائل مسلحة عراقية، وخصوصاً كتائب حزب الله، الفصيل الذي تتهمه واشنطن بشن الهجوم الأكثر دموية ضد جنود غربيين خلال سنوات في العراق. لكن ضرب تلك الأهداف في دولة تواصل اتهام واشنطن بانتهاك سيادتها، وصوت نوابها على إنهاء الوجود العسكري الأميركي في البلاد، قد يكون له عواقب وخيمة، بحسب ما يقول حتى القائد الأميركي للتحالف الدولي ضد الجهاديين الذي تقوده الولايات المتحدة.
لكن مع تفشي جائحة كوفيد-19، تغيّر شكل التحالف أصلاً. وغادر العراق 2500 مدرب عسكري من مختلف الجنسيات ضمن التحالف الدولي، من دون أجل للعودة، فيما تجمع الجنود الباقون، وغالبيتهم من الأميركيين، في عدد محدود من القواعد، اثنتان منها محميتان الآن بمنظومة صواريخ باتريوت للدفاع الجوي التي نشرتها واشنطن مؤخراً. وقال أحد الدبلوماسيين إن "التحالف كما نعرفه، لم يعد قائماً".
وسترسل الولايات المتحدة، التي تراجعت علاقاتها ببغداد إلى أدنى مستوياتها منذ عملية الجنرال قاسم سليماني، وفدا إلى العراق في حزيران/يونيو المقبل، لإعادة التفاوض بشأن العلاقات العسكرية والاقتصادية بين البلدين. وقد يشهد العراق ولادة حكومة جديدة، بعد خمسة أشهر من الشغور، مع تكليف رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي، المعروف بمهاراته التفاوضية من واشنطن إلى طهران مروراً بالرياض وبيروت. وقال مسؤول عراقي قريب من المحادثات "إنها علاقة على حد السيف، ولا يجب أن تكون كذلك". لكن الباحث ريناد منصور من "تشاتام هاوس"، يعتبر أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً على بغداد "لاختيار طرف، وهو أمر محفوف بالمخاطر. وكأنهم يقولون لهم هل أنتم معنا أم ضدنا؟".
من جانب اخر قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن الولايات المتحدة ترحب باتفاق على تشكيل حكومة جديدة، مضيفا أنها ينبغي أن تكون قادرة على التصدي لوباء فيروس كورونا ودعم الاقتصاد والسيطرة على الأسلحة. وقال بومبيو في بيان ”نرحب بتوصل الزعماء السياسيين الشيعة والسنة والأكراد إلى توافق على ما يبدو حول تشكيل حكومة، وأضاف ”يجب على الزعماء العراقيين التخلي عن نظام المحاصصة الطائفية وتقديم تنازلات تؤدي إلى تشكيل حكومة من أجل مصلحة الشعب العراقي ومن أجل الشراكة بين الولايات المتحدة والعراق“. وقال وزير الخارجية ”يجب على الحكومة العراقية أيضا أن تستمع إلى نداء كثير من عناصر المجتمع العراقي بوضع كل الجماعات المسلحة تحت سيطرة الدولة، ونحن نرحب بالخطوات التي اتخذت في الأيام الماضية في هذا الصدد“.
اضف تعليق