تواصل الولايات المتحدة الأمريكية دعمهما للحكومة العراقية في الحرب التي تخوضه ضد تنظيم داعش، من خلال تطوير القدرات ومساندة القوات العراقية في حربها ضد الإرهاب باعتبارها حليف مهم واساسي كما نقلت بعض المصادر، التي اكدت ايضا ان الولايات المتحدة الامريكية بقيادة ترمب، وبعد الانتصارات الكبيرة التي تحققت في معركة تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش الارهابي، تستعد اليوم لتركيز جهودها لمرحلة ما بعد داعش والتعاون الإقليمي لدعم العراق، بهدف تأمين مصالحها الخاصة في هذا البلد المهم، خصوصا مع وجود تحركات مستمرة من بعض خصومهما في المنطقة، منها روسيا و ايران التي سعت هي الاخرى لتقديم دعم كبير للعراق في هذه المعركة.
وقد سعت الولايات المتحدة في الفترة الاخيرة الى تعزيز وجودها العسكري، وقال العقيد جون دوريان، في وقت سابق وهو ناطق باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم في العراق وسوريا في السنتين الاخيرتين، إن عدد العسكريين الامريكيين العاملين في العراق ارتفع من نحو 4 آلاف قبل اسبوع الى 4460 الآن. وبرر وزير الدفاع الامريكي في بداية شباط 2016 اسباب عودة قواتهم للعراق (أن هناك حاجة ملحة لوجود قوات أمريكية في العراق لمكافحة داعش وستأخذ دورا قتاليا، ويبدو أن تطورات التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا خلقت ظرفا مؤثرا على القيادة الامريكية مما دفعها للعودة تدريجيا للتواجد في الساحة العراقية.
وقال البيت الأبيض في 25 ديسمبر 2016 أنه لن تكون للولايات المتحدة قوات على الأرض، لكن مستويات القوات الحالية تقترب من (5) آلاف، ومن سير العمليات العسكرية ومراقبة التعزيزات العسكرية الامريكية اصبح تواجد القوات العسكرية في (3) قواعد جوية رئيسية وهي: قاعدة عين الاسد الجوية ( البغدادي ) غرب الانبار والتي يتواجد فيها 300 مستشار عسكري امريكي. قاعدة بلد الجوية في محافظة صلاح الدين شمال بغداد . قاعدة القيارة الجوية في الموصل ( مركز عمليات تحرير الموصل من تنظيم داعش حيث يقدر عدد القوات الامريكيه ب 2000 عنصر من المارينز والاستخبارات والمشاة وسلاح المهندسين اضافة الى طائرات الاباتشي).
وفي هذا الشأن قال المستشار في الجيش الأمريكي العقيد بات ورك إن القوات الأمريكية تواصل تقديم الدعم والمشورة لنظيرتها العراقية، وذلك في معاركها ضد تنظيم داعش. وقال ورك نحاول مساعدة العراقيين في مواجهتهم العسكرية ودعمهم في اتخاذ القرارات وفقا لرؤية مشتركة، وهو ما يتم تنفيذه على الأرض بهزيمة داعش”.
وأضاف أن هناك أشكالا عديدة من الدعم المقدم للعراق، منها التبادل ألاستخباراتي والمعلوماتي بشأن تحركات العدو، بما يمكن من تحقيق التقدم الميداني. وكان المتحدث باسم التحالف الدولي في العراق الكولونيل رايان ديلون أعلن أن استكمال تحرير المدينة القديمة للموصل سيتم خلال الأيام المقبلة، مشيرا إلى أن تنظيم داعش الإرهابي أصبح ضعيفا في كل مناطق العراق.
دعم مستمر
من جانب اخر وداخل أحد المباني القديمة الفخمة في غرب الموصل، يتجمع ضباط عراقيون حول خريطة تظهر تقدم قواتهم في المدينة فيما تصل آخر أخبار الجبهة عبر أجهزة لاسلكي يقاطعها في بعض الأحيان ضباط أميركيون لتقديم المشورة. وعلى بعد أقل من كيلومترين من الجبهة، يوجه قائد القوات العراقية تعليماته لرجاله الذين يتقدمون في المدينة القديمة بغرب الموصل، تحت أنظار ضباط أميركيين يعلقون بين الفينة والأخرى على المحادثات المتوترة. ويتواجد مستشار أميركي وفريقه في هذا المركز المستحدث القريب من خط الجبهة.
يقول الملازم الشاب أندرو كايزر الذي يقدم المشورة لقائد الفرقة 16 بالجيش العراقي "نحن نعيش معهم يوميا، ونعمل يدا بيد". وخارج المركز، يقف جنديان أميركيان يحملان بنادق ويرتدي كل منهما سترة واقية من الرصاص، فيستظلان من الحرارة المرتفعة على بعد خطوات من سيارتهما المصفحة المركونة في الشارع. ويؤكد الضابط الأميركي أن دوره قد تغير بشكل كبير منذ زيارته الأخيرة إلى الموصل، قبل أكثر من عشر سنوات. كان عنصرا من وحدة تابعة للقوات الأميركية متمركزة في ثاني أكبر مدن البلاد.
اليوم، يقول إنه يستند إلى تسجيلات فيديو لطائرات استطلاع من دون طيار خرائط عبر الأقمار الاصطناعية ومعلومات توفرها القوات الميدانية، لتقديم المشورة إلى القائد العراقي الذي يسعى رجاله إلى طرد تنظيم داعش من آخر مواقعه في الموصل. ما كان يمثل نقطة قوة للجهاديين في المراحل الأولى من معركة الموصل التي بدأتها القوات العراقية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تغير خلال القتال. ويقول الملازم إن قوتهم النارية تراجعت.
يقول مسؤول الإعلام في الفرقة 16 العقيد عصام غضبان إن "عصابات داعش الإجرامية تستخدم المواطنين كدروع بشرية للاحتماء بهم وتعقيد حركة القطعات العسكرية". وقدر ممثل مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في العراق برونو جدو عدد المدنيين العالقين في الموصل القديمة بأكثر من مئة ألف شخص، معتبرا أن عملية الموصل هي "من أكبر الحروب الحضرية منذ الحرب العالمية الثانية". وفي الثامن من حزيران/يونيو، قال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن لديه تقارير موثوقة بأن تنظيم داعش قتل أكثر من 230 مدنيا أثناء محاولتهم الفرار من أحياء غرب الموصل في العراق منذ 26 أيار/مايو.
وأعلن التحالف الدولي لمكافحة الجهاديين ايضا في آذار/مارس انه سيحقق في تقارير تفيد بأن ضرباته أوقعت عددا كبيرا من الضحايا المدنيين في الموصل. من جهته، أعلن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يقدم الدعم للقوات العراقية إن بعض ضرباته أسفرت عن مقتل مدنيين في الموصل، وأنه يحقق في حالات أخرى. بحسب فرانس برس.
ويوميا، تغادر طائرات استطلاع صغيرة من دون طيار مركز القيادة حيث يتواجد كايزر والفرقة 16، باتجاه المناطق الخاضعة لسيطرة الجهاديين. وفي أحد الفيديوهات، كانوا قادرين على رؤية كيفية استخدام الجهاديين للمدنيين. يقول الملازم الأميركي "رأينا عنصرين من تنظيم داعش يدخلون نساء وأطفالا إلى مبنى ضربناه للتو. تنظيم داعش يسعى إلى تحريضنا على ضرب مدنيين".
ما بعد داعش
الى جانب ذلك اقترحت الولايات المتحدة أن يتولى الحلف الاطلسي مهمة تدريب للقوات العراقية بعد دحر تنظيم داعش، بحسب ما اعلن رئيس اركان الجيوش الاميركية المشتركة الجنرال جو دانفورد. وصرح دانفورد لصحافيين على متن الطائرة التي تعيده من اجتماع للحلف في بروكسل ان الحلف الاطلسي "يمكن ان يكون في موقع ممتاز للقيام بمهمة تدريب" للقوات العراقية "على فترة طويلة". وذكر دانفورد بان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي كان أعلن ان القوات العراقية يمكن أن تظل بحاجة الى دعم بعد الانتصار على التنظيم الجهادي لكن دون ان يحدد مطالبه بشكل رسمي.
مبدئيا يمكن ان تقتصر مهمة الحلف الاطلسي على تنمية قدرات الجيش العراقي. وتابع دانفورد ان الحلف الاطلسي يمكن ان يقدم للجيش العراقي "مساعدة لوجستية ومعدات وتنمية القدرات وتدريب الكوادر وتأسيس اكاديميات". لكنه قال ان مهمة تقديم الارشادات الى القوات العراقية ستظل من صلاحيات قوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش. وتابع "لن يطلب من الحلف الاطلسي تقديم نصائح عسكرية كما يحصل حاليا في الموصل (شمال العراق) او في الرقة (شمال سوريا)". ومضى يقول "لا أعتقد اننا على وشك التفكير" في أن يتولى الحلف الاطلسي مهام التحالف بالكامل. بحسب فرانس برس.
وتحض الولايات المتحدة منذ وقت طويل الحلف الاطلسي على الانضمام الى التحالف، مع العلم ان كل دولة على حدة من دول الحلف ال28 تشارك بشكل فردي في التحالف الدولي. وكان القادة العسكريين لدول الحلف أبدوا تأييدهم للاقتراح خلال اجتماع سابق، بحسب الجنرال التشيكي بيتر بافل الذي يترأس اللجنة العسكرية في الحلف.
سلطة البنتاجون
في السياق ذاته أعطى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجيش سلطة تغيير نظام مربك لتحديد مستويات القوات في العراق وسوريا قال منتقدون له إنه سمح للبيت الأبيض بالتحكم في كل صغيرة وكبيرة من قرارات المعارك وأدى في النهاية إلى عدم وضوح الأرقام الحقيقية للقوات الأمريكية. وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) هذا الإجراء وقالت إنه لم يطرأ حتى الآن أي تغيير على مستويات القوات الأمريكية.
وأكدت أيضا أن الاستراتيجية الأمريكية في العراق وسوريا ما زالت تركز على دعم قوات محلية تقاتل تنظيم داعش وهو أسلوب أدى لتفادي الحاجة لقوة برية أمريكية كبيرة. بيد أن التغيير في مستويات القوات علامة أخرى على السلطات الكبيرة التي يشعر ترامب بالارتياح فيما يبدو لمنحها لقادته العسكريين في اتخاذ القرارات المتعلقة بساحات المعارك وقد يسمح بمزيد من الزيادات السريعة في أعداد القوات في المستقبل.
وكان النظام الذي يعرف باسم نظام مستوى إدارة القوات قد وضع في العراق وسوريا خلال حكم إدارة الرئيس باراك أوباما كسبيل لبسط السيطرة على الجيش الأمريكي. ورفع أوباما على فترات القيود بما سمح بزيادة عدد القوات في العراق وسوريا مع تطور الحملة ضد التنظيم. غير أن الأعداد لم تكن تعكس حجم الالتزام الأمريكي على الأرض نظرا لأن القادة العسكريين كانوا يجدون وسائل غير مثالية عادة للتحايل على القيود بما في ذلك في بعض الأحيان بجلب قوات بشكل مؤقت أو الاستعانة بمزيد من المتعاقدين.
ومن المعتقد أن مستويات القوات البالغة رسميا 5262 في العراق و503 في سوريا أقل بأكثر من ألفي جندي عن العدد الفعلي للقوات الأمريكية في البلدين. وقالت دانا وايت المتحدثة باسم البنتاجون إن ترامب منح وزير الدفاع جيم ماتيس سلطة تحديد مستويات القوات في العراق وسوريا من الآن فصاعدا. وأضافت في بيان نشره موقع باز فيد نيوز في وقت سابق "سنجري مراجعة لضمان أن تعكس الأرقام التي نقدمها للكونجرس وللعامة الحقائق على الأرض بدقة. الأمر يتعلق بالشفافية." بحسب رويترز.
ويقول المؤيدون لتغيير النظام من داخل الجيش الأمريكي أيضا إن نقل سلطة اتخاذ القرار للبنتاجون من البيت الأبيض سيسمح بمزيد من المرونة في التعامل مع التطورات المفاجئة في ساحة المعارك. وقد يكون تبديل نظام تحديد مستوى القوات بآخر أكثر شفافية مهمة شائكة ولاسيما بسبب الحساسيات السياسية في العراق تجاه القوات الأمريكية.
اضف تعليق