q
تواجه رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، تحديات كبيرة ربما قد تعيق تحركاتها بخصوص مفاوضات بريكست، خصوصا وان الحكومة البريطانية وكما يرى بعض المراقبين، تعيش اليوم ازمة حقيقية بعد استقالة عدد من الوزارء والمسؤولين احتجاجا على الخطة التي وضعت ماي بخصوص قضية خروج بريطانيا، وهو ما يشكل ضربة لرئيسة الوزراء التي ظنت أنها حصلت على كامل الحرية للتفاوض بشأن علاقة بلادها المستقبلية بالاتحاد الأوروبي...

تواجه رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، تحديات كبيرة ربما قد تعيق تحركاتها بخصوص مفاوضات بريكست، خصوصا وان الحكومة البريطانية وكما يرى بعض المراقبين، تعيش اليوم ازمة حقيقية بعد استقالة عدد من الوزارء والمسؤولين احتجاجا على الخطة التي وضعت ماي بخصوص قضية خروج بريطانيا، وهو ما يشكل ضربة لرئيسة الوزراء التي ظنت أنها حصلت على كامل الحرية للتفاوض بشأن علاقة بلادها المستقبلية بالاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من الانقسام الحكومي تمكنت ماي من الحصول على موافقة حكومتها على انشاء "منطقة تجارة حرة" تخضع فيها السلع الى معايير وانظمة الاتحاد الاوروبي.

وتقترح ماي انشاء منطقة تبادل حرّ وإقامة نموذج جمركي جديد مع الدول الأوروبية الـ27، بهدف المحافظة على تجارة "من دون صدامات" مع أوروبا. وأصبحت ماي رئيسة للوزراء في يوليو تموز 2016 بعد أن صوت غالبية البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي وتعهدت بالوفاء بانسحاب بريطانيا من التكتل. لكن ماي خسرت أغلبيتها في البرلمان عندما دعت إلى انتخابات مبكرة العام الماضي وظلت حكومتها منقسمة بشأن قضايا رئيسية بشأن علاقة بريطانيا المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي مع بقاء أقل من عام على الموعد المقرر لمغادرة بريطانيا الاتحاد.

من جانب اخر أظهر استطلاع أجرته مؤسسة أو.آر.بي في وقت سابق، أن نصف الناخبين البريطانيين يعتقدون أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي غير قادرة على الخروج بالاتفاق الصحيح للخروج من الاتحاد الأوروبي. وقالت المؤسسة في بيان ”ما زال هناك الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به لإقناع الرأي العام البريطاني بأن رئيسة الوزراء قادرة على الحصول على الاتفاق الصحيح لصالح المملكة المتحدة“.

وقبل عام، كان 35 % فقط من الناخبين يعتقدون أن ماي قادرة على الخروج بالاتفاق الصحيح. كما أظهر الاستطلاع أن الناخبين منقسمون بشأن ما إذا ستصبح بريطانيا أفضل حالا بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، إذ قال 43% إنها ستكون كذلك بينما قال 42 % إنها لن تكون على هذا النحو. وأظهر الاستطلاع أن 63% من الناخبين لا يوافقون على الطريقة التي تتناول بها الحكومة البريطانية مفاوضات الانفصال.

استقالة وزير الخارجية

وفي هذا الشأن استقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون احتجاجا على خطط رئيسة الوزراء تيريزا ماي الخاصة بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وهذه ثاني استقالة خلال يوم، الأمر الذي يضع خطط ماي بخصوص مغادرة التكتل في مهب الريح. وبعد يوم من إلغاء وزير الخارجية اجتماعات لإجراء محادثات أزمة في مقر إقامته الرسمي في وسط لندن، قرر جونسون ترك منصبه بعد ساعات قليلة من إقدام ديفيد ديفيز وزير شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في الحكومة البريطانية على الخطوة نفسها احتجاجا على خطط ماي.

وتترك الاستقالتان ماي في حالة من الضعف الشديد على رأس حكومة غير قادرة على التوحد بشأن أكبر تحول في مجالي السياسة الخارجية والتجارة في قرابة نصف قرن. وتثير كذلك أسئلة بشأن ما إذا كانت الزعيمة البريطانية ستحاول الصمود والتقيد بالتزامها في مواصلة نهج ”مؤيد للأعمال“ للخروج من الاتحاد الأوروبي أو ستواجه مزيدا من الاستقالات والنداءات لها بالاستقالة. بحسب رويترز.

وقال متحدث باسم ماي في بيان ”قبلت رئيسة الوزراء استقالة بوريس جونسون من منصب وزير الخارجية. وتشكر رئيسة الوزراء بوريس على عمله“. وتزيد مغادرة جونسون وديفيز المخاطر بالنسبة لماي، التي توصلت بشق الأنفس إلى اتفاق مع حكومتها المنقسمة بشدة للإبقاء على أوثق علاقات تجارية ممكنة مع الاتحاد الأوروبي. وعبر كثير من المشككين في الاتحاد الأوروبي عن غضبهم، قائلين إن الاستراتيجية التي جرت الموافقة عليها تخالف تعهدها بانسحاب ”نظيف“ من الاتحاد الأوروبي، مما يثير شبح محاولة البعض الإطاحة بها.

وحذر وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون من أن ينتهي المطاف ببريطانيا إلى أن تكون مثل مستعمرة تابعة للاتحاد الأوروبي بعد إعلان الحكومة خطط إقامة علاقات تجارية وثيقة مع الاتحاد بعد الخروج منه العام المقبل. وكتب جونسون في خطاب استقالته، ”نتجه بالفعل صوب حالة المستعمرة - وسيناضل كثيرون للوصول إلى الميزة الاقتصادية أو السياسية لهذا الترتيب (الخطة) بالتحديد“.

تعينات جديدة

الى جانب ذلك عينت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي دومينيك راب وزيرا جديدا لشؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بعد استقالة ديفيد ديفيز من ذلك المنصب احتجاجا على خطط الحكومة الخاصة بعلاقة تجارية وثيقة مع الاتحاد الأوروبي. وقال مكتب ماي في بيان ”يسر الملكة الموافقة على تعيين دومينيك راب وزيرا للدولة لشؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي“. وكان راب يشغل من قبل منصب وزير الإسكان.

وفي بروكسل قال جي فيرهوفشتات منسق خروج بريطانيا في البرلمان الأوروبي إن على الحكومة البريطانية أن تتخذ موقفا موحدا بشأن سبيل المضي قدما في محادثات الخروج بعد استقالة ديفيز. وأضاف على تويتر ”استمتعت بالتعاون مع ديفيد ديفيز... آمل أن تتوحد المملكة المتحدة على موقف لإتمام اتفاق الارتباط مع الاتحاد الأوروبي. الأمر في صالح الجانبين ونحن نواصل المفاوضات“.

وقال ديفيز إنه استقال ليمنع ماي من تسليم سلطة أكثر مما يجب للاتحاد الأوروبي مما زاد من الضغوط على رئيسة الوزراء التي تواجه صعوبات في تخطي الانقسامات المتعلقة بالانسحاب. لكنه أضاف أنه لن يشجع زملاءه على محاولة الإطاحة بماي وقال إنه يعتقد أنها رئيسة وزراء جيدة ولا يريد أن يرى بديلا لها في منصبها لكنه لم يستطع الدفاع عن استراتيجيتها بإخلاص. وقال ديفيز لراديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) لدى سؤاله عما إذا كان سينضم لنواب يطالبون بتنحي ماي ”لن أكون واحدا منهم. لن أشجع الناس على فعل ذلك.. أعتقد أنه أمر خاطئ“. وأضاف أنه لن يترشح لقيادة حزب المحافظين في المستقبل. بحسب رويترز

وقال مسؤول في الحكومة البريطانية إن سويلا بريفمان، وهي وزيرة بلا حقيبة وكانت من أبرز مؤيدي الانسحاب من التكتل، لم تستقل احتجاجا على خطط العلاقات التجارية الوثيقة بين بلادها والتكتل. وذكرت وسائل إعلام بريطانية إن بريفمان استقالت مع ديفيز ووزير آخر بوزارة شؤون الانسحاب هو ستيف بيكر. ورفضت وزارة شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي التعليق.

من جانب اخر عينت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي جيريمي هانت وزيرا جديدا للخارجية بعد استقالة سلفه بوريس جونسون احتجاجا على خطط الحكومة إقامة علاقة تجارية وثيقة مع الاتحاد الأوروبي. وقال مكتب ماي في بيان ”وافقت الملكة على تعيين النائب جيريمي هانت وزيرا للخارجية وشؤون الكومنولث“.

وكان ديفيس وزير دولة للشؤون الأوروبية بين عامي 1994 و1997 قبل أن يحاول تولي قيادة الحزب المحافظ عام 2005، إلا أنه خسر مقابل ديفيد كاميرون. وعيّن ديفيس في تموز/يوليو 2016 على رأس الوزارة التي أنشئت غداة تصويت البريطانيين على خروج بلادهم من الاتحاد الاوروبي. ومنذ أشهر، تسري شائعات حول استقالته إلا أنه كان دائما يُظهر ولاءه لماي في مواقفه العلنية.

مطالب للتغير

من جانب اخر نقلت صحيفة الأوبزرفر عن أحد المانحين لحزب المحافظين الحاكم في بريطانيا قوله إن وزير البيئة مايكل جوف يجب أن يحل محل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بسبب عدم قدرتها على الإشراف على عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقال كريسبين أودي مدير أحد صناديق التحوط والذي ساند حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي وهو مانح رئيسي لحزب المحافظين لصحيفة الأوبزرفر إن ماي التي صوتت لصالح البقاء في الاتحاد لا يمكن الوثوق بها لإنجاز عملية الخروج وإن وزير البيئة جوف لديه المهارات المناسبة لشغل منصب رئيس الوزراء. وأضاف للصحيفة ”الشيء الحقيقي هو أن هناك الكثير من الأشخاص الذين لا يرغبون في حدوث هذا وهم الذين يتولون مسؤولية حدوثه...أنا أؤيد جوف“ مضيفا أن ماي ليست مؤهلة للعمل السياسي. وأضاف ”هي لا تستطيع اتخاذ قرار. لذا فلا توجد قيادة“.

وتعهدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بآفاق أكثر إشراقا لبلادها بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي. ومن المقرر أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بحلول الساعة 2300 بتوقيت جرينتش من يوم 29 مارس آذار 2019 قاطعة علاقات ساعدت في تحديد هويتها الوطنية وقوانينها ومكانتها الدولية على مدى ما يزيد على 46 عاما من اندماجها مع جيرانها الأوروبيين.

وتحدت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي منتقديها الذين يدعونها إلى الاستقالة وقالت إنها ليست انهزامية وإن أمامها مهمة طويلة الأجل تسعى لإنجازها هي إتمام الخروج من الاتحاد الأوروبي والإصلاح الداخلي. وسئلت ماي عن الانتقادات في الآونة الأخيرة لقيادتها والتقارير عن محاولة محتملة للإطاحة بها.

وقالت”قلت لكم من قبل، أنا لست انهزامية وهناك مهمة طويلة الأجل ينبغي إنجازها“. وأضافت ”تلك المهمة تتعلق بالتوصل إلى أفضل اتفاق من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تتعلق بضمان استعادة السيطرة على أموالنا وعلى قوانيننا وعلى حدودنا، وضمان أن نتمكن من توقيع اتفاقات تجارية في باقي أنحاء العالم. وهي تتعلق أيضا بأجندتنا الداخلية“.

اضف تعليق