سعت الإمارات العربية ومنذ مشاركتها المباشرة في الحرب على اليمن، الى الاستفادة وتحقيق مصالحها الخاصة في المنطقة، حيث عمدت الى توسيع نفوذها في هذا البلد اضافة الى بلدان اخرى قريبة ومنها الصومال، فبعد سيطرتها وكما نقلت بعض المصادر على مناطق واسعة في الجنوب، يبدو أن الامارات بدأت التفكير في تعزيز نفوذها في مناطق يمنية اخرى التدخل العسكري المباشر...
سعت الإمارات العربية ومنذ مشاركتها المباشرة في الحرب على اليمن، الى الاستفادة وتحقيق مصالحها الخاصة في المنطقة، حيث عمدت الى توسيع نفوذها في هذا البلد اضافة الى بلدان اخرى قريبة ومنها الصومال، فبعد سيطرتها وكما نقلت بعض المصادر على مناطق واسعة في الجنوب، يبدو أن الامارات بدأت التفكير في تعزيز نفوذها في مناطق يمنية اخرى التدخل العسكري المباشر او من خلال دعم بعض العملاء والمرتزقة، ومن تلك المناطق جزيرة سقطرى اليمنية التي تخطط الإمارات لتحويل إلى محمية إماراتية تمهيداً لسلخ الجزيرة عن اليمن وإلحاقها بالإمارات وهو ما سيسهم في خلق صراعات وأزمات أخرى، خصوصا وان الإمارات لم تنسق مع حلفائها وأنزلت دبابات وقوات في إطار لمدّ نفوذها إلى مجرى مائي استراتيجي تحيط به مناطق صراع، وسقطرى أرخبيل يمني مكون من ست جزر، تحتل موقعاً استراتيجياً على المحيط الهندي، قبالة سواحل القرن الإفريقي، قرب خليج عدن.
يرى مراقبون أن هذا الحدث سيعمق الأزمة بين الحكومة والتحالف العربي بقيادة السعودية الذي يعلن أنه يخوض حرباً لإعادة الشرعية لها. كما أعلنت السعودية ايضا إرسال قوات عسكرية كبيرة إلى جزيرة سقطرى اليمنية، التي شهدت مؤخراً توتراً على خلفية وجود قوات إماراتية فيها، ما ينذر بتصاعد الخلاف بين الرياض وأبو ظبي. وأكد ما يسمى "التحالف العربي" بقيادة الرياض أن وجود القوات السعودية في الجزيرة يأتي ضمن التنسيق المشترك مع الحكومة اليمنية ولغرض التدريب والمساندة للقوات اليمنية. واتهمت اليمن الإمارات بالاستيلاء على ميناء ومطار الجزيرة. وقالت مصادر يمنية إن التحرك الإماراتي استعراض قوة من أجل "مصالح تجارية وأمنية" واتهم الإمارات بمحاولة استعمار اليمن.
وبحسب تقرير لصحيفة "إندبندنت" فأن الإمارات تحاول تحويل الجزيرة إلى قاعدة عسكرية دائمة، ومنتجع سياحي، وربما "سرقة" تراثها. ويفيد التقرير بأن الطموحات الإماراتية عسكرية وتجارية، حيث كانت الجزيرة تقع في العالم القديم على طريق الحرير بين أفريقيا وآسيا، واًصبحت اليوم في طريق النفط، مشيرا إلى سيطرة الإمارات على موانئ البحر الأحمر والخليج، من خلال منع التنافس، وصد الحوثيين، الذين تدعمهم إيران من السيطرة عليها.
وتقول الصحيفة إن هناك شائعات تتردد في الجزيرة بأن الإماراتيين يخططون لعقد استفتاء على انفصال سقطرى عن اليمن، لتصبح جزءا من الإمارات، أي استفتاء على غرار ما نظمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شبه جزيرة القرم، وهو ما ترفضه الحكومة اليمنية. وينقل التقرير عن عدد من سكان الجزيرة، قولهم إن المسؤولين الإماراتيين قاموا بالذهاب إلى بيوت السكان بيتا بيتا، وأجروا إحصاء لعدد السكان، وهو أمر لم تشهده سقطرى منذ عام 2004، مشيرا إلى أنه تم ترغيب السكان بالمال مستقبلا لو تطوعوا بذكر أسمائهم، وتعاونوا مع المسؤولين في تقديم التفاصيل.
وتستدرك الصحيفة بأن رغم كون 70% من أراضي الجزيرة محمية طبيعية، إلا أن هذا لم يمنع الإمارات من تجريف مناطق؛ تحضيرا لمشاريع بناء فندق وسياحة، لافتة إلى أنه مع أن الإمارات لم تكشف عن خطط تطوير أو خطط سياحة واسعة، لكنها اعترفت في وقت سابق بأنها ترسل المجندين إلى سقطرى؛ من أجل تلقي مهارات قتالية متقدمة واستخدام السلاح ودورات إسعاف أولي، حيث يتم نقل هذه القوات فيما بعد لجبهات القتال في الأراضي اليمنية الأخرى.
توسيع الوجود العسكري
وفي هذا الشأن هبطت طائرات نقل عسكرية إماراتية في جزيرة سقطرى اليمنية حيث أنزلت دبابات وقوات في إطار مسعى البلد الخليجي لمد نفوذه إلى مجرى مائي استراتيجي تحيط به مناطق صراع. والإمارات التي لا يتجاوز تعداد سكانها عشرة ملايين نسمة تملك ثاني أكبر اقتصاد عربي بفضل النفط. وقال دبلوماسيون ومسؤولون يمنيون وصوماليون إنها تنشر قواتها وتضخ أموالا لإنشاء شبكة قواعد وحلفاء مسلحين في اليمن والصومال كحماية من المتشددين الإسلاميين والنفوذ الإيراني.
لكن دعم جماعات على خلاف مع حكوماتها المحلية يهدد بتورط الإمارات في نزاعات لا تبدو لها نهاية في اثنين من أفقر بلدان العالم. وتقع جزيرة سقطرى بين شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي وتشتهر بالطبيعة النباتية الخلابة وكانت تبدو بمنأى تماما عن الحرب حتى وصول القوات الإماراتية في إنزال تحدث عنه المسؤولون والإعلام في اليمن.
واتهمت الحكومة اليمنية الإمارات بالاستيلاء على ميناء ومطار الجزيرة. وقال مصدر في الحكومة إن التحرك الإماراتي استعراض قوة من أجل ”مصالح تجارية وأمنية“ واتهم الإمارات بمحاولة استعمار اليمن. وأضاف المصدر ”لن يحصلوا على ذلك من اليمن. نعم اليمنيون فقراء لكن بوسعهم القتال من أجل سيادتهم“. وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان بشأن سقطرى إنها تدعم الحكومة الشرعية في اليمن وتسعى ”للحفاظ على الأمن والاستقرار ودعم المشاريع التنموية ومساعدة أهالي الجزيرة“.
وطورت الإمارات قدرات وحدات عسكرية محلية في اليمن وعززت نفوذها على طول ساحل البحر الأحمر لكنها فتحت مجالا للخلاف مع الحكومة اليمنية المقيمة في الخارج. وللإمارات موطئ قدم أيضا في شمال الصومال على الجانب الآخر من مضيق باب المندب، الذي يمر عبره الكثير من النفط العالمي، حيث تؤسس الشركات الإماراتية موانئ تجارية وتنفذ قواتها مهام عسكرية وتدريبية.
وتتحرك الإمارات بشكل حاسم ضد التهديدات التي تراها من جماعات متشددة مثل تنظيم القاعدة بينما تروج لنفسها في المقابل على أنها بلد مسلم مستقر ومنفتح وشديد التسامح. وتحالفت الإمارات مع السعودية في الحرب ضد جماعة الحوثي في اليمن وقاطعت مع ثلاثة بلدان عربية أخرى قطر واتهمتها بدعم الإرهاب. وعينت الإمارات مسؤولين عسكريين أجانب كبارا لتحديث جيشها منهم قائد القوات الخاصة الاسترالية السابق الجنرال مايك هندمارش الذي يتبع مباشرة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
ويشرف هندمارش على الحرس الرئاسي وهي وحدة مكلفة بتوجيه الحملة الإماراتية في اليمن. وقال دبلوماسي غربي ”إنهم يبادرون بقتال العدو في أنحاء المنطقة“. وشرح مصدر خليجي منهج الإمارات وقال إنها تحمي مصالحها في المنطقة وتدعم التنمية لردع الجماعات المتشددة عن تجنيد أفراد. وقال ”تساعد الإمارات في تطوير مناطق نافعة اقتصاديا تخلق فرص عمل وتحسن مستويات المعيشة بينما توفر في الوقت نفسه مساعدات إنسانية ومالية“. وأضاف ”هناك منهج إماراتي شامل لتعزيز الاستقرار طويل المدى في المنطقة“.
وتبنت الإمارات، التي حققت المكاسب الملموسة الوحيدة للتحالف على طول الساحل الجنوبي الغربي، استراتيجية مختلفة وشكلت صداقاتها الخاصة في الحرب. فالإمارات تدفع رواتب وتدرب جنودا في سلسلة قواعد صغيرة تنتشر من جزيرة بريم البركانية عند مدخل البحر الأحمر إلى كثبان رماه الرملية قرب الحدود العمانية. في بداية الحرب اليمنية اقتنصت الإمارات من المدار الإيران حركة انفصالية متعثرة تأمل أن تعيد إحياء دولة جنوب اليمن. وقالت مصادر دبلوماسية وسياسيون من الجنوب إن قادة الحركة الاشتراكية غادروا اليمن بعد وحدة الشمال والجنوب في عام 1994 واستقروا في معقل جماعة حزب الله اللبنانية بالضاحية الجنوبية لبيروت، ويديرون حركة تمرد محدودة من هناك في اليمن.
وذكرت المصادر أن مسؤولين من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله دربوا القادة الجنوبيين على أساليب حرب العصابات أملا في زعزعة استقرار المنطقة الجنوبية بالسعودية. لكن بعد تقدم الحوثيين إلى جنوب اليمن في 2015، أقنعت وعود الإمارات بالمساعدة القادة الجنوبيين بالانتقال إلى أبوظبي التي يمكنهم منها مواصلة القتال من أجل وطنهم اليمني. وقال مسؤول جنوبي إنهم يريدون محاربة الفصائل الإيرانية التي تحاول السيطرة على أرضهم التي يسعون هم أيضا للسيطرة عليها. وساعد هذا التحالف الإمارات في السيطرة على ميناء عدن بالجنوب في 2015. ودربت الإمارات القوات اليمنية الجنوبية التي انتزعت السيطرة على الميناء الرئيسي الآخر، المكلا، من أيدي تنظيم القاعدة.
ومطار المكلا، المغلق أمام الرحلات التجارية، يستضيف الآن طائرات هليكوبتر إماراتية ومركز تدريب ومنشأة احتجاز وأيضا فرقة صغيرة من القوات الأمريكية الخاصة تساعد في محاربة تنظيم القاعدة في منطقة الجبال القريبة. ولم ترد وزارة الخارجية الإيرانية بعد على طلب للتعليق على أي ارتباط مع الانفصاليين الجنوبيين. وأحجم حزب الله أيضا عن التعليق.
ساعدت هجمات القراصنة الصوماليين على طرق التجارة قبالة منطقة القرن الأفريقي على دفع الإمارات، التي تضم أكثر موانئ الشرق الأوسط انشغالا، للدخول إلى مجال السياسة المتشابك في الصومال التي تحارب مسلحي حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة منذ أكثر من عقد. وتعزز الإمارات علاقاتها مع إقليمي أرض الصومال وبلاد بنط شبه المستقلين بعد أن وقعت شركتا موانئ دبي العالمية وموانئ بي.آند.أو الإماراتيتان المملوكتان للدولة صفقات هناك في 2016 و2017.
وقال موسي بيحي عبدي رئيس إقليم أرض الصومال خلال زيارة لأبوظبي إن قوات إماراتية سريعا ما لحقتهما وبدأت بناء قاعدة عسكرية في بربرة بالإقليم. وأضاف ”سيكون ضمانة لأمننا ونمونا في أي حالة إرهابية... لديهم الموارد والمعرفة أكثر منا. نحن دولة تعيد بناء نفسها بعد الحرب“. وتتضمن هذه العلاقة استثمارات بمئات الملايين من الدولارات في أرض الصومال في مشروعات مثل طريق سريع يصل إلى إثيوبيا ومطار جديد. وقد أغضبت الحكومة المركزية في الصومال وأنهت الإمارات بعثة تدريب في مقديشو. بحسب رويترز.
وقال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية إن دعم الإقليمين لا يهدف لتقسيم الصومال وإن بلاده ليست في نزاع مع الحكومة المركزية. وأضاف ”سياستنا في الإقرار بصومال واحد قائمة... لكن في الوقت نفسه فإن بمقدورنا دعم المواطنين في أرض الصومال من خلال (مشروعات) إنسانية وتنموية“. وقال رئيس إقليم بلاد بنط عبد الولي محمد علي في دبي إن الجنود الإماراتيين يدربون القوات المحلية لمحاربة القرصنة والجماعات الإسلامية في اليمن أو الصومال. ونفى سعي الإمارات لوجود استعماري طويل المدى. وقال ”إنهم لا يحتلون باعتبارهم قوة عسكرية في الصومال... هذا مستحيل. نحن مقاتلون شرسون ولن نسمح بحدوث هذا أبدا“.
رد إماراتي
الى جانب ذلك شددت دولة الإمارات العربية المتحدة على أنّ الدور الذي تؤديه في سقطرى قد تم "تشويهه" وذلك بعد أن واجهت انتقادات من حلفائها اليمنيين على خلفية وجودها في هذه الجزيرة اليمنية الاستراتيجية. والإمارات شريك أساسي في التحالف العسكري بقيادة السعودية الذي ينفّذ منذ العام 2015 ضربات في اليمن ضد المتمردين الحوثيين ودعما لحكومة الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي.
وأجرى وفد سعودي محادثات في سقطرى سعيا إلى تخفيف التوتر الناجم عن نشر الإمارات قوات في الجزيرة، بحسب ما أفادت وسائل الإعلام اليمنية الرسمية السبت. وكان مصدر حكومي يمني قال إن الإمارات نشرت قوات في سقطرى من دون إبلاغ حكومة هادي التي تسيطر على الجزيرة.
والتقى الوفد السعودي الجمعة رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر في حضور مسؤول إماراتي، بحسب ما ذكرت وكالة سبأ للأنباء. وقال بن دغر في بيان على فيسبوك إنه في الثلاثين من نيسان/أبريل "وصلت أول طائرة عسكرية إماراتية تحمل عربتين مدرعتين وأكثر من خمسين جندياً إماراتياً، تلتها على الفور طائرتان أخريان تحملان دبابات ومدرعتين وجنودا (...) وذلك أثار جملة من الأسئلة، وترك حالة من القلق في الجزيرة".
وأضاف بن دغر أن "استمرار الخلاف وامتداده على كل المحافظات المحررة وصولاً إلى سقطرى أمر ضرره واضح لكل ذي بصيرة، وهو أمر لم يعد بالإمكان إخفاؤه. وإن آثاره قد امتدت إلى كل المؤسسات العسكرية والمدنية"، مشددا على أن "تصحيح هذا الوضع هي مسؤولية الجميع". من جهتها عبّرت وزارة الخارجية الإماراتية عن "استغرابها" للبيان الصادر باسم رئيس الوزراء اليمني. وقالت إن "هذه الحملات المغرضة، والتي يقودها الإخوان المسلمون (...) تأتي ضمن مسلسل طويل ومتكرر لتشويه دور الإمارات". بحسب فرانس برس.
وأكدت الوزارة أن "الوجود العسكري الإماراتي في كافة المحافظات اليمنية المحررة، بما فيها سقطرى، يأتي ضمن مساعي التحالف العربي لدعم الشرعية في هذه المرحلة الحرجة في تاريخ اليمن". وبقيت سقطرى بمنأى عن أعمال العنف التي تجتاح اليمن. وتقع الجزيرة عند مخرج ممر مزدحم للنقل البحري يربط بين البحر المتوسط والمحيط الهندي. تحظى الجزيرة بأهمية عالمية لتنوعها البيئي ويشار إليها أحيانا بجزيرة "غالاباغوس المحيط الهندي". وتقع على بعد نحو 350 كلم قبالة السواحل الجنوبية لليمن.
طموحات دفينة
الى جانب ذلك تجري وقائع معركة للاستفادة من الموانيء البحرية في الصومال حيث لا يتوقع أحد أن يحدث ذلك. فقد أصبح الصومال طرفا في صراع إقليمي بين السعودية والإمارات من جانب وقطر وتركيا التي تدعمها من جانب آخر. ولب الصراع لا يتعلق فقط بالمياه التي تعج بالحركة قبالة الساحل الصومالي بل باستقرار البلاد ذاته مستقبلا.
ويشهد الصومال حربا منذ عشرات السنين وحتى بضعة أعوام مضت كان يواجه صعوبات في اجتذاب استثمارات أجنبية. غير أن التنافس في شبه الجزيرة العربية أدى إلى تدفق استثمارات كبيرة على الصومال. وقبل عام وقعت شركة مملوكة لحكومة الإمارات العربية المتحدة عقدا قيمته 336 مليون دولار لتوسيع ميناء بوصاصو شمالي مقديشو في إقليم بلاد بنط الصومالي المتمتع بالحكم الذاتي.
وقبل أقل من عام من ذلك تولت شركة أخرى مملوكة للإمارات دفة الأمور في ميناء بربرة في إقليم أرض الصومال الشمالي المنشق وتعهدت بإنفاق ما يصل إلى 440 مليون دولار لتطويره. وفي مارس آذار تملكت اثيوبيا حصة في الميناء مقابل مبلغ لم يتم الكشف عنه. وفي الوقت نفسه تعمل تركيا حليفة قطر في الجانب الآخر على ضخ استثمارات بمليارات الدولارات في الصومال. وتدير شركة تركية ميناء مقديشو منذ عام 2014 بينما تتولى شركات تركية أخرى شق الطرق وبناء المدارس والمستشفيات.
وقد ازدادت حدة هذه المنافسات عندما قطعت دول عربية على رأسها السعودية والإمارات علاقاتها الدبلوماسية مع قطر واتهمتها بدعم إيران ومتطرفين إسلاميين. ويقول دبلوماسيون ورجال أعمال وباحثون ومسؤولون صوماليون إن هذا الخلاف هو الذي يحرك الرغبة في السيطرة على منطقة القرن الأفريقي ومياهها. ويحتل الصومال موقعا قريبا من طرق نقل النفط الحيوية كما أن موانيه يمكن الاستفادة بها لصالح اثيوبيا التي لا تطل على بحار ويبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة.
وترتبط دول الخليج مع الصومال بعلاقات تجارية ودينية منذ قرون لكن هذه العلاقات أصبحت الآن في مهب الريح مع ظهور منافسات جديدة. وقال روب مالي رئيس مجموعة الأزمات الدولية للأبحاث ”وجد الصومال نفسه طرفا في هذا الجهد المبذول لمحاولة توسيع النفوذ التجاري والعسكري على امتداد الساحل“. ويقول دبلوماسي غربي رفيع في منطقة القرن الأفريقي إن السعودية وإيران تريان في الساحل الصومالي وكذلك جيبوتي واريتريا في اتجاه الشمال على نحو متزايد ”جناحهما الأمني الغربي“.
ويتركز اهتمام قطر وتركيا على دعم الرئيس محمد عبدالله محمد كما أن كل استثماراتهما تقريبا في مقديشو. ويرى دبلوماسيون غربيون وكثيرون في الصومال أن الرئيس وكبير هيئة العاملين معه مواليان للدوحة بعد أن حصلا على تمويل لحملتهما الانتخابية في 2017. وقال مسؤول قطري إن الدوحة قدمت للحكومة الصومالية المركزية تمويلا يبلغ 385 مليون دولار لمشروعات البنية التحتية والتعليم والمساعدات الانسانية. وقال المسؤول إن إبرام الصفقات مباشرة مع الحكومات الإقليمية في الصومال مثلما فعلت الإمارات يضعف الحكومة المركزية.
ويتفق وزير المالية الصومالي عبد الرحمن دعالي بيلي مع هذا الرأي. فقد قال ”منطقة الخليج لديها الكثير من المال وإذا أرادت الاستثمار في الصومال فنحن نرحب بها بذراعين مفتوحتين. لكن المسألة تتعلق بالدخول من الأبواب الصحيحة“. وتختلف الحكومة الاتحادية في مقديشو منذ فترة طويلة مع إقليمي بلاد بنط وأرض الصومال اللذين يتمتعان بحكم شبه ذاتي. ومن الناحية الفعلية يتصرف إقليم أرض الصومال وكأنه دولة مستقلة كما أنه يسعى منذ سنوات للانفصال عن الصومال لكنه لم يحظ باعتراف على المستوى الدولي.
وقبل أقل من عشر سنوات لم يكن هناك اهتمام يذكر على الصعيد التجاري بالصومال. وبدأ ذلك الوضع يتغير في العام 2011 عندما انسحب مقاتلو حركة الشباب التي يدعمها تنظيم القاعدة من مقديشو. وبعد ذلك بشهور بدأت تركيا عمليات للإغاثة من المجاعة وفتحت الباب لمشروعات وأصبحت تمثل الآن أكبر مستثمر أجنبي في الصومال. وتأمل الحكومة أن تسهم الاستثمارات الجديدة لا سيما في البنية التحتية في إعادة بناء البلاد.
ويسهم ما طرأ من تحسن على تحصيل الضرائب في رفع الإيرادات الحكومية غير أن هذا لا يغطى سوى مرتبات العاملين في القطاع العام. ويتطلب الأمر مبالغ طائلة من أجل الطرق والمدارس وغيرها من الأساسيات. ومن الممكن أن تقدم شركات وجمعيات خيرية من الشرق الأوسط بعضا من هذه الاستثمارات. غير أن هذا المال يمكن أن يعمل أيضا على زعزعة استقرار البلاد من خلال تعميق التوترات بين الحكومة المركزية المتحالفة مع تركيا وقطر وإقليمي بلاد بنط وأرض الصومال اللذين تلقيا بالفعل أموالا من الامارات.
وقال حسين شيخ علي مستشار الأمن الوطني السابق ”هذه الاستثمارات لها أثر ضار على استقرارنا السياسي وتتسبب في تدهور العلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليمين“. وأضاف ”وهذا قد يتسبب في أزمة دستورية لن يستفيد منها سوى حركة الشباب“. وقد أدت الأزمة الخليجية بالفعل إلى تعميق الخلافات في الصومال. وظلت الحكومة المركزية محايدة الأمر الذي أزعج الإمارات والسعودية اللتين حظيتا بدعم إقليمي بلاد بنط وأرض الصومال في مواجهة قطر. بحسب فرانس برس.
وتخشى دول غربية أن تطغى المنافسات الخليجية في الصومال على مساعيها التي تكلفت مليارات الدولارات بقيادة الأمم المتحدة لبناء جيش صومالي عامل لمحاربة حركة الشباب قبل انسحاب قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي في 2020. ويقول الدبلوماسيون إن الأزمات السياسية بين مقديشو والسلطات الإقليمية تضعف مساعي الحكومة لتدعيم النظم المالية والشروع في مهام أخرى أساسية من مهام الدولة.
اضف تعليق