حققت اسرائيل التي استفادت كثيرا من الصراعات الداخلية والأزمات السياسية في منطقة الشرق الاوسط في السنوات الاخيرة نجاح كبير بتهميش القضية الفلسطينية عربياً وعالمياً، ونجحت في اختراق المنظومة العربية واقامة علاقات مع دول عربية لا تربطها بها علاقات دبلوماسية هذا النجاح في تطبيع العلاقات...
حققت اسرائيل التي استفادت كثيرا من الصراعات الداخلية والأزمات السياسية في منطقة الشرق الاوسط في السنوات الاخيرة نجاح كبير بتهميش القضية الفلسطينية عربياً وعالمياً، ونجحت في اختراق المنظومة العربية واقامة علاقات مع دول عربية لا تربطها بها علاقات دبلوماسية هذا النجاح في تطبيع العلاقات وبحسب بعض المراقبين، ازداد بعد تولي الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي استطاع فرض قرارات جديدة بخصوص دعم اسرائيل واجبار الحلفاء على القبول بها، يتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، منذ عدة سنوات كما نقلت بعض المصادر، دون إفصاح عن تفاصيل تحسن العلاقات مع بعض الدول العربية التي تشترك مع إسرائيل في اعتبار إيران عدوا مشتركا، وحاجة هذه الدول العربية للتعاون مع إسرائيل في مجالات التقنيات والمسائل الأمنية وغيرها.
كما يتحدث مسؤولون إسرائيليون عن إمكانية تعاون إسرائيلي واسع النطاق مع دول الخليج العربية في مجالات التقنيات وتحلية المياه والزراعة والطب وغيرها. وتجد إسرائيل أن هناك مصالح مشتركة مع دول الخليج وفرصًا لتسويق التقنيات الإسرائيلية المتقدمة في مجالات شتى، إلى جانب رؤية خليجية سادت بعد حرب اليمن وتوقيع اتفاقية الملف النووي الإيراني عام 2015 بشراكة خليجية (جزئية) إسرائيلية في مواجهة التهديدات الإيرانية، سواء على ممرات نقل الطاقة، أو في اليمن والعراق وسوريا.
وتآكلت مركزية الصراع العربي الإسرائيلي، من وجهة نظر الحكومات العربية، بشكل تدريجي إلى حصر الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ما أدى إلى استبعاد الصراع من قائمة أولويات السياسات الخارجية للأنظمة العربية التي تراجع موقفها في تبني قرارات أو مواقف حازمة ردا على مواقف الدول الأخرى، مثل الموقف من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها.
والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوزير الخارجية العماني يوسف بن علوي على هامش مؤتمر للشرق الأوسط ترعاه الولايات المتحدة في وارسو، وألمح إلى أن دولا عربية أخرى تشارك في المؤتمر تتواصل مع إسرائيل. وظهر نتنياهو في مقطع فيديو أصدره مكتبه وهو يقول لبن علوي، الذي استضافت بلاده رئيس الوزراء الإسرائيلي في أكتوبر تشرين الأول، ”كثيرون يحذون حذوكم، ودعوني أقول إن من بينهم بعض الموجودين في هذا المؤتمر“. ولا تعترف سلطنة عمان رسميا بإسرائيل، كما لا تعترف بها السعودية والإمارات اللتان تشاركان إسرائيل مخاوفها بشأن أفعال إيران في المنطقة وأرسلتا أيضا مبعوثين إلى وارسو.
وقال بن علوي مخاطبا نتنياهو ”يعاني الناس في الشرق الأوسط كثيرا لأنهم عالقون في الماضي. نقول الآن إن هذا عصر جديد من أجل المستقبل“. وتأمل الولايات المتحدة أن يؤدي مؤتمر وارسو إلى زيادة الضغط على إيران برغم مخاوف دول أوروبية كبرى من زيادة التوتر مع طهران. من جانب اخر دشنت وزارة الخارجية الإسرائيلية صفحة "إسرائيل في الخليج" والتي وصفت نفسها بـ"السفارة الافتراضية" بين إسرائيل ودول الخليج، وأشارت هذه الصفحة إلى زيارة قام بها حاخام يهودي لأبناء الجالية اليهودية في دبي، أكد فيها أن اعتراف الإمارات بالجالية اليهودية سيفسح المجال أمام بناء كنيس هناك. وقالت صفحة إسرائيل في الخليج: "يسرنا أن نعلن عن إعادة إطلاق صفحة "إسرائيل في الخليج" بهدف تعزيز الحوار بين إسرائيل وشعوب الخليج. نأمل أن تسهم هذه السفارة الافتراضية في تعميق التفاهم بين شعوب دول الخليج وشعب إسرائيل في مختلف المجالات".
ورحب بعض المغردين الخليجيين بالخطوة وقال أحدهم: "نحن مع السلام، وأهلا بأي خطوة تدعو إلى التقارب ونبذ الحروب، فمن حق البشر العيش في رخاء اقتصادي واجتماعي وثقافي". ونشرت صفحة إسرائيل في الخليج خبرا قال فيه: " بمناسبة الزيارة التاريخية للبابا في الإمارات التقى الحاخام اليهودي مارك شناير أفراد الجالية اليهودية في دبي وقال ان الاعتراف الرسمي من قبل حكومة الإمارات بالجالية سيفتح المجال أمام الجالية اليهود لإقامة كنيس جديد متوقعا أن ستشهد الجالية ازدهارا في إطار عام التسامح في البلاد".
الانفتاح على إسرائيل
وفي هذا الشأن نقلت صحيفة ذا ناشيونال التي تصدر من أبوظبي عن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش قوله إن العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل بحاجة إلى تحول من أجل تحقيق تقدم نحو السلام مع الفلسطينيين. ونسبت الصحيفة إلى قرقاش قوله إن قرار الكثير من الدول العربية عدم التحاور مع إسرائيل عقد مساعي التوصل لحل على مدى عقود.
وقال قرقاش في تعليقات صريحة على غير العادة ”منذ سنوات عدة، اتخذ قرار عربي بعدم التواصل مع إسرائيل، لكن بنظرة إلى الوراء، كان هذا قرارا خاطئا للغاية“. وأردف قائلا ”لأنه قطعا ينبغي التمييز بين أن يكون لديك قضية سياسية وأن تبقي خطوط الاتصالات مفتوحة“. وجاءت تصريحاته بعد أن انتقدت الإمارات ودول خليجية أخرى قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان الاستراتيجية التي انتزعتها من سوريا في حرب عام 1967.
كما تأتي في أعقاب زيارة كبير مستشاري ترامب وصهره جاريد كوشنر لدول خليجية عربية الشهر الماضي سعيا للحصول على دعم للشق الاقتصادي من المقترح الأمريكي المنتظر للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وتستضيف دول خليجية عربية قوات أمريكية وتمثل أهمية لسياسة واشنطن الدفاعية في المنطقة. وتنظر إسرائيل إلى الدول العربية باعتبارها حلفاء طبيعيين ضد إيران التي تملك نفوذا في المنطقة. لكن كثيرين في المنطقة يرفضون السير على خطى الأردن ومصر في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراض فلسطينية. بحسب رويترز.
وقال قرقاش إنه يتوقع زيادة التواصل بين الدول العربية وإسرائيل من خلال اتفاقات ثنائية صغيرة وزيارات يقوم بها ساسة ووفود رياضية. وفاز رياضيون إسرائيليون بميداليات ذهبية في مسابقة للجودو في أبوظبي وعزف النشيد الوطني الإسرائيلي هناك. وقال قرقاش ”يتطلب التحول الاستراتيجي منا فعليا تحقيق تقدم على صعيد السلام“. وأضاف ”إذا استمر بنا الحال على النهج الحالي، فأعتقد أن الحوار خلال 15 عاما سيكون عن المساواة في الحقوق في دولة واحدة“ في إشارة إلى احتمال اندماج النظامين الإسرائيلي والفلسطيني بدلا من قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. وذكر أن الحوار على الهامش في الوقت الراهن لكن ذلك سيتغير. وقال ”حل الدولتين لن يكون مجديا لأن وجود دولة (فلسطينية) مضمحلة لن يكون عمليا“.
إسرائيل ومحيطها العربي
الى جانب ذلك قال وزير الخارجية العُماني، يوسف بن علوي، إن على الدول العربية أن تتخذ إجراءات "مُطمئنة" لإسرائيل كي تشعر بالأمان في محيطها العربي، بهدف وضع حد للحروب التي دارت طيلة العقود الماضية بين الجانبين. وقال بن علوي بهذا الصدد: "ما نستمع له بالعادة عندما يتعلق الامر بمناقشة الصراع بين فلسطين وإسرائيل، بالطبع كما يعلم الجميع إسرائيل تأسست بعد الحرب العالمية الثانية باتفاق بالطبع بين المنتصرين بالحرب العالمية الثانية وبالطبع هذا كان مصدر الصراع بين إسرائيل من جهة وبين الدول العربية من جهة أخرى، وهذا الصراع نال زخما وتحول لحروب 1948 و1967 و1973 وعليه كان لدينا سلسلة من الحروب وبعدها رأت داعش والقاعدة النور وهي بالطبع أنواع مختلفة من الصراعات والحروب”.
وأضاف وزير الخارجية العُماني: "نحن الآن نبحث عن سبل جديدة واحتمالات جديدة من شأنها المساهمة باستقرار الشرق الأوسط وتطوير المنطقة، ولكن ربما لم نفهم لماذا تحتل إسرائيل الضفة الغربية وتحتل مرتفعات الجولان وكانت تحتل غزة وسيناء ثم تحررت سيناء وأنهت إسرائيل احتلالها لغزة وبقيت على كل حال في الجولان والضفة الغربية، ونتساءل لماذا؟". وتابع بن علوي قائلا: "أنا مقتنع تماما بصورة شخصية وكممثل عن دولة عربية وكفرد شهد كل ما مرت به المنطقة من صراعات، وطيلة 48 عاما من حياتي كنا نشهد هذه الأزمات وعندما أصبحت مسؤولا وشخصية عامة مسؤول عن وزارة الشؤون الخارجية في سلطة عمان كنت شاهدا على كل هذه الصراعات وهذا ليس دفاعا عن أي شخص ولكن علي أن أقول ما يلي: الإسرائيليون كانوا قادرين على الحصول على كل شيء من المجتمع الدولي، من الدعم السياسي إلى الدعم الاقتصادي والدعم العسكري ما يعني أنه وبالمحصلة هذا يعني أنهم يمتلكون كل المقومات للضغط على الزناد والحصول على كل مصادر القوة". بحسب CNN.
وختم وزير الخارجية العُمانية كاشفا عن رؤيته على هذا الصعيد: "أعتقد أن هذه نقطة محورية نرغب بوضع خط تحتها واحتسابها عند النظر بأمور أخرى، إسرائيل ورغم كل قوتها وكل ما قلناه ليست مطمئنة على مستقبلها ولا تشعر بالأمان لأنها ليست دولة عربية وتعيش في محيط عربي ومحاطة بـ400 مليون شخص وليست مطمئنة من استمراريتها في المنطقة، وأنا اعتقد أننا كعرب علينا النظر في ذلك ونحتاج أيضا لوضع نهاية لهذه المخاوف، وهذا يجب أن يتم بأخذ إجراءات واتفاقات حقيقية بيننا كدول عربية"، على حد تعبيره.
سماء مفتوحة
من جانب اخر أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان سلطنة عمان ستسمح لطائرات اسرائيلية بالتحليق في مجالها الجوي، مؤكدا أنه يريد العمل وفق نهج مختلف عبر التقدم باتجاه تطبيع العلاقات مع العرب دون المرور عبر حل النزاع مع الفلسطينيين. وقال نتانياهو الذي قام بزيارة رسمية مفاجئة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى سلطنة عُمان التي لا تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل والتقى بالسلطان قابوس بن سعيد، "عندما زرت سلطنة عمان تحدثت مع فخامة السلطان قابوس الذي أقرّ لي بأن شركة الطيران الإسرائيلية العال تستطيع التحليق فوق الأراضي العمانية". بحسب رويترز.
لكن مثل هذا الإذن لن يعمل فورا على تقصير الرحلات الإسرائيلية من وإلى الشرق الأقصى طالما لم تأذن المملكة السعودية للطائرات الإسرائيلية بعبور أجوائها. واكد نتانياهو "عندما ألتقي زعماء عرباً يقولون لي، لدينا مصالح أمنية واقتصادية ونريد أيضا أن نتمتع بثمار التقدم ومن الآن فصاعدا لن نضع تطبيعنا مع دولة إسرائيل رهينة بيد نزوات الفلسطينيين". وأضاف "هذا لا يعني اتفاقيات سلام بعد، ولكن هذا يعني بالتأكيد أنه يمكن أن نتقدم نحو التطبيع والسلام. (...) أي بخلاف طريقة تفكرينا السابقة بأن إقامة العلاقات مع العالم العربي تمر عبر السلام مع الفلسطينيين، فقد يأتي ذلك من الاتجاه المعاكس". وقال إنه لن يضيع فرصة السلام مع العالم العربي ويجعله رهينة بالسلام مع الفلسطينيين. وقال " كان من المجدي لو كان هناك اتفاق مع الفلسطينيين ولكن لا يمكن أن يكون هناك اشتراط بين هذين الأمرين. لن نشترط تلاحمنا مع العالم العربي والتطبيع معهم بسلام مع الفلسطينيين".
على صعيد متصل قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن شركات الطيران الإسرائيلية ستتمكن من التحليق فوق السودان في طريقها لأمريكا الجنوبية في إطار مساع لتحسين العلاقات مع الدول المسلمة وعزل إيران. وبتشجيع من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سعت إسرائيل لتحسين العلاقات مع الدول العربية والإسلامية التي كانت تناصبها العداء والتي تشاركها المخاوف بشأن إيران أو تتوقع مزايا اقتصادية محتملة. وقال نتنياهو في إفادة لدبلوماسيين إن محادثاته مع ديبي ساعدت في فتح مسار جوي جديد إلى أمريكا الجنوبية.
وأضاف وهو يشير إلى خريطة ”في الوقت الراهن يمكننا التحليق فوق مصر. يمكننا التحليق فوق تشاد وتم الاتفاق على ذلك بالفعل. وتشير كل الظواهر إلى أننا يمكننا كذلك التحليق فوق السودان“. ولم يدل المتحدثون باسم نتنياهو بمزيد من التفاصيل ولم يتضح متى ستتمكن رحلات الطيران الإسرائيلية من التحليق فوق السودان في طريقها لأمريكا الجنوبية التي وصفها رئيس الوزراء بأنها رابع أهم وجهة سفر لإسرائيل.
وكانت إسرائيل تعتبر السودان حليفا لإيران واتهمته بتسهيل تهريب السلاح للفلسطينيين في غزة. ويقول دبلوماسيون إسرائيليون الآن إنهم يعتقدون إن السودان نأى بنفسه عن طهران. وسعت إسرائيل في الأشهر الأخيرة لكسب ود دول إسلامية سنية خاصة دول الخليج التي اقتربت بدورها من إسرائيل على مدى سنوات بسبب المخاوف المشتركة المتعلقة بتصاعد نفوذ إيران الشيعية في المنطقة.
اضف تعليق