q

يبدو ان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيسعى الى تنفيذ تهديداته السابقة بخصوص قطع المساعدات المالية عن الدول التي صوتت لصالح قرار صاغته مصر وساندته كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بعد قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. حيث صوتت 128 دولة، بينها كل الدول العربية، في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار يحث الولايات المتحدة على سحب قرارها الذي أعلنته في وقت سابق.

وهدد ترامب بقطع المساعدات المالية عن الدول التي تصوت لصالح. وكرر ترامب تهديده في تغريدة على تويتر وقال ”بعد صرف سبعة تريليونات دولار بغباء على الشرق الأوسط.. حان الوقت للبدء في بناء بلدنا!“ وحذرت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هايلي من أنها ستبلغ الرئيس دونالد ترامب بقائمة الدول التي ستدعم مشروع قرار الذي يرفض إعلان واشنطن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وقالت سفيرة واشنطن لدى المنظمة الأممية إن "الرئيس دونالد ترامب سيراقب هذا التصويت بشكل دقيق وطلب أن أبلغه عن البلدان التي ستصوت ضده".

وأضافت هايلي محذرة "سنسجل كل تصويت حول هذه القضية" وذهبت هايلي أبعد من ذلك بإطلاقها تحذيرا في تغريدة على تويتر. وقالت "في الأمم المتحدة يطلب منا دائما أن نعمل أكثر ونعطي أكثر. لذلك عندما نقوم باتخاذ قرار يعكس إرادة الشعب الأمريكي حول تحديد الموقع الذي يجب أن نقيم فيه سفارتنا، فنحن لا نتوقع من هؤلاء الذين ساندناهم أن يستهدفونا". وأضافت أنه "سيجري تصويت ينتقد خيارنا والولايات المتحدة ستسجل الأسماء".

وبعد الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الاسرائيلي، اتخذ وكما نقلت بعض المصادر، ترامب خطوة اخرى على مسارِ تمريرِ صفقة القرن التي يسوّق لها، تمثلت بقطْعِ المساعدات عن الفلسطينيين اذا لم يقبلوا الذهاب الى طاولة المفاوضات والقبول بالقرارات الامريكية المنحازة التي تخدم مصالح الكيان الصهيوني. وتشير أرقام الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن في عام 2016 قدمت الولايات المتحدة مساعدات اقتصادية وعسكرية قيمتها نحو 13 مليار دولار لدول في أفريقيا جنوب الصحراء و1.6 مليار دولار لدول في شرق آسيا ومنطقة الأوقيانوس. وأشارت الأرقام إلى أن واشنطن قدمت نحو 13 مليار دولار لدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و6.7 مليار دولار لدول في جنوب ووسط آسيا.

مساعدات فلسطينيين

وفي هذا الشأن قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدات على تويتر إن الولايات المتحدة قد توقف المساعدات للفلسطينيين في المستقبل متهما إياهم بأنهم ”لم يعودوا مستعدين للمشاركة في محادثات السلام“ مع إسرائيل. وقال ترامب إن واشنطن تعطي الفلسطينيين ”مئات الملايين من الدولارات سنويا ولا تنال أي تقدير أو احترام. هم لا يريدون حتى التفاوض على اتفاقية سلام طال تأخرها مع إسرائيل“. وأضاف ”في ضوء أن الفلسطينيين لم يعودوا مستعدين للمشاركة في محادثات سلام، فلماذا نقدم أيا من تلك المدفوعات الكبيرة لهم في المستقبل؟“

جاءت تغريدات الرئيس الأمريكي بعد خطط كشفت عنها سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في وقت سابق لوقف تمويل وكالة تابعة للمنظمة الدولية تقدم مساعدات إنسانية للاجئين الفلسطينيين. وقالت السفيرة نيكي هيلي للصحفيين ردا على سؤال بخصوص مستقل التمويل الأمريكي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) ”الرئيس قال بشكل أساسي إنه لا يريد إعطاء أي تمويل إضافي، أو وقف التمويل، إلى أن يوافق الفلسطينيون على العودة إلى مائدة المفاوضات“.

والولايات المتحدة أكبر مانح للاونروا وقدمت تعهدات بنحو 370 مليون دولار حتى 2016 وفقا للموقع الالكتروني للوكالة. وساءت العلاقات بين الفلسطينيين وواشنطن بعدما اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل فيما فجر غضبا في أنحاء العالم العربي وأيضا مخاوف بين حلفاء واشنطن الغربيين. وبعد ذلك بأسابيع تحدت أكثر من 120 دولة ترامب وصوتت لصالح قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو الولايات المتحدة إلى التخلي عن موقفها بشأن وضع القدس.

وقالت هيلي”ما شاهدناه بخصوص القرار لم يكن مفيدا للفلسطينيين“. وأضافت ”على الفلسطينيين الآن أن يظهروا للعالم أنهم يريدون المجيء إلى طاولة (المفاوضات). حتى الآن، هم لا يأتون إلى الطاولة لكنهم طلبوا مساعدات. نحن لن نقدم المساعدات، سنعمل على ضمان أن يأتوا إلى الطاولة ونريد أن نمضي قدما في عملية السلام“. بحسب رويترز.

ووصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرار إدارة ترامب بشأن القدس بأنه ”جريمة كبرى“ وانتهاك صارخ للقانون الدولي. وقال إن من غير المقبول أن يكون للولايات المتحدة دور في عملية السلام بالشرق الأوسط لأنها متحيزة لصالح إسرائيل. وأقر الكنيست الإسرائيلي تعديلا من شأنه أن يصعب التخلي عن أجزاء من القدس في أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين الذين أدانوا الخطوة باعتبارها تقوض أي فرصة لإنعاش محادثات إقامة دولة فلسطينية.

شجب وتنديد

على صعيد متصل أدان فلسطينيون تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف المساعدات في المستقبل بسبب ما وصفه بعدم استعداد الفلسطينيين لإجراء محادثات سلام مع إسرائيل باعتباره ابتزازا. وتلقى ترامب إشادة من وزيرة في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية لكنه تلقى تحذيرا من مفاوضة إسرائيلية سابقة في محادثات السلام من مخاطر قطع المساعدات المالية عن الفلسطينيين.

وقالت حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ردا على ذلك ”لن نخضع للابتزاز“. وقالت عشراوي ”إن الحقوق الفلسطينية ليست للبيع، وقيام ترامب بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل لا يشكل انتهاكا للقانون الدولي فحسب، وإنما تدميرا شاملا لأسس ومتطلبات السلام، كما أنه يكرس ضم إسرائيل غير الشرعي لعاصمتنا. وتابعت ”لن نخضع للابتزاز، لقد أفشل الرئيس ترامب سعينا للحصول على السلام والحرية والعدالة، والآن يقوم بلومنا والتهديد بمعاقبتنا على نتائج سياساته هو المتهورة وغير المسؤولة!“.

وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس ”القدس ومقدساتها ليست للبيع لا بالذهب ولا بالفضة“ وأضاف ”نحن لسنا ضد العودة إلى المفاوضات على أساس الشرعية الدولية، دولة فلسطينية على حدود عام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها وإذا كانت الإدارة الأمريكية حريصة على السلام وعلى مصالحها عليها أن تلتزم بهذه المرجعيات“. ووصف إسرائيل، التي سحبت قواتها ومستوطنيها من قطاع غزة في عام 2005، حدود ما قبل حرب عام 1967 بأنها لا يمكن حمايتها وتعهدت بالتمسك بالقدس كاملة إلى الأبد.

أفاد تقرير أعدته خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكي في ديسمبر كانون الأول عام 2016 للعرض على الكونجرس أن الدعم الاقتصادي الأمريكي السنوي للضفة الغربية وقطاع غزة بلغ في المتوسط نحو 400 مليون دولار منذ سنة 2008 المالية. ويوجه أغلب هذا المبلغ إلى مشروعات مساعدة تديرها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ويوجه بقية المبلغ إلى دعم الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية التي تدير حكما ذاتيا محدودا في الأراضي الفلسطينية بموجب اتفاقات السلام المرحلية. بحسب رويترز.

ورحبت وزيرة الثقافة الإسرائيلية ميري ريجيف العضو في حزب ليكود الذي ينتمي له نتنياهو بتعليقات ترامب الخاصة بالمساعدات وقالت لإذاعة راديو الجيش الإسرائيلي ”أنا راضية جدا ... (ترامب) يقول إن الوقت حان لوقف ترديد كلمات الإطراء (على الفلسطينيين)“. لكن تسيبي ليفني وهي سياسية إسرائيلية معارضة ومفاوضة سلام سابقة قالت إن أي ”حكومة (إسرائيلية) جادة ومسؤولة“ يتعين عليها أن تبلغ ترامب بهدوء أنه سيكون من مصلحة إسرائيل منع وقوع ”أزمة إنسانية في غزة“ والاستمرار في تمويل قوات الأمن الفلسطينية التي تتعاون مع إسرائيل.

وكانت واشنطن استخدمت في مجلس الامن الدولي حق النقض (الفيتو) ضد ادانة القرار الذي اتخذه ترامب في السادس من كانون الاول/ديسمبر واثار استياء دوليا وغضبا في العالمين العربي والاسلامي. لكن ذلك لم يجنبها فشلا دبلوماسيا تجلى في تأييد سائر اعضاء مجلس الامن ال14 للادانة بمن فيهم حلفاء الولايات المتحدة الاوروبيون. واحتلت اسرائيل القدس الشرقية عام 1967، واعلنتها عاصمتها الابدية والموحدة في 1980 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي وضمنه الولايات المتحدة. ويرغب الفلسطينيون في جعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة. ويشكل وضع القدس احدى اكبر القضايا الشائكة في النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين.

في السياق ذاته رفضت حركة "فتح" تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بقطع المساعدات عن أي دولة تصوت، لصالح مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين قراره باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل. ووصفت الحركة، في بيان للناطق باسمها أسامة القواسمي، تلك التهديدات بـ"الابتزاز والتعدي السافر" على سيادة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وقال القواسمي، إن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة "ذات سيادة وأغلبيتها منحازة للقانون الدولي وللمبادئ والقيم التي أُنشئت من أجلها".

وعبر عن أمله في أن دول العالم سترفض التهديد والوعيد الأمريكي، وستبقى منسجمة مع مبادئها وقيمها، ولن تخضع للابتزاز الأمريكي والإسرائيلي، "اللذان يحاولان شطب المؤسسات والقانون الدوليين، واستبدالهما بقانون وشرعية الغاب". وفي وقت سابق، قال الرئيس الأمريكي، في تصريحات للصحفيين بالبيت الأبيض، إن "جميع تلك الدول التي تأخذ أموالنا ومن ثم تصوت ضدنا في مجلس الأمن أو الجمعية العامة.. يأخذون منا مليونات ومليارات الدولارات، ويصوتون ضدنا". وتابع، "حسنًا نحن نراقب أصواتهم.. دعوهم يصوتون ضدنا، هذا سيوفر علينا الكثير.. ولا يهمنا ذلك".

اضف تعليق