q
زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة المتحدة، المثيرة للجدل والتي تجاهل فيها كما نقلت بعض المصادر الاحتجاجات والرفض المسبق من قبل البريطانيين بسبب موقفه المتشدد من بعض القضايا المهمة ومنها قضية الهجرة وملف التعاون المستقبلي بين البلدين، ما تزال محط اهتمام واسع داخل وخارج بريطانيا...

زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة المتحدة، المثيرة للجدل والتي تجاهل فيها كما نقلت بعض المصادر الاحتجاجات والرفض المسبق من قبل البريطانيين بسبب موقفه المتشدد من بعض القضايا المهمة ومنها قضية الهجرة وملف التعاون المستقبلي بين البلدين، ما تزال محط اهتمام واسع داخل وخارج بريطانيا، فقد أثار ترامب غضبا اثناء زيارته في بريطانيا بسبب سلوكه "غير اللائق" أثناء لقائه بالملكة إليزابيث، حيث خرق القواعد الملكية ثلاث مرات محققا بذلك تنبؤات سابقة بإحراجه للعائلة المالكة.

وبحسب صحيفة ديلي ميل البريطانية، لم تكن البداية موفقة عندما اضطرت الملكة البالغة من العمر 92 عاما للانتظار بحديقة قصر ويندسور وفي حرارة الصيف اللاهبة نحو ربع ساعة قبل أن يصل ترامب وزوجته ميلانيا، حيث رصد المصورون الملكة تنظر إلى ساعة يدها. وعند وصول الزوجين، خرق ترامب التقاليد مرة أخرى برفضه الانحناء للملكة، وبدلاً من ذلك صافحها بقوة، بينما اكتفت السيدة الأولى بمصافحة هادئة.

وقالت الصحيفة إن الغلطة الكبرى جاءت عندما دُعي ترامب للانضمام إلى الملكة لتفقد حرس الشرف، فأدار ظهره للملكة وسار أمامها، الأمر الذي يعد خرقًا خطيرًا للبروتوكول الملكي العريق. وسرعان ما تلقف البريطانيون صور وفيديوهات هذه "الزلات" ونشروها بكثافة على وسائل التواصل، وأمطروا الضيف بانتقادات لاذعة على ما أبداه من "وقاحة وعدم احترام". وسط استياء كبير استقبلت ملكة بريطانيا إليزابيث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تشريف في قصر ويندسور. وبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد "يوغوف" يرى حوالى نصف (49%) المستطلعين الـ1648 أنه لا يجدر بالملكة استقبال ترامب. وفي العام الماضي، وقع حوالى 1,9 مليون شخص عريضة لمنع ترامب من القيام بزيارة دولة "لأن ذلك سيتسبب بالإحراج لجلالة الملكة".

ويقوم ترامب في نهاية المطاف بزيارة رسمية وليس بزيارة دولة كانت ستتطلب المزيد من التشريفات مثل موكب عربات ومأدبات طعام. وقبل وصوله إلى قصر ويندسور التقى ترامب برئيسة الوزراء تيريزا ماي، وخلال محادثاتهما نظم الآلاف مسيرة عبر وسط لندن احتجاجا على زيارة الرئيس الأمريكي، وهي واحدة من أكثر من مئة احتجاج جرى التخطيط له خلال زيارته. ومنذ اعتلائها العرش عام 1952، استقبلت الملكة إليزابيث جميع الرؤساء الأمريكيين باستثناء ليندون جونسون. ووصف ترامب الملكة في مقابلة مع صحيفة "ذي صن" بأنها "امرأة لا تصدق". وقال "على مدى سنوات، مثلت بلادها ولم ترتكب خطأ فعليا" مضيفا "زوجتي من كبار المعجبين" بالملكة.

ولم تكن تصريحات ترامب السابقة حول العائلة المالكة البريطانية بهذه اللباقة. فقد قال في مقابلة عام 2000 أنه لكان قضى الليل مع ديانا "بدون تردد" مضيفا أنها "كانت مجنونة، لكنها تفاصيل صغرى". وبعد 12 عاما، بعد نشر صور لكايت زوجة الأمير ويليام تتشمس عارية الصدر في جنوب فرنسا، كتب ترامب في تغريدة أن دوقة كامبريدج "لا يمكنها أن تلوم سوى نفسها".

احتجاجات ضد ترامب

وفي هذا الشأن وتحت شعار "تخلصوا من ترامب" تظاهر عشرات الآلاف بصخب في بريطانيا احتجاجا على زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في "مهرجان مقاومة" ضد الرئيس الأميركي الذي يتهمونه بـ"العداء للنساء والمثليين والأجانب". ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "تخلصوا من ترامب" و"هذا مهرجان المقاومة" و"أمي لا تحبك! رغم انها تحب الجميع". وهتف المحتجون وهم يعبرون شارع أوكسفورد، الشريان التجاري في العاصمة البريطانية، متوجهين إلى ساحة ترافالغار سكوير بوسط لندن "لا لترامب، لا لكو كلاكس كلان، لا لأميركا الفاشية".

وكان بعضهم يطرق على آنية مطبخ، وآخرون ينفخون في أبواق أو يرفعون بالونات برتقالية للاستهزاء بلون بشرة الرئيس الأميركي، كتب عليها "أوقفوا ترامب". وتعتبر تظاهرة لندن التي تضم مسيرتين، الأولى للنساء والثانية لتحالف من المنظمات، الأبرز في حركة الاحتجاج على زيارة ترامب لبريطانيا، وقد أرجئت هذه الزيارة لوقت طويل خوفا من رد فعل معارضي الرئيس الأميركي المستائين من التشريفات التي تقيمها له بلادهم.

وقالت جورجينا روز (42 عاما) المشاركة في "مسيرة النساء" إن "دونالد ترامب يكره النساء وهو شوفيني ومعاد لمثليي الجنس وللأجانب ويشجع التعصب". وحمل غرانت وايت (32 عاما) لافتة عليها رسم كاريكاتوري لترامب على شكل عصفور هو شعار موقع تويتر الذي يستخدمه ترامب بكثرة لتمرير مواقفه ورسائله السياسية، وحول ذراعه صليب معقوف. ويقول "أنا ضد بريكست وضد ترامب. هناك موجة فاشية علينا أن نتخلص منها".

ولدى مرورهم أمام 10 داونينغ ستريت، مقر رئيسة الوزراء تيريزا ماي، أخذ المتظاهرون يصفرون ويهتفون "عار" بعدما كانت ماي أول مسؤولة أجنبية تزور واشنطن للقاء ترامب بعد تنصيبه مطلع 2017. واصطحبت دون (49 عاما) معها ابنتها سايدي (11 عاما) إلى التظاهرة وتقول ربة العائلة "ترامب هو الرجل الأكثر غرورا في قيادة أكبر قوة في العالم، وليس لديه أي فكرة عما يحتاج إليه العالم"، فيما أعلنت ابنتها "إنه لا يقبل الناس الذين يتبعون ديانة مختلفة".

وقال متظاهر آخر يدعى جوي فرينيت (27 عاما) الذي انتقل من واشنطن للإقامة في بريطانيا قبل ثماني سنوات "أعتقد أن يجسد صورة رديئة للغاية لما يمكن أن تقدمه أميركا للعالم". ورأى عامل البناء دان كيلي (47 عاما) "إنه يجلب هذا لنفسه، لكأن لدينا طفلا ممسكا بزمام قوة عظمى". وقام متظاهرون في لندن باطلاق بالون عملاق على علو ستة امتار بلون برتقالي لافت، يمثل طفلا يضع حفاضات وله ملامح ترامب فوق ساحة البرلمان في لندن. بحسب فرانس برس.

وحصلت هذه البادرة على الضوء الأخضر من رئيس بلدية لندن صادق خان الذي هاجمه الرئيس الأميركي مرارا. وقال بريت كيرشنر (25 عاما) المتحدر من كارولاينا الشمالية على الساحل الشرقي للولايات المتحدة "بصفتي أميركيا، أرى هذا رائعا" مضيفا أن "البعض في الولايات المتحدة سيستاء من هذا الاحتجاج وسيعتبره مهينا". وقال بول فونسيكا (23 عاما) من جهته "أعتقد أنه طريف، إنه انعكاس صادق لسياسته التي تفتقر إلى النضج".

حرب كلامية

من جانب اخر تجددت الحرب الكلامية بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب وأول رئيس بلدية مسلم لمدينة لندن لتشمل الارهاب والجريمة واللياقة الاجتماعية. وقال ترامب ان رئيس البلدية صديق خان "قام بعمل سيء جدا فيما يتعلق بالارهاب" رابطا بين الهجرة وعمليات طعن أوقعت قتلى في لندن، في مستهل زيارته التي تستمر أربعة أيام الى بريطانيا. وقال ترامب في مقابلة مع صحيفة "ذا صن" البريطانية "لديكم رئيس بلدية قام بعمل فظيع في لندن".

وهذه آخر صلية في الحرب التي بدأت عندما انتقد خان، وهو ابن سائق حافلة هاجر من باكستان في الستينات، الحظر الذي فرضه ترامب على القادمين من عدد من الدول المسلمة. ورد خان بالقول ان الارهاب مشكلة عالمية طالت ايضا مدنا اوروبية اخرى. وقال لاذاعة بي.بي.سي "الملفت هو أن ترامب لا ينتقد رؤساء بلديات تلك المدن، بل ينتقدني أنا". واضاف ان تصريحات ترامب التي يربط فيها الهجرة بالجريمة في انكلترا "غير معقولة".

وسخر الرئيس من خان في حزيران/يونيو العام الماضي في اعقاب سلسلة من الهجمات الارهابية في لندن. وقام ترامب بالتشويش على رسالة لخان قال فيها لاهالي لندن انه "لا يوجد سبب للقلق" من التواجد المكثف للشرطة فكتب على تويتر "7 قتلى على الاقل و48 جريحا في الهجوم الارهابي، ورئيس بلدية لندن يقول لا يوجد سبب للقلق!". حينها انتقد خان ترامب وقال انه "غير ملمّ" بالأمور وأثنى على "العلاقة الخاصة" بين بريطانيا والولايات المتحدة. وردا على سؤال بشأن ما اذا كان الجدل المستجد سيزعزع تلك العلاقة، قال "المسؤولية تقع على الطرفين، ولن أكتب تغريدات عن الرئيس ترامب ولن أقول اشياء بغيضة عنه". بحسب فرانس برس.

واضاف خان "اعتقد ان رئيسة وزرائنا يجب ان تتحلى بالجرأة لتخاطب الرئيس الاميركي على قدم المساواة، والامر يعود له ليقول ما يريد عني. لن أرد على تعليقات الرئيس ترامب". وينتمي خان لحزب العمال المعارض. ورئيس البلدية السابق هو المحافظ بوريس جونسون الذي استقال من منصب وزير الخارجية احتجاجا على خطة ماي لبريكست. وفي مقابلته مع صحيفة "صن" اتهم ترامب ماي بمخالفة رغبات الناخبين البريطانيين بالخطة، وفي نفس الوقت اشاد بجونسون كرئيس حكومة بديل. وتصاعدت الحرب الكلامية مع اعلان النائب العمالي ديفيد لامي ان مشكلة ترامب الحقيقية مع خان لا تتعلق بسياساته انما بديانته. وغرد مستخدما وسم "أوقفوا ترامب" قائلا "يكره اختيار لندن رئيس بلدية مسلماً. الرئيس عنصري. لا يستحق ان يلتقي ملكتنا اليوم".

اتفاق تجاري عظيم

في السياق ذاته قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن بإمكان الولايات المتحدة وبريطانيا التوصل لاتفاق تجاري ”عظيم“ بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي وكال المديح لرئيسة الوزراء تيريزا ماي في تغير مفاجئ عن تصريحات أدلى بها قبل ساعات قال فيها إن استراتيجيتها ستقضي على أي فرصة لإبرام اتفاق كهذا. وتسبب ترامب في صدمة للمؤسسة السياسية في بريطانيا عندما انتقد خطط ماي التي تتركز على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي بعد انسحاب بلادها من التكتل في مارس آذار المقبل.

وفي مقابلة صحفية نُشرت قبل ساعات فقط من محادثاته مع ماي قال ترامب إن استراتيجيتها ”ستقتل“ أي فرصة لإبرام اتفاق تجاري وقال إنها لم تستمع لنصيحته بشأن كيفية التفاوض مع الاتحاد الأوروبي. لكن عندما وقف الزعيمان في مؤتمر صحفي بحديقة مقر الإقامة الريفي الرسمي لماي في تشيكرز قال ترامب إن ماي تقوم بعمل ”رائع“ وإن كيفية تنفيذ الانسحاب من الاتحاد يعود إليها وإن إبرام اتفاق للتجارة الحرة مطروح بقوة.

وقال إن العلاقات لم تكن أبدا بتلك الخصوصية بين البلدين وإن أي انتقاد نقل عن لسانه لها هو ”أخبار مزيفة“. وأضاف ترامب ”بمجرد انتهاء عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي... لا أعلم ما الذي سيفعلونه، لكن أيا كان ما ستفعلونه فلا بأس به .. هذا قراركم“. وتابع قائلا ”أيا كان ما تفعلونه فلا بأس به، لكن عليكم أن تضمنوا فقط إمكانية التجارة معا، هذا كل ما يهم. الولايات المتحدة تتطلع لإبرام اتفاق تجاري ثنائي عظيم مع المملكة المتحدة. هذه فرصة مدهشة لبلدينا وسوف نستغلها بالكامل“.

وحصلت ماي على موافقة مجلس الوزراء على خططها للانسحاب من الاتحاد الأوروبي لكن خلال يومين استقال اثنان من كبار وزرائها وعلق ترامب على ذلك قبل أيام بأنه تسبب في اضطرابات في بريطانيا. لكن كثيرين اعتبروا خطة ماي الداعمة للشركات خيانة ستبقي بريطانيا أقرب من اللازم إلى الاتحاد الأوروبي. ومن بين المعترضين نواب من حزب المحافظين، الذي يعاني من انقسامات عنيفة، حذروا من أنها قد تواجه تحديا على زعامة الحزب. ونشرت اقتراحات ماي رسميا وبعد ساعات أدلى ترامب بتصريحات في مقابلة مع صحيفة صن تشكك في استراتيجيتها.

وقال ”إذا أبرموا اتفاقا كهذا فسيصبح تعاملنا مع الاتحاد الأوروبي بدلا من المملكة المتحدة، لذا فإن ذلك سيقضي على الاتفاق على الأرجح... كنت سأفعل الأمر بطريقة مختلفة جدا. في الحقيقة أبلغت تيريزا ماي بالطريقة التي يجب أن تقوم بها بالأمر لكنها لم تستمع لي“. ولدى سؤاله عن تلك المقابلة قال ترامب إنه لم ينتقد رئيسة الوزراء وأشاد بمضيفته قائلا إنها قوية وتتمتع بالكفاءة. وقال ”هذه المرأة المدهشة هنا تقوم بعمل رائع، عمل عظيم، للأسف، هناك قصة نشرت كانت مقبولة بشكل عام لكنها لم تذكر ما قلته عن رئيسة الوزراء، وقد قلت أشياء عظيمة. هذا يدعى أخبارا زائفة“. بحسب رويترز.

وتجاهلت ماي أيضا التصريحات السلبية وقالت ”اتفقنا اليوم على السعي لإبرام اتفاق تجارة حرة طموح بين الولايات المتحدة وبريطانيا مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي“. وتابعت قائلة ”اتفاق تشيكرز الذي تم التوصل إليه يتيح الآلية المناسبة لدونالد ولي للسعي من أجل إبرام اتفاق طموح يفيد البلدين واقتصادهما“. وأدلت ماي وكذلك ترامب بتصريحات عن أهمية ”العلاقة الخاصة“ التي تربط البلدين وهو أمر يأمل مؤيدو الانسحاب من الاتحاد الأوروبي أن يعود بالمنافع عندما تنسحب بريطانيا من التكتل ويسمح لها بإقامة علاقات تجارية أوثق مع أكبر اقتصاد في العالم. وقال ترامب ”أقول إنني أمنح علاقتنا أعلى مستوى من الخصوصية“. وخلال المؤتمر الصحفي شكرت ماي أيضا ترامب على مساندته فيما يتعلق بروسيا التي تتهمها بريطانيا بالمسؤلية عن هجوم بغاز أعصاب على جاسوس روسي سابق في جنوب غرب انجلترا في مارس آذار.

اضف تعليق