وفقا للمعطيات الحالية وفي ظل تزايد العداوة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، فإن الحرب بين الجانبين وكما نقلت بعض المصادر، قد أصبحت وشيكة ومهددة بالقيام في أية لحظة، خصوصا وان الفترة الاخيرة قد شهدت تصاعد التوترات والاستفزازات العسكرية، والتجارب النووية التي تجريها بيونج يانج، حيث يشار إلى أنها قامت بأكثر من عشرة تجارب صاروخية هذا العام. يضاف الى ذالك التعزيزات والمناورات العسكرية الكبيرة التي تجريها امريكا وحلفائها في المنطقة. وهذا ما أكده المحلل السياسي ومؤسس مركز جيوبولوتيكال فيوتشرز، جورج فريدمان، حسب ما ذكرت وكالة سبوتنك الروسية، حيث قال إن ما يحدث يعد تمهيدا لحرب فوضوية صعبة بين واشنطن وبيونج يانج، تتبعها عواقب كارثية في العالم.
والمشكلات التي قد تنجم عن مثل هذا الصراع لا تعد ولا تحصى، ففي العاصمة الكورية الجنوبية سيؤل يوجد نحو 25 مليون شخص في مرمى نيران بيونغ يانغ، ومن شأن أي ضربة توجه للأخيرة أن تؤدي إلى هجوم انتقامي على سيؤل. اما المشكلة الثانية التي قد تواجه الولايات المتحدة الأمريكية هي أن أي نزاع مع كوريا الشمالية سيعتمد بشكل كلي في المعلومات على الاستخبارات، ومن ثم فإن أي معلومة غير صحيحة أو غير كاملة قد تؤدي إلى خسائر بشرية مدمرة.
وفي وقت سابق هاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، ووصفه بـ"المجنون الذي يمتلك أسلحة نووية"، وقال إن بلاده لا يمكنها أن تترك مجنوناً يمتلك قدرات نووية حراً طليقاً. كما حذر وزير الدفاع الأمريكي، من أن الأمر سيكون "كارثياً" حال وصلت التوترات مع كوريا الشمالية إلى حالة الحرب، مشيراً إلى أن ذلك قد يكون الحل الذى تلجأ إليه واشنطن في حالة الفشل في حل أزمة البرنامج النووي والصاروخي لبيونج يانج عبر القنوات الدبلوماسية. وقال ماتيس - فى مقابلة مع شبكة "سي بي إس نيوز" الأمريكية، إن "صراعا مع كوريا الشمالية.. من المحتمل أن يكون أسوأ نوع من القتال في حياة معظم الناس". وأشار ماتيس إلى أن امتلاك النظام الكوري الشمالي مئات من المدافع ومنصات الصواريخ في نطاق إحدى أكبر المدن كثافة سكانية على وجه الأرض - وهى العاصمة الكورية الجنوبية سول - واصفاً كوريا الشمالية بأنها تهديد للمنطقة المحيطة، والتي تتضمن اليابان والصين وروسيا، على حد تعبيره.
وتابع المسئول الأمريكي: "لكن خلاصة القول أنها ستكون حرباً كارثية إذا تحول ذلك إلى معركة ما لم نتمكن من حل هذا الموقف عبر الوسائل الدبلوماسية"، مضيفاً: أن كوريا الشمالية ليست تهديداً خارجياً فقط، وإنما "تهديد مباشر للولايات المتحدة" أيضاً. واستطرد قائلا: "لقد كانوا واضحين جداً في خطابهم.. علينا ألا ننتظر حتى يكون لديهم صاروخا بالستيا عابرا للقارات محملاً بسلاح نووي.. نفترض دائماً أنهم مع برنامج التجارب يتطورون مع كل تجربة".
هدية كبيرة
وفي هذا الشأن ذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون أشرف على تجربة لصاروخ باليستي جديد تم التحكم فيها بواسطة نظام توجيه دقيق وأمر بتطوير أسلحة استراتيجية أكثر قوة.وأضافت أن الصاروخ الذي أُطلق كان مزودا بتسلسل آلي متقدم سابق لعملية الإطلاق مقارنة مع نسخ سابقة من الصواريخ "هواسونج" وهو الاسم الذي تطلقه كوريا الشمالية على صواريخها من طراز سكود. وهذا يشير إلى أن كوريا الشمالية أطلقت صاروخا مطورا من طراز سكود مثلما يقول الجيش الكوري الجنوبي.
وسقط الصاروخ الباليستي قصير المدى في البحر قبالة ساحل كويا الشمالية الشرقي وكانت هذه هي التجربة الأحدث في سلسلة من التجارب الصاروخية التي تتحدى الضغوط والتهديدات الدولية بفرض مزيد من العقوبات. وقال كيم إن كوريا الشمالية ستطور المزيد من الأسلحة القوية على مراحل متعددة تماشيا مع جدولها الزمني للدفاع عن نفسها ضد الولايات المتحدة. وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية إن كيم أبدى قناعته بأن الدولة "ستحقق قفزة أكبر إلى الأمام في هذا النشاط لإرسال ’هدية’ أكبر للأمريكيين" ردا على الاستفزازات العسكرية الأمريكية.
وقالت كوريا الجنوبية إنها أجرت مناورة مشتركة مع قاذفة قنابل أمريكية من طراز بي-1 بي لانسر الأسرع من الصوت. واتهم الإعلام الكوري الشمالي من قبل الولايات المتحدة بالقيام بمناورات للتدريب على إسقاط قنبلة نووية على شبه الجزيرة الكورية. وقال الأسطول الأمريكي إن حاملة الطائرات كارل فينسون ومجموعتها القتالية تعتزم أيضا القيام بمناورة أخرى مع حاملة الطائرات الأمريكية رونالد ريجان في المياه قرب شبه الجزيرة الكورية. ولم يذكر المتحدث باسم البحرية الأمريكية في كوريا الجنوبية توقيتا محددا للمناورات المزمعة.
وجاء إطلاق كوريا الشمالية صاروخا بعد تجربتين ناجحتين لإطلاق صاروخين تراوح مداهما من المتوسط إلى الطويل خلال أسابيع. وأجرت بيونجيانج مثل هذه التجارب بوتيرة لم يسبق لها مثيل في محاولة لتطوير صاروخ باليستي عابر للقارات يمكنه إصابة البر الرئيسي الأمريكي. وأجرت كوريا الشمالية مثل هذه التجارب الصاروخية وتجربتين نوويتين منذ يناير كانون الثاني عام 2016 في تحد للضغوط الأمريكية وقرارات الأمم المتحدة والتهديد بفرض مزيد من العقوبات.
كما تمثل أحد أكبر التهديدات الأمنية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي صور التجربة الصاروخية الأخيرة بأنها إهانة للصين. وقال ترامب على تويتر "أظهرت كوريا الشمالية عدم احترام كبير حيال جارتها الصين عبر إطلاق صاروخي باليستي آخر... لكن الصين تحاول جاهدة".
وحثت اليابان أيضا الصين على لعب دور أكبر في كبح جماح برامج كوريا الشمالية النووية والصاروخية. والتقى شوتارو ياتشي كبير مستشاري الأمن القومي لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بكبير الدبلوماسيين الصينيين وعضو مجلس الدولة يانغ جيه تشي وأجريا محادثات قرب طوكيو استمرت خمس ساعات. وقال ياتشي ليانغ إن تصرفات كوريا الشمالية وصلت إلى مستوى جديد من الاستفزاز.
ونقل بيان لوزارة الخارجية اليابانية عن ياتشي قوله ليانغ "اليابان والصين تحتاجان إلى العمل سويا لحث كوريا الشمالية بقوة على تجنب المزيد من الأفعال الاستفزازية والامتثال لأشياء مثل قرارات الأمم المتحدة". وقال يانغ إن الصين تصر على الحل السلمي في شبه الجزيرة الكورية مضيفا "موقف الصين (بشأن كوريا الشمالية) واضح ومتسق... نصر على الحل السياسي عبر السبل السلمية". بحسب رويترز.
وكانت كوريا الشمالية زعمت تحقيق تقدم كبير إلا أن خبراء ومسؤولين أجانب يعتقدون أن هذه المزاعم قد تكون حقيقية جزئيا على الأقل ولكن يصعب التحقق منها بشكل مستقل. وقال مسؤول عسكري كوري جنوبي إن كوريا الشمالية أطلقت صاروخا واحدا أمس بعد تقارير سابقة بأنه ربما تم إطلاق أكثر من صاروخ. وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية إن التجربة كان تهدف إلى التحقق من نوع جديد لنظام التوجيه الدقيق ودقة منصة إطلاق متحركة جديدة في ظل أوضاع تشغيل مختلفة. ولكن الجيش الكوري الجنوبي وخبراء شككوا في هذه المزاعم بسبب القيود التقنية في كوريا الشمالية مثل نقص الأقمار الصناعية القادرة على تشغيل نظام توجيه صاروخي بشكل مناسب.
عداء واتهامات
من جانب اخر قال نائب مبعوث كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة إن الولايات المتحدة عليها التراجع عن "السياسة العدائية" تجاه بلاده قبل أن يتسنى إجراء محادثات بينما أبدت واشنطن قلقها إزاء احتمال أن تكون بيونجيانج عاكفة على تطوير مادة كيماوية تستخدم كغاز للأعصاب. وقال كيم إن ريونج "كما يعلم الجميع، ألمح الأمريكيون إلى حوار... لكن المهم ليس الأقوال، بل الأفعال".
وأضاف "التراجع عن السياسة المعادية تجاه جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية شرط مسبق لحل جميع المشاكل في شبه الجزيرة الكورية... ومن ثم القضية الملحة التي يجب تسويتها في شبه الجزيرة الكورية هي وضع نهاية حاسمة للسياسة العدائية الأمريكية تجاه جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية". وكانت كوريا الشمالية قد تعهدت بتطوير صاروخ يمكنه حمل رأس نووي يكون قادرا على ضرب الولايات المتحدة قائلة إن البرنامج لازم لمواجهة العدوان الأمريكي.
وحذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أواخر أبريل نيسان من أن نشوب "صراع كبير جدا" مع كوريا الشمالية احتمال قائم ولكنه قال إنه يفضل حلا دبلوماسيا للخلاف بشأن برامج بيونجيانج النووية والصاروخية. وقال ترامب في وقت لاحق إنه "يشرفه" لقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في ظل ظروف مناسبة. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن على بيونجيانج "وقف جميع أنشطتها غير المشروعة وسلوكها العدائي في المنطقة".
وفرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على كوريا الشمالية في 2006 وشدد العقوبات ردا على خمس تجارب نووية أجرتها البلاد وتجربتين لإطلاق صاروخ طويل المدى. وتهدد بيونجيانج بإجراء تجربة نووية سادسة. وأثارت نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة قلقا إزاء طلب كوريا الشمالية الحصول على براءة اختراع لإنتاج مركب سيانيد الصوديوم الذي يمكن استخدامه لتصنيع غاز الأعصاب تابون كما يستخدم أيضا في التنقيب عن الذهب. بحسب رويترز.
وقالت هيلي في بيان "فكرة وضع السيانيد في أيدي الكوريين الشماليين، نظرا لسجلهم في مجال حقوق الإنسان وللسجناء السياسيين والاغتيالات، ليست خطيرة فحسب بل وتتحدى المنطق". وتقدمت كوريا الشمالية بطلب الحصول على براءة الاختراع إلى المنظمة العالمية للملكية الفكرية وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة. ولا تمنح المنظمة براءات اختراع. من جانب اخر جددت كوريا الشمالية اتهاماتها للمخابرات في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بالتخطيط لاغتيال زعيم البلاد كيم جونج أون. وقال سفير كوريا الشمالية إلى الصين في إفادة صحفية في مبنى سفارة بلاده في بكين إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجهاز المخابرات الكورية الجنوبية تآمرا "سرا وبدقة متناهية" لتنفيذ مخططهم باستخدام "مواد مشعة أو سامة" لاغتيال كيم. وقال السفير جي جاي ريونج "نعتقد أن هذه الجريمة المتطرفة دبرتها قوى معادية بغية إلحاق الضرر بالشؤون الداخلية لكوريا الشمالية."
وفي وقت سابق اتهمت بيونجيانج وكالتي المخابرات بتدبير مخطط فاشل لاغتيال كيم بقنبلة بيوكيميائية خلال عرض عسكري في العاصمة. وطلبت كوريا الشمالية من الجنوب تسليم مدير المخابرات لديها. ونفت كوريا الجنوبية علمها بما تشير إليه كوريا الشمالية في حين رفضت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والبيت الأبيض التعليق على البيان الذي أصدرته وزارة أمن الدولة في كوريا الشمالية.
جنون هستيري
على صعيد متصل نددت كوريا الشمالية في الأمم المتحدة بـ "الجنون الهستيري" للولايات المتحدة، معتبرة أنها تهدد وتُرهب الدول الأخرى لدفعها إلى تطبيق العقوبات ضد بيونغ يانغ. وحضت بعثة كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة الدول الأعضاء في المنظمة الدولية على "إعادة النظر" في تنفيذ العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي، معتبرة أنها غير شرعية.
وتأتي تصريحات بيونغ يانغ هذه، بعد سلسلة اجتماعات عقدتها لجنة الأمم المتحدة المكلفة بالعقوبات من أجل دفع الدول الأعضاء في المنظمة الدولية إلى تطبيق مجموعتين من العقوبات التي تبناها مجلس الأمن في العام الماضي. واتهمت بيونغ يانغ في بيان الولايات المتحدة باللجوء إلى "كل الوسائل التي يمكن تصوّرها" من أجل دفع البلدان الأخرى إلى تنفيذ العقوبات "من خلال ترهيبها وتهديدها علنا بـعقوبات خطيرة".
وهددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على البلدان التي تواصل القيام بتبادلات اقتصادية مع كوريا الشمالية والتي تنتهك العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على النظام الشيوعي المعزول. وعقدت لجنة الأمم المتحدة المكلفة بالعقوبات برئاسة إيطاليا سلسلة اجتماعات مغلقة مع بلدان من كل مناطق العالم من أجل تقييم مدى تطبيق العقوبات. ومن أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، قدم 54 بلدا فقط تقارير حول قرار العقوبات الذي اعتمد في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، بينما رفعت 89 دولة تقارير حول رزمة سابقة من العقوبات أقرت في آذار/مارس من العام نفسه.
واتهمت بعثة كوريا الشمالية لجنة العقوبات بالدفع باتجاه فرض عقوبات على مؤسسات كمطاعم تملكها كوريا الشمالية، معتبرة أن ذلك "توسيع لتفسير" قرارات الأمم المتحدة. وتابع بيان بعثة كوريا الشمالية أن الولايات المتحدة "تتوهم بأن مؤسسات عادية كالمطاعم هي مصانع لأسلحة نووية أو صواريخ بالستية". وأضاف أن واشنطن ولجنة العقوبات الدولية "تبدوان بمظهر غبي أمام الأسرة الدولية بسبب جنونهما الهستيري حول العقوبات". بحسب فرانس برس.
ودعت كوريا الشمالية إلى منتدى دولي من خبراء قانونيين لمراقبة عقوبات الأمم المتحدة. وفرض مجلس الأمن الدولي ست مجموعات من العقوبات على بيونغ يانغ منذ 2006 بهدف تكثيف الضغط على النظام الشيوعي وحرمانه من العائدات الهادفة إلى تطوير برامجه العسكرية. وتسعى كوريا الشمالية إلى تطوير صواريخ بعيدة المدى مزودة برؤوس نووية ويمكنها بلوغ الولايات المتحدة، وقامت حتى الآن بخمس تجارب نووية اثنتين منها العام الماضي
اضف تعليق