تسعى بعض دول المنطقة الى الاستفادة بشكل كبير، من استمرار الخلافات والصرعات السياسية في العراق، بتحقيق مصالحها المختلفة في هذا البلد المهم وتركيا احدى هذا الدول حيث سعت ومنذ عام 2003 كما يرى بعض المراقبين، الى رسم خارطة جديدة تمكنها من تحقيق أهدافها...
تسعى بعض دول المنطقة الى الاستفادة بشكل كبير، من استمرار الخلافات والصرعات السياسية في العراق، بتحقيق مصالحها المختلفة في هذا البلد المهم وتركيا احدى هذا الدول حيث سعت ومنذ عام 2003 كما يرى بعض المراقبين، الى رسم خارطة جديدة تمكنها من تحقيق اهدافها في ظل حالة الضعف التي يعيشها العراق، وقد عمد الرئيس التركي رجب طيب اوردغان خلال هذه السنوات الى ايجاد اوراق ضغط مختلفة على الحكومات العراقية المتعاقبة التي عجزت عن تامين الحدود والمصالح، لذا فبعد أن أيقنت الحكومة التركية أن الساحة العراقية هي الموقع الأفضل والأنسب لمطاردة الدواعش وتحول الأراضي التركية في وقت سابق إلى نقطة العبور الأساسية للمتطوعين بالقتال مع داعش كما سعت الى استخدام ورقة الماء ودعم بعض الجهات في العراق واخيرا استخدام القوة العسكرية لضرب المعارضين والدخول إلى مناطق في سوريا والعراق بحجة محاربة الارهاب ومنع اقامة دولة كوردية.
وفي رسالة تصعيدية جديدة أطلقتها تركيا مفادها "سنواصل القصف برغم الاعتراضات"، بات العراق في مرمى تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ومسؤوليه بحجة حزب العمال الكردستاني الموجود شمالي البلاد. وقال أردوغان: "سنواصل كفاحنا ضد التنظيمات الإرهابية في غابار وجودي شمالي العراق دون توقف، كما دمرت مقاتلاتنا أوكار الإرهابيين في سنجار و قره جاق". وأكد أن بلاده لن تتوانى عن حماية أمنها وستتدخل ضد أي مخاطر تتربص بها أينما وجدت، وتشن تركيا هجمات جوية وبرية ضد الحزب في معاقله في جنوب شرق تركيا، إضافة إلى غارات على مواقعه في شمال العراق. ويرى بعض الخبراء ان ما تقوم به تركيا انتهاك واضح لكل المواثيق والقوانين الدولية ويمكن ان يسهم بخلق صراع جديد في المنطقة.
غارات جوية
وفي هذا الشأن قال الجيش التركي إن طائراته الحربية قصفت أهدافا لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق، في تجاهل لاحتجاج بغداد التي قالت إن الضربات الجوية التركية المتكررة تنتهك سيادتها وتعرض المدنيين للخطر. واستدعت السلطات العراقية السفير التركي في بغداد بعد أن قالت أنقرة إنها قتلت ثمانية مسلحين من حزب العمال الكردستاني المحظور. وقالت تركيا إنها ستواصل مهاجمة حزب العمال الكردستاني ما دام يجد ملاذا في العراق.
وقالت القوات المسلحة التركية في بيان على تويتر إنها نفذت ضربات جوية في شمال العراق يومي 14 و15 ديسمبر كانون الأول مما أسفر عن مقتل سبعة مسلحين. ولم يتضح ما إذا كان هؤلاء القتلى بخلاف قتلى يوم الجمعة. وتقصف تركيا على نحو متكرر قواعد الحزب عبر حدودها الجنوبية وتقول إن المقاتلين يستخدمون المناطق النائية والجبلية في شمال العراق قاعدة لشن هجمات داخل تركيا حيث يشن الحزب حملة تمرد مسلحة منذ الثمانينيات.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الضربات الجوية التركية ضد أهداف حزب العمال الكردستاني في منطقة سنجار العراقية ”حولت هذه الأماكن إلى قبورهم“. وأضاف لأنصاره في مدينة دنيزلي بجنوب غرب تركيا ”سندفنهم في الحفر التي حفروها“. وهدد أردوغان هذا العام بشن هجوم بري في شمال العراق. وأعلن عن عملية وشيكة تستهدف المقاتلين الأكراد في سوريا. وتسيطر وحدات حماية الشعب الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة وتقاتل تنظيم داعش في سوريا على الحدود الشمالية الشرقية لسوريا مع تركيا. بحسب رويترز.
وتقول أنقرة إنها امتداد لحزب العمال الكردستاني وتمثل خطرا مباشرا عليها. وقال حامي أقصوي المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية ”أنشطة منظمة حزب العمال الكردستاني في أراضي العراق وسوريا أصبحت قضية أمن قومي لتركيا“. وأضاف أن الحكومة في بغداد عليها واجب منع استخدام أراضي العراق قاعدة لتنفيذ هجمات على جيرانه. ووصف الضربات الجوية التي نُفذت بأنها دفاع عن النفس أقدمت عليه تركيا بعدما لم تجد تحركا من جانب العراق. وقال أقصوي ”ستستمر هذه العمليات في الحرب على الإرهاب ما دامت منظمات إرهابية تقبع بأراضي العراق وما دامت الاحتياجات الأمنية لدى تركيا تستدعي ذلك“.
دعوة إلى التعاون
من جانب اخر دعت تركيا السلطات العراقية إلى دعم قتالها ضد حزب العمال الكردستاني، مشيرة إلى حقها في الدفاع المشروع عن النفس للتدخل في العراق. وقال هامي أكسوي المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية في بيان: "إذا لم تقم المؤسسات العراقية بالخطوات اللازمة من أجل التصدي للإرهاب، ستستند قواتنا المسلحة إلى حقنا المشروع في الدفاع عن النفس للرد على الهجومات التي يشنها على بلادنا حزب العمال الكردستاني من العراق". وأضاف أكسوي أن تركيا تتحمل مسؤولياتها كاملة في محاربة الإرهاب، وبذلك تقدم دعمها للعراق و"نتوقع من العراق التفهم نفسه وتعاونا ملموسا".
وشدد أكسوي على القول إن الأنشطة التي تقوم بها في العراق منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، أصبحت مسألة أمن قومي بالنسبة إلى تركيا، واعدا بأن تستمر العمليات في العراق طالما بقي فيه حزب العمال الكردستاني. ودائما ما يدعو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحكومة العراقية إلى مهاجمة القواعد الخلفية لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق، مهددا بالتدخل إذا لم يحصل ذلك.
من جانب اخر قالت وزارة الخارجية العراقية في بيان إنها استدعت السفير التركي في بغداد وسلمته رسالة احتجاج بشأن ”خروقات جوية متكررة“ للمجال الجوي. جاء ذلك بعد أن نفذت طائرات تركية في وقت سابق ضربات على مواقع تابعة لمسلحين أكراد في شمال العراق. وقال بيان الخارجية العراقية ”مثل هذه الأعمال تعد انتهاكا لسيادة العراق وسلامة أمنه ومواطنيه وعملا مرفوضا على الصُعد كافة“. بحسب رويترز.
وأضاف البيان ”الوزارة تستنكر ما قامت به الطائرات التركية من خرق للأجواء العراقية واستهداف للعديد من المواقع في شمال العراق، التي أوقعت خسائر في الأرواح والممتلكات“. ونفذت تركيا في الأشهر الماضية ضربات على قواعد تابعة لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق خاصة في جبال قنديل لكن التحذيرات المتعلقة بشن هجوم بري على المنطقة تراجعت إلى حد بعيد بعد انتخابات جرت في يونيو حزيران.
أردوغان يتعهد
الى جانب ذلك تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان”بالقضاء على“ المسلحين الأكراد في منطقتي سنجار وقنديل العراقيتين انتقاما لمقتل ثمانية جنود في هجوم بقنبلة في جنوب شرق تركيا. وقال أردوغان لأعضاء من حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه إن حزب العمال الكردستاني سيدفع الثمن بعد مقتل الجنود. وأضاف ”هل لدينا ثمانية شهداء؟ فليعلم هؤلاء الإرهابيين أنهم سيدفعون ثمن ذلك 800 على الأقل... سنقضي عليهم بالذهاب لأوكارهم ومخابئهم. سنجهز عليهم في سنجار وفي قنديل“.
وتشكل التصريحات أقوى تهديد من أردوغان في الأسابيع الماضية بشن هجوم على المسلحين الأكراد في شمال العراق. وحمل حزب العمال الكردستاني السلاح ضد الدولة التركية منذ الثمانينيات. وتعتبر الولايات المتحدة وتركيا والاتحاد الأوروبي الحزب جماعة إرهابية. وتفاقم العنف في جنوب شرق تركيا ذي الأغلبية الكردية منذ انهيار اتفاق لوقف إطلاق النار في 2015 وشنت الحكومة عمليات واسعة النطاق لاعتقال مسلحين في تركيا. وقالت وزارة الداخلية التركية إن السلطات التركية اعتقلت 137 شخصا للاشتباه في علاقتهم بحزب العمال الكردستاني في عمليات في أنحاء البلاد. بحسب رويترز.
على صعيد متصل قالت مصادر محلية عراقية كردية في مدينة سوران التابعة لمحافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، إن الطيران التركي عاود القصف مجددا داخل قرى حدودية عراقية، وسط تسجيل موجات نزوح لعائلات قروية كردية شوهدت بشاحنات كبيرة مع مواشيها تغادر مناطق سيدكان وبرزان وزيباري وآكري.
وقال المسؤول بأن القصف التركي الجوي وصل لأول مرة إلى حدود قضاء سوران، حيث استهدفت مقاتلات تركية قرية داخل ناحية سيدكان التابعة لقضاء سوران العراقي التابع لمحافظة أربيل. وبين أن القصف استهدف قرية سور بابير، وأن عمليات القصف المدفعي تجددت أيضا، مؤكدا أن "القصف طاول حتى الآن أكثر من 10 قرى خلال الأيام الماضية ضمن سلسلة جبال قنديل ومناطق سيدكان وبرزان وزيباري وآكري". وأشار إلى أن القصف تسبب بخسائر مادية فقط في ممتلكات المواطنين وأراضيهم الزراعية، مؤكدا أن طائرات المراقبة التركية تحوم بسماء القرى والبلدات العراقية منذ يومين. وكشف أن تلك المناطق لا تتواجد بها قوات الجيش العراقي أو "البشمركة" وتعتبر بمثابة مناطق ساقطة أو خارج السيطرة وباتت مسرحا للعمليات العسكرية التركية ومسلحي "حزب العمال الكردستاني".
اضف تعليق