تسعى الولايات المتحدة الأمريكية الى اعتماد إستراتيجية جديدة في حربها المستمرة ضد حركة طالبان في افغنستان، حيث نقلت قناة \"يورونيوز\" الأوروبية، عن مسؤولين أمريكيين، قولهم إن الولايات المتحدة الأمريكية تستعد لإجراء مراجعة لاستراتيجيتها في أفغانستان وذلك بعد عام من موافقة الرئيس دونالد ترامب على تمديد مشاركة بلاده في هذه الحرب ذات الـ 17 عاماً...
تسعى الولايات المتحدة الأمريكية الى اعتماد إستراتيجية جديدة في حربها المستمرة ضد حركة طالبان في افغنستان، حيث نقلت قناة "يورونيوز" الأوروبية، عن مسؤولين أمريكيين، قولهم إن الولايات المتحدة الأمريكية تستعد لإجراء مراجعة لاستراتيجيتها في أفغانستان وذلك بعد عام من موافقة الرئيس دونالد ترامب على تمديد مشاركة بلاده في هذه الحرب ذات الـ 17 عاماً. وأضاف المسؤولون إن ترامب أظهر بوادر إحباطه من عدم إحراز تقدم منذ أن كشف عن استراتيجية في أغسطس الماضي التزم فيها بنشر مستشارين عسكريين أمريكيين ومدربين وقوات خاصة وتوفير دعم جوى متزايد للقوات الأمنية الأفغانية، وأشارت القناة إلى أن الهدف من ذلك كان إجبار حركة "طالبان" على الدخول في محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية.
وأوضحت القناة أن المراجعة من الممكن لها أن تشمل جميع زوايا الاستراتيجية الحالية بما في ذلك التقدم الذي تم إحرازه وتواجد الجنود الأمريكيين وإمكان إجراء مفاوضات مع حركة طالبان، وأضافت، نقلاً عن مسؤول أمريكى بارز، أن هذه المراجعة يمكن أن تشمل كذلك العلاقات الأمريكية مع باكستان التي تتهمها واشنطن بدعم متمردين وهو ما تنفيه إسلام آباد.
وفتح الرئيس الأمريكي الباب أمام زيادة عدد القوات الأمريكية بأفغانستان، في إطار إستراتيجية جديدة للمنطقة، مبديا اعتراضه على أي انسحاب سريع من أطول صدام عسكري عرفته واشنطن. وإدعى دونالد ترامب في خطاب ألقاه من قاعدة فورت ماير قرب واشنطن، إن موقفه الجديد يهدف إلى الحيلولة دون تحول أفغانستان إلى ملاذ آمن للمتطرفين المصممين على مهاجمة الولايات المتحدة.
وكان ترامب قال مرارا خلال الحملة الانتخابية العام 2016، إن الحرب مكلفة جدا فيما يتعلق بالأرواح والأموال. ولم تسقط حرب أفغانستان بشكل كامل من تصريحات ترامب إذ وصفها بأنها كانت "خطأ فادحًا" وأكد على وجوب استمرار القوات الأمريكية "حتى لا ينهار الوضع في ثانيتين بعد الخروج، مثلما قلت أن العراق على وشك الانهيار بعد خروجنا"، بحسب تصريحاته لشبكة "سى إن إن". ولكنه عاد ونفى وصفه للحرب بالخطأ، معتبرًا الوضع في أفغانستان مختلفا عن العراق لقربها الجغرافي من باكستان التي تمتلك سلاح نووي مما استوجب التدخل العسكري، على حد وصف الشبكة.
وأطاحت الحرب بحركة طالبان من السلطة في 2001 وقوضت سيطرتها بأفغانستان، كما أنه لا تزال القوات الأمريكية تعلن عن مقتل قادة بارزين من تنظيم القاعدة الارهابي. ومن أجل تقديم الدعم العسكري واللوجيستي تكلفت أمريكا خلال الحرب أكثر من 800 مليار دولار كمخصصات مباشرة لوزارتي الخارجية ووزارة الدفاع، وفقا لدراسة بمعهد واتسون للدراسات الدولية أجريت في وقت سابق. وكشفت إحصائيات أخيرة نشرها موقع I Casualties المتخصص في متابعة عدد ضحايا القوات الدولية بحرب أفغانستان والعراق، أن عدد الأمريكيين الذين قتلوا في أفغانستان منذ العام 2014 يزيد بأربعة أضعاف العدد الذي قتل على يد تنظيم داعش الارهابي فى سوريا والعراق.
من المهم الإشارة إلى أن قرابة 2400 جندي أمريكي قتلوا في أفغانستان منذ عام 2001، فيما أصيب أكثر من 20 ألفا آخرين. كما يشكل الأمريكيون الجزء الأكبر من 12 ألف عنصر تابع لحلف شمال الأطلسي "الناتو" يساعد في تأمين وتدريب القوات المسلحة الأفغانية، وذلك بعد أن قرر الحلف – الذي أنهى مهمته القتالية في أفغانستان في 2014- تمديد التدريبات إلى العام القادم.
بعد عام محبط
وفي هذا الشأن قال مسؤولون أمريكيون إن الولايات المتحدة تستعد لإجراء مراجعة لاستراتيجيتها في أفغانستان وذلك بعد عام من موافقة الرئيس دونالد ترامب على مضض على تمديد الوجود الأمريكي في الحرب الدائرة هناك منذ 17 عاما. وقال مسؤولون إن ترامب أظهر دلالات على شعوره بخيبة الأمل بشأن عدم إحراز تقدم منذ إعلانه عن استراتيجية تقضى بإرسال مستشارين عسكريين ومدربين وقوات خاصة أمريكية وزيادة الدعم الجوي لقوات الأمن الأفغانية بشكل مفتوح. وكان الهدف حمل مقاتلي طالبان على بدء محادثات سلام مع حكومة كابول.
وكان ترامب معترضا على البقاء في أطول حروب خاضتها الولايات المتحدة ولكن مستشاريه أقنعوه بإعطاء ذلك الأمر مزيدا من الوقت. وأجاز ترامب العام الماضي إرسال 3000 جندي أمريكي إضافيين ليصل إجمالي عدد القوات الأمريكية هناك إلى حوالي 15 ألف جندي. لكن بعد مرور عام تقريبا مازال الموقف متأزما حيث يسقط عدد كبير من الضحايا في صفوف المدنيين الأفغان كما أن حركة طالبان تعزز وجودها في المناطق الريفية وإن كانت عاجزة عن السيطرة على مراكز رئيسية في الحضر كما أن هناك شكوكا في قدرات قوات الأمن الأفغانية.
وقال العديد من المسؤولين الأمريكيين الحالين ومسؤولون ومستشارون آخرون سابقون على دراية مباشرة بالموقف إن البيت الأبيض لم يأمر رسميا بعد بهذه المراجعة ولكنهم يستعدون لإجراء تقييم على مستوى الحكومة خلال الأشهر القليلة المقبلة. وتحدث هؤلاء المسؤولون شريطة عدم نشر أسمائهم لأنهم غير مخولين بمناقشة هذه المسألة علانية.
وقال مسؤول أمريكي كبير ”تلقينا بعض الإشارات من البيت الأبيض تفيد بأن ترامب قد يطلب إجراء مراجعة خلال الأشهر القليلة المقبلة. ولذلك فإننا نستعد لما قد تبدو عليه“. وأضاف المسؤول أن المراجعة ستدرس كل أوجه الاستراتيجية الحالية بما ذلك التقدم الذي تم إحرازه ووجود القوات الأمريكية واحتمالات إجراء مفاوضات مع طالبان. وسوف تشمل أيضا علاقات الولايات المتحدة مع باكستان التي يتهمها مسؤولون أمريكيون بدعم التمرد. وتنفي إسلام أباد هذا الاتهام.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي”نجري بانتظام مراجعات لاستراتيجياتنا لفحص فاعليتها وإدخال التعديلات اللازمة لضمان استخدام الموارد الأمريكية بأكثر الطرق الممكنة فاعلية“. وأضاف ”لا نخطط لإجراء مراجعة شاملة لاستراتيجيتنا الأساسية مثل التي أجريت في الصيف الماضي“. ولم يذكر تفاصيل.
وغزت قوات بقيادة الولايات المتحدة أفغانستان في عام 2001 للإطاحة بحكومة طالبان لإيوائها تنظيم القاعدة. ومنذ ذلك الحين قُتل قرابة 1900 جندي أمريكي في الحرب، بينما لا يزال الفساد متفشيا والوضع الأمني هشا في البلاد. وأظهر تقرير رقابي للحكومة الأمريكية في الآونة الأخيرة أن حكومة أفغانستان تسيطر أو تملك نفوذا في 56 بالمئة فقط من البلاد. وقال مسؤولون آخرون، إن ترامب عبر أيضا عن غضبه لعدم تحقيق في أفغانستان.
وقال مسؤول كبير مطلع بشكل مباشر على المناقشات الجارية حول السياسة الخاصة بأفغانستان ”سأل الرئيس مرارا عما حققناه من تقدم في أفغانستان منذ أن اتخذ قراره، وعن مقدار ما استثمرناه هناك منذ عام 2001“. وأضاف ”لقد عبر كثيرا عن خيبة أمله لعدم تحقيق تقدم، ويسأل بالأساس ’ما الذي حصلنا عليه مقابل كل تلك الأموال؟‘“ وسبق للبيت الأبيض أن طلب إجراء مثل هذه المراجعة الداخلية. فقد قال مسؤولون إن مراجعة مماثلة أجريت بعدما كشف الرئيس السابق باراك أوباما عن استراتيجية حول أفغانستان في 2009. بحسب رويترز.
وتعهد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو خلال زيارة مفاجئة إلى أفغانستان بدعم مساعي الرئيس أشرف غني لبدء محادثات سلام مع طالبان وأكد مجددا على استعداد الولايات المتحدة للمشاركة في المحادثات. وقال بومبيو إن الاستراتيجية التي أعلنها ترامب العام الماضي تحقق هدفها، وسوف تطمئن الأفغان على ”أننا سندعمهم أثناء مواصلتهم القتال من أجل تحرير بلدهم وشعبهم“.
الى جانب ذلك تعتزم الحكومة البريطانية زيادة عدد أفراد القوات البريطانية في أفغانستان إلى ضعفيه تقريبا وذلك بعدما طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعزيزات للمساعدة في التعامل مع الوضع الأمني الهش هناك. وأعلنت رئيسة الوزراء تيريزا ماي أن حكومتها سترسل 440 جنديا إضافيا، ليرتفع العدد الإجمالي للقوات البريطانية هناك إلى حوالي 1100، بهدف مساعدة القوات الأفغانية في محاربة متمردي حركة طالبان وتنظيم داعش. وسوف تشارك القوات البريطانية في مهمة (الدعم الصامد) وهي مهمة يقودها حلف شمال الأطلسي لتدريب ومساعدة القوات الأفغانية. وكان ترامب قد أعلن العام الماضي أن الولايات المتحدة سترسل آلاف الجنود الإضافيين إلى أفغانستان. وطلب من بريطانيا وأعضاء حلف الأطلسي الآخرين إرسال مزيد من التعزيزات إلى أفغانستان. وسوف يصل حوالي نصف القوات البريطانية في أغسطس آب والباقي في فبراير شباط من العام القادم.
حرب ومحادثات
من جانب اخر قال مسؤولون إن قوات أمريكية وأفغانية خاصة توشك على الانتهاء من عمليتها ضد مسلحي تنظيم داعش بمنطقة نائية في إقليم ننكرهار بشرق البلاد حيث يوجد معقلهم الرئيسي. وقال اللفتنانت كولونيل جوش ثيل من مجموعة القوات الأمريكية الخاصة الأولى إن العملية في منطقة ده بالا الواقعة على الحدود مع باكستان بدأت في نهاية إبريل وشارفت على الانتهاء في أوائل شهر يونيو حزيران لكن عمليات إزالة الألغام من المنطقة لا تزال جارية. بحسب رويترز.
وقال ”كانت هذه واحدة من المناطق الرئيسية التي تقوم بأمرين أولهما توفير الأموال و(مصادر) التمويل والمواد اللوجيستية إلى تنظيم داعش وهو ما أنهيناه... وإضافة إلى ذلك كانت داعش تستخدم هذا الموقع للإعداد وكنقطة انطلاق لهجمات كبرى داخل كابول وجلال اباد“. وخلال القتال الضاري الذي انتهى في أوائل يونيو حزيران قُتل 167 من مسلحي التنظيم فضلا عن مصادرة كميات كبيرة من المعدات. وتشكل العمليات ضد داعش وغيرها من الجماعات المتشددة، ومنها تنظيم القاعدة، أساس عمل مهمة الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب والتي تجري تحت اسم عملية الدعم الحازم التي يقودها حلف شمال الأطلسي.
على صعيد متصل قال الجنرال جون نيكولسون أكبر قائد عسكري أمريكي في أفغانستان إن الولايات المتحدة مستعدة للمشاركة في مفاوضات مباشرة مع حركة طالبان في مسعى لإنهاء الحرب المستمرة منذ 17 عاما في أفغانستان. وتأتي التعليقات بعد جهود دبلوماسية متزايدة سعيا لإجراء محادثات بعد مشاهد لم يسبق لها مثيل لمقاتلين غير مسلحين من طالبان يسيرون مع قوات الأمن بشوارع كابول ومدن أخرى أثناء وقف مفاجئ لإطلاق النار الشهر الماضي.
وقال نيكولسون قائد عملية الدعم الحازم التي يقودها حلف شمال الأطلسي إن الولايات المتحدة تدرك بأن لها دورا رئيسيا. وقال ”وزير خارجيتنا السيد (مايك) بومبيو قال إننا، الولايات المتحدة، مستعدون لإجراء محادثات مع طالبان وبحث دور القوات الدولية“. وأضاف ”نأمل أن يدركوا ذلك وأن يساهم في دفع عملية السلام قدما“. وفي وقت سابق ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرت الدبلوماسيين بالعمل من أجل محادثات مباشرة مع طالبان في محاولة لإطلاق المفاوضات.
وقال سهيل شاهين المتحدث باسم المكتب السياسي لطالبان في قطر إنه لا يزال بانتظار تأكيد لكنه رحب بالمؤشرات على النهج الجديد. وأضاف ”هذا ما كنا نريده ونترقبه، أن نجلس مع الولايات المتحدة مباشرة ونبحث انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان“. وأضاف أنه يتوقع كخطوة أولى رفع اسم زعماء طالبان من قائمة سوداء للأمم المتحدة كي يتمكنوا من السفر. وقال أيضا إن مسألة القوات الدولية في أفغانستان ستكون قضية رئيسية وإن طالبان ستكون مستعدة لبحث المخاوف الأمريكية.
معلومات مهمة
في السياق ذاته قالت أرفع جهة رقابية أمريكية في أفغانستان إن وزارة الدفاع الأمريكية قيدت نشر معلومات مهمة عن سير الحرب في أفغانستان في خطوة ستحد من الشفافية. وعلى مدى سنوات اعتاد مكتب المفتش العام الخاص لإعمار أفغانستان نشر تقرير فصلي يشمل بيانات غير سرية عن مساحة الأراضي التي تسيطر عليها طالبان والحكومة أو تخضع لنفوذ كل منهما. إلا أن المفتش العام قال في تقرير إنه تلقى تعليمات بعدم نشر تلك المعلومات. كما فرض الجيش الأمريكي السرية للمرة الأولى منذ 2009 على أعداد القوات الفعلية والمصرح بها ومعدل استنزاف قوات الدفاع الوطني والأمن الأفغانية.
وقال جون سوبكو الذي يرأس مكتب المفتش العام”المغزى هو أنني أعتقد أن المواطن الأمريكي العادي الذي يقرأ تقاريرنا أو يقرأ تقاريركم الصحفية عنها ليس لديه أي قدرة حقيقية على تحليل الكيفية التي تُنفق بها أمواله في أفغانستان“. وسعت وزارة الدفاع إلى تفادي اللوم على هذا القرار الذي يمثل أحدث خطوة لتقليل المعلومات المتاحة علانية عن الحرب الدائرة في أفغانستان منذ 16 عاما وهي أطول حرب أمريكية.
وقالت الوزارة في بيان إنها لم تطلب من مكتب المفتش العام حجب المعلومات بل إن التحالف الذي يقوده حلف شمال الأطلسي هو الذي طلب ذلك. وأضافت أنها لا تملك سلطة تجاوز طلب قوة التحالف التي يقودها الجنرال الأمريكي جون نيكلسون. وكان القائد الأمريكي في أفغانستان حدد في نوفمبر تشرين الثاني هدف إبعاد مقاتلي طالبان بما يكفي للسيطرة على 80 في المئة على الأقل من مساحة البلاد في غضون عامين. بحسب رويترز.
وجاء في أحدث تقرير للمفتش العام أن 43 في المئة من مناطق أفغانستان تخضع إما لسيطرة طالبان أو ليست محسومة. وقال سوبكو إن الناس سيستنتجون أن المعلومات محجوبة بسبب عدم تحقيق تقدم وقد لا يكون الحال كذلك. وخلال الحرب الفيتنامية وجه اتهام مماثل للسلطات وثبتت صحته فيما بعد.
اضف تعليق