يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي مُني وحزبه الجمهوري بهزيمة كبيرة في الانتخابات النصفية للكونغرس بعد انتزاع الديمقراطيين مجلس النواب من الجمهوريين. قيودا أكبر على رئاسته خصوصا وان خصوم الرئيس الجمهوري قد تعهدوا بمحاسبته بعد عامين صاخبين بالبيت الأبيض. وتمكن الحزب الديمقراطي من الحصول...
يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي مُني وحزبه الجمهوري بهزيمة كبيرة في الانتخابات النصفية للكونغرس بعد انتزاع الديمقراطيين مجلس النواب من الجمهوريين. قيودا أكبر على رئاسته خصوصا وان خصوم الرئيس الجمهوري قد تعهدوا بمحاسبته بعد عامين صاخبين بالبيت الأبيض. وتمكن الحزب الديمقراطي من الحصول على أغلبية المقاعد في مجلس النواب الامريكي بعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس ، الأمر الذي سيشكل قيودا على قدرة الرئيس الامريكي دونالد ترامب على تمرير القرارات التي يريدها خلال السنتين الباقيتين من فترة رئاسته.
غير أن الحزب الجمهوري تمكن من الاحتفاظ بأغلبية في مجلس الشيوخ، الأمر الذي اعتبره ترامب "نجاحا هائلا" في تغريدة له عقب اعلان نتائج انتخابات التجديد النصفي للكونغرس. وأبرزت الانتخابات الاخيرة بحسب بعض المصادر، الانقسام العميق في المجتمع الامريكي بين من يسكنون في المدن الكبيرة، ويتبنون أفكارا أكثر ليبرالية، ويصوتون بكثافة لصالح الحزب الديمقراطي، وبين من يسكنون في الولايات التي بها تجمعات من العمال أو المزارعين البيض، خاصة في وسط الولايات المتحدة، والتي صوتت بكثافة لصالح الحزب الجمهوري، ويتمتع فيها ترامب بشعبية واضحة.
وتعد هذه الانتخابات استفتاء على عامين من ولاية رئيس لم يتوقف عن إثارة الجدل تارة بتصريحات وتارة أخرى بقرارات مست السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة بل قلبت بعضها رأسا على عقب. وكان من شأن فوز الديمقراطيين بأغلبية في مجلس الشيوخ أن يسمح لهم بعرقلة جدول أعمال سياسة ترامب بشكل أكبر ويمنحهم القدرة على وقف أي ترشيحات للمحكمة العليا في المستقبل. لكن الديمقراطيين سيرأسون الآن لجان مجلس النواب القادرة على التحقيق في عائدات ضرائب الرئيس وتضارب المصالح المحتمل وصلات محتملة بين حملته الانتخابية في 2016 وروسيا. ويمكنهم أيضا أن يجبروا ترامب على الحد من طموحاته التشريعية، ربما بالقضاء على تعهداته بتمويل جدار حدودي مع المكسيك أو تمرير حزمة كبيرة ثانية لخفض الضرائب أو تنفيذ سياساته الصارمة فيما يخص التجارة.
وقالت زعيمة الديمقراطيين بمجلس النواب نانسي بيلوسي لأنصار الحزب خلال احتفال بالفوز ”اليوم لا يتعلق فقط بالديمقراطيين والجمهوريين وإنما بإعادة الضوابط والموازين التي يتضمنها الدستور إلى إدارة ترامب“. ورغم الخسارة التي تكبدها حزبه في المجلس، كتب ترامب على تويتر ”نجاح هائل الليلة“. وأضاف ”تلقيت الكثير جدا من التهاني من الكثيرين على نصرنا الكبير بما في ذلك من دول أجنبية (أصدقاء) كانوا بانتظاري، ويأملون، بشأن الصفقات التجارية. الأن يمكننا جميعا العودة للعمل وإنجاز الأمور!“ ولم يتضح ما يعنيه ترامب بالصفقات التجارية. وكثيرا ما يخسر الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس مقاعد مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي. وتكبد الديمقراطيون في عهد الرئيس السابق باراك أوباما ما وصفوه بأنه هزيمة كاملة في انتخابات الكونجرس في عام 2010.
مع قيادة مقسمة في الكونجرس ورئيس يتبنى وجهة نظر موسعة للسلطة التنفيذية، قد تصبح واشنطن في حالة أعمق من الاستقطاب السياسي والجمود التشريعي. وستختبر خسارته مجلس النواب قدرة ترامب على المساومة وهو أمر لم يبد اهتماما كبيرا به خلال العامين الماضيين مع سيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونجرس. وقد تسنح فرصة للعمل مع الديمقراطيين على قضايا تحظى بدعم الحزبين مثل العمل على حزمة تحسين للبنية التحتية أو إجراءات للحماية من ارتفاع أسعار الأدوية التي تباع بوصفة طبية.
ومن المتوقع أن يحاول النواب الديمقراطيون بمجلس النواب تشديد السياسة الأمريكية إزاء السعودية وروسيا وكوريا الشمالية، والحفاظ على الوضع القائم في قضايا مثل الصين وإيران. وقال الكرملين إنه لا يرى آفاقا لتحسن العلاقات مع الولايات المتحدة بعد الانتخابات. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين ”يمكننا القول بدرجة كبيرة من الثقة إنه لا تلوح في الأفق بالتأكيد آفاق مشرقة لتطبيع العلاقات الروسية الأمريكية“. وسعى ترامب إلى علاقات أفضل مع روسيا، لكن البلدين على خلاف فيما يتعلق بالحرب الأهلية بسوريا ومعاهدة للأسلحة النووية والاتهامات الأمريكية المتعلقة بالتدخل في الانتخابات.
تغييرات محتملة
وفي هذا الشأن فمن المنتظر أن يستغل الديمقراطيون أغلبيتهم الجديدة في مجلس النواب الأمريكي في تغيير ما يرون أنه النهج السلبي من جانب الجمهوريين إزاء السياسة الخارجية التي يتبعها الرئيس دونالد ترامب ويضغطون من أجل التشدد في التعامل مع روسيا والسعودية وكوريا الشمالية. وقال النائب الديمقراطي إليوت إنجل، الذي يُنتظر أن يرأس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، إن الديمقراطيين ربما يسعون للحصول على تفويض من الكونجرس باستخدام القوة العسكرية في أماكن مثل العراق وسوريا.
غير أنه سلم بأنه لا يوجد شيء يمكن للديمقراطيين عمله لتغيير الوضع القائم بالنسبة لبعض القضايا الساخنة مثل الصين وإيران. وسيقرر الديمقراطيون باعتبارهم حزب الأغلبية ما هي التشريعات التي سينظرها مجلس النواب وسيكون لهم دور أكبر في رسم سياسة الإنفاق وصياغة التشريعات. وقال إنجل في مكالمة هاتفية ”لا أعتقد أنه ينبغي لنا أن نطعن في شيء لمجرد أن الإدارة طرحته لكني أعتقد أن من واجبنا أن نراجع السياسات ونؤدي مهمة الرقابة“.
ولأنه سيتعين على الديمقراطيين العمل مع مجلس الشيوخ الخاضع لسيطرة الجمهوريين في إقرار مشروعات القوانين سيكون أكبر تأثير للأغلبية الديمقراطية في مجال الرقابة على الإدارة والقدرة على الدعوة لإجراء جلسات استماع بل واستدعاء الشهود إذا اقتضى الأمر إذ أن الديمقراطيين سيتولون رئاسة لجان مثل الشؤون الخارجية والقوات المسلحة والمخابرات.
ويعتزم الديمقراطيون إجراء تحقيقات متعلقة بروسيا مثل التحقيق في احتمال وجود روابط أعمال وتضارب مصالح بين ترامب وروسيا. ومن منظور السياسة سيطالب مجلس النواب بقيادة الديمقراطيين بمعاقبة روسيا على التدخل في الانتخابات الأمريكية وعلى أنشطة أخرى مثل التدخل في أوكرانيا وفي الحرب الأهلية السورية. ومن الممكن أن يعمل مجلس النواب على زيادة العقوبات بما في ذلك اتخاذ تدابير تستهدف الدين السيادي الروسي الجديد. وربما يحاول أيضا الضغط على ترامب لتنفيذ كل العقوبات الواردة في قانون كاسح وقع عليه على مضض في أغسطس آب 2017.
كما تعهد أعضاء في الكونجرس بالضغط، من خلال استخدام الاستدعاء للشهادة أمام المجلس إذا اقتضت الضرورة، من أجل الحصول على معلومات عن القمة التي عقدها ترامب الصيف الماضي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ولم يكن البيت الأبيض قد نشر تفاصيل تذكر عن هذا اللقاء. وقال إنجل ”مما لا يقبله العقل أن يعقد مثل هذا الاجتماع رفيع المستوى بين الزعيمين ولا يعرف الكونجرس عنه شيئا يذكر“. وأضاف أن مسألة التدخل الروسي في انتخابات 2016 ”لم تحل على الإطلاق“.
من جانب اخر زادت الضجة التي أثارها مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول من شعور النواب بالإحباط تجاه المملكة العربية السعودية بسبب الحرب في اليمن وحقوق الانسان. ومن المحتمل أن يصوت مجلس النواب تحت قيادة الديمقراطيين على تعطيل صفقات السلاح مع السعودية ويجعل من الصعب انتزاع موافقة الكونجرس على اتفاق يتعلق بالطاقة النووية معها ويدرس وقف استخدام الطائرات الأمريكية في إعادة تزويد الطائرات الحربية بالوقود وغيرها من أشكال الدعم في حرب اليمن.
ورغم أن إنجل يرى أن السعودية تمثل ثقلا في مواجهة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط فقد قال إن على واشنطن المطالبة بالمزيد. وأضاف ”إذا كان السعوديون يريدون دعمنا فعليهم أن يعالجوا بعضا من الأمور التي تقلقنا“. ويقول الديمقراطيون إنهم عازمون على الحصول على المزيد من المعلومات عن لقاءات ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون إذ يخشون أن يكون ترامب متلهفا على عقد ”صفقة عظيمة“ لدرجة تدفعه لتقديم تنازلات كبيرة لكيم.
ويعتزم إنجل استدعاء مسؤولين بالإدارة للإدلاء بشهادتهم عن وضع المحادثات. غير أن الديمقراطيين سيتوخون الحذر لأنهم لا يريدون أن يظهروا بمظهر من يتدخل في الدبلوماسية والمساعي الرامية لمنع حرب نووية. وقال إنجل ”أعتقد أن من المحبذ أن يكون هناك نوع من الحوار معهم. لكن يجب ألا نتوهم ونعتقد أنهم سيجرون أي تغييرات كبرى“. وليس من المتوقع أن تسفر سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب عن تغييرات كبيرة في السياسة إزاء الصين. إذ سيعقد الديمقراطيون المزيد من جلسات الاستماع ويطالبون بمزيد من المعلومات لكن النقد الموجه للصين تجاوز الخطوط الحزبية ولا يتوقع أن يتغير هذا الوضع.
فقد انضم ديمقراطيون بارزون مثل النائب آدم شيف الذي يتوقع أن يرأس لجنة المخابرات إلى الجمهوريين في تأييد إجراءات تستهدف الصين مثل التشريع الخاص الذي اعتبر شركتي التكنولوجيا والهواتف زد.تي.إي كورب وهواوي تكنولوجيز مصدر خطر كبيرا على الأمن الإلكتروني. غير أن إنجل وآخرين يسلمون بالحاجة للصين كشريك وخاصة في التعامل مع كوريا الشمالية. وقال إنجل ”أعتقد أننا بحاجة لتوخي الحرص كي لا نندفع في الانتقاد“.
والديمقراطيون منقسمون مثل الجمهوريين بشأن حرب ترامب التجارية مع الصين. ويرى بعض أعضاء الحزب أن التجارة الحرة مصدر لفرص العمل في حين يؤيد آخرون فرض رسوم لحماية العمال في صناعات مثل الصلب والصناعات التحويلية. ورغم أن الرئيس يتمتع بسلطة لا بأس بها في السياسة التجارية فقد قال الديمقراطيون إنهن يريدون قدرا أكبر من المساءلة فيما يتعلق بتصرفات ترامب بما في ذلك الرسوم الجمركية العالية التي فرضت على الصين وأثرت على الولايات المعتمدة على الزراعة والصناعات التحويلية لاسيما في الغرب الأوسط. وحتى إذا لم تكن ضغوط الديمقراطيين كبيرة على ترامب في التجارة فسيطالبونه بالتأكد من التزام أي صفقات تجارية بالمعايير الخاصة بالعمالة والبيئة. بحسب رويترز.
وثارت ثائرة الديمقراطيين لانسحاب ترامب من الاتفاق النووي الدولي المبرم مع إيران عام 2015 في عهد الرئيس الديمقراطي باراك أوباما. لكن ليس بوسعهم شيء يذكر لتغيير هذه السياسة ما دام الجمهوريون في البيت الأبيض. ويخشى النواب أن يظهروا بمظهر الطرف المتودد لإيران خاصة في ضوء معاداة حكومة إسرائيل لطهران. ورغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعاون تعاونا وثيقا مع الجمهوريين فلا تزال العلاقات القوية مع إسرائيل أولوية قصوى لدى الحزبين. وكان إنجل من الديمقراطيين الذي عارضوا الاتفاق النووي مع إيران لكنه قال إن على ترامب أن يعمل مع الحلفاء المهمين مثل أعضاء الاتحاد الأوروبي في هذه المسألة وغيرها. وأضاف ”أعتقد أن ما يجب علينا أن نفعله هو أن نحاول إصلاح الضرر الذي وقع على تحالفاتنا“.
ترامب والإعلام
من جانب اخر وبعد يوم من فقدان الحزب الجمهوري سيطرته في الكونجرس الأمريكي، بدا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مستعدا لمبارزة سياسية خلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض حيث حمل جمهوريين ذكرهم بالاسم مسؤولية فقدانهم مقاعدهم كما هاجم صحفيين شككوا في مصداقية بعض أقواله. وخلال المؤتمر الصحفي الذي امتد لنحو 90 دقيقة تحدث ترامب بخشونة بعدما سأله صحفيون عما إذا كان خطابه الدعائي بشأن المهاجرين من أمريكا الوسطى سببا في إحداث انقسام وعن أحدث التطورات في تحقيق اتحادي بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية عام 2016 وما إذا كان هناك أي تنسيق بين موسكو وحملة ترامب آنذاك.
وجاء رد ترامب عدوانيا. وقال لجيم أكوستا مراسل شبكة (سي.إن.إن)، الذي سحب أحد موظفي البيت الأبيض الميكروفون من يده عنوة ”ينبغي أن تشعر سي.إن.إن بالخزي من نفسها ومن توظيفها لكم للعمل معها“. وأضاف ترامب موجها حديثه لأكوستا ”أنت شخص فظ وفظيع“. كما رد ترامب على ياميك ألسيندور الصحفية في (بي.بي.إس. نيوز أور)، والتي سألته عن تجرؤ القوميين البيض بسبب وصف ترامب نفسه بأنه ”قومي“، قائلا إن هذه إهانة له. وقال ترامب، الذي دأب خلال حملته على توجيه اتهامات لوسائل الإعلام بالتغطية الصحفية الجائرة، ”هذا سؤال عنصري“. بحسب رويترز.
كما عبر ترامب عن إحباطه من تقاعد 43 عضوا جمهوريا في مجلس النواب بدلا من سعيهم لإعادة انتخابهم، قائلا إن ذلك أضر بالحزب الجمهوري. وفي خطوة نادرة سخر ترامب من مرشحين جمهوريين، ذكرهم بالاسم، قائلا إنهم حرصوا أثناء حملاتهم على أن ينأوا بأنفسهم عنه خشية أن تؤثر رسائله المثيرة للانقسام بشأن الهجرة على الأصوات التي يحصلون عليها مضيفا أنهم خسروا على أي حال. وأشار إلى بيتر روسكام من ولاية إيلينوي وإريك بولسون من مينيسوتا وجون فاسو من نيويورك ومرشح مجلس الشيوخ عن ولاية نيوجيرزي بوب هوجين.
نانسي بيلوسي
في السياق ذاته وبعد أن سيطر الديمقراطيون على مجلس النواب في الكونجرس الأمريكي يتعين عليهم اختيار رئيس للمجلس، وهذا يعني حل إحدى أصعب المعضلات التي تواجههم... نانسي بيلوسي. والتنافس بين الديمقراطيين على منصب رئيس المجلس سيستمر على مدى نحو عشرة أسابيع وستكون بيلوسي (78 عاما) وهي ليبرالية من سان فرانسيسكو في مركز الصدارة. كانت بيلوسي واضحة في رغبتها في رئاسة مجلس النواب مرة أخرى. فقد صنعت التاريخ عندما كانت أول امرأة ترأسه في الفترة من 2007 إلى 2011. والمنصب مهم إذ أن صاحبه سيكون الثاني في الترتيب لرئاسة البلاد في حالات الطوارئ بعد نائب الرئيس.
وخلال حملة انتخابات الكونجرس دعا عشرات المرشحين الديمقراطيين إلى قيادة جديدة مسجلين بشكل غير مباشر عدم رضاهم عن بيلوسي التي أصبحت هدفا لانتقادات الجمهوريين. لكن ليس كل الديمقراطيين الذين طالبوا بتغيير القيادة فازوا في انتخابات مجلس النواب. ولم تحسم بعد بعض المنافسات لكن الديمقراطيين في طريقهم للحصول على أكثر من 30 مقعدا أي ما يتجاوز 23 مقعدا مطلوبة للسيطرة على أغلبية مقاعد المجلس البالغ عددها 435 لأول مرة منذ ثمانية أعوام. وأول تكليف عمل لهم كأصحاب الأغلبية سيكون تحديد ما إذا كانوا سيعيدون مطرقة رئيس المجلس إلى يد بيلوسي أم لا.
وقال درو هاميل المتحدث باسم بيلوسي ”الزعيمة بيلوسي على ثقة كبيرة بشأن التأييد لها بين الأعضاء المنتخبين“. وبيلوسي التي تتولى حاليا زعامة الأقلية الديمقراطية من المتوقع أن تتحدث عن خططها للترشح لرئاسة المجلس. وقالت بيلوسي في احتفال بالفوز في واشنطن إن مجلس نواب يسيطر عليه الديمقراطيون ”سيعمل على إيجاد حلول توحدنا لأننا جميعا شهدنا ما فيه الكفاية من الانقسام“. بحسب رويترز.
وعلى مدى 16 عاما تزعمت بيلوسي الديمقراطيين في مجلس النواب، أولا كزعيمة للأقلية ثم كرئيسة للمجلس ثم مرة أخرى كزعيمة للأقلية عندما سيطر الجمهوريون على المجلس عام 2011. والطريق مفتوح أمامها لتولي رئاسته مرة أخرى. عليها أولا الفوز بدعم أغلبية الديمقراطيين في اجتماع مغلق للحزب في 28 نوفمبر تشرين الثاني لاختيار زعيم الحزب. ولم يظهر منافس محدد لها، لكن هناك بعض المنافسين المحتملين ومنهم تيم رايان عضو المجلس عن أوهايو. كان رايان قد حصل على 63 صوتا مقابل 134 لبيلوسي في الانتخابات الداخلية على منصب زعيم الأقلية قبل نحو عامين.
من جانبه ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بثقله وراء الديمقراطية البارزة نانسي بيلوسي قائلا إنها ينبغي أن تكون رئيسة مجلس النواب. جاء ذلك بعد يوم من حصول الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس على مقاعد في مجلس النواب أهلتهم للسيطرة عليه. وقال ترامب على تويتر ”بكل إنصاف، تستحق نانسي بيلوسي أن يختارها الديمقراطيون رئيسة للمجلس. إذا جعلوها تواجه وقتا عصيبا ربما نضيف لها بعض أصوات الجمهوريين. لقد نالت هذا الشرف العظيم“.
عدد قياسي
من جهة اخرى لم يسجل الديمقراطيون فوزا ساحقا في انتخابات نصف الولاية الاميركية لكن هذا الاقتراع شهد صعودا كاسحا للنساء مع شخصيات قوية يمكن ان تغير الوضع القائم. ومع ان النتائج ليست نهائية حتى الان، فان آخر التقديرات التلفزيونية تظهر ان ما لا يقل عن مئة امرأة سيكن عضوات في مجلس النواب الجديد في كانون الثاني/يناير 2019 اي بزيادة 15 امراة عن رقم قياسي سابق (85) اضافة الى 22 امراة في مجلس الشيوخ.
وبعد عشرين شهرا من "مسيرة النساء" الكبيرة مع ملايين النساء اللواتي تظاهرن معتمرات قلنسوات وردية عبر الولايات المتحدة ضد دونالد ترامب، وبعد عام من ولادة حركة "مي تو" التي يحركها معارضون للرئيس الجمهوري، بدا أن هذه الموجة النسائية تشمل بشكل شبه تام المعسكر الديمقراطي. وأكثر من ثلث المنتخبات في مجلس النواب جديدات على العمل السياسي. وكثير منهن يتحدرن من أقليات اتنية ودينية وجنسية وشكل انتخاب الكثير منهن سابقة في طوائفهن.
وبينهن ايانا بريسلي أول امراة سوداء البشرة تنتخب في الكونغرس عن ولاية ماساشوتس والهان عمر في مينوسوتا ورشيدة طليب في ميشيغن اولى نساء مسلمات في الكونغرس وشاريس ديفيدز المحامية المثلية عن كنساس وديب هالاند من نيومكسيكو اولى المنتخبات من النساء الهنود في الكونغرس. وهناك ايضا الكسندريا اوكازيو-كورتيز وهي نيويوركية من أصل اسباني التي باتت وهي في سن 29 عاما أصغر نائب في الكونغرس وهي اصغر ببضعة اشهر عن ابي فينكينوير اول امراة تنتخب في الكونغرس عن ولاية ايوا. ومع ان الرقم القياسي للحاكمات المنتخبات لم يحطم، فان ثلاث ولايات هي ايوا وداكوتا الجنوبية وماين انتخبت نساء للمرة الاولى اضافة الى منطقة غوام الصغيرة.
وتقول ماريا جوبين-لديز الناشطة في بوسطن انها تأمل ان تفرض النساء اولويات جديدة يدافع عنها الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي. واوضحت "اتوقع ان نرى المزيد من الاجراءات لصالح النساء والمهاجرين ولتقليص الفوارق في الدخل". لكن كيلي ديتمر من المركز الاميركي للنساء في السياسة بجامعة روتغيرز ترى انه من المبكر معرفة اي اولويات ستركز عليها العضوات الجديدات. واضافت "الاهم هو ان تاتين بتنوع في وجهات النظر".
وللمرة الاولى مثلا ستسمع اميركيات مسلمات اصواتهن في المستوى التشريعي الاتحادي "حيث يتم التعرض لمسائل الحرية الدينية والامن القومي لكن مع تمييز ضد المسلمين"، بحسب الخبيرة ذاتها. ووعدت الكثير من العضوات الجديدات باسماع صوت الناس العاديين ازاء النخب السياسية المتهمة بأنها في قطيعة مع المشاكل اليومية للطبقة المتوسطة. وقالت حاكمة ميشغن المنتخبة الديمقراطية غريتشن وايتمير ان الكثير من النساء فزن "لانهن بقين مركزات على المشاكل التي يتم الخوض فيها مع الوجبات وهي التي تهم فعلا الاسر".
كما ان للكثير من النساء المنتخبات شخصيات قوية ولم يشكل فوزهن في الاقتراع الا آخر معاركهن بعد سنوات من الكفاح ضد التمييز الراجع لاصولهن الاتنية او الدينية او ميولهن الجنسية. ولاحظت ديتمر انهن كثيرا ما تكن "مدفوعات بالرغبة في التوصل الى دفع الامور قدما" مع "مقاربة تركز على النتائج". وهذا قد يدفعهن الى ابرام تسويات ومساعدة الكونغرس "على ان يكون مثمرا" كما تأمل مع اقرارها بان خطر تاجيج الانقسامات قائم بسبب كون اغلبيتهن من الحزب الديمقراطي. بحسب فرانس برس.
والدليل على السعي للحصول على نتائج ما فعلته ايانا بريسلي المنتخبة الجديدة حيث رفضت الحديث عن تحقيق فوز وقالت لانصارها في بوسطن "لن اتحدث عن نصر الا عندما نتوصل الى الانصاف والعدل والمساواة". غير انه ورغم وجود مئة امرأة في مجلس النواب لازالت نسبة النساء لا تزيد عن 25 بالمئة. ولا تزال الولايات المتحدة في ادنى الترتيب بين ال 49 دولة ذات الدخل العالي، لجهة تمثيلية النساء، بحسب دراسة لمعهد بو الذي صنف الولايات المتحدة في الرتبة 33 في 2015. وقالت ديتمر "لا ينبغي الافراط في التوقعات (..) حتى ان تمكنت النساء من احراز مكاسب جوهرية، لازال هناك الكثير مما يتعين القيام به للتوصل الى المساواة".
اضف تعليق