تنازلات كبيرة قدمتها الحكومة الفرنسية تهدئة الشارع الفرنسي، حيث سعت الى تجميد قرار زيادة نسبة الضرائب على الوقود لستة أشهر من اجل استرضاء اصجاب الستر الصفراء، وشكّل إذعان الحكومة لحركة «السترات الصفر» بحسب بعض المصادر، ضربة موجعة للرئيس إيمانويل ماكرون بعد 18 شهراً على توليه الحكم...
تنازلات كبيرة قدمتها الحكومة الفرنسية تهدئة الشارع الفرنسي، حيث سعت الى تجميد قرار زيادة نسبة الضرائب على الوقود لستة أشهر من اجل استرضاء اصجاب الستر الصفراء، وشكّل إذعان الحكومة لحركة «السترات الصفر» بحسب بعض المصادر، ضربة موجعة للرئيس إيمانويل ماكرون بعد 18 شهراً على توليه الحكم. وأرغمت احتجاجات مرات رؤساء فرنسيين سابقين على التراجع عن مواقفهم، وهذا ما تعهد ماكرون الامتناع عن فعله، في محاولته تغيير الاقتصاد والدولة الفرنسيين.
ولم يساهم تجميد الحكومة الفرنسية زيادة مقرّرة على ضريبة الوقود، ورفعها الحدّ الأدنى للأجور في تهدئة متظاهرين واصلوا احتجاجات عنيفة، رافضين فتات ما تقدمه السلطات لهم.فكرة النار تتدحرج في فرنسا ولم تعد مقصورة على السترات الصفراء. التلامذة والطلاب انضموا إلى حركة احتجاجية طلابية، والمزارعون يتهيأون للتحرك، فيما أعلن قطاع النقل البري القيام باضراب عام من اجل السياسات الحكومية الاقتصادية والاجتماعية، والمطالبة بمزيد من العدالة الاجتماعية وتوزيع الجهود المطلوبة فيما يخص الضرائب والرسوم بشكل عادل، وتحسين الأحوال المعيشية للشرائح الاجتماعية الوسطى والأدنى.
وأصبح اليوم من الواضح للجميع أن رئيس الجمهورية والحكومة يواجهان أسوأ أزمة سياسية منذ وصول إيمانويل ماكرون إلى الرئاسة في ربيع العام الماضي. تزامن ذلك مع تهاوي شعبيته، إذ أظهر استطلاع للرأي أعدّته «إيفوب-فيدوسيال» ونشرت نتائجه مجلة «باري ماتش» وإذاعة «سود راديو» أن نسبة الرضا عن أداء ماكرون تراجعت إلى 23 في المئة، فيما سجّل رئيس الوزراء إدوار فيليب 26 في المئة.
وهزّت باريس صدامات عنيفة وشغب وعنف وتخريب في وقت سابق، في اضطرابات اعتُبرت الأسوأ منذ العام 1968، وأسفرت عن مئات الجرحى والمعتقلين. وبدأت حركة «السترات الصفر» تحرّكها في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، احتجاجاً على ارتفاع كلفة المعيشة نتيجة الضرائب التي فرضتها الحكومة على الوقود. وتحوّلت الاحتجاجات انتفاضة ضد ماكرون الذي يتهمه كثيرون بتطبيق سياسات ممالئة للأثرياء، مطالبين باستقالته.
تنازلات ومطالب
وفي هذا الشأن أعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب تعليق الزيادات المرتقبة في ضرائب الوقود لمدة ستة أشهر على الأقل استجابة لاحتجاجات شابها العنف في بعض الأحيان، وذلك في أول تراجع كبير لحكومة الرئيس إيمانويل ماكرون بعد 18 شهرا على توليه السلطة. وقال فيليب في كلمة ألقاها لإعلان القرار إن من لا يسمع أو يرى الغضب في الشوارع بشأن سياسة وصفها ماكرون بأنها ضرورية لمكافحة التغير المناخي ”إما أصم أو كفيف“
وأضاف في الكلمة التي بثها التلفزيون ”الفرنسيون الذين ارتدوا السترات الصفراء يريدون خفض الضرائب وأن يكون العمل مجديا، هذا ما نريده نحن كذلك. إذا لم أتمكن من شرحه، إذا لم تتمكن الأغلبية الحاكمة من إقناع الفرنسيين فإن شيئا يتعين أن يتغير... لا توجد ضريبة تستحق تعريض وحدة الشعب للخطر“. وإلى جانب تعليق زيادة الضريبة، التي كان من المقرر سريانها في يناير كانون الثاني، لمدة ستة أشهر قال فيليب إنه سيجري استغلال هذه الفترة لمناقشة إجراءات أخرى لمساعدة الطبقة العاملة الفقيرة التي تعتمد على المركبات للذهاب إلى العمل والمتاجر.
وسبق أن لمح مسؤولون إلى زيادات محتملة في الحد الأدنى للأجور لكن فيليب لم يعلن أي التزام بهذا الشأن. لكنه نبه المواطنين إلى أنه لا يمكنهم توقع خدمات عامة أفضل وخفض الضرائب في الوقت نفسه. وقال ”لو كان هناك أمر تعلمناه من الأحداث الأخيرة فهو أن الفرنسيين لا يريدون زيادة في الضرائب أو ضرائب جديدة. وإذا تراجع تحصيل الضرائب فسيتراجع الإنفاق لأننا لا نريد أن نورث ديوننا لأحفادنا. وهذه الديون ثقيلة بالفعل“.
وبدأت الحركة التي تحمل اسم ”السترات الصفراء“ يوم 17 نوفمبر تشرين الثاني كمجموعة احتجاج على مواقع التواصل الاجتماعي وركزت على التنديد بارتفاع كلفة المعيشة بسبب الضرائب التي فرضها ماكرون على الوقود. لكن على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية تحولت هذه الاحتجاجات إلى انتفاضة عامة أكبر ضد ماكرون في ظل انتقاد كثيرين الرئيس لتطبيق سياسات يرون أنها تميل لمصلحة الأثرياء ولا تفعل شيئا يذكر لمساعدة الفقراء. وذهب بعض الجماعات إلى حد مطالبة ماكرون بالاستقالة.
وعلى الرغم من عدم وجود قائد واضح للحركة وعدم وضوح أهدافها في بعض الأحيان، فقد اجتذبت أناسا من كل الأعمار والطبقات ولعبت على وتر الاستياء من التوجه الذي يحاول ماكرون أن يأخذ البلد إليه. وانضم سائقو سيارات الإسعاف والطلاب إلى الاحتجاجات بل ونظموا احتجاجات خاصة بهم. وصعد الطلاب احتجاجاتهم مع ورود تقارير من مختلف أنحاء البلاد عن إضرام محتجين النيران في مبان واشتباكات عنيفة مع الشرطة.
وأبلغت السلطات المحلية بأن النيران أضرمت في جزء من مدرسة ثانوية في بلاناك قرب تولوز بجنوب غرب فرنسا. ووقعت اشتباكات أيضا في ليون ومرسيليا وبوردو ومدينة أورليان بينما أغلقت المدارس في كريتيل وفرساي قرب باريس. وبعد أسابيع من تنامي الإحباط، لا توجد مؤشرات تذكر على أن تحرك فيليب سيهدئ من احتجاجات السترات الصفراء التي يحاول أصحابها الوصول إلى موقف موحد. وقال المتحدث باسم الحركة بينجامين كوشي لتلفزيون (بي.إف.إم) ”الفرنسيون لا يريدون الفتات. بل يريدون الخبز“ مضيفا أن الحركة تريد إلغاء الضرائب. وتحدث مشارك آخر في الحملة يدعى كريستوف شالينكون بصراحة أكبر.”يعتقدون أننا حمقى“.
سباق مع الزمن
من جانب اخر استقبل رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب قادة الأحزاب السياسية الأساسية في البلاد ورئيسة بلدية باريس آن هيدالغو لبحث المقترحات للخروج من أزمة "السترات الصفراء" التي تشهدها البلاد. من جانبهم أعلن الممثلون عن حركة الاحتجاج أنهم لن يشاركوا في المحادثات المرتقبة مع فيليب "لأسباب أمنية"، بالتزامن مع تواصل الدعوات للتظاهر من جديد وبدء تحرك احتجاجي طلابي. فيما يرى مراقبون أنه "كلما مر الوقت كلما كان الثمن السياسي باهظا".
وتسعى الحكومة الفرنسية لإيجاد مخرج لأزمة "السترات الصفراء"، التي اندلعت إثر تحرك لفرنسيين عاديين احتجاجا على سياسة إيمانويل ماكرون الضريبية والاجتماعية، وأسفرت عن أعمال عنف خطيرة في قلب باريس. واستقبل رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، وبعدها قادة الأحزاب السياسية الفرنسية الرئيسية. من جانب آخر، قال اثنان من مندوبي التحرك إن ممثلي الجناح المعتدل في حركة الاحتجاج لن يشاركوا في المحادثات مع رئيس الوزراء بعد أن تلقوا تهديدات بالانتقام من المتشددين. وقالا إن قرار عدم المشاركة في المحادثات مع فيليب يعود إلى "أسباب أمنية".
من جهة أخرى امتنع ماكرون عن الإدلاء بأي تصريحات بعدما عاين الأضرار الجسيمة التي لحقت بنصب قوس النصر والمناطق المجاورة له في باريس جراء أعمال تخريب. وأرجأ الرئيس الفرنسي زيارته الرسمية لصربيا "بسبب الوضع الحالي" في فرنسا كما قال نظيره الصربي ألكسندر فوتشيتش. وعنونت صحيفة "لو فيغارو" "فرنسا تحت الصدمة تنتظر إجابات" فيما عرضت صحيفة "ليبراسيون" على صفحتها الأولى وجه ماكرون "يغمره" اللون الأصفر. وكتبت "لوموند" أن "على ماكرون نزع فتيل الأزمة".
وأعلن أوليفييه فور السكرتير الأول للحزب الاشتراكي بعد لقاء رئيس الوزراء "حتى الآن لم نتلق ردا". وقال لوران فوكييه زعيم المعارضة اليمينية ("الجمهوريون") "لا يمكن للرئيس أن يبقى صامتا". ويعتبر مطلب خفض الضرائب من التدابير التي قد تتخذ لإرضاء المحتجين. فقد أعلن وزير الاقتصاد برونو لومير "يجب تسريع خفض الضرائب. ولتحقيق ذلك يجب تسريع خفض النفقات العامة. وإننا مستعدون لسلوك هذا النهج".
وحذر برونو كوتري الباحث في مركز الأبحاث السياسية في جامعة "سيانس بو" من "أنه كلما مر الوقت كلما كان الثمن السياسي باهظا". مضيفا "لكن يمكننا أن نطرح تساؤلات حول قدرة الحكومة على استيعاب ما يحصل" ملمحا إلى أنه سيكون من الصعب ردم الهوة التي تفصل بين الحكومة والمحتجين. وتظاهرات "السترات الصفراء" التي انطلقت احتجاجا على زيادة الضرائب على الوقود، هي أخطر أزمة يواجهها ماكرون منذ تسلمه السلطة.
ويطالب معظم الأطراف بتأجيل دخول الزيادة في سعر البنزين والديزل حيز التنفيذ لما بعد الموعد المقرر في الأول من كانون الثاني/يناير. وجعلت جاكلين مورو وهي من أبرز وجوه المتظاهرين، من ذلك شرطا مسبقا للدخول في محادثات مع الحكومة. وبين المطالب الأخرى التي يطرحها المتظاهرون معاودة فرض الضريبة على الثروة بشكل فوري، بعدما خفضها ماكرون بنسبة كبيرة. بحسب فرانس برس.
وكان لقطع الطرقات آثار على الحدود مع إسبانيا حيث كانت الطوابير تمتد على كيلومترات وآلاف الشاحنات متوقفة بحسب السلطات في الجانب الإسباني. ويستعد القضاء لمحاكمة موقوفي بعد حوادث باريس. وسيحاكم 57 موقوفا على الأقل (من أصل 378) أمام محكمة باريس الجنائية. ويواجه الموقوفون تهم ارتكاب "أعمال عنف ضد أشخاص يتولون السلطة العامة" و"أعمال تخريب ضد أملاك ذات منفعة عامة" و"التجمع بغية ارتكاب أعمال عنف" و"حمل سلاح"، وهي جرائم يعاقب عليها بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاث وسبع سنوات، بحسب ما أوضح المدعي العام.
ضرائب كبيرة
من جانب اخر قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن فرنسا تخطت الدنمارك لتسجل أعلى إيرادات ضريبية بين البلدان المتقدمة في 2017 حيث شهدت حصيلة الضرائب الحكومية مستوى قياسيا مرتفعا في أرقام لن تساعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تهدئة المحتجين الغاضبين بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة. وقالت المنظمة إن إجمالي إيرادات الضرائب الحكومية بلغ في المتوسط 34.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي بين الدول الأربعة والثلاثين المتقدمة التي جمعت المنظمة التي تتخذ من باريس مقرا بياناتها.
وأضافت أنه على الرغم من أن الزيادة طفيفة مقارنة مع 34 بالمئة في 2016 فإن الرقم الجديد هو أعلى متوسط لإجمالي الضريبة منذ أن بدأت تسجيل البيانات في 1965. وفي فرنسا، زادت إيردات الضرائب الحكومية إلى 46.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي متخطية الدنمارك التي تراجع المعدل بها إلى 46 بالمئة.
ويثير العبء الضريبي الثقيل استياء الناخبين. واندلعت حركة احتجاج شعبي تحمل اسم ”السترات الصفراء“ في منتصف نوفمبر تشرين الثاني للتعبير عن الغضب بسبب زيادة الضريبة على الوقود وتكاليف المعيشة شديدة الارتفاع. واتسمت هذه الاحتجاجات بالعنف أحيانا لاسيما في العاصمة باريس. وعلقت حكومة ماكرون، التي تسعى لخفض العبء الضريبي الكلي تدريجيا خلال فترة رئاسته البالغة خمسة أعوام، زيادات ضريبة الوقود المزمعة لستة أشهر على الأقل في محاولة للخروج من الأزمة المتفاقمة. بحسب رويترز.
وقالت منظمة التعاون الاقتصادي إن الضرائب الحكومية زادت في 19 دولة من الدول الأعضاء في العام الماضي وانخفضت في 16 دولة. وسجلت إسرائيل أعلى زيادة في الضرائب الحكومية حيث ارتفعت 1.4 نقطة مئوية إلى 32.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بسبب مجموعة من التغييرات على ضريبة الدخل والأرباح. وشهدت الولايات المتحدة ثاني أعلى زيادة في 2017 وبلغ معدل الارتفاع 1.3 نقطة مئوية إلى 27.1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وقالت المنظمة إن المكسيك سجلت أقل عبء ضريبي عند 16.2 بالمئة.
وأبلغ مصدر حكومي أن تعليق العمل بزيادات مزمعة على ضرائب الوقود لستة أشهر، حسبما أعلنته الحكومة الفرنسية لتهدئة محتجي ما يعرف بحركة ”السترات الصفراء“، سيكلف الدولة ملياري يورو (2.3 مليار دولار). وأضاف المصدر أن هذه الفجوة المالية ستُموَل بالكامل عن طريق تخفيضات إنفاق مكافئة بحيث لا ينحرف عجز الميزانية الفرنسية عن هدفه البالغ 2.8 بالمئة في 2019. وعلق رئيس الوزراء الفرنسي العمل بزيادات ضرائب الوقود المزمعة لستة أشهر عقب مظاهرات شابها العنف أحيانا استمرت لأسابيع وذلك في أول تراجع كبير لإدارة الرئيس إيمانويل ماكرون منذ توليه السلطة قبل 18 شهرا.
اضف تعليق