تصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة وإيران بشكل كبير بعد تولي الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب، الذي يسعى وبشتى الطرق الى الغاء الاتفاق النووي الذي كان قد تم في عهد الإدارة الأمريكية السابقة، من خلال اصدار قرارات وعقوبات جديدة ضد ايران، حيث لوح البيت الأبيض وكما نقلت بعض المصادر، بفرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني وإدراجه في لائحة الإرهاب.
وهو ما اثار غضب طهران التي سعت هي الاخرى الى تصعيد لهجتها العدائية ضد واشنطن، حيث هدد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي برد حاسم وقاس في حال أقدمت على إدراج الحرس الثوري ضمن لائحة الإرهاب، فيما هدد قائد الحرس الثوري الولايات المتحدة بعواقب وخيمة، ودعا إياها إلى إبعاد قواعدها العسكرية 2000كيلو متر عن المنطقة إذا أرادت النجاة من صواريخ إيران. وقال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية العميد مسعود جزائري، إن سلوك واشنطن قد أتعب العالم، وحان الوقت لنلقن أمريكا دروسا جديدة. وأضاف يبدو أن إدارة (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب لا تفهم سوى لغة السب، وبحاجة إلى صدمات لتدرك المفهوم الجديد للقوة في عالم اليوم.
ومن المتوقع أن يسحب ترامب الثقة من اتفاق إيران النووي ويدرج قوات الحرس الثوري في قائمة واشنطن السوداء للمنظمات الإرهابية بموجب استراتيجية لتصعيد الضغط على طهران. ووحد تهديد ترامب جناحي المحافظين والبراجماتيين في القيادة الإيرانية إذ أبدى البراجماتيون بقيادة روحاني الذي يسعى للانفتاح على الغرب دعمهم للحرس المحافظ. هذه التحركات ايضا اثارت قلق ومخاوف العديد من الدول التي تخشى من حدوث صراع جديد او حرب كارثية في المنطقة قد تسهم بتهديد الامن والاستقرار العالمي بشكل عام.
الوحدة ضد ترامب
وفي هذا الشأن قوبل موقف متشدد من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستعراض للوحدة من طرفي التيار السياسي في إيران ليقف المحافظون الذين يعتبرون الولايات المتحدة عدوا لهم جنبا إلى جنب مع البراجماتيين الذين يسعون للتقارب مع الغرب. وبعد أيام من التصريحات العدائية كررت إيران الهجوم لتهدد بتلقين الأمريكيين ”دروسا جديدة“ وإبقاء ”كل الخيارات على الطاولة“ إذا صنفت واشنطن الحرس الثوري على أنه تنظيم إرهابي.
من المتوقع أن يعلن ترامب، الذي اتهم سلفه باراك أوباما بالتساهل مع إيران، قرارا نهائيا بشأن تشديد السياسة تجاه إيران سيتضمن على الأرجح سحب الثقة من الاتفاق النووي التاريخي الذي أبرم عام 2015 ورفع العقوبات الدولية عن الجمهورية الإسلامية مقابل فرض قيود على برنامجها النووي. ولن يصل إعلان ترامب إلى حد الانسحاب من الاتفاق ولكنه سيعطي الكونجرس 60 يوما لتحديد ما إذا كان سيعيد فرض عقوبات.
ومن المتوقع أيضا أن يصنف ترامب فرق الحرس الثوري الإيراني التي تعد أهم قوة أمنية في إيران على أنها منظمة إرهابية. ويملك الحرس الثوري الإيراني إمبراطورية اقتصادية هائلة في إيران وقد تؤدي عقوبات الولايات المتحدة عليه إلى زيادة صعوبة وصول الشركات الإيرانية إلى النظام المالي العالمي.
ونقلت وكالة الطلبة للأنباء عن مسعود جزائري المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية وأحد قادة الحرس الثوري الإيراني قوله ”يبدو أن إدارة ترامب لا تفهم سوى كلمات الوعيد وتحتاج لبعض الصدمات لتفهم المعنى الجديد للقوة في العالم“. وأضاف ”الأمريكيون أفقدوا العالم صوابه بسلوكهم. حان الوقت لتلقينهم دروسا جديدة“. ونشرت عدة صحف إيرانية الصورة ذاتها على صفحاتها الأولى وهي لوزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة وهو يضحك ويعانق قائد قوات الحرس الثوري الميجر جنرال محمد علي جعفري في استعراض قوي للوحدة بين الفصيلين الأساسيين في القيادة الإيرانية. ونسبت الصحف إلى جعفري قوله ”لدينا موقف متشابه لكن أساليبنا في التعبير عن ذلك هي التي تختلف“.
وأعيد انتخاب الرئيس الإيراني المعتدل حسن روحاني بعد أقل من خمسة شهور على حملة دعا فيها لتحسين العلاقات مع العالم الخارجي والإصلاح في الداخل وانتقد علنا نفوذ الحرس الثوري واتهمه بدعم خصمه المحافظ. لكن المعتدلين والمحافظين عادة ما يميلون لتوحيد الصف في العلن عندما يواجهون تهديدا من الخارج. ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن علي أكبر ولايتي كبير مستشاري الزعيم الأعلى الإيراني على خامنئي قوله إن ”الأمريكيين... أصغر من أن يتمكنوا من إلحاق الضرر بالحرس الثوري“. وأضاف ”كل الخيارات مطروحة. مهما يفعلون سنتخذ إجراءات مماثلة“.
ورفع الاتفاق النووي الذي أبرم بين إيران والقوى العالمية الست بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وروسيا والصين جانبا كبيرا من العقوبات الدولية على طهران بسبب برنامجها النووي. وجرى تشديد هذه العقوبات خلال فترة حكم أوباما وسببت أضرارا فادحة للاقتصاد الإيراني. لكن واشنطن لا تزال تفرض عقوبات منفصلة من جانب واحد على برنامج إيران الصاروخي وبشأن مزاعم عن أنها تدعم الإرهاب. وأبطأت العقوبات الأمريكية وتيرة عودة إيران إلى الاقتصاد العالمي مما جعل البنوك الدولية غير مستعدة للتعامل مع الشركات الإيرانية رغم الاتفاق النووي.
وتضع الولايات المتحدة بالفعل عددا من الأفراد والكيانات على قوائم سوداء لدعم أنشطة الحرس الثوري ولكن ليس الحرس نفسه. وقد يزيد تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية من صعوبة إمكانية استغلال الشركات الإيرانية لرفع العقوبات لأن البنوك ملزمة بالتحقق من أن عملاءها ليسوا على قوائم سوداء للإرهاب.
وتراجع الريال الإيراني أمام الدولار الأمريكي في الأيام الأخيرة في مؤشر على القلق من سياسة ترامب. وقالت الحكومة للإيرانيين إنها لن تسمح لقرارات ترامب ”المختل“ بالتأثير على السوق. وقال محمد باقر نوبخت المتحدث باسم الحكومة الإيرانية ”قد يتفوه ترامب ببعض الأشياء بحلول لكن ينبغي ألا يشيع هذا الفوضى في السوق. إيران بلد مستقر ولا شيء سيحدث“. بحسب رويترز.
وتهدف واشنطن إلى وضع مزيد من الضغوط على الحرس الثوري لا سيما بشأن البرنامج الصاروخي. وقال ترامب في سبتمبر أيلول إن الاختبارات الصاروخية التي أجراها الحرس في الفترة الأخيرة تظهر مدى هشاشة الاتفاق النووي. وتقول إيران إن الاتفاق النووي لا يلزمها بتقييد برنامجها الصاروخي. وقال ظريف إن إيران استبعدت قدراتها العسكرية عن قصد من الاتفاق ”لأن الهدف منها ليس ممارسة النفوذ ولا أن تكون ورقة مساومة في مفاوضات مستقبلية“. وفي مقال نشر في مجلة ذي أتلانتيك قال ظريف ”ينبغي ألا يخاف أي طرف أو دولة من صواريخنا... ما لم يكن يعتزم مهاجمة أراضينا“.
روحاني والحرس الثوري
الى جانب ذلك دافع الرئيس الإيراني المنتمي لتيار الوسط حسن روحاني بشدة عن خصومه السابقين في الحرس الثوري، مع تكاتف البراجماتيين والمحافظين في مواجهة تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وخلال اجتماع للحكومة نقله التلفزيون الرسمي قال روحاني إن الإجراء الذي ربما تتخذه الولايات المتحدة ضد الحرس الثوري سيكون ”الخطأ الأكبر“.
وقال ”هم يعتقدون أن الحرس كيان عسكري. الحرس الثوري ليس كيانا عسكريا. هم في قلب الشعب. الحرس الثوري في كل أيام الخطر دافع عن مصالحنا الوطنية“. وأضاف روحاني ”نحن مجتمع واحد. نحن إيران. لا خلافات بين مختلف الفئات في مواجهة مخططات أعدائنا“. وقال ”اليوم خلق الرئيس الأمريكي ظروفا جعلت إيران متحدة أكثر من أي وقت مضى. اليوم يقف المعارضون للاتفاق النووي جنبا إلى جنب مع الداعمين له. لدينا كلنا صوت واحد“.
وقال أعضاء في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) لوسائل إعلام رسمية إن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أطلع أعضاء المجلس على الإجراء المتوقع من الولايات المتحدة وخطط إيران للرد. وقال شهباز حسن بور النائب في المجلس لوكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء ”في الجلسة المغلقة أكد ظريف أنه في حال قيام أمريكا بأي خطوات ضد الاتفاق النووي فإن رد الجمهورية الإسلامية الإيرانية سيكون ساحقا“. ولم يكشف النواب عن الإجراءات المحددة التي ناقشها ظريف على أنها خطط إيران للرد بالمثل. وربما يكون لإدراج واشنطن للحرس الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية تداعيات اقتصادية إذ أن للحرس نفوذا اقتصاديا كبيرا في إيران في حين أن البنوك الدولية مطالبة بالتأكد من أن عملاءها ليسوا مدرجين على القائمة السوداء. بحسب رويترز.
وكانت واشنطن أدرجت في قائمتها السوداء عددا من الكيانات والأفراد الداعمين لأنشطة الحرس الثوري لكنها لم تضم الحرس ذاته لتلك القائمة. وقال حسن بور إنه خلال الاجتماع مع ظريف عبر أعضاء البرلمان عن دعمهم للحرس الثوري. وأضاف لوكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن ظريف أشار خلال الجلسة إلى أن الدول الأوروبية ستواصل دعمها للاتفاق النووي بغض النظر عن أي إجراءات قد تتخذها الولايات المتحدة.
رد ساحق
على صعيد متصل تعهدت إيران برد ”ساحق“ إذا صنفت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية. ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن بهرام قاسمي المتحدث باسم وزارة الخارجية قوله في مؤتمر صحفي “نأمل ألا ترتكب الولايات المتحدة هذا الخطأ الاستراتيجي. ”إذا فعلت ذلك فإن رد فعل إيران سيكون حازما وحاسما وساحقا ويجب أن تتحمل الولايات المتحدة جميع عواقبه“.
وكان محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري قال” إذا صحت الأنباء عن حماقة الحكومة الأمريكية فيما يتعلق بتصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية سيعتبر الحرس الثوري الجيش الأمريكي في كل أنحاء العالم لاسيما في الشرق الأوسط في نفس المتراس مع داعش“ في إشارة إلى تنظيم داعش. وأضاف أيضا أن فرض عقوبات جديدة سينهي فرص إجراء أي حوار في المستقبل مع الولايات المتحدة وأنه سيتحتم على الولايات المتحدة أن تنقل قواعدها الإقليمية خارج مدى الصواريخ الإيرانية الذي يبلغ 2000 كيلومتر.
من المحتمل أن تؤثر أي عقوبات تفرضها واشنطن على الحرس الثوري على الصراعات في العراق وسوريا حيث تدعم كل من طهران وواشنطن أطرافا متحاربة مختلفة تعارض كلها تنظيم داعش. وقالت فرنسا إنها قلقة من أن يؤدي تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية إلى زيادة التوتر بالمنطقة. وقالت ألمانيا إنها قلقة من أن يقرر ترامب عدم احترام طهران للاتفاق الذي جرى التفاوض عليه خلال عهد سلفه باراك أوباما مشيرة إلى أن خطوة كهذه ستزيد الاضطراب الأمني بالشرق الأوسط. بحسب رويترز.
وقد يؤدي انسحاب الولايات المتحدة إلى انهيار الاتفاق الذي يراه المؤيدون له مهما لمنع سباق تسلح بالشرق الأوسط وتهدئة التوتر بالمنطقة خاصة وأنه يفرض قيودا على قدرات إيران لتخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات التي أضرت باقتصاد البلد المنتج للنفط. وكان مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنوا مرارا التزام طهران بشروط الاتفاق النووي. ووصف ترامب في أول كلمة له في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر أيلول إيران ”بالدكتاتورية الفاسدة“ كما وصف الاتفاق النووي الذي توصل إليه الرئيس الأمريكي السابق مع إيران وقوى عالمية أخرى بأنه ”محرج“. والقوى العالمية الأخرى المشاركة في الاتفاق هي بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين. وأثارت احتمالات تراجع واشنطن عن الاتفاق النووي قلق هذه الأطراف.
إنقاذ الاتفاق النووي
في السياق ذاته تسعى الدول الأوروبية جاهدة لصياغة مجموعة إجراءات تأمل أن تساهم في استمرار الاتفاق النووي الإيراني إذا تجاهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مناشداتها ورفض الشهادة بالتزام إيران بالاتفاق المبرم عام 2015. وقال مسؤولون إن مجموعة الإجراءات ستشمل بيانا قويا تصدره القوى الأوروبية بالإضافة إلى جهود لحشد تأييد الكونجرس الأمريكي وممارسة مزيد من الضغط على إيران.
لكن مسؤولين كبارا في برلين وباريس ولندن يقولون إنه في غياب دعم أمريكي قوي ربما يكون انهيار الاتفاق بين طهران والقوى العالمية الست مسألة وقت مما سيكون له تداعيات خطيرة على أمن الشرق الأوسط وجهود منع الانتشار النووي والعلاقات بين أوروبا والولايات المتحدة. وتنظر أوروبا للاتفاق، الذي أبرم قبل عامين ووافقت طهران بموجبه على تجميد برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها، على أنه انتصار نادر للدبلوماسية الدولية في الشرق الأوسط.
وفي ظل خطر تحول التوترات بشأن برنامج كوريا الشمالية النووي إلى حرب شاملة فإن أوروبا تعتبر أي خطوة تتخذها الولايات المتحدة لتقويض الاتفاق النووي الإيراني حماقة. وتحاول العواصم الأوروبية توصيل هذه الرسالة للبيت الأبيض والكونجرس في واحدة من أقوى الحملات لحشد التأييد في العصر الحديث. وفي الأسابيع القليلة الماضية اجتمع سفراء أوروبيون مع عشرات المشرعين الأمريكيين. وحاولت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إقناع ترامب في اتصال هاتفي.
وقال دبلوماسي فرنسي كبير ”إذا كان الشعور هو أن الولايات المتحدة لم تعد تدعم الاتفاق فإن الواقع السياسي هو أن الاتفاق سيكون في خطر شديد وسيكون تطبيقه صعبا جدا“. وسيقضي قرار ترامب الشهادة بعدم التزام إيران على الاتفاق تلقائيا. وقال مسؤولون أوروبيون إنهم يعدون استراتيجية ثلاثية الأبعاد تحسبا لحدوث ذلك. في البداية ستصدر برلين ولندن وباريس بيانات تعيد فيها تأكيد التزامها بالاتفاق.
أما الخطوة الثانية فستكون مضاعفة الجهود لإقناع الكونجرس، الذي يبدو حريصا على الحفاظ على الاتفاق، لرفض أي خطوات متهورة. وبالنسبة للخطوة الثالثة فستطرح الدول مجموعة إجراءات للضغط على إيران بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية وسياساتها المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط وهي مجالات تقع خارج نطاق الاتفاق الذي لا يشمل إلا البرنامج النووي.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أشار إلى ذلك في الأمم المتحدة. وقال دبلوماسيون إن مجموعة الإجراءات لا تزال قيد الإعداد ولم يتم إطلاع بروكسل عليها بعد. ويأمل الأوروبيون من خلال الخطوة الثالثة تقريب وجهات النظر مع واشنطن مع الاحتفاظ بالاتفاق الإيراني. لكن دبلوماسيا ألمانيا قال إن زيادة الضغط على طهران يشبه السير على حبل مشدود فالضغط الشديد سيؤدي لانهيار الاتفاق بالكامل.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير شارك في المفاوضات مع إيران منذ عام 2003 أي قبل فترة طويلة من انضمام واشنطن للمحادثات في عهد الرئيس باراك أوباما ”كلنا كنا نعلم أن خطة العمل الشاملة المشتركة ليست مثالية لكن التشكيك في مكاسبها في رأيي لن يؤدي إلا لخسارتنا“. وإذا نفذ ترامب تهديداته فستكون هذه المرة الثانية في أربعة شهور التي تنأى الولايات المتحدة فيها بنفسها عن اتفاق مهم متعدد الأطراف على الرغم من المحاولات المكثفة من شركاء وأعضاء في حكومته لإثنائه عن ذلك. لكن في أوروبا سيعتبر اتخاذ هذه الخطوة مع إيران أشد ضررا بكثير من قرار ترامب في يونيو حزيران الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ.
وقال إلمار بروك خبير السياسة الخارجية المخضرم بالبرلمان الأوروبي والحليف الحزبي للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ”التهديد الذي تمثله إيران فيما يتعلق بالانتشار النووي فوري“. ويخشى مسؤولون ومحللون أوروبيون من أن يؤدي انهيار الاتفاق الإيراني إلى سباق تسلح في الشرق الأوسط وصراع بين إيران وإسرائيل بالإضافة إلى تصعيد الحروب بالوكالة في المنطقة بين إيران والسعودية. كما يخشون أن يقضي ذلك على أي فرص مهما بلغت ضآلتها للتوصل إلى اتفاق مع كوريا الشمالية عن طريق التفاوض.
وقال فرانسوا هيسبورج رئيس المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ”في نهاية المطاف القضية الأساسية هي خطر الحرب“. كما أن هناك خطرا يتمثل في مزيد من تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا خاصة إذا استهدفت واشنطن المؤسسات الأوروبية التي لها أنشطة تجارية في إيران. وقال سفير الاتحاد الأوروبي في واشنطن ديفيد أوسوليفان إن في حالة حدوث ذلك فستلجأ بروكسل إلى قانون يرجع إلى حقبة التسعينات من القرن الماضي يحمي الشركات الأوروبية من العقوبات خارج دولها.
ويقول الدبلوماسي الفرنسي الكبير إنه حتى إذا اتخذ الاتحاد هذه الخطوة فإن الشركات الأوروبية ستفكر مرتين في التزاماتها في إيران. ومن بين الشركات التي أعلنت اتفاقات كبيرة في إيران منذ بدء سريان اتفاق خطة العمل المشتركة الشاملة عملاقة صناعة الطائرات إيرباص ومجموعة توتال الفرنسية للطاقة وسيمنس الألمانية. وقال الدبلوماسي ”واحدة من صعوبات الاتفاق الكبيرة هي ضمان ثقة الجهات العاملة في مجال الاقتصاد في النظام والثقة في الولايات المتحدة هي الأساس لتحقيق ذلك“. بحسب رويترز.
وإذا ظهرت أي بوادر على انسحاب الشركات الأوروبية فقد يدفع ذلك الإيرانيين إلى إعادة تقييم مزايا الاتفاق النووي. وقال أوميد نوري بور وهو مشرع إيراني المولد من حزب الخضر الألماني المتوقع أن ينضم للحكومة الائتلافية القادمة التي تقودها ميركل ”الاتفاق مع إيران يشبه نباتا رقيقا“. وأضاف ”إنه (الاتفاق) دليل على ما يمكن أن تحققه الدبلوماسية لكنه هش... الرئيس الأمريكي لا يؤمن بالدبلوماسية على ما يبدو. يبدو عازما على سحق هذا (الاتفاق)“.
اضف تعليق