أن معظم حالات فيروس كورونا المستجد في جميع أنحاء العالم لم يتم اكتشافها بعد، مما يزيد من خطر تفشي الفيروس إذا تم رفع تدابير الابتعاد الاجتماعي والقيود المفروضة على السفر في وقت مبكر جدا. هذه التحذيرات دفعت بعض الدول الى اعتماد اجراءات متشددة في سبيل ابعاد الخطر....
يواصل فيروس كورونا المستجد انتشاره بوتيرة متسارعة في جميع أنحاء العالم، حيث ارتفعت وبحسب بعض المصادر، أعداد الوفيات نتيجة الإصابة بهذا الفيروس إلى اكثر من 150 ألف حالة وفاة، فيما أصاب الوباء أكثر من مليونين و300 ألف منذ تفشيه في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر كانون الثاني الماضي 2019، وفي ظل استمرار تفشي الوباء رغم الجهود الرامية للحد منه، فقد حذر باحثون ألمان من أن معظم حالات فيروس كورونا المستجد في جميع أنحاء العالم لم يتم اكتشافها بعد، مما يزيد من خطر تفشي الفيروس إذا تم رفع تدابير الابتعاد الاجتماعي والقيود المفروضة على السفر في وقت مبكر جدا. هذه التحذيرات دفعت بعض الدول الى اعتماد اجراءات متشددة في سبيل ابعاد الخطر وتقليل عدد الاصابات.
وأجرى الباحثون، من جامعة غوتينغن في ألمانيا، هذا التقييم بعد مقارنة تقديرات معدلات الوفيات الناجمة عن عدوى الفيروس في دراسة سابقة مع العدد المؤكد للحالات وبيانات الأمم المتحدة السكانية. وخلصوا إلى أن حوالي 6 % فقط من الحالات في المتوسط قد تم اكتشافها في البلدان الأربعين التي شملتها الدراسة، وأن السبيل الوحيد لمنع تجدد تفشي الفيروس، هو إجراء اختبارات واسعة النطاق تعقبها عزلة الأشخاص المصابين.
وبحسب الدراسة، كانت كوريا الجنوبية صاحبة أعلى معدل للكشف بنسبة 50 في المئة تقريبا بينما بلغت نسبة الكشف في الولايات المتحدة 1.5 في المائة. وكان معدل الكشف في تركيا أدنى معدل بنسبة 0.12 في المئة. وفي المتوسط، قد لا يتجاوز معدل الكشف على الصعيد العالمي 6 في المائة فقط. وخلصت الدراسة إلى أن العدد الفعلي للإصابات في جميع أنحاء العالم يمكن أن يصل إلى عشرات الملايين.
وبحسب الدراسة فإن هذه النتائج تعني أن الحكومات وصناع السياسات بحاجة إلى توخي أقصى درجات الحذر عند تفسير أرقام الحالات لأغراض التخطيط. ووافق أليكس كوك من جامعة سنغافورة الوطنية، المتخصص في نمذجة الأمراض المعدية، على أن حالات كوفيد-19 لم يتم الإبلاغ عنها بشكل جيد لأن بعض الحالات تنطوي على التهابات بدون أعراض وأشخاص يعانون من أعراض خفيفة قد لا يدركون أنهم مصابون بالفيروس.
تحذير جديد
وفي هذا الشأن دعت منظمة الصحة العالمية الدول إلى توخي الحذر بخصوص رفع القيود المفروضة لكبح انتشار فيروس كورونا المستجد، كما حذرت من أن الوضع يتفاقم في أفريقيا. وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم جيبريسوس في مؤتمر صحفي إن المنظمة تود أن تشهد تخفيفا في القيود لكن في الوقت نفسه ”فإن رفع القيود قد يؤدي إلى عودة فتاكة“ للفيروس.
وأضاف أن هناك ”تباطؤا“ في انتشار الوباء في بعض البلدان الأوروبية، لا سيما إيطاليا وألمانيا وإسبانيا وفرنسا، لكن هناك ”تسارعا مقلقا“ في الانتشار في دول أخرى، ويشمل ذلك العدوى المجتمعية في 16 دولة أفريقية. بحسب رويترز.
وعبر عن قلقه الشديد من ارتفاع عدد الإصابات بين العاملين في القطاع الصحي. وقال ”التقارير في بعض الدول تقول إن ما يصل إلى عشرة بالمئة من العاملين في القطاع الصحي مصابون بالعدوى، وهذا اتجاه مقلق“. وذكر تيدروس أنه لا يوجد بلد محصن من الوباء الذي أشاع الذعر في العالم. وأشار إلى أنه تم اكتشاف إصابات في بعض مناطق اليابان دون أي صلة معروفة لها بمناطق تفش أخرى. وقال ”لا يوجد بلد محصن. لا يمكن لأي بلد أن يزعم أن لديه نظاما صحيا قويا. علينا أن نتحلى بالصدق ونعمل على تقييم المشكلة ومعالجتها“.
تشديد الإجراءات
الى جانب ذلك أظهرت بيانات حكومية أن عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد في الهند يمثل نصف الإصابات في جنوب آسيا على الرغم من حملة مشددة استمرت أسابيع لاحتواء انتشار المرض. وأصبحت دلهي عاصمة الهند ومومباي مركزها المالي، البؤرتين الساخنتين للتفشي، وطالب مسؤولون محليون رئيس الوزراء ناريندرا مودى بتمديد إجراءات العزل العام على مستوى البلاد لمدة 21 يوما بعد انقضاء مدتها.
وأدت إجراءات العزل العام على نطاق واسع في بلد يبلغ عدد سكانه 1.3 مليار نسمة إلى تسريح الملايين من العمل والنزوح الجماعي للعمال المهاجرين من المدن إلى منازلهم في الضواحي، لكن زعماء البلاد يقولون إن إنقاذ الأرواح أهم من كل ذلك. وقال مانيش سيسوديا نائب رئيس وزراء دلهى ”إذا استمر هذا الاتجاه، فربما يتعين علينا تمديد فترة العزل العام“. وتسبب تجمع ديني لجماعة دعوية إسلامية في وقت سابق في زيادة الحالات في دلهي. ويحذر مسؤولون من أن العدوى على نطاق واسع قد تكون شيئا كارثيا في بلد يعيش فيه الملايين في أحياء فقيرة ذات كثافة سكانية مرتفعة وغالبا ما يستحيل تطبيق معايير التباعد الاجتماعي فيها ، علاوة على أن نظام الرعاية الصحية بها مثقل بالأعباء.
وفي باكستان المجاورة، ارتفعت اعداد الاصابات ايضاً، وحذرت السلطات من فرض عقوبات صارمة إذا استخف الناس بإجراءات العزل العام وتوجهوا إلى المساجد لأداء صلاة الجمعة. وتسمح القواعد لخمسة أشخاص فقط بالصلاة في نفس الوقت في المسجد، لكن أعدادا كبيرة تجمعت في وقت سابق. وأعلنت باكستان عن خطة للتحويلات النقدية بقيمة 900 مليون دولار تحصل بموجبها 12 مليون أسرة على 12 ألف روبية شهريا للأشهر الثلاثة المقبلة، في أكبر خطة من هذا القبيل في تاريخ البلاد. بحسب رويترز.
وكتب رئيس الوزراء عمران خان على تويتر عند إطلاق الخطة ”هذا إنجاز عظيم لحكومتنا بتحويل الأموال إلى المحتاجين في مجتمعنا على هذا النطاق الواسع بجميع أنحاء البلاد“. وكان خان قد عارض في البداية إجراءات العزل العام قائلا إنها ستلحق الضرر بالفئات الأشد فقرا لكنه اضطر إلى التراجع مع انتشار الفيروس. وفي بنجلادش، حيث جرى نشر الجيش في جميع أنحاء البلاد لفرض إجراءات التباعد الاجتماعي، مددت الحكومة إجراءات العزل العام على مستوى البلاد إلى 25 أبريل نيسان مع ارتفاع عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا.
وفرضت إندونيسيا قيودا على وسائل النقل العام استعدادا للنزوح السنوي إلى القرى قبل عيد الفطر وذلك في محاولة لإبطاء انتشار فيروس كورونا في رابع أكبر دول العالم سكانا. ومع ذلك ما زالت القيود أقل بكثير من دعوة بعض خبراء الصحة إلى حظر تام للعودة إلى القرى عند انتهاء شهر رمضان مع ارتفاع عدد الإصابات والوفيات بالمرض المستجد في البلاد. ويحذر خبراء الصحة من أن إندونيسيا تواجه زيادة كبيرة في عدد الحالات بعد أن أخفى تعامل الحكومة ببطء الحجم الفعلي للتفشي.
ويتدفق نحو 75 مليون إندونيسي من المدن الكبيرة إلى قراهم في نهاية شهر رمضان التي ستكون في أواخر شهر مايو أيار. وهناك مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى انتشار أوسع للمرض. وبموجب الإجراء الجديد، لن يُسمح للحافلات العامة والقطارات والطائرات والسفن إلا بشغل نصف مقاعدها فقط وسُيسمح بشغل نصف مقاعد السيارات الخاصة في حين يركب الدراجة النارية شخص واحد فقط.
احكام عرفية
على صعيد متصل هدد الرئيس الفيليبيني رودريغو دوتيرتي بتنفيذ حملة أمنية تشبه تطبيق أحكام عرفية لإجبار الناس على الامتثال للإغلاق الشامل الذي تم فرضه في العاصمة. وجاءت تصريحات دوتيرتي بعدما سجّلت السلطات ارتفاعا في عدد السيارات في شوارع مانيلا التي بدت شبه مهجورة منذ فرض الإغلاق الشامل قبل شهر على نحو نصف سكان البلاد البالغ عددهم 110 ملايين.
وقال دوتيرتي في خطاب متلفز "كل ما أطلبه هو بعض الانضباط. ما لم يحصل ذلك، إن لم تصدّقوني، فسيسيطر الجيش والشرطة". وأضاف "سيفرض الجيش والشرطة التباعد الاجتماعي عبر حظر للتجوّل (...) امر يشبه الأحكام العرفية والقرار لكم". وهدد دوتيرتي مرارا بفرض حكم عسكري في أنحاء الفيليبين مستخدما عبارات تذكر بانتهاكات حقوق الإنسان في عهد نظام الدكتاتور فرديناند ماركوس.
وفرض دوتيرتي الأحكام العرفية على مينداناو في الثلث الجنوبي من البلاد ردا على حصار مسلّحين على صلة بتنظيم داعش لمدينة مراوي. ومع ارتفاع عدد الإصابات المسجّلة بفيروس كورونا المستجد في آذار/مارس، أمر دوتيرتي بفرض حجر صحي على الجزيرة الرئيسية في شمال البلاد لوزون التي تشمل سكان العاصمة البالغ عددهم 12 مليونا. ولا يسمح رسميا إلا للعمال الأساسيين والأشخاص الذين يشترون الغذاء والدواء بمغادرة منازلهم، لكن كثيرين تجاوزوا القواعد. بحسب فرانس برس.
وفي بعض المناطق، لا يملك العمال المياومون خيارا سوى الخروج للبحث عن العمل، لكن الشرطة أشارت كذلك إلى أنها فرّقت أشخاصا نظموا مناسبات على غرار مباريات ملاكمة للمبتدئين. وذكرت الشرطة أنها وجّهت إنذارات أو أوقفت عشرات الآلاف من الأشخاص الذين خرجوا من منازلهم دون مبررات مقبولة.
عام آخر
الى جانب ذلك قال رئيس وزاء أستراليا سكوت موريسون إن القيود على الحياة العامة في البلاد قد تظل مفروضة لعام آخر بسبب جائحة فيروس كورونا. ولم تشهد أستراليا حتى الآن تسجيل أعداد كبيرة من الإصابات والوفيات بسبب فيروس كورونا على غرار دول أخرى في أنحاء العالم، وذلك بعدما أغلقت حدودها وفرضت إجراءات تباعد اجتماعي مشددة.
وتم إغلاق المطاعم والحانات وغيرها من الأعمال ”غير الضرورية“ ومنع تجمع أكثر من شخصين في مكان عام، وفُرضت عقوبات بالغرامة وحتى السجن على المخالفين. ونتيجة لذلك استقر معدل النمو اليومي في الإصابات الجديدة المسجلة دون الخمسة بالمئة بعد أن كان حوالي 25 بالمئة قبل بضعة أسابيع. وقال موريسون إن بعض الإجراءات، مثل القواعد التي تلزم الأشخاص بالوقوف على مسافة 1.5 متر على الأقل من بعضهم ستظل سارية على الأرجح لشهور، نظرا لعدم وجود ما يضمن تطوير لقاح خلال تلك الفترة. وقال ”التباعد الاجتماعي أمر ينبغي أن نعتاد عليه. قد يكون عاما، لكنني لا أتوقع بشأن ذلك“.
كما قال باحثون أستراليون إنهم يتوقعون البدء في غضون أسابيع في فحص الصرف الصحي قبل معالجته لرصد انتشار فيروس كورونا وذلك للمساعدة في تحديد المناطق المهددة بعد نجاح تجربة محلية. وأجرت هيئة العلوم الوطنية الأسترالية وجامعة كوينزلاند التجربة في الولاية وستستخدم لتطوير نظام مراقبة قال باحثون إنه سيساعد المسؤولين عندما يبدأون في تخفيف القيود على حركة السكان.
ويستخدم المشروع الجديد نظاما قائما تراقب من خلاله أجهزة مكافحة الجريمة مياه الصرف ويغطي نحو 57 بالمئة من السكان لرصد وجود المخدرات في المدن الأسترالية. وفي التجربة التي أجريت في كوينزلاند نجح العلماء في رصد جزء جيني من فيروس كورونا المستجد في مياه صرف من محطتين لمعالجة مياه الصرف. وقالت هيئة العلوم الوطنية إنه عن طريق الاستخدام على نطاق أوسع سيكون من الممكن تحديد العدد التقريبي للأشخاص المصابين في منطقة جغرافية بدون فحص كل شخص على حدة. ويجري فحص الآلاف من الأستراليين يوميا. بحسب رويترز.
وقال بول برتش مدير علوم الأرض والمياه في الهيئة إن هذا المشروع سيساعد الحكومة في تخفيف القيود المفروضة على حركة السكان في أنحاء البلاد بتحديد المناطق التي تواجه مشاكل مما يتيح للكثير من الأستراليين الخروج من منازلهم. وقال ”أرى أنها أداة مراقبة مهمة في تخفيف القيود. مع تخفيف الحكومة للإجراءات ستكون في حاجة لمواصلة مراقبة حالات التفشي والتعامل معها“.
رقم قياسي
على صعيد متصل حثت اليابان مواطنيها على البقاء في منازلهم، بينما حذرت تقارير إعلامية من أن ما يصل إلى 400 ألف منهم قد يلقون حتفهم بسبب فيروس كورونا إذا لم تقم السلطات بتحرك عاجل، وفيما يواجه رئيس الوزراء شينزو آبي ضغوطا لتخصيص مزيد من المال للأزمة. ونقلت تقارير بوسائل إعلام محلية عن توقعات غير معلنة لوزارة الصحة أن عدد الوفيات في البلاد جراء الإصابة بالفيروس قد يصل إلى 400 ألف حالة ما لم تُتخذ إجراءات للحد من انتشار العدوى. كما ذكرت التقارير أن التقديرات تفيد بأن عدد الحالات التي قد تحتاج إلى تنفس صناعي قد يصل إلى 850 ألف حالة.
وشهدت اليابان تسارعا في وتيرة انتشار العدوى في الأسابيع القليلة الماضية، خاصة في طوكيو. وردت الحكومة بإعلان حالة طوارئ في العاصمة وست مناطق أخرى بينها أوساكا، وإعلان هدف بالحد من التعامل الشخصي بين الناس بنحو 70 بالمئة. وحث يوشيهيدي سوجا كبير أمناء مجلس الوزراء المواطنين على بذل أقصى ما يمكنهم من جهد لمساعدة الحكومة على تحقيق هدفها.
ويواجه رئيس الوزراء آبي ضغوطا لإضافة 100 ألف ين (935 دولارا) لكل مواطن فوق حزمة تحفيز اقتصادي بقيمة تريليون دولار تشمل توزيعات نقدية قيمتها 300 ألف ين لكل أسرة تراجع دخلها بفعل الوباء. وقال ناتسو ياماجوتشي زعيم حزب كوميتو، الشريك في الحكومة الائتلافية، بعد لقاء آبي ”دعوت رئيس الوزراء لاتخاذ قرار وإرسال رسالة تضامن قوية إلى المواطنين“. ومن بين الحلفاء الآخرين الذين ينادون بتحرك، توشيهيرو نيكاي العضو البارز في الحزب الديمقراطي الحر الحاكم. وقال سوجا إن الحكومة ستبحث اتخاذ المزيد من الإجراءات، لكنها ترغب حاليا ”في مد المساعدة للأسر الأكثر تضررا“.
وتسمح حال الطوارئ لحكام المناطق الطلب من الأهالي لزوم منازلهم، لكنها لا تخولهم فرض القيود المطبقة في أماكن أخرى لانها تتضمن أي عقوبة على المخالفين. وقال آبي إن السلطات ستعيد دراسة الوضع في 6 أيار/مايو في نهاية العطلة الرسمية مضيفا "اذا امتنعنا جميعا عن الخروج، يمكننا أن نخفض بشكل كبير عدد المرضى خلال أسبوعين". وأضاف "المستقبل رهن بسلوكنا" مؤكدا أن هدفه المتمثل بأن يقلل الجميع من تواصلهم الاجتماعي بنسبة 70 بالمئة على الأقل، لم يتحقق بعد.
وكان الاقتصاد الياباني يواجه انكماشا حتى قبل أزمة فيروس كورونا المستجد، إذ تقلص بنسبة 1,8 بالمئة في الفصل الأخير من العام الماضي. ومذاك تراجعت السياحة بما يصل إلى 90 بالمئة، كما توقفت عجلة الصناعة والتجارة فيما أجبر الفيروس السلطات على إرجاء أولمبياد طوكيو 2020، والذي كان يعد مصدر دعم للاقتصاد.
اضف تعليق