قضية خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي، ما تزال من اهم القضايا داخل وخارج اوربا لما لها من تأثيرات مختلفة قد تكون سببا في تفكيك الاتحاد الاوربي كما يقول بعض المراقبين، هذا بالاضافة الى التأثيرات السلبية التي ستلحق ببريطانيا، ومنها مسألة استقلال اسكتلندا التي تدعو الى الانفصال عن المملكة المتحدة، لذا فسيسعى قادة الاتحاد وكما يرى بعض الخبراء الى تشديد اجراءاتهم بشأن عملية الخروج ، من اجل الحفاظ على وحدة الاتحاد خصوصا مع وجود مخاوف من تكرار هذا الامر من قبل دول اخرى، حيث قال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إنه يخشى من أن تحدث بريطانيا انقساما بين الدول السبع والعشرين الباقية في الاتحاد الأوروبي من خلال إعطاء وعود مختلفة لكل دولة أثناء مفاوضات الانسحاب من الاتحاد.
وقال يونكر لراديو دويتشلاندفانك "الدول الأخرى السبع والعشرون لا تعرف هذا الأمر بعد لكن البريطانيين يعرفون جيدا الآن كيف سيتعاملون معه." وأضاف أن البريطانيين "يمكن أن يعدوا إحدى الدول بشيء ويعدوا دولة أخرى بشيء آخر والدولة الثالثة بشيء غير هذه وتلك .. وفي النهاية لن تكون هناك جبهة أوروبية موحدة."
وسوف تبدأ بريطانيا بحلول نهاية مارس آذار محادثات رسمية مع الاتحاد الأوروبي للخروج منه في اختبار كبير للاتحاد الذي يحاول جاهدا التعامل مع تحديات أخرى مثل الإبقاء على اليونان في منطقة اليورو وأزمة اللاجئين وانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة. ومما يزيد من صعوبة هذه التحديات أن هولندا وفرنسا وألمانيا ستشهد انتخابات عامة هذا العام من المتوقع أن تحقق فيها الأحزاب الشعبوية المناهضة للاتحاد الأوروبي نتائج طيبة.
وقال يونكر "الآن فيما يتعلق بترامب وخروج بريطانيا الجميع يقولون: إنها فرصة كبرى لأوروبا الآن. حان الوقت لتوحيد الصفوف والمواقف." ومضى يقول "أتمنى أن يكون الأمر كهذا لكن هل سيحدث ذلك؟ أشك. لأن البريطانيين سيتمكنون دون جهد كبير من تقسيم الدول السبع والعشرين الباقين في الاتحاد." وتابع يونكر أن بريطانيا ليس بإمكانها التفاوض على اتفاقات تجارية ما دامت عضوا في الاتحاد.
الحكومة تستعد
وفي هذا الشأن قال وزير شؤون البريكسيت ديفيد ديفيس إن بريطانيا تستعد "لكل الاحتمالات" بما فيها إمكانية تعذر التوصل إلى اتفاق تجاري مع بروكسل، في نهاية مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقال ديفيس "نستعد لكل الاحتمالات الممكنة... هذا لا يقتصر على فريقي فقط، بل على جميع أعضاء الحكومة"، فيما يمكن أن تعمد لندن إلى تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة لبدء عملية الطلاق مع الاتحاد الأوروبي.
وكانت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم قد اتهمت في وقت سابق الحكومة بأنها لم تستعد بشكل كاف لسيناريو فشل المفاوضات مع بروكسل. وحذرت اللجنة التي تضم نوابا محافظين وعماليين، من أن "إمكانية تعذر التوصل إلى اتفاق كبيرة جدا بحيث يتعين على الحكومة الاستعداد لهذا الأمر. لذلك لا شيء يؤكد حتى الآن أن هذا الاحتمال يؤخذ في الاعتبار بطريقة ملائمة". واعتبرت أن هذا الفشل سيؤدي إلى "عواقب مدمرة" للندن والاتحاد الأوروبي.
ورغم أنها أعربت عن تفاؤلها بنتيجة المفاوضات، أعلنت تيريزا ماي رئيسة الوزراء التي وعدت ببدء إجراء الطلاق رسميا مع الاتحاد الأوروبي قبل 31 آذار/مارس، أنها تفضل "عدم التوصل إلى اتفاق" على توقيع "اتفاق سيء" مع بروكسل. وسيبحث النواب البريطانيون خلال قراءة ثانية في مشروع القانون الرامي إلى السماح للندن ببدء الطلاق مع الاتحاد الأوروبي. بحسب فرانس برس.
ويمكن أن يتبنى مجلسا البرلمان النص نهائيا، فيمهد الطريق بذلك إلى احتمال مباشرة الخروج من الاتحاد الأوروبي الثلاثاء. لكن ديفيس رفض ردا على سؤال تأكيد أي موعد للاستعانة بالمادة 50، مكتفيا بدعوة النواب إلى عدم "تقييد" أيدي تيريزا ماي لدى اقتراب موعد المفاوضات.
فاتورة الانفصال
في السياق ذاته قال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إن بريطانيا تحتاج إلى أعوام للتفاوض بشأن اتفاق تجاري مستقبلي مع الاتحاد الأوروبي بعد انفصالها عن التكتل وإنها ستتكبد "فاتورة باهظة جدا" من بروكسل إثر خروجها. وفي إشارة إلى أن محادثات الانفصال البريطاني التي من المتوقع أن تبدأ الشهر المقبل ستستمر عامين قبل خروج بريطانيا من الاتحاد قال يونكر في كلمة أمام البرلمان البلجيكي "نحتاج أعواما للاتفاق على البنية المستقبلية للعلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي."
وبالحديث عن المدفوعات التي سيطلبها الاتحاد الأوروبي من لندن لتغطية إنفاق التكتل مستقبلا والذي التزمت به بريطانيا بصفتها عضوا في الاتحاد قال يونكر "ينبغي أن يعلم البريطانيون ذلك وهم يعلمون بالفعل أن هذا لن يتم بتكلفة مخفضة أو دون تكلفة. يجب أن يحترم البريطانيون التعهدات التي شاركوا في صنعها. لذا ستكون الفاتورة ... باهظة جدا."
كما خلصت لجنة برلمانية بريطانية إلى أن بإمكان بريطانيا قانونا الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون تسديد نفقات رحيلها، محذرة في المقابل من عواقب سياسية ومالية قد تلحق بها جراء ذلك. وأوضحت اللجنة التابعة لمجلس اللوردات في استخلاصات أن هذا السيناريو ممكن في حال عدم التوصل إلى أي اتفاق تجاري بين بريطانيا وبروكسل في ختام المفاوضات حول بريكست.
وكتبت رئيسة اللجنة الفرعية للشؤون المالية الأوروبية كيشوير فوكنر في مقدمة التقرير أن "المملكة المتحدة تمتلك حججا قانونية متينة حول مسألة الميزانية الأوروبية ما بعد بريكست"، ملمحة بذلك إلى أن بوسع لندن الخروج من الاتحاد الأوروبي بدون تسديد فاتورتها. لكنها حذرت من أنه "يتحتم على الحكومة أن تحتسب التكلفة السياسية والمالية" لمثل هذا القرار، معتبرة أن لندن قد تحرم في حال عمدت إلى مثل هذا السلوك من "مكاسب محتملة" في فصول أخرى من المفاوضات.
وبريطانيا هي المساهم الرابع في ميزانية الاتحاد الأوروبي، بعد ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وستكون مسألة تسديد فاتورة خروجها من أولويات بروكسل خلال المفاوضات. وقد تطلب بروكسل من البريطانيين "فاتورة للخروج" من الاتحاد الاوروبي تصل إلى 60 مليار يورو بحسب عدة مصادر أوروبية، وهو مبلغ يوازي التعهدات التي قطعتها لندن على صعيد المساهمة في ميزانية الاتحاد الاوروبي.
وحذر إيان بيغ الباحث في معهد لندن للاقتصاد ردا على أسئلة اللجنة البرلمانية بأن عدم تسديد هذه الفاتورة سيعتبر بمثابة "عمل معاد". وكانت المفوضية الأوروبية حذرت لندن من الانفصال عن الاتحاد بدون تسديد الثمن. وقال المتحدث باسم المفوضية مارغاريتيس سكيناس في مطلع شباط/فبراير أن تسديد فاتورة بريكست "عنصر أساسي في التفاوض على انفصال طبق الأصول". بحسب فرانس برس.
وتابع مستخدما استعارة مستوحاة من عادات البريطانيين "إن الأمر أشبه بالذهاب إلى حانة مع 27 صديقا. تطلبون اكواب بيرة للجميع، ثم لا يمكنكم الانسحاب في حين أن الاحتفال متواصل، عليكم تسديد فاتورة الكؤوس التي طلبتموها". أما رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي وعدت بالشروع رسميا في آلية الخروج بحلول 31 آذار/مارس، فحذرت بانها تفضل "عدم التوصل إلى اتفاق" على إبرام "اتفاق سيء". ورأت اللجنة في تقريرها أن مبلغ 60 مليار يورو الذي ذكرته بعض المصادر الأوروبية "افتراضي للغاية"، مفضلة الاستشهاد بخبير قدر فاتورة بريكست ما بين 20 و70 مليار يورو.
امة تحترم التزاماتها
من جانب اخر أعلن وزير المال البريطاني فيليب هاموند ردا على سؤال حول فاتورة الخروج من إلاتحاد الاوروبي التي ستضطر لندن إلى دفعها، أن بريطانيا "أمة تحترم إلتزاماتها". وقال الوزير "إننا أمة تحترم إلتزاماتها وإن كان ثمة فاتورة يجب دفعها فإننا بالطبع سنأخذها على عاتقنا وفقا للأصول". وخلصت لجنة برلمانية بريطانية إلى أنه يمكن للندن قانونا الخروج من الإتحاد الاوروبي بدون تسديد فاتورة الإنسحاب في حال لم يتم التوصل إلى أي إتفاق تجاري مع بروكسل في ختام المفاوضات حول بريكست. ووفقا لمصادر أوروبية عديدة قد تطالب بروكسل بمبلغ قد يصل إلى 60 مليار يورو يوازي التعهدات التي قطعتها لندن من ناحية المساهمة في موازنة الإتحاد الاوروبي.
وحذرت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي من انها تفضل "عدم التوصل إلى اتفاق" بدلا من إبرام "اتفاق سيء" مع بروكسل. وردا على سؤال حول سيناريو عدم التوصل الى إتفاق تجاري بين لندن وبروكسل أكد هاموند أن بريطانيا في هذه الحالة "ستحارب" و"ستقوم بكل ما هو لازم لجعل الإقتصاد البريطاني قادرا على المنافسة". وأضاف "إذا ظن أحد في الإتحاد الاوروبي أن بريطانيا ستختبىء كحيوان جريح في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع الإتحاد الاوروبي وأننا لن نعمل يدا بيد، أعلموا بأن ذلك لن يحصل" مذكرا بأن بريطانيا تنوي "إبرام اتفاقات تجارية جديدة مع دول في العالم".
الى جانب ذلك قال وزير الاقتصاد في ولاية هيسن الألمانية طارق الوزير إن بريطانيا ستكون "ساذجة" إذا توقعت اتفاقيات تجارية سخية حين تغادر الاتحاد الأوروبي مضيفا أن فرانكفورت ستجتذب أنشطة من لندن. وبينما ظلت فرنسا كثيرا لا تخفي طموحها في جذب أنشطة من لندن تجنب المسؤولون الألمان طويلا مثل تلك التصريحات ويظهر ما قاله الوزير رغبة ألمانيا في تحقيق مكاسب من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وهو الأمر الذي من المحتمل أن يعقد محاولات بريطانيا الرامية إلى إبرام اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي.
وقال الوزير إن السياسيين البريطانيين غير واقعيين في تطلعهم لشروط سخية في اتفاقيات التجارة المستقبلية. وقال الوزير "من السذاجة الاعتقاد بأن الدول تنتظر ببساطة إبرام اتفاقيات تجارية مع بريطانيا العظمي بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي... من يرغب في جذب الشركات عبر تخفيضات ضريبية لا يمكنه أن يتوقع مكافأته باتفاقيات تجارية سخية."
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قد لمحت في وقت سابق من العام عند الإعلان عن أن بريطانيا ستغادر السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي إلى أنها قد تستغل إعفاءات ضريبية في معركة جذب الشركات إذا فرض الاتحاد الأوروبي رسوما عقابية. وقال الوزير إنه يتوقع أن ينتقل نشاط تسوية المعاملات باليورو -والبالغة قيمته عدة تريليونات من اليورو- من لندن إلى مراكز من بينها فرانكفورت التي يتولي مسؤولية الترويج لها.
وفي إشارة على الحاجة لإشراف البنك المركزي الأوروبي على هذا النشاط قال "من الصعب التخيل أن معظم النشاط باليورو سيجرى إيداعه في لندن بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي... من وجهة نظر البنك المركزي الأوروبي فإن لندن تعد خارج الاتحاد بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. يمكن أن تتوقع انتشار جزء من أعمال التسوية في العديد من المواقع بالقارة. أنا واثق من أن فرانكفورت يمكنها أن تجذب جزءا من أنشطة تسوية اليورو بلندن."
اضف تعليق