مع دخول الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن عامها الخامس، اصبحت هذه البلاد الفقيرة تعاني من دمار واسع وهو ما اسهم في تفاقم معاناة المواطنين. وتعيش اليمن في ظل استمرار الحرب والحصار الجائر أوضاعا إنسانية صعبة، فقد ارتفعت نسبة الفقر والبطالة إلى أكثر من 83%...
مع دخول الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن عامها الخامس، اصبحت هذه البلاد الفقيرة تعاني من دمار واسع وهو ما اسهم في تفاقم معاناة المواطنين. وتعيش اليمن في ظل استمرار الحرب والحصار الجائر أوضاعا إنسانية صعبة، فقد ارتفعت نسبة الفقر والبطالة إلى أكثر من 83%، بينما يشهد القطاع الصحي تدهورا واضحا مع ارتفاع نسبة الإصابة بمرض الكوليرا، خصوصا وان قوات التحالف العربي قد سعت الى استهداف البنى التحتية والمؤسسات الحيوية. وهو ما اثار مخوف الكثير من المنظمات الانسانية والحقوقية التي طالبت بضرورة التدخل لانها هذه الحرب ومحاسبة السعودية وباقي الحلفاء وخصوصا الدول العظمى الداعمىة في هذه الحرب ومنها الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وغيرها من الدول الاخرى.
وقد اتهمت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إدارة الرئيس دونالد ترامب، بأنها "شريك في الجريمة" بسبب "دعمها التحالف العربي بقيادة السعودية، المسؤول عن مقتل العديد من المدنيين في حرب اليمن". جاء ذلك في افتتاحية نشرتها هيئة تحرير الصحيفة الأمريكية تحت عنوان "إدارة ترامب شريك في مجازر السعودية".
وأشارت الصحيفة إلى أن التحالف الذي تقوده السعودية، قصف مستشفى بمدينة كتاف ومدرسة في صنعاء، منذ 26 مارس/ آذار الماضي، ما أسفر عن مقتل 21 مدنيًا على الأقل، بينهم 12 طفلًا. وأوضحت في هذا الصدد أنه تم توثيق "عدد لا يحصى من جرائم الحرب" في تحقيق الأمم المتحدة. وشدّدت على أن الرئيس ترامب تجاهل هذا الأمر من خلال استخدم حق النقض (الفيتو) ضد قرار تبناه الكونغرس لإنهاء مشاركة واشنطن في حرب اليمن.
وبيّنت أن القصف السعودي لم يكن ليستمر بدون دعم ومبيعات القنابل وغيرها من الإمدادات المقدمة من قبل الولايات المتحدة. وتابعت: "هذا الأمر، يجعل إدارة ترامب شريكًا في المجازر المستمرة باليمن، مثلما جرى مؤخرًا في قصف المستشفى والمدرسة". ودعت الكونغرس إلى إيجاد طريقة أخرى من أجل إحداث تغيير في سياسة الولايات المتحدة في العلاقات مع النظام السعودي الذي يحكمه ولي العهد محمد بن سلمان. كما شدّدت على أهمية "وقف بيع الأسلحة إلى الرياض حتى إنهاء القصف في اليمن" و"محاسبة مرتكبي جريمة قتل جمال خاشقجي"، وهو ما اقترحه مشروع قرار وافق عليه مجلس الشيوخ الأمريكي.
من جانب اخر افادت منظمة إنسانية أن عدد القتلى المدنيين يرتفع في اليمن رغم سريان هدنة منذ ثلاثة أشهر في ميناء رئيسي في البلاد. ولاحظ المجلس النروجي للاجئين الذي لا يزال يقدم مساعدات إنسانية في هذا البلد، أن عمليات القنص وهجمات أخرى بواسطة متفجرات سجلت ازديادا رغم تراجع القصف الجوي. وقال محمد عبدي أحد مسؤولي المجلس في اليمن "صحيح أن العنف تراجع في (مدينة) الحديدة في الاشهر الاخيرة، لكنه تصاعد في مناطق أخرى من البلاد".
ومنذ بدء الهدنة في مدينة الحديدة الساحلية، قتل 348 مدنيا في محافظتي لحج وتعز، ما يتجاوز ضعف عدد القتلى في الاشهر الثلاثة الفائتة على الصعيد الوطني، باستثناء الحديدة، بحسب المنظمة. واضاف عبدي في بيان "في حين تراجع القصف الجوي لمدينة الحديدة في شكل كبير، فان المعارك تصاعدت في مناطق أخرى مع تأثير مدمر على المدنيين". وينص الاتفاق الذي توصل اليه المتمردون الحوثيون والحكومة اليمنية التي يدعمها تحالف عسكري بقيادة السعودية، على وقف لاطلاق النار في الحديدة.
دمار كبير
والحرب الدائرة في اليمن منذ 2014 تسببت في تراجع التنمية البشرية بمقدار عشرين عاما، وأدت إلى مقتل نحو ربع مليون شخص، وستكون لها آثار سلبية واسعة النطاق تجعله (اليمن) من بين أكثر النزاعات تدميرا منذ نهاية الحرب الباردة... هذا ما خلص إليه تقرير صدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وتطرق التقرير إلى الضغوط التي عانى منها اليمن قبل اندلاع الصراع عام 2015 بين الحوثيين ، والقوات الحكومية الموالية المدعومة منذ 2015 من تحالف عسكري عربي تقوده السعودية.
وحسب التقرير، فإن اليمن كان يحتل المرتبة 153 بين دول العالم على مؤشر التنمية البشرية، كما أن التوقعات أشارت إلى أنه لم يكن ليحقق أيا من أهـداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وفق ما اتفق عليه قادة العالم، حتى لو لم يندلع الصراع. ومع نشوب الصراع "لم تتعطل التنمية البشرية في اليمن فحسب، لكنها تراجعت بالفعل سنوات إلى الوراء"، كما أكد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن أوك لوتسما، الذي قال "لو تحقق السلام غدا، فقد يستغرق الأمر عقودا حتى يعود اليمن إلى مستويات التنمية ما قبل الصراع. هذه خسارة كبيرة للشعب اليمني."
ويستند التقرير إلى دراسة أعدها فريق من الباحثين من جامعة دنفر في الولايات المتحدة الأمريكية، تتناول بالبحث انعكاسات الصراع في اليمن على مسار تحقيق أولويات التنمية التي اعتمدتها الدول الأعضاء في خطة 2030 للتنمية المستدامة. وتقارن الدراسة بين ثلاثة سيناريوهات محتملة لنهاية الصراع في اليمن خلال أعوام 2019 أو 2022 أو 2030، وآخر رابع مضاد يقوم على فرضية عدم احتدام الصراع بعد عام 2014.
تتوقع الدراسة أنه إذا ما انتهى الصراع خلال عام 2019، سيبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية حوالي 88,8 مليار دولار. ويعني ذلك انخفاضا قدره 2000 دولار في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي. أما إذا ما انتهت الحرب عام 2022، فسيبلغ معدل التراجع في مكاسب التنمية حوالي 26 عاما، أي ما يقارب جيلا بأكمله. وإذا ما استمرت الحرب حتى عام 2030 فسيتزايد معدل النكوص إلى أربعة عقود. بحسب فرانس برس.
وإذا استمر الصراع حتى عام 2030، تتوقع الدراسة أن يعيش 71% من السكان في فقر مدقع، فيما سيعاني 84% منهم من سوء التغذية، وسيبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية حوالي 657 مليار دولار، أي فقدان 4,600 دولار من نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي. كما ستزداد الوفيات غير المباشرة الناجمة عن نقص القدرة على شراء الأغذية ونقص الرعاية الصحية وخدمات البنية التحتية، حتى تزيد عن خمسة أضعاف الوفيات المباشرة.
دبابات ومدافع فرنسية
الى جانب ذلك أفادت معلومات مخابرات نشرها موقع التحقيقات الاستقصائية ديسكلوز أن أسلحة فرنسية، بينها دبابات وأنظمة صواريخ موجهة بالليزر بيعت إلى السعودية والإمارات، تستخدم في حرب اليمن ضد المدنيين. ووضعت وكالة المخابرات العسكرية الفرنسية تقريرا سريا مؤلفا من 15 صفحة ويحمل عنوان ”اليمن: الوضع الأمني“ يتضمن خرائط تفصل مواقع الأسلحة المصنوعة في فرنسا داخل اليمن وعلى الجانب السعودي من الحدود.
ووفقا لموقع ديسكلوز، يُظهر التقرير أن قطاعات كبيرة من الشعب اليمني تعيش تحت تهديد الأسلحة المصنوعة في فرنسا. وسيمثل التقرير المُسرب حرجا للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحكومته التي قالت إن الأسلحة المصنوعة في فرنسا التي بيعت للسعودية، على حد علمها، تستخدم حصريا للأغراض الدفاعية على الحدود. وتنص وثيقة المخابرات على أن مدافع سيزار التي صنعتها شركة نيكستر الفرنسية ونُشرت على طول الحدود بين اليمن والسعودية، تقصف قوات الحوثيين بشكل دفاعي كما تدعم ”القوات الموالية والقوات المسلحة السعودية في تقدمها داخل الأراضي اليمنية“.
ويحمل ملف المخابرات تاريخ 25 سبتمبر أيلول 2018. وعُرض على ماكرون ورئيس الوزراء إدوار فيليب بالإضافة إلى وزيري الخارجية والدفاع. وكان تقرير موقع ديسكلوز جزءا من تحقيق أجرته مؤسستا ميديابارت وكونبيني وإذاعة فرانس إنتر وتلفزيون أرت ومؤسسة ذا إنترسبت ومقرها الولايات المتحدة. وفرنسا من الدول الموقعة على معاهدة تجارة الأسلحة التابعة للأمم المتحدة والتي تنظم التجارة الدولية في الأسلحة التقليدية وتحظر بيع أسلحة تساهم في زيادة انتهاكات حقوق الإنسان أو جرائم الحرب.
وقال خبراء من الأمم المتحدة إن كل الأطراف في حرب اليمن ربما ارتكبت جرائم حرب. وقال مكتب رئيس الوزراء الفرنسي في بيان إن فرنسا تطبق معايير سلامة مشددة عندما تصدر تراخيص للتصدير وتدعم جهود الأمم المتحدة في الوساطة من أجل إحلال السلام في اليمن. وقال البيان ”على حد علمنا فإن الأسلحة الفرنسية التي تملكها قوات التحالف وضعت على الأغلب في مواقع دفاعية، خارج الأراضي اليمنية أو تحت سيطرة التحالف لكنها ليست على جبهة القتال“.
ولم يشكك البيان في صحة الوثائق كما لم يؤكد أو ينف تقرير موقع ديسكلوز، مضيفا أن فرنسا ليست على علم بقتل مدنيين يمنيين بأسلحة فرنسية. ولم ترد وزارة الدفاع، التي تشرف على وكالة المخابرات العسكرية، على طلب التعقيب. كما لم ترد مكاتب التواصل في الحكومتين السعودية والإماراتية ومتحدث باسم التحالف الذي تقوده المملكة في اليمن بعد على طلبات للتعقيب. وتقول الأمم المتحدة إن الصراع المستمر تسبب في تدمير الاقتصاد وخلق واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. وقتل أكثر من عشرة آلاف مدني بينما وضع نحو عشرة ملايين شخص على شفا مجاعة.
ووفقا لديسكلوز فقد كشف تقرير ثان من الوكالة يقع في ست صفحات ووُزع على نطاق أوسع أن دبابات فرنسية الصنع نُشرت في مواقع دفاعية في قواعد تشمل المخا وعدن والخوخة على طول الساحل وفي مأرب. وقال موقع ديسكلوز إن دراسته لصور الأقمار الصناعية ولتسجيلات مصورة وصور التقطها مدنيون كشفت أن بعض الدبابات من طراز ليكرليك التي اشترتها الإمارات شاركت في عمليات هجومية للتحالف بما في ذلك الحملة لانتزاع السيطرة على مدينة الحديدة من الحوثيين. بحسب رويترز.
كما ذكر التقرير الثاني أيضا أن مقاتلات ميراج الإماراتية زُودت بنظام توجيه بالليزر صنعته شركة تاليس ويعرف باسم دامولكيس. وأضاف التقرير أن النظام ربما يُستخدم في اليمن. وفرضت ألمانيا حظرا على تصدير الأسلحة للسعودية فيما يتصل بمقتل الصحفي جمال خاشقجي وفي ظل مخاوف من دور الرياض في حرب اليمن، الأمر الذي أثار انتقادات من صناعة الأسلحة ومن فرنسا وبريطانيا اللتين تقولان إن التحرك عرض مشاريع مشتركة للخطر.
عودة وباء الكوليرا
على صعيد متصل حذرت منظمة "أوكسفام" غير الحكومية من عودة تفشي مرض الكوليرا على نطاق واسع في اليمن الغارق في نزاع مسلح، مع ارتفاع عدد الحالات المشتبه بها هذا العام إلى نحو مئتي ألف. ونبهت المنظمة الخيرية في بيان من "مغبة عودة ارتفاع ما هو بالفعل أسوأ تفشٍ للكوليرا بالعالم"، مشيرة الى أنه يُشتبه في إصابة نحو 195 الف شخص بهذا المرض هذا العام.
وذكرت أوكسفام أنه في الأسبوعين الأخيرين من آذار/مارس الماضي، "تم الإبلاغ عن ما يقرب من 2500 حالة مشتبه بها يوميًا، وذلك يعد ارتفاعًا ملحوظاً عن الحالات المبلغ عنها في شباط/فبراير هذا العام والتي وصلت الى ألف حالة يوميًا". وبحسب البيان فإن هذا يزيد "بأكثر من عشرة أضعاف عن عدد الحالات المبلغ عنها والوفيات المرتبطة بها خلال نفس الفترة من عام 2018".
وقالت المنظمة أن الوباء قتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص مُنذ بدء تفشي المرض عام 2016. ويخوض الأطباء سباقا مع الزمن من أجل علاج المرضى والتعامل مع الانتشار الجديد للكوليرا في اليمن. وفي مستشفى ميداني للنازحين في مدينة الخوخة، يحاول اليمني قاسم سليمان أن يهدئ من روع طفله علاء الذي يخضع لفحوصات للتحقق مما إذا كان مصاباً بالكوليرا. ويقع المركز الطبي الميداني في مدينة الخوخة الخاضعة لسيطرة القوات الموالية للحكومة اليمنية في محافظة الحديدة غرب اليمن.
ويقول سليمان بعد أن توقف ابنه عن البكاء إنها المرة الثانية التي يأتي فيها إلى المركز، مشيرا إلى أن ابنه أصيب بشكل مفاجئ "باسهال شديد وتم اسعافه في المركز وقدمت له بعض الأدوية وتحسن، لكن عاد المرض فجرا وأحضرته للمركز مرة أخرى". وتتقيأ سيدة مسنة مصابة بالكوليرا في وعاء بجانب سريرها، بينما تحاول إحدى قريباتها مساعدتها. ويؤكد الطبيب الطيري أنه تمت إحالة عدد من الحالات "إلى عدن وإلى مراكز أخرى، وحالات تم علاجها هنا في المركز وتحسنت". بحسب فرانس برس.
وقال الطبيب "نحن بصدد تجهيز مخيم خاص بالكوليرا بجانب المركز الميداني" داعيا المنظمات الإنسانية "للتعاون بشكل أسرع مع هذا الوباء المنتشر". وحذرت اوكسفام من أنه "في حالة استمرار الإبلاغ عن الحالات الجديدة بنفس المعدلات الحالية، فإن هذا الارتفاع المُفاجئ والحاد لانتشار الوباء سيؤدي إلى تجاوز إجمالي عدد الحالات المُبلغ عنها لعام 2017".
أطفال اليمن
من جانب اخر قالت رئيسة مجلس حقوق الإنسان في الامم المتحدة إن قتل وإصابة الأطفال في اليمن مستمر بوتيرة مقلقة رغم الهدنة في مدينة الحديدة. إلا أن باشليه قالت إن الأطفال يعيشون حالياً في 31 منطقة نزاع نشطة في أرجاء البلاد ويشهدون "عنفا شديدا يتعلق بالحرب" بما في ذلك محافظات تعز وحجة وصعدة. وفي وقت سابق صرح المجلس النرويجي للاجئين أن 348 مدنيا قتلوا في حجة وتعز منذ التوقيع على اتفاق ستوكهولم.
وأعربت باشليه عن قلقها من التصعيد الأخير في محافظة حجة الشمالية حيث قتل 22 شخصا من بينهم 12 طفلا و10 نساء، وأصيب 30 آخرون حوالى نصفهم من الأطفال، في ضربات في وقت سابق من هذا الشهر. ويشهد اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربية، حربا منذ 2014، وقالت باشليه إنه من غير الواضح كم عدد الأطفال الذين قضوا جوعا في اليمن، إلا أنها حذرت من أن "مدنيين يمنيين من بينهم أطفال أصبحوا أكثر ضعفا وجوعا من أي وقت مضى منذ آذار/مارس 2015". بحسب فرانس برس.
وأضافت أن أكثر من مليوني طفل يعانون من سوء التغذية الحاد من بينهم 360 ألفا يعانون من سوء التغذية الحاد والشديد ما يعني أنهم يعانون من الهزال الشديد ويواجهون المجاعة. وأعربت كذلك عن قلقها من تقارير بأن القوات الحكومية والحوثيين يواصلون تجنيد الأطفال. وقالت "في معظم الحالات يكون هؤلاء الأطفال بين سن 11 و17 عاما، ولكن هناك تقارير مستمرة بأنه يتم تجنيد أو استخدام أطفال في عمر ثمانية أعوام".
من جانب اخر وبعد أن ينهي الطفل اليمني أحمد الحمادي صفوفه المدرسية، يتوجّه إلى مقبرة في العاصمة صنعاء ليبدأ رش القبور بالماء، أملا في أن يحصل من أقرباء الموتى على مقابل مادي يعيل به عائلته. ويدور الطفل (13 عاما)، حافي القدمين بين القبور لساعات، ويسير فوق الأحجار وقطع الأسمنت، وهو يحمل دلوا كبيرا من الماء، لينظف الأضرحة ويسقي أيضا العشب والزهور.
واضطرّ أحمد للعمل في المقبرة بعدما خسر والده وظيفته ودخله الشهري بسبب سوء الأوضاع المعيشية في المدينة الخاضعة لسيطرة المتمردين، وفي ظل استمرار عدم دفع رواتب الموظفين الحكوميين منذ انتقال المصرف المركزي إلى عدن، مقر السلطة المعترف بها، قبل ثلاث سنوات.
وقال الطفل "ألعب (في المقبرة)، إلا في حال وجود عمل وأموات، فنأخذ الماء لقبورهم"، مضيفا "ننتظر ان تأتي جنازة لنشتغل". وأحمد واحد من ملايين الأطفال والمدنيين الذين يدفعون الثمن الأكبر للحرب المتواصلة. وبسبب سوء الاوضاع الاقتصادية في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، أصبحت عائلات كثيرة تعتمد على أطفالها للعمل من أجل توفير لقمة العيش. وبعدما تعرّض والد ياسر الأرحبي (15 عاما) إلى جلطة أوقفته عن العمل، اضطرّ هذا الفتى للعمل في المقابر أيضا بعد انتهاء ساعات الدراسة من أجل مساعدة أمه، التي تعمل في مجال الخياطة، على شراء الاحتياجات اليومية.
وتشير "يونيسف" إلى أن 2500 مدرسة من بين حوالى 16 الفا هي خارج إطار الخدمة حاليا، 66 % منها تضرّرت بسبب أعمال العنف، و27 % أغلقت أبوابها كليا، بينما تستخدم 7 %ملاجئ لنازحين أو معسكرات لأطراف النزاع. وحرم توقّف هذه المدارس عن التعليم 1,84 مليون طفل من الدراسة لينضموا الى نحو 1,6 مليون طفل آخر لا يرتادون المدرسة منذ فترة ما قبل النزاع (بحسب أرقام 2017). ويواجه الاطفال في اليمن مخاطر أخرى، بينها زواج القاصرات، وتجنيد الفتيان للقتال. ومع توقّف هذه الرواتب، لجأ الكثير من موظفي الدولة إلى أعمال اخرى لتوفير لقمة عيشهم ومحاولة إبقاء اولادهم في المدارس وحتى لا يضطروا لأن يعملوا، كما هو الحال بالنسبة إلى أحمد وياسر.
اضف تعليق