تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان بعد شهور من المفاوضات اصبحت قضية صعبة ومعقدة، بسبب تضارب المصالح بين القوى السياسي، فبعد ان الرئيس اللبناني ميشال عون في وقت سابق إن تشكيل الحكومة بات ”قاب قوسين أو أدنى“. عادت الخلافات من جديد بين الكتل والاحزاب الفائزة...
تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان بعد شهور من المفاوضات اصبحت قضية صعبة ومعقدة، بسبب تضارب المصالح بين القوى السياسي، فبعد ان الرئيس اللبناني ميشال عون في وقت سابق إن تشكيل الحكومة بات ”قاب قوسين أو أدنى“. عادت الخلافات من جديد بين الكتل والاحزاب الفائزة التي تتنافس منذ الانتخابات البرلمانية في مايو أيار على الحقائب الوزارية في حكومة وحدة وطنية جديدة، هذه الخلافات والصرعات المستمرة اثارت مخاوف كبيرة من حدوث أزمة اقتصادية في هذا البلد الذي يعد من أكثر دول العالم استدانة، إذ يبلغ مستوى ديونه 150 في المئة من ناتجه المحلي الإجمالي. وحذر صندوق النقد الدولي في مطلع هذا العام من أن بيروت يجب أن تضطلع بإصلاحات اقتصادية عاجلة.
الازمة الجديدة تفاقمت وكما نقلت بعض المصادر، بعد ان طالبت جماعة حزب الله بمنح أحد حلفائها السنة منصبا وزاريا في الحكومة الجديدة وهو ما يرفضه رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري. وفي وقت سابق تمت إزالة عقبة رئيسية عندما سُويت الخلافات بشأن التمثيل المسيحي مع حزب القوات اللبنانية المسيحي المناهض لحزب الله والذي قدم تنازلات للرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر المتحالف مع الجماعة الشيعية. والخلاف حول التمثيل السني هو العقبة الأخيرة.
ويصر حزب الله على تمثيل أحد حلفائه السنة في الحكومة بما يعكس نتيجة الانتخابات التي خسر فيها الحريري أكثر من ثلث مقاعده التي راح معظمها إلى حلفاء حزب الله السنة. وقال حسين الخليل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله في تصريحات تلفزيونية بعد اجتماعه مع مجموعة من النواب السنة حلفاء حزب الله ”نحن نعتبر أن مطلبهم مطلب محق ونحن سنقف إلى جانبهم“. واستبعد الحريري التنازل عن أحد مقاعده الوزارية، وسيكون أحد الحلول الوسط أن يسمي عون أحد السنة المتحالفين مع حزب الله ضمن مجموعة من الوزراء الذين يسميهم الرئيس.
ولبنان بحاجة ماسة إلى حكومة يمكنها الشروع في إصلاحات اقتصادية ينظر إليها على أنها أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، حيث يكافح لبنان ثالث أكبر نسبة للدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم بالإضافة إلى الركود الاقتصادي. وفي لبنان يتم توزيع مناصب الدولة وفقا لنظام تقاسم السلطة الطائفي حيث ينبغي أن يكون الرئيس مسيحيا مارونيا ورئيس الوزراء مسلما سنيا ورئيس البرلمان شيعيا. ويجب أن يتم توزيع المقاعد الوزارية في الحكومة المؤلفة من 30 وزيرا بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين.
وقال فيصل كرامي أحد النواب السنة المتحالفين مع حزب الله في مقابلة مع تلفزيون (إل.بي.سي) إن الحريري ”يريد أن يحتكر الطائفة السنية كلها لنفسه“ مشيرا إلى أن تيار المستقبل وهو حزب الحريري ”لم يعد يمثل الأكثرية الساحقة المطلقة في الشارع السني“. وقال راشد فايد المسؤول في تيار المستقبل إن مطلب حزب الله وحلفائه ”مفاجيء“ و“مفتعل“ ولم يكن في صلب مناقشات تشكيل الحكومة منذ أشهر.وأضاف ”سعد الحريري لن يمرر هذا المطلب“. ووصف مصدر ثان تابع للحريري الخلاف بأنه خطير للغاية وقال إن الحل ”سيستغرق وقتا“.
وحصل حزب الله وحلفاؤه السياسيون على أكثر من 70 مقعدا من أصل 128 مقعدا في البرلمان في أول انتخابات تجرى في لبنان منذ تسع سنوات. ومن المتوقع أن يشغل حزب الله، الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية، حقيبة الصحة وهو المنصب الحكومي الأكبر الذي يشغله الحزب، ويزيد عدد وزرائه إلى ثلاثة من اثنين في حكومة تصريف الأعمال الحالية.
الحريري و حزب الله
وفي هذا الشأن اتهم رئيس وزراء لبنان المكلف سعد الحريري حزب الله المدعوم من إيران بوضع ”حاجز كبير“ أمام الجهود الرامية لتشكيل الحكومة مشيرا إلى أنه لا حل إذا لم يتراجع الحزب. ويضغط حزب الله لمنح حقيبة وزارية لواحد من ستة نواب سنة متحالفين معه. ورفض الحريري التنازل عن أحد مقاعده المخصصة لتياره ذي الأغلبية السنية. وقال الحريري في مؤتمر صحفي نقله التلفزيون في بيروت ”الحقيقة هي أن تأليف الحكومة اصطدم بحاجز كبير“ بعد ستة أشهر على الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو ايار وتخللتها مفاوضات معقدة لتشكيل الحكومة. وأضاف الحريري ”أنا بأسف جدا أن يحط حزب الله حاله بموقع المسؤولية لعرقلة الحكومة“.
ويقول حزب الله إنه يجب تمثيل أحد حلفائه السنة في الحكومة بما يعكس المكاسب التي حققوها في الانتخابات البرلمانية. لكن رئيس الوزراء المكلف، وهو السياسي السني الرئيسي في لبنان الذي يحظى بدعم غربي، رفض إعطاءهم أيا من مقاعد حزبه الوزارية قائلا إنه اذا كان حزب الله مصرا على حصول أحد حلفائه السنة على مقعد وزاري فعليه أن يعطي من حصته. ومن المتوقع أن يتولى حزب الله الذي تضعه الولايات المتحدة على لوائح الإرهاب ثلاث حقائب في الحكومة الجديدة.
ويعد تشكيل الحكومة الجديدة أمرا ضروريا قبل أي خطوات يمكن اتخاذها نحو الإصلاحات المالية التي قال صندوق النقد الدولي في يونيو حزيران إنها ضرورية لتحسين قدرة البلاد على تحمل الديون. ومن شأن الإصلاحات أن تطلق سراح 11 مليار دولار تعهد بها المانحون الدوليون. ويعاني لبنان من ثالث أكبر نسبة للدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم إلى جانب ركود اقتصادي. وقال الحريري ”الوضع الاقتصادي محرج، يجب العلاج الدقيق له“. ومن المفترض أن يعكس مجلس الوزراء تمثيل الأحزاب اللبنانية الرئيسية والطوائف والمذاهب الدينية الرئيسية.
وتنافست الأحزاب اللبنانية على عدد المقاعد الوزارية التي يجب أن يحصل عليها كل فريق في حكومة الوحدة الوطنية الجديدة وعلى الحقائب السيادية والخدماتية الهامة في البلاد. وأصر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله على حصول أحد حلفائه السنة على حقيبة في الحكومة الجديدة مشيرا إلى استعداده للعودة إلى المربع الأول في مفاوضات تشكيل الحكومة إذا كان ذلك ضروريا. بحسب رويترز.
وفي أول تصريح علني له منذ خطاب نصر الله قال الحريري إنه قد لا يكون هناك حل للمأزق وإن الأمور قد توقفت، وأكد أنه لن يقبل بمطالب حزب الله. وقال ”الحكومة حاجة وطنية وأمنية واجتماعية ولا يوجد أسهل من تأليفها إذا عدنا للأصول وهذه المهمة لدي ولدى فخامة الرئيس ميشال عون. أنا عملت كل ما بوسعي وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته“.
وتتوزع المقاعد الوزارية في البلاد وفقا لأسس طائفية وفقا لنظام لبنان السياسي. وقال نصر الله إن رفض اسناد حقيبة وزارية لأحد حلفائه السنة من تحالف ”8 آذار“ يعد استبعادا لقسم من اللبنانيين. وقال ”نحن رفضنا العزل ورفضنا الاقصاء حتى لأشد خصومنا ... نحن كنا صادقين عندما كنا نتحدث عن حكومة وحدة وطنية, لا يوجد ولا منطق وطني ولا منطق اخلاقي ولا منطق قانوني ولا منطق سياسي ولا منطق مصلحة وطنية أن يخرج أحد في لبنان ويقول ممنوع أن تتمثل سنة 8 آذار في الحكومة اللبنانية.“ وأضاف ”إذا كان ذلك ممنوعا تعال لنحكي من أول وجديد“. وقال ”لا نريد صراعا ولا توترا ولا تصعيدا“.
وتعهد الرئيس اللبناني ميشال عون في وقت سابق بإيجاد حل للمشكلة وقال إنه لن يدخر أي جهد. وعلى الرغم من كونه حليفا سياسيا لحزب الله إلا أن عون وقف إلى جانب الحريري في هذه المشكلة. وعبر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط عن مخاوفه بشأن العملة اللبنانية إذا استمر الركود الاقتصادي. وكان حاكم المصرف المركزي رياض سلامة قد قال مرارا إن الليرة اللبنانية التي وصلت إلى مستواها الحالي عند 1507.5 مقابل الدولار لمدة عقدين مستقرة وغير معرضة للخطر بفضل احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية المرتفعة.
وفاز حزب الله والجماعات والأفراد الذين يدعمون امتلاكه السلاح بأكثر من 70 مقعدا من أصل 128 مقعدا في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السادس من مايو أيار. وقال نصر الله إن ”العدو الاسرائيلي خصوصا في الآونة الاخيرة هو يحاول التركيز كثيرا على موضوع القوة الصاروخية والقدرات الصاروخية المتاحة للمقاومة, من خلال التهويل، من خلال الضغوط الدبلوماسية، من خلال استخدام الامريكيين، وحتى بعض الدول الأوروبية من خلال إيجاد حالة من التخويف والتهديد بأنه إن لم يتم معالجة هذا الأمر هو سيعالجه“. أضاف ”أنا اقول للبنان يجب ان يتحمل هذا المستوى من الضغط الدبلوماسي... أي اعتداء على لبنان أي غارة جوية على لبنان أي قصف على لبنان سنرد عليه حتما“.
حزب الله لن يتراجع
الى جانب ذلك قالت صحيفة الاخبار اللبنانية المؤيدة لحزب الله إن الجماعة الشيعية اللبنانية لن تتراجع عن موقفها في خلاف بشأن تمثيل السنة في حكومة وحدة وطنية جديدة، مما يشي بعدم وجود نهاية سريعة للأزمة. ومن ناحية أخرى، أبلغ مصدر سياسي بارز مقرب من حزب الله بأن الرئيس ميشال عون هو وحده القادر على حل المشكلة في ظل عدم قدرة حزب الله ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري على التراجع.
وبدا التوصل إلى اتفاق في المتناول عندما سُويت الخلافات بشأن التمثيل المسيحي مع حزب القوات اللبنانية المسيحي المناهض لحزب الله والذي قدم تنازلات للرئيس عون والتيار الوطني الحر المتحالف مع الجماعة الشيعية. لكن حزب الله، يصر على تمثيل أحد حلفائه السنة في الحكومة بحقيبة وزارية بما يعكس المكاسب التي حققها ذلك الحليف في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو أيار الماضي. بحسب رويترز.
وقالت صحيفة الاخبار نقلا عن مصادر لم تكشف عن هويتها إن عون والحريري يجب أن يستمعا إلى حلفاء حزب الله السنة ”والاتفاق معهم على مخرج... وسيقبل حزب الله بما يجده الحلفاء مناسبا“. واستبعد الحريري التنازل عن أحد مقاعده الوزارية، وكان أحد الحلول الوسط أن يسمي عون أحد السنة المتحالفين مع حزب الله ضمن مجموعة من الوزراء الذين يسميهم الرئيس. وهذا الخيار استبعده عون عندما انتقد السنة المتحالفين مع حزب الله لمطالبتهم بوزارة قائلا ان مطلبهم ”غير مبرر“. وقال مصدر سياسي بارز قريب من حزب الله إن الكرة الآن في ملعب عون. واضاف المصدر ”انا برأيي لم يعد هناك باب للحل إلا مع رئيس الجمهورية...لا الحريري قادر أن يتراجع ولا السنة وحزب الله قادرون يتراجعوا. إذا كان الرئيس يريد حكومة عليه أن يتحمل المسؤولية“.
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون إنه سيتم إيجاد حل لتعقيدات تشكيل حكومة وحدة وطنية. وقال عون إنه لن يدخر أي جهد لحل المشكل. وقال إن الخلافات التي تعرقل تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة ”ليست سهلة“ وأشار إلى أنه على خلاف مع حليفه حزب الله حول العقبة الوحيدة المتبقية. وقال عون في مقابلة تلفزيونية إن العراقيل التي ”يتم اختلاقها ليست في مكانها وغير مبررة“.
وتحدث عن مطلب السنة المدعومين من حزب الله وقال ”هذا الأمر سبب تأخيرا وهذا التأخير هو نوع من التكتكة السياسية التي تضرب استراتيجتنا الكبيرة“. وقال عون إن السنة المدعومين من حزب الله ”هم أفراد وليسوا كتلة. نحن نمثل الكتل ضمن معايير معينة، لقد تجمعوا أخيرا وطالبوا بتمثيلهم“. وقال عون ”نحن يهمنا أن يكون رئيس الحكومة قويا وليس إضعافه لأن المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة“.
دعوات مستمرة
على صعيد متصل قال رئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى إن الحلول ليست مفقودة فى شأن مسار تشكيل الحكومة الجديدة، وأنه فى الإمكان الوصول إلى حل فى القريب العاجل للأزمة الراهنة التى تعرقل التشكيل شرط "أن تكون النيات صادقة لبلوغ هذا الحل". وأشار برى – فى تصريح لصحيفة (الجمهورية) اللبنانية فى عددها الصادر اليوم – إلى أنه لم يلمس جديدا على خط تذليل عقدة تمثيل اللقاء التشاورى (نواب سُنّة فريق 8 آذار السياسي) مؤكدا أنه حتى الآن لم يطرأ أى جديد فى مسار حل هذه العقدة.
وكان الأمين العام لـ (حزب الله) حسن نصر الله، قد أعلن أن الحزب لن يسمح بتشكيل الحكومة إلا بعد أن يتمثل حلفاؤه عن الطائفة السُنّية من فريق 8 آذار، خصما من الحصة الوزارية لتيار المستقبل (الممثل السياسى الأكبر للطائفة السُنّية فى لبنان) الذى يتزعمه سعد الحريرى، وهو الأمر الذى اعتبره عدد كبير من القوى السياسية بمثابة استقواء بقوة السلاح من جانب الحزب على الدستور ومقدرات الدولة اللبنانية.
وأعلن سعد الحريرى، ردا على نصر الله، رفضه المطلق لهذا الشرط الذى وضعه حزب الله، وأنه لن يسمح بتحقيقه حتى وإن اقتضى الأمر اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة، واصفا مجموعة النواب السُنّة الستة الذين يصر الحزب على توزير أحدهم، بأنهم "حصان طروادة" وأنه جرى حشدهم فى كتلة نيابية اصطُنعت مؤخرا بإيعاز من حزب الله بقصد عرقلة تشكيل الحكومة.
من جانبه وجه “مفتي الجمهورية اللبنانية” الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة في ذكرى بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف. ودعا المفتي دريان في رسالته “للاحتفاء بمكارم الأخلاق التي كان عليه الصلاة والسلام علما عليها قبل الإسلام وبعده”، وتابع “ما أحوجنا اليوم بالفعل إلى الخلق السمح والودود والوفي والراقي في أسرنا ومجتمعنا وحياتنا السياسية”.
واعتبر المفتي دريان ان “إقامة الحكومة التي تصون الأمة وتحفظ مصالحها والسرعة في تشكيلها ليست واجبا وطنيا فقط بل هي ضرورة ومسؤولية وطنية جامعة تقع على عاتق كل القوى السياسية التي عليها تسهيل تشكيلها”، ولفت الى ان “البلاد قد وصلت بالفعل إلى حافة الانهيار الشامل اقتصاديا وماليا ومعيشيا واجتماعيا”. وقال المفتي دريان “نحن مع الرئيس المكلف سعد الحريري الذي يناضل من أجل تشكيل حكومة قادرة ومنسجمة تتصدى للمشكلات وتنقذ ما يمكن إنقاذه وإلا فلماذا الانتخابات والتمثيل والمحاسبة والمسؤولية؟!”.
اضف تعليق