q
تعيش فنزويلا التي تتمتع باكبر احتياطي للنفط في العالم، أزمات ومشكلات خطيرة تفاقمت بشكل كبير في الفترة الأخيرة بسبب نقص الأغذية والأدوية والمواد الأولية. وفشل الحلول التي تطرحها الحكومة الفنزويلية في إنهاء الأزمة أو خفض حدتها، يضاف الى ذلك التدخلات والعقوبات الأمريكية المستمرة...

تعيش فنزويلا التي تتمتع باكبر احتياطي للنفط في العالم، أزمات ومشكلات خطيرة تفاقمت بشكل كبير في الفترة الأخيرة بسبب نقص الأغذية والأدوية والمواد الأولية. وفشل الحلول التي تطرحها الحكومة الفنزويلية في إنهاء الأزمة أو خفض حدتها، يضاف الى ذلك التدخلات والعقوبات الأمريكية المستمرة، فقدت العملة الفنزويلية في غصون الاشهر الاخيرة الكثير من قيمتها امام العملات العالمية الاخرى. الامر الذي دفع الحكومة الى اعتماد خطط واجراءات منها استبدال العملة او إزالة أصفار من العملة. كما طرحت فنزويلا عملة إلكترونية مدعومة بالاحتياطي النفطي لفنزويلا كخطوة لمواجهة معدلات التضخم الصاعدة، حيث أعلنت فنزويلا في وقت سابق السعر الاسترشادي للعملة.

ويرى العديد من الخبراء أن الحل بسيط للغاية للأزمة التى تمر بها فنزويلا ، وهو "الدولرة " أى استبدال عملة فنزويلا الحالية "البوليفار" بالدولار الأمريكى ، مثلما فعلت كل من السلفادور والاكوادور وبعض الدول الآخرى ، والآن يبدأ هذا النقاش مجددا فى فنزويلا ، وهو ليس بجديد. ووفقا لصحيفة "كامبيو 16" الإسبانية فإن من أهم المقترحين لاستبدال البوليفار الفنزويلى بالدولار الأمريكى، هو المرشح للانتخابات الرئاسية من دوائر المعارضة "هنرى فالكون" والذى يعد المنافس الرئيسى للرئيس الحالى نيكولاس مادورو، الذى أكد أن هذا الأمر سيكون سهلا بالنسبة لفنزويلا أكثر من أى دولة آخرى ، وذلك لأن النفط هو المصدر الوحيد لدخلهم الكبير وإن تم تسويقه بالدولار فإن العملية ستكون أبسط".

وأوضح فالكون حول كيفية استبدال البوليفار بالدولار أن "لكى يتم استبدال العملة الفنزويلية بالدولار ، فلابد من ان تقوم الحكومة بإنشاء سعر صرف مؤقت لمواطنيها لتبادل البوليفار مقابل الدولار، ولذلك فعليها أيضا بخفض الانفاق، ومع ذلك ، لا يزال يتعين على فنزويلا كسب المال مع صادراتها لدفع ثمن شحنات الدولارات، وهذا امر سهل ايضا لوجود النفط".

وقال الخبير الاقتصادى فرانسيسكو رودريجيز إن "استبدال العملة الفنزويلية الحالية بالدولار الأمريكى سيكون حل لأكبر مشكلة تواجه البلاد وهو التضخم الجامح المتزايد ، والتى تزداد سوءا ، حيث وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولى فإن التضخم سيزيد بنسبة 13 الف % هذا العام".

أما صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية فقالت إن الارقام الاقتصادية ضد الحكومة التي يرأسها نيكولاس مادورو لا تزال تنخفض مرة تلو الآخرى ، وذلك لأن الجمعية الوطنية أعلنت أن نسبة التضخم تجاوزت ال 6000% ، كما أشارت وكالة الطاقة الدولية (IEA) إلى انخفاض فى انتاج النفط قدره 1.5 مليون برميل يوميا أكثر مما كان عليه فى نهاية 2017 ، ففى فبراير الماضى ساهمت فنزويلا بأكبر خفض فى الإنتاج بمقدار 52.4 ألف برميل يوميا، معتبرة بذلك إن فنزويلا أكبر العوامل التى تشكل خطرا وستظل كذلك، ويؤدى هذا الوضع إلى "العجز" فى النهاية.

وانخفض إنتاج النفط الفنزويلي 13 % فى 2017 إلى أدنى مستوى له فى 28 عاما عند نحو 2.072 مليون برميل يوميا. وأفادت منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) إن انتاج فنزويلا من النفط انخفض نحو 183 ألف برميل يوميا ، وهذا سيؤدى بطبيعة الحال إلى انخفاض اقتصاد فنزويلا في الخمس سنوات المقبلة بنسبة 50%. وقال الخبير الاقتصادي الفنزويلي خورخى ريستويبو بجامعة خافيريانا إنه "يتعين على فنزويلا أن تلجأ أولا إلى خطة إنقاذ المساعدات المالية التي ستسمح لها باستعادة قوتها الشرائية حتى تستعيد عافيتها".

تغير الوحدة النقدية

وفي ما يخص اخر تطورات هذا الملف فقد أمر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بتغيير الوحدة النقدية للعملة المحلية المتداعية البوليفار من خلال حذف ثلاثة أصفار من قيمتها وسط تضخم مفرط وأزمة اقتصادية تشهدها البلاد. وقال مادورو إن الإجراء سيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من الرابع من يونيو حزيران وإنه لن يكون له أي أثر على قيمة البوليفار.

ويظهر الإجراء انهيار البوليفار الذي هبط 99.99 بالمئة مقابل الدولار في السوق السوداء منذ أن جاء مادورو إلى السلطة في أبريل نيسان عام 2013. لكن مادورو (55 عاما) قدم الإجراء على أنه تطور إيجابي يهدف إلى حماية فنزويلا من المضاربين في سوق العملات ومن ”حرب تجارية“ تقودها الولايات المتحدة ضد البلد العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). وبينما يبدو الإجراء رفعا لقيمة العملة، يعتبره الاقتصاديون تغييرا للوحدة النقدية للعملة إذ لن تغير البلاد سعر الصرف الرسمي.

ولن يكون الفنزويليون بحاجة لاستبدال العملات التي بحوزتهم الآن، لكن جميع العملات الجديدة التي ستُطبع ستكون بالوحدة النقدية الجديدة. وقال مادورو الذي كانت حكومته هدفا لعقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا بسبب اتهامات بانتهاك الديمقراطية والحقوق إن ”فنزويلا وقعت ضحية لحرب اقتصادية ضارية“.

وكانت حكومة فنزويلا غيرت الوحدة النقدية لعملتها بشكل مماثل من خلال حذف ثلاثة أصفار قبل عشر سنوات. وارتفعت الأسعار في فنزويلا ستة آلاف و147 بالمئة في 12 شهرا حتى فبراير شباط وفقا لتقديرات الجمعية الوطنية التي تقودها المعارضة، وهو رقم يتماشى إلى حد كبير مع الأرقام التي قدرها خبراء اقتصاد مستقلون.

الى جانب ذلك وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يحظر أي معاملات مالية في الولايات المتحدة بعملة فنزويلا المشفرة الجديدة ”بترو“ في حين حذر مسؤولون أمريكيون من أنها ”خدعة“ من حكومة الرئيس نيكولاس مادورو من أجل مزيد من تقويض الديمقراطية في الدولة العضو في أوبك. وقال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية للصحفيين ”البترو محاولة يائسة من نظام فاسد للاحتيال على المستثمرين العالميين“ محذرا من أن أي معاملات بالعملة الرقمية ستنتهك العقوبات الأمريكية. وتابع ”يجب النظر للاستثمار في البترو على أنه دعم مباشر لنظام ديكتاتوري ومحاولته تقويض النظام الديمقراطي في فنزويلا“.

وقال البيت الأبيض إن قرار ترامب يحظر ”جميع المعاملات ذات الصلة وتقديم التمويل والتعاملات الأخرى، من قبل أي مواطن أمريكي ومقيم في الولايات المتحدة، فيما يخص أي عملية رقمية“ أصدرتها حكومة فنزويلا منذ التاسع من يناير كانون الثاني. بحسب رويترز.

ويأمل مادورو ان تساعد العملات المشفرة فنزويلا في الالتفاف على العقوبات المالية الأمريكية في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من تضخم جامح وانهيار في الاقتصاد الاشتراكي للدولة. ويأتي أمر ترامب في وقت تدرس فيه الإدارة الأمريكية خيارات لفرض عقوبات على قطاع النفط في فنزويلا.

انقلاب عسكري

على صعيد متصل أثار وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون احتمال حدوث انقلاب عسكري في فنزويلا على الرئيس نيكولاس مادورو لكنه لا يعرف ما إذا كان ذلك سيحدث. وفي كلمة في جامعة تكساس قبيل جولة تقوده إلى خمس دول في أمريكا اللاتينية، شدد تيلرسون على أن إدارة ترامب لا تدعو إلى ”تغيير النظام“ في فنزويلا لكنه قال إنه سيكون من ”الأيسر“ إذا آثر مادورو ترك السلطة من تلقاء نفسه.

وتوقع تيلرسون أن يحدث نوع ما من التغيير في فنزويلا وقال إن الولايات المتحدة، التي لها علاقات آخذة في التدهور مع الحكومة الاشتراكية في فنزويلا، تريده أن يكون تغييرا سلميا. ويسعى مادورو، الذي تراجعت شعبيته وسط انهيار اقتصادي وارتفاع التضخم وزيادة سوء التغذية في الدولة المنتجة للنفط، للترشح لفترة جديدة في انتخابات يتعين إجراؤها في موعد غايته نهاية أبريل نيسان.

وقال تيلرسون عندما سئل خلال جلسة بشأن ما إذا كانت الإطاحة بمادورو ضرورية أو ستلعب الولايات المتحدة دورا فيها ”نحن لا ندعو إلى تغيير النظام أو الإطاحة بالرئيس مادورو. نحن ندعو إلى العودة إلى الدستور“. بيد أنه أشار بعد ذلك إلى احتمال أن تتخذ قوى داخلية إجراء، لكنه لم يقدم أدلة على أن الولايات المتحدة لديها معلومات مخابرات تدعم تصور أن الجيش قد يطيح بمادورو. وقال تيلرسون ”في تاريخ فنزويلا وفي حقيقة الأمر في تاريخ الدول الأخرى في أمريكا اللاتينية والجنوبية كثيرا ما يتعامل الجيش مع ذلك“.

وأضاف ”عندما تسوء الأمور إلى درجة تجعل قيادة الجيش تدرك أنها لم تعد تستطيع خدمة المواطنين، فستدير انتقالا سلميا“. لكنه استدرك بالقول ”لا أعرف ما إذا كانت هذه هي الحالة هنا (في فنزويلا) أم لا“. وتتهم الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى حكومة مادورو بانتهاك الحقوق السياسية وحقوق الإنسان في فنزويلا وفرضت عقوبات اقتصادية عليها. ويقول منتقدون في الداخل إن مادورو، الذي خلف هوجو تشافيز عام 2013، دمر الاقتصاد وتلاعب بالنظام الانتخابي ليبقي حزبه الاشتراكي في السلطة. بحسب رويترز.

وتقول حكومة مادورو، المتحالفة مع القيادة الشيوعية في كوبا، إنها تكافح مؤامرة للتيار اليميني تقودها الولايات المتحدة لإنهاء الاشتراكية في أمريكا اللاتينية وإضعاف الاقتصاد الفنزويلي وسرقة ثروتها النفطية. وقال تيلرسون ”على مادورو العودة إلى دستوره وعليه اتباعه... ثم إذا لم ينتخبه الشعب لفترة جديدة فليكن ذلك“. وأضاف ”ثم إذا لم يستطع تحمل حرارة الوضع والضغوط فإني على ثقة من لديه بعض الأصدقاء هناك في كوبا ربما يمنحونه ضيعة لطيفة على الشاطئ قد يعيش فيها حياة هانئة“.

عقوبات نفطية واسعة

في السياق ذاته قال مسؤول أمريكي إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تبحث فرض عقوبات على شركة خدمات نفطية يديرها الجيش في فنزويلا ووضع قيود على التغطية التأمينية لشحنات النفط الفنزويلية في محاولة لتكثيف الضغط على الرئيس نيكولاس مادورو. وقال المسؤول إن الولايات المتحدة تبحث فرض عقوبات تستهدف قطاع النفط الحيوي في فنزويلا تصل إلى مدى أوسع كثيرا مما فرض من قبل. ويمكن أن تفرض بعض العقوبات قبل الانتخابات والأخرى بعدها.

ولم يستبعد المسؤول، المطلع على المناقشات الأمريكية الداخلية بشأن السياسة تجاه فنزويلا والذي طلب عدم ذكر اسمه، فرض حظر كامل في نهاية المطاف على شحنات النفط من فنزويلا إلى الولايات المتحدة. وقال”أعتقد أنها (ستتسبب) في صدمة قوية إلى حد ما لسوق النفط على المدى القصير“. بحسب رويترز.

وأكد المسؤول عدم اتخاذ أي قرارات بعد مشيرا إلى أن أي خطوات من الولايات المتحدة ستأخذ في الاعتبار الضرر المحتمل على المواطنين في فنزويلا الذين يعانون بالفعل من نقص في الأغذية ومعدلات تضخم مرتفعة والتأثير أيضا على دول الجوار وقطاع النفط والمستهلكين. وأضاف المسؤول أن إدارة ترامب تبحث أيضا فرض عقوبات على المزيد من الشخصيات العسكرية والسياسية من بينها الرجل الثاني في الحزب الاشتراكي ديوزدادو كابيلو. وشدد المسؤول على أن الإدارة الأمريكية لا تسعى”لتغيير النظام“ لكنها تريد عودة مادورو لطريق الديمقراطية.

اضف تعليق