يبدو ان الصراع في ليبيا التي تعاني من مشكلات وازمات امنية متافقة منذ سقوط نظام القذافي، وكما يرى بعض المراقبين دخل منعطف جديد مرحلة خطرة، بسبب اتساع الصراع الدولي ولعبة المصالح، ومناطق النفوذ بين بعض القوى الكبرى، ومنها روسيا التي تحاول اليوم ايجاد موطئ قدم لها في ليبيا من اجل تأمين مصالحها في المنطقة، حيث أشارت بعض التقارير الى وجود تحركات مكثفة من قبل روسيا التي ارسلت سفن حربية إلى المياه الإقليمية الليبية، وسط توقعات بسعي موسكو إلى إقامة قاعدة عسكرية في ليبيا، هذه التحركات اثارت قلق ومخاوف بعض الدول الغربية التي تعارض بشكل كبير مثل هكذا خطط قد تؤثر على مصالحها ، حيث اكدت بعض المصادر وجود قلق أوروبي كبير من أن تتدخل موسكو في ليبيا على غرار تدخلها في سوريا، وبرغم عدم قدرة الأوروبيين على الضغط على موسكو، إلا إن قلقهم الشديد على مصالحهم في ليبيا سيكون عاملا مهما لحث الحليف الأمريكي لموازنة أي تدخل روسي محتمل.
من جانب اخر وفي تطور لافت لذلك الصراع الذي تحول إلى تصعيد كلامي غير مسبوق شن وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، هجوما عنيفا على نظيره البريطاني، مايكل فالون، ردا على تصريحات سابقة له حذر فيها من مخاطر تدخل موسكو في الشأن الليبي. وقال شويغو “ليس في الغرب من يمكنه أن يقول للدب ماذا يتوجب عليه أن يفعل”، وذلك في إشارة إلى بلاده.
ويأتي هذا المنحى التصعيدي في الخطاب الروسي، ردا على ما ورد في كلمة وزير الدفاع البريطاني والتي حذر فيها روسيا من التدخل في ليبيا. وقال في كلمته، إن روسيا تختبر التحالف العسكري مع دخول رجل ليبيا القوي القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر في المنافسة مع حكومة طرابلس التي تدعمها الأمم المتحدة…، إنه يضغط أينما ظهرت له ملامح ضعف، ونحن لا نريد من الدب أن يحشر أنفه، كما لا نريد عبثا لأيدي الدب في المنطقة.
ورأى مراقبون أن هذا التصعيد الكلامي الذي يأتي على وقع التغيير اللافت في أولويات الإدارة الأميركية، وفي خرائط التحالفات القائمة، إنما يعكس قلق الغرب من تنامي التنسيق بين حفتر، والقيادة الروسية التي لا تُخفي سعيها إلى تموضع جديد في الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، والذي لا يزال مُرتبكا في بعض جوانبه. ويبدو أن تزايد المؤشرات على اقتراب حسم الملف الليبي على ضوء تبدل الخرائط الفعلية للتحالفات أو التفاهمات، وربما معادلات الاشتباك السياسي وغير السياسي في هذه اللحظة التي توصف بالفاصلة على مسرح الأحداث في المنطقة، هو الذي دفع روسيا إلى هذا الخطاب المُتشنج الذي أرادت من خلاله توجيه رسائل تحمل دلالة سياسية تتجاوز بكثير حدود ما تنطوي عليه خرائط التحالفات الناشئة، ومساحة نقاط الاشتباك المستجدة.
وتتراوح تلك النقاط بين التنافس الحاد حول مبيعات السلاح إلى ليبيا، حيث تشير بعض التقارير إلى سعي روسي لرفع حظر التسليح عن الجيش الليبي، والصراع على النفط، على ضوء التقارب السريع بين حفتر وروسيا، على حساب الغرب، لا سيما، وان تصريحات وزير الدفاع الروسي تزامنت مع توقيع المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، وشركة “روسنفت” الروسية المملوكة للدولة اتفاقية إطار للتعاون، لفتح المجال للاستثمار للشركة الروسية في قطاع النفط الليبي. ويُرجح المراقبون أن يأخذ هذا الصراع منحى تصاعديا.
قوات روسية في مصر
وفي هذا الشأن تقول مصادر أمريكية ومصرية ودبلوماسية إن روسيا نشرت فيما يبدو قوات خاصة في قاعدة جوية بغرب مصر قرب الحدود مع ليبيا في الأيام الأخيرة في خطوة من شأنها زيادة المخاوف الأمريكية بشأن دور موسكو المتنامي في ليبيا. وقال المسؤولون الأمريكيون والدبلوماسيون إن أي نشر لقوات روسية من هذا القبيل قد يكون في إطار محاولة دعم القائد العسكري الليبي خليفة حفتر الذي تعرض لانتكاسة عندما هاجمت سرايا الدفاع عن بنغازي قواته يوم الثالث من مارس آذار عند موانئ النفط الخاضعة لسيطرته.
وقال المسؤولون الأمريكيون الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم إن الولايات المتحدة لاحظت فيما يبدو قوات عمليات خاصة روسية وطائرات بدون طيار عند سيدي براني على بعد 100 كيلومتر من حدود مصر مع ليبيا. وقدمت مصادر أمنية مصرية مزيدا من التفاصيل قائلة إنها وحدة عمليات خاصة روسية قوامها 22 فردا لكنها امتنعت عن مناقشة مهمتها. وأضافت المصادر أن روسيا استخدمت أيضا قاعدة مصرية أخرى إلى الشرق من سيدي براني بمرسى مطروح في أوائل فبراير شباط.
ولم تقدم وزارة الدفاع الروسية أي تعليق على الفور ونفت مصر وجود أي قوات روسية على أراضيها. ونفى العقيد تامر الرفاعي المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية وجود أي جندي أجنبي على الأراضي المصرية قائلا إنها مسألة سيادة.
ورفض الجيش الأمريكي التعليق. وقال مسؤولون إن التخابر الأمريكي على الأنشطة العسكرية الروسية يشوبه التعقيد في كثير من الأحيان بسبب استخدام متعاقدين أو قوات بملابس مدنية. وقالت المصادر المصرية إن طائرات عسكرية روسية حملت نحو ست وحدات عسكرية إلى مرسى مطروح قبل أن تذهب إلى ليبيا بعد أيام. ونفى محمد منفور قائد قاعدة بنينا الجوية قرب بنغازي أن يكون الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر قد تلقى مساعدة عسكرية من الدولة الروسية أو متعاقدين عسكريين روس ونفى أيضا وجود أي قوات أو قواعد روسية في شرق ليبيا.
وخلال العامين المنصرمين أرسلت بعض الدول الغربية ومن بينها الولايات المتحدة قوات خاصة ومستشارين عسكريين إلى ليبيا. ونفذ أيضا الجيش الأمريكي ضربات جوية دعما لحملة ليبية ناجحة العام الماضي لطرد تنظيم داعش من معقله في مدينة سرت. وتتزامن التساؤلات بشأن دور روسيا في ليبيا مع مخاوف في واشنطن من نوايا موسكو في الدولة الغنية بالنفط والتي تحولت إلى مناطق متناحرة في أعقاب انتفاضة 2011 المدعومة من حلف شمال الأطلسي على معمر القذافي الذي كانت تربطه علاقات بالاتحاد السوفييتي السابق.
ووصلت الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس إلى طريق مسدود مع حفتر واجتمع مسؤولون روس مع الجانبين في الأشهر الأخيرة. واستعدت موسكو فيما يبدو لتعزيز دعمها الدبلوماسي لحفتر على الرغم من غضب الحكومات الغربية بالفعل من تدخل روسيا في سوريا لدعم الرئيس بشار الأسد. وقال أوليج كرينيتسين رئيس مجموعة (آر.إس.بي) الأمنية الروسية لرويترز إن قوة من بضع عشرات من المتعاقدين الأمنيين المسلحين من روسيا عملوا حتى الشهر الماضي في منطقة بليبيا خاضعة لسيطرة حفتر.
لكن وزارة الخارجية الروسية قالت في بيان أرسلته إلى رويترز إنها ليس لديها علم بأن متعاقدين مسلحين تابعين لمجموعة (آر.إس.بي) الأمنية الروسية عملوا حتى الشهر الماضي في ليبيا. وقال قائد القوات الأمريكية في أفريقيا الجنرال توماس والدهاوسر لمجلس الشيوخ إن روسيا تحاول بسط نفوذها في ليبيا لتعزز سطوتها في نهاية المطاف على كل من يمسك بزمام السلطة. وقال والدهاوسر للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ "يعملون من أجل التأثير على ذلك". وبسؤاله عما إذا كان في مصلحة الولايات المتحدة أن تترك ذلك يحدث فقال "لا".
وقال مسؤول بالمخابرات الأمريكية إن هدف روسيا في ليبيا محاولة فيما يبدو "لاستعادة موطئ قدم حيث كان الاتحاد السوفييتي ذات يوم حليفا للقذافي". وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "في الوقت نفسه، كما في سوريا، يبدو أنهم يحاولون الحد من التدخل العسكري واستخدام ما يكفي لفرض بعض القرار لكن ليس بدرجة تجعلهم أصحاب المشكلة." ودفعت مغازلة روسيا لحفتر آخرين إلى رسم أوجه تشابه مع سوريا التي ارتبطت أيضا طويلا بالاتحاد السوفيتي قبل انهياره. ويميل حفتر إلى وصف منافسيه المسلحين بالإسلاميين المتطرفين ويراه بعض الليبيين الرجل القوي الذي تحتاج إليه البلاد بعد سنوات من انعدام الاستقرار.
وردا على سؤال للسناتور الأمريكي لينزي جراهام عما إذا كانت روسيا تحاول أن تفعل في ليبيا ما فعلته في سوريا فقال والدهاوسر "نعم هذه طريقة جيدة لوصف ذلك." وقال دبلوماسي غربي طلب عدم نشر اسمه إن روسيا تتطلع إلى دعم حفتر على الرغم من أن تركيزها الأولي على الأرجح سيكون على منطقة الهلال النفطي في ليبيا. وقال الدبلوماسي "من الواضح جدا أن المصريين يسهلون الانخراط الروسي في ليبيا من خلال السماح لهم باستخدام هذه القواعد. من المفترض أن ثمة تدريبات تجري هناك في الوقت الحاضر."
وتحاول مصر إقناع الروس باستئناف الرحلات الجوية إلى مصر بعد تعليقها منذ أن أسقطت قنبلة طائرة روسية تحمل 224 شخصا من منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر إلى سان بطرسبرج في أكتوبر تشرين الأول عام 2015. وأعلن فرع تنظيم الدولة الإسلامية في شمال سيناء مسؤوليته عن إسقاط الطائرة. وتقول روسيا إن هدفها الرئيسي في الشرق الأوسط هو احتواء انتشار الجماعات الإسلامية العنيفة.
وتعهد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف هذا الشهر بالمساعدة في توحيد ليبيا وتعزيز الحوار عندما اجتمع مع فائز السراج رئيس الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة. من ناحية أخرى تعزز روسيا أيضا علاقاتها مع مصر التي ربطتها علاقات مع الاتحاد السوفييتي في الفترة من عام 1956 وحتى عام 1972. ولأول مرة أجرى البلدان في أكتوبر تشرين الأول تدريبات عسكرية مشتركة الأمر الذي كانت تجريه الولايات المتحدة ومصر بانتظام حتى عام 2011. بحسب رويترز.
وذكرت صحيفة إزفستيا الروسية في أكتوبر تشرين الأول أن موسكو تجري محادثات لفتح أو تأجير قاعدة جوية في مصر. ومع ذلك نقلت صحيفة الأهرام المصرية عن متحدث باسم الرئاسة قوله إن مصر لن تسمح بوجود قواعد أجنبية على أراضيها. وقالت المصادر المصرية إنه لا يوجد اتفاق رسمي على استخدام روسيا للقواعد المصرية. لكن ثمة مشاورات مكثفة بشأن الوضع في ليبيا. وتخشى مصر انتشار الفوضى من جارتها الغربية واستضافت سلسلة من الاجتماعات الدبلوماسية بين قادة شرق وغرب البلاد في الأشهر الأخيرة.
شركة أمن في ليبيا
على صعيد متصل قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إنها ليس لديها علم بأن متعاقدين مسلحين تابعين لمجموعة آر.اس.بي الأمنية الروسية عملوا حتى الشهر الماضي في جزء من ليبيا يسيطر عليه القائد العسكري خليفة حفتر.
جاء بيان وزارة الخارجية تعليقا على موضوع حصري نشر إذ صرح أوليج كرينيتسين رئيس المجموعة الأمنية بعمل المتعاقدين المسلحين في ليبيا وقال إن وجودهم ترتيب تجاري. وأضاف كرينيتسين أنه بعث المتعاقدين إلى شرق ليبيا وتم سحبهم في فبراير شباط بعد إنجاز مهمتهم. لكن الخارجية الروسية قالت في البيان إنها لا تعرف كرينيتسين. ويعارض حفتر حكومة تساندها الأمم المتحدة وتعتبرها الدول الغربية أفضل فرصة لاستعادة الاستقرار في ليبيا. لكن بعض صناع السياسة الروس يعتبرون حفتر رجلا قويا يمكن أن ينهي ست سنوات من الفوضى التي تلت الإطاحة بمعمر القذافي. بحسب رويترز.
وكان كرينيتسين سئل في المقابلة عما إذا كانت المهمة حصلت على مباركة رسمية من موسكو فقال إن شركته لم تعمل مع وزارة الدفاع الروسية لكنها "تتشاور" مع وزارة الخارجية الروسية. وقال إن المتعاقدين لم يشاركوا في القتال لكنهم كانوا مسلحين بأسلحة حصلوا عليها في ليبيا. ورفض تحديد نوع الأسلحة. ويمنع حظر للأمم المتحدة ليبيا من استيراد السلاح ما لم يكن ذلك تحت سيطرة الحكومة التي تساندها المنظمة الدولية. وقال مسؤولون عسكريون وحكوميون في شرق ليبيا إنهم لم يعلموا بوجود المتعاقدين في حين لم يرد حفتر على طلب للتعليق.
ويقول رئيس الشركة إن وجود المتعاقدين العسكريين ترتيب تجاري. لكن أشخاصا يعملون في مجال الأمن في روسيا يقولون إن ذلك ما كان ليحدث على الأرجح من دون موافقة موسكو. ورفض الإفصاح عن الجهة التي استأجرت الشركة لتوفير المتعاقدين أو الكشف عن اسم المنشأة الصناعية. وسئل كرينيتسين عما إذا كانت المهمة حصلت على مباركة رسمية من موسكو فقال إن شركته لم تعمل مع وزارة الدفاع الروسية لكنها "تتشاور" مع وزارة الخارجية الروسية. ولا تكشف شركات الأمن الروسية خلفية الأشخاص الذين تستأجرهم لكن المتعاقدين عادة ما يكونون عناصر سابقة في القوات الخاصة. بحسب رويترز.
وكان كرينيتسين، صاحب الشركة التي جلبت المتعاقدين إلى ليبيا، ضابطا في سلاح حرس الحدود الروسي وعمل في طاجيكستان على الحدود مع أفغانستان حيث قال إنه اكتسب خبرة القتال. وأضاف أن بعض المتعاقدين الذين استأجرهم لليبيا سبق أن عملوا في سوريا لكن في إدوار غير قتالية. ورفض القول كم عدد المتعاقدين المشاركين في المهمة في ليبيا مستشهدا بالسرية التجارية. بيد أنه قال أن عملية لنزع الألغام من هذا النوع تتطلب عادة نحو 50 خبيرا في إزالة الألغام ونفس العدد تقريبا من أفراد الأمن.
حفتر يراهن
الى جانب ذلك يرى محللون ان رجل ليبيا القوي المعادي للاسلاميين المشير خليفة حفتر يسعى للحصول على دعم ثابت من روسيا ليتمكن من بسط سيطرته على انحاء ليبيا، فيما تتطلع موسكو من ناحيتها لتوسيع نفوذها في هذا البلد. وانعكس هذا التقارب بين الطرفين خلال زيارة قام بها المشير المتقاعد لحاملة الطائرات الروسية اميرال كوزنتسوف في 11 كانون الثاني/يناير حيث التقى ضباطا روسا وافراد الطاقم قبل ان يبحث في اتصال بالفيديو مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو موضوع مكافحة الارهاب في الشرق الاوسط.
ويقول ايثان كورين الرئيس والعضو المؤسس لمركز ابحاث "بيريم اسوشييتس" الذي يعنى بالشرق الاوسط وافريقيا ان روسيا تسعى لتوسيع دائرة نفوذها في منطقة الشرق الاوسط حيث عادت إلى الواجهة بقوة عبر تدخلها العسكري في سوريا. ورغم الفوضى التي تعاني منها منذ سقوط نظام الديكتاتور معمر القذافي عام 2011، الا ان ليبيا تعتبر جنة غنية بموارد النفط والغاز.
ويبدو أن موسكو قد اختارت فريقها المفضل في الصراع القائم بين حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقرا لها وتحظى بدعم الامم المتحدة والغرب وعدة دول افريقية، والسلطة الموازية التي يقودها المشير حفتر. وفرض الرجل السبعيني المتحدر من برقة نفسه محاورا أساسيا بعدما سيطرت قواته على اربعة موانئ لتصدير النفط في شرق البلاد، حيث يصدر معظم النفط الليبي. واستفاد حفتر من دعم دول عربية كمصر التي تتشارك مع ليبيا بحدود برية طويلة وحليفتها الخليجية، الامارات العربية المتحدة.
وزار موسكو مرتين العام الماضي، احداهما كانت في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر حيث طلب مساعدة روسيا لرفع حظر السلاح الذي تفرضه الامم المتحدة على ليبيا منذ العام 2011. وقال ماتيا توالدو، الخبير في الشؤون الليبية في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية، لوكالة فرانس برس انه "ليس واضحا ان كانت موسكو ستقبل بتزويد (قوات حفتر) بالسلاح طالما ان الحظر قائم". ولكنه اضاف ان "الحظ على ما يبدو إلى جانبه" هذه الأيام. ويتهم اعداء حفتر، وخاصة الميليشيات القوية في مصراتة غرب البلاد، المشير الذي نصب نفسه قائدا لقوات الجيش الوطني الليبي بمحاولة فرض حكم عسكري.
ويشكك خصومه ايضا بالقدرات العسكرية الفعلية للقوات التي يقودها حفتر والتي تكافح لانهاء وجود الجماعات الاسلامية المتطرفة في شرق البلاد رغم تمكنها من استعادة جزء كبير من مدينة بنغازي، مهد ثورة عام 2011. ولكن في الوقت نفسه، فشلت حكومة الوفاق الليبية بقيادة رئيس الوزراء فايز السراج في بسط سيطرتها، حتى في طرابلس التي لا تزال تعاني من عدم الاستقرار وهو ما بدا جليا الاسبوع الماضي حين حاول مسلحون السيطرة على مقار ثلاث وزارات في العاصمة. وفي هذا السياق، يرى كورين انه "من الواضح ان موسكو في صدد تقييم ان كان من صالحها ان تساهم في ترجيح كفة الميزان سياسيا وعسكريا لصالح الشرق الليبي".
ولا يستبعد توالدو بان يحظى حفتر هذه المرة بدعم من الولايات المتحدة اضافة إلى مصر وروسيا والامارات "خاصة في سياق تصريحات اعضاء فريق ترامب عن الاخوان المسلمين (...) الذين يعتبرونهم موازين للقاعدة وتنظيم داعش". ويعتبر اعضاء تنظيم الاخوان المسلمين ضمن ألد أعداء حفتر والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. ويشير كورين إلى ان التدخل الروسي قد يدفع الغرب الى مراجعة الاتفاق السياسي الذي أدى إلى قيام حكومة الوفاق وهو ما قد يؤدي إلى "حرب مفتوحة بين شرق وغرب" ليبيا. وحذر دبلوماسيون غربيون من خطر اتساع رقعة الصراع، وخاصة بعد زيادة التوتر بين الطرفين العسكريين الأقوى في البلاد، قوات حفتر والجماعات المسلحة في مصراتة الشهر الماضي.
ويقول جاسون باك المتخصص بالشأن الليبي، "يبدو ان انصار حفتر الدوليين يعتقدون بامكانية اقناع حكومة ترامب (...) بتركه يخوض مواجهة عسكرية مع الميليشيات في غرب ليبيا". اما النتيجة فستكون بحسب جاسون ان تلعب روسيا "دورا اساسيا في مستقبل ليبيا" وهو ما سيشكل "قاعدة أمامية أخرى لها على البحر المتوسط" بعد سوريا.
من جانب اخر قال مسؤول ومصدر عسكري إن نحو 70 جنديا من قوات القائد العسكري الليبي خليفة حفتر نقلوا جوا إلى روسيا للعلاج في إحدى الإشارات الأولى العلنية إلى تعاون بين موسكو وأحد التشكيلات العسكرية الليبية. ويشعر معارضو حفتر الذي يقود ما يسمى الجيش الوطني الليبي المتمركز في شرق البلاد بالقلق من أن يكون ارتباطه بروسيا محاولة لتحدي الحكومة الهشة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس التي يرفض التعاون معها.
وقال مسؤول من قوات حفتر إن الجنود سافروا إلى روسيا من مصر لكنه لم يقدم أي تفاصيل. وقال مصدر عسكري إن الجنود نقلوا إلى مصر بطائرة أقلعت من مطار بنينة في بنغازي ثم نقلوا من مصر إلى روسيا. وأضاف أن هذه لن تكون العملية من نوعها لمصابي الجيش الوطني الليبي. وتربط حفتر علاقة طيبة مع كل من مصر ودولة الإمارات العربية. وتقاتل قواته منذ عامين تحالفا من إسلاميين متشددين وثوارا سابقين في بنغازي. وسعى لتعزيز صداقته مع روسيا بأن زار موسكو مرتين العام الماضي لطلب مساعدات عسكرية.
اضف تعليق