ناقش ملتقى النبأ للحوار موضوعا بعنوان (واقع الاعلام في عالم متغير) من 8-12 آذار 2017، شارك في الحوار مجموعة من الناشطين والسياسيين من بينهم، (عضو مجلس النواب أمل عطية عبدالرحيم، عضو مجلس النواب احمد طه الشيخ، الدكتورعلاء السيلاوي، الدكتور حيدر حسين الكريطي، الدكتورة نداء الشريفي، الدكتورة مهدية صالح حسن، الاستاذ عباس عبود، الاستاذ جواد العطار، الاستاذ حميد مسلم الطرفي، الناشط المدني عباس العطار).

افتتح مدير الملتقى الكاتب الصحفي علي الطالقاني البرنامج بمقدمة منوها عن ادارة الحوار، حيث أجرى الحوار الدكتور والكاتب الاعلامي المعروف عبد الحميد الصائح، وملتقى النبأ للحوار هو مجتمع يسعى إلى تحفيز المناقشات بهدف توليد الأفكار من أجل دعم المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وإسداء النصح لها من خلال عدة فعاليات يقوم بها الملتقى.

(محاور البحث)

افتتح الجلسة الحوارية الاستاذ الدكتور عبد الحميد الصائح متسائلا:

س1/ ماهو السبيل الى كسب الحرب الاعلامية في العراق ومواجهة الاعلام المضاد؟.

س2/ ماهي ابرز ثغرات الاداء الاعلامي في نقل المعارك واخبار الانتصارات التي يحققها جيشنا والحشد ومفاصل المجتمع الاخرى؟.

س3/ مالذي قدمناه خطأ واستغله الاعلام المعادي؟.

س4/ ماهو اثر الاداء السياسي في العراق على مستوى الاعلام؟.

س5/ هل ان اعلام العراق اعلام دولة دسيقراطية فعلا ؟.

س6/ ماهو الفرق بين التعددية والفوضى ؟

س7/ واخيرا ماهو الفرق بين اعلام الحرب واعلام السلام؟.

(المداخلات)

عضو مجلس النواب امل عطية عبدالرحيم:

الاعلام هو ايصال الحقيقة والمعلومة للجمهور ومايتناسب مع عقلياتهم وميولهم وافكارهم سواء كانت اخبار اواحداث اوحقائق لكن شريطة ان تكون حاملة للصدق والصراحة والاعلام البناء المهني يعمل على التوجية والارشاد والابتعاد عن التزييف وقلب الحقائق.

لذلك طالما كان هذا المفهوم الحقيقي والواقعي للاعلام وتاثيره على المتلقي بشكل كبير واستخدامة في مجالات متعددة من الحياة سواء سياسية اواجتماعية اواقتصادية اوعسكرية، وكل مجالات الحياة لابد ان يكون موجه لغايات وتحقيق اهداف منها ماهو ايجابي لسلوك المجتمع وتصرفات افرادة ومنها ماهو سلبي ومخالف للمهنية يؤثر على الواقع الامني والاقتصادي حسب الغاية التي وجهه من اجلها الاعلام وهذا يؤثر تاثيرا سلبيا ونفسيا على افراد المجتمع ومجريات حياتهم لان المتلقي للحدث قد يقع باخطار جسيمة منها اثارة الفتنه الطائفية اوالنعرات المذهبية والقومية وذلك لتحقيق غايات واجندات خارجية لجعل البلد ضعيفا بائسا متقاتلا لتحقيق غايات شخصية او اجنبية كل هذا يمكن تحقيقه بالاعلام.

الغاية من الفوضى الاعلامية في العراق اضاف لما ذكر انفا هو ايصال صورة سلبية عن نظام الحكم في العراق وهذه الصورة تؤثر على شعوب المنطقه لقبول انظمتهم على ماهي عليه بدل نقل الفوضى لبلدانهم اذن وفق هذه المعطيات لابد من ايجاد قوانين وعقوبات رادعة توقف الاعلام السلبي المؤثر على امن البلد واستقراره كما تفعل بعض الدول وقت الازمات والكوارث ان عدم اتخاذ عقوبات رادعة ضد من اخل بامن البلد اعلاميا وجعل من الشعب العراقي شعوبا وطوائف وقوميات جعل التمادي واضح وكان النتيجة هي انهار من الدماء تسفك ولا من مغيث.

عضو مجلس النواب احمد طه الشيخ:

جدلية الحقيقة والتضليل واحدة من مفارقات الخطاب الإعلامي وفلسفة التعامل مع المتلقي وصناعة الرأي العام في عالم متغير ومغاير بين بلدان العالم تحكمه الرؤية السياسية والادارية لتلك البلدان ومستوى الوعي بين الإعلامي ومجتمعه. وآليات ووسائل التعامل.

ان فلسفة الصراع هي التي تقود السياسة العالمية راهنا وإن اتخذت صورا وأساليب مختلفة قد تتاطر بواجهات الحوار الديمقراطي أوتتذرع به وهذا ليس بجديد وأذن جدلية ادعاء الحقيقة وفلسفة الصراع تهيمن على الأداء الإعلامي. مايتجه بجانب كبير من السلطة الإعلامية إلى هذه الجدلية الكبيرة التي قد تؤدي إلى منطقة الفوضى في بعض الأحيان. أو التشويش الإعلامي والتضليل خاصة في الرؤية المبنية على نظرية قصور المجتمع.

ومن المحاور المهمة في هذا الصدد ادعاء الحياد. والاستقلال وهي قضية سالبة لانتفاء الموضوع كما يقول المناطقة إلا أن يكون الحياد حيادا سلبيا كما أرى أقصد الانحياز السلبي باتجاه السلطة الفكرية أوالمالية التي تقود العمل الإعلامي ويكون المستقل والمهني فيه خاضعا لهذه السلطة تحت وطأة لقمة العيش أوالانسياق مع عالم الشهرة واستغلال المفارقة الإعلامية.

انسان يعض كلب بغض النظر عما يجر إليه هذا الاستغلال ومنها مايحدث من آثار في مجتمعنا بتأثير الخطاب والبرمجة الإعلامي على المستوى الطائفي أومستوى التضليل السياسي. ان في هذا الإيجاز مشكلات كبيرة تحتاج إلى البسط والتحليل من أجل تلمس الفلسفة التي يجب ان تبني عليها الدولة والمؤسسات رؤيتها في العمل الإعلامي والأنظمة والتعليمات واللوائح التي تنظم هذا العمل باتجاه خدمة الإنسان سواء أكان الانسان سياسيا أم إداريا أم مواطنا. ولا مشاحة ابدا فيما يجب أن يأخذه الإعلام من حرية في العمل لكن الحرية مفيدة دائما تحت ظل القانون كما نظر لها دعاة الديمقراطية وإلا تتحول باتجاه مايشبه الفوضى التي نشاهدها اليوم سياسيا وإداريا وإعلاميا.

قد يكون الحياد شي طبيعي وحق طبيعي.. نعم وحرية التعبير حق طبيعي.. نعم لكن التنظيم شى أساس في الدولة والحياة والمجتمع والمؤسسات والافراد والاحتكام إلى النظام ضمانة ومرجعية تقود باتجاه مجريات خدمة المجتمع والدولة وان تعددت الرؤى والأساليب أو اشتبكت حتى.

واضح الآن بعد تجربتنا السياسية والإعلامية والاجتماعية المسافة التي قطعناها باتجاه منطقة الفوضى وفقدان بوصلة بناء الدولة والإنسان والمجتمع ونحتاج إلى عمليات المراجعة والنقد لتلمس المسارات والخطى القادمة ونبدأ من بديهة ديمقراطية تقول إن الحكومة والمعارضة وجهان لبناء الدولة وخدمة الإنسان والمجتمع.

الأساليب والاجراءات مختلفة ومتعددة لكن البوصلة باتجاه واحد. الدولة والمجتمع في هذا الاتجاه انا ادعي من خلال تجربتي التنفيذية والتشريعية والأكاديمية ان الخيار المهني ضاع وسط نظرية الصراع فدوائر التخطيط على ضعفها لديها إحصائيات مهمة عما أنجزته الحكومات بعد سقوط النظام.

مثلا..انا سلمت المحافظة إلى من بعدي عام 2009 وعدد المدارس المنجزة أو التي قيد الإنجاز1800 مدرسة. بينما كان عدد المدارس المنجزة منذ تأسيس الدولة العراقية حتى سقوط النظام هو 680 مدرسة وقس على بقية القطاعات مع الأخذ بعين الاعتبار الأداء النوعي وفق المواصفات وهبوط مستواه لأسباب معروفة.

لكن ماذكرته في هذا الجانب من الانجاز لم يجد أي اهتمام إعلامي وبات من ينظر إلى العراق من الخارج والداخل لايرى كوة ضوء. الجميع بات يحكم على إداراتنا ومجتمعنا جميعا بالفساد وكأننا بلد فاسد كله لانخبة وطنية فيه من ساسة واداريين أو أكاديميين ومبدعين وهذه حدود يجب التوقف عندها وقد بدأنا المراجعة القسرية بعد أن اصطدمنا بحائط الازمات.

الدكتور علاء السيلاوي:

انا لا أتخصص بالإعلام و لكني اطرح رأي كمشاهد للإعلام العراقي من جهة والعربي من جهة أخرى، وكملاحظ للاثر البالغ الذي تركه الإعلام العربي في الشخصية العربية التي أصبحت مؤدلجة بحيث أنني أرى أخبار الجزيرة مثلا اصبحت مصدرا وحيدا لما يدخل في ذهن المواطن العربي.

ولذلك من يضن أن الإعلام العراقي يقود حربا ضد الإعلام الداعشي داخل حدود العراق فقط فهو وأهم و إنما يقود حربا ضد الإعلام العربي المضاد بل العالمي أحيانا. ولذلك أن الرسالة التي يحملها الآن الإعلام العراقي ثقيلة جدا. ولكن واقع الحال يقول بأن الإعلام العراقي بمجمله و بالرغم من العدد الكبير لقنواته لم يستطع التأثير إيجابا على سلوك المواطن العراقي و لم يرقى لمواجهة الإعلام العربي ولم يصل بعد إلى البيت العربي.

اضافة الى ذلك على الصعيد الداخلي. انا لم الحظ شخصيا بأن الإعلام قد حقق نوعا من الصدمة الإيجابية التي من شأنها مثلا أن تخدم روح المواطنة العراقية. أو أن ترسخ لحقوق الإنسان أو أن تؤسس لهيبة الدولة. بعض الإعلام لازال يتشبث برفع نسبة عدد مشاهديه عن طريق جلب شخوصا معروفين بتوجهاتهم التي لا تخدم الوطن و ليس لهم أي ثقل مجتمعي أو سياسي أو ثقافي إلا كونهم متخندقون طائفيا.

الامر الذي ينشر الكراهية في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلى تأسيس لمبدأ السلام المجتمعي، الإعلام العراقي ينبغي أن يقف أمام الجمهور لا خلفه ليلعب دور القائد الموجه لاذهان بما يحقق مصلحة البلد لما له من تأثير فاعل وحيوي ولا يمكن لأحد أن ينكر هذا الدور.

الدكتور حيدر حسين الكريطي:

يحتل الإعلام بوسائله المتنوعة: (القنوات الفضائية والإذاعات والإنترنت والصحف والمنشورات ونحو ذلك) دورا رياديا في تحديد توجهات الحياة الإجتماعية وفي تسيير عملية التقدم الحضاري من خلال جمع الحقائق وتحليلها وعرضها للرأي العام مع مراعاة التداعيات والظروف المحيطة بها وآراء المعنيين بها سواء كانت المادة الإعلامية تتصل بالمجال السياسي أوالإقتصادي أوالفني أوالتقني أو الرياضي أوالثقافي.

ومن هذا المنطلق صنف الإعلام بوصفه مرادفا للصحافة بمعناها الواسع بأنه السلطة الرابعة وعند بعض الإتجاهات السلطة الأولى إلى جانب السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية لموقعيته الكبرى في تشكيل الرأي العام والتعبير عن تطلعات المواطنين وبيان المشكلات التي يعانون منها وإبداء الحلول والمقترحات المتعلقة بها فكل هذه الموقعية جعلت الإعلام يملك وسائل تأثير على سلطات الدولة موازية لوسائل تأثير السلطات الثلاث بعضها على البعض الآخر.

فحين تقدم وسائل الإعلام للجمهور المعلومات المرتبطة بما يدور في أروقة السلطة من نشاطات وتكشف الإنحرافات ومواطن الخلل والفساد وما يترتب على ذلك من تحركات فإنها تمثل جهازا رقابيا على سلطات الدولة وتسعى إلى تقييدها وفقا لما حدده لها الدستور والقانون من اختصاصات وطبقا لما مرسوم لها من غايات في إطار تعزيز سيادة القانون وكفالة حقوق الإنسان.

الإعلام بوسائله المتطورة أضحى منظومة متكاملة مؤثرة في النظم السياسية وقد بلغت درجة هذا التأثير في بعض الدول تغيير النظام السياسي برمته ومما يدلل على مكانة الإعلام في الحياة العامة أن الثورات والإنقلابات تسعى بادئ ذي بدء إلى السيطرة على وسائل الإعلام من أجل إحتواء دورها وإعادة توجيهه وتجارب الأمم والشعوب حافلة بمدى التأثير الكبير لوسائل الإعلام في تغيير الواقع السائد تغييرا جذريا دون إستعمال الآلة الحربية والمدافع في دك أسوار الحكام.

وعليه فإذا كان قيام أي مجتمع متحضر يستلزم وجود مؤسسات عدة تختص بتسيير شؤونه المتنوعة فإن من الضرورة بمكان وجود وسائل إعلامية تنقل للمجتمع النشاطات التي تؤديها مؤسسات الدولة ومن رؤية واقعية وتزويد أفراد الشعب بالحقائق والمعلومات لكي تشكل اتجاها ضاغطا على مؤسسات الدولة وبالتالي تقويم مسارها والحد من انحرافها.

الدكتورة نداء الشريفي:

هنالك بعض الملاحظات حول الاعلام:

اولا. يجب التفرقة بين الانفلات الاعلامي والحرية الاعلامية لان الواقع يعكس حالة الانفلات وهذه تهدد الامن الوطني العراقي.

ثانيا. لابد من الابتعاد عن اسلوب مهاجمة الحكومة وتناسي شيء ولو بسيط مما حققته وهي تخوض تحدي وحرب ضروس محلية واقليمية ودولية وبها نجاحات وعليه لابد من تعميق روابط الاحترام والثقة بحكومتنا.

ثالثا. وضع ميثاق شرف اعلامي عراقي جديد وبه ضوابط صارمة لمن يخالفه ويسهم بذلك بتفتيت وحدة ابناء الوطن الواحد.

رابعا. وضع سياسة اعلامية عراقيه جديدة لعراق موحد ولعراق مابعد داعش ويجب ان يكون موضوع الامن الفكري له الاولوية بذلك من خلال جملة برامج.

خامسا. الرجاء الابتعاد عن جيوش المرتزقة من الوجوه التي سئمنا رؤيتها لانها تذكرنا،بالحنين لماضي ولى الى الابد وتذكي نار التفرقة بين ابناء الوطن هؤلاء هم جيش يسمي نفسه محلل سياسي وهو لايعلم معنى التحليل هو يسرد ويصف ويطرح قناعاته علما ان التحليل السياسي علم ولاعلاقة له بالقناعات الشخصية.

سادسا. التضليل الاعلامي لبعض القنوات وهنا ارجو ان لايفهم كلامي انه طائفي.

انا اطرحه كاستاذة وام ومربية اجيال على مدى ٣٢سنة نواجه التضليل بكشف الحقائق وعدم مجاملة اي طرف وعدم اللجوء الى اسلوب المدافع الضعيف كمل تفعل بعض القنوات عندما تهاجم حشدنا المقدس وتلقي عليه اللوم بكل شيء وتنسى او تتناسى مايفعله داعش. هنا اقول كشف الحقائق ومحاسبة من يهاجم حشدنا ورموزنا الدينية والوطنية بات ضرورة.

سابعا. الاعلام هو حرب الكلمة والمعلومة هو المباغتة والمرواغة والهجوم بالوقت المناسب وهو يحتاج الى متخصصين وخبراء سياسيين واعلاميين لان الاعلامي شعاره دع الوقائع تتكلم ونحن السياسيين منهجنا كيف ولماذا حصل الشيء وبذلك نستطيع وقف وافشال التضليل الاعلامي وكسب المعركة.

ولنتذكر خطورة الاعلام من خلال معركة فيتنام حيث خسر الامريكيون الحرب الاعلامية علما انهم كسبوا الحرب العسكرية. ولكن ملاحظة عندما قلت مهاجمة الحكومة الواقع يدل على الهجوم وليس معارضة او رأي اخر لاننا نقوم بتحليل المضمون فالدلات اللغوية المستخدمه من بعض القنوات هي هجوم وانتقاص وتشكيك. وهذا لاينسجم مع الرأي الاخر المختلف، الذي عليه ان يتسم بالقبول والاحترام او النصح والارشاد خدمة لمصلحة الوطن.

الدكتورة مهدية صالح حسن:

الإعلام وكما هو معلوم رسالة إنسانية تلامس مشاعر المتلقين. والرسالة الإعلامية لابد أن تكون هادفة أولا ومن ثم لابد أن تكون منحازة إلى الوطن وقضايا الشعب. وأن يكون منهجها هادفة إلى توعية المجتمع وقضاياه الأساسية القانونية. مع استخدام الأساليب العلمية والابتعاد عن التهويل والتعظيم.

لابد من الابتعاد عن الطروحات غير العقلانية لأن عدم سلوك هذا الأسلوب سيؤدي إلى فقدان الثقة بالإعلام ورسالته الإنسانية ان الإعلام الملتزم سيكون حتما منحاز إلى قضايا الشعب الأساسية والإعلام بحمله قضايا الوطن يكون أكثر تأثيرا في الجمهور لاسيما كانت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.

والإعلام الملتزم لا يعني الإعلام المتلكا لابد للاعلام وبشتى صوره ان يحمل هموم الوطن والمواطن وأن يكون رقيبا على السلطات وعمل الحكومة وأن يكون عونا وناصحا لها من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومادام الإعلام يتمتع بحرية العمل لأن هذه الحرية مضمونة دستوريا. وفي الختام نتمنى ان تكون وسائل الإعلام حرة في طروحاتها قريبة من قضايا الوطن بعيدة عن الاشتباك مع هذا الطرف أو ذاك.

الاستاذ عباس عبود:

الموضوع واسع ومتشعب لكني انطلق من مفهوم المنظومة الإعلامية التي نفتقدها في مشهدنا الاعلامي المريض اعلامنا ينقل لايصنع الاخبار اعلامنا يفتقد أسس الصناعة، اعلامنا لايفصل بين الراي والمعلومة اعلامنا يدار من قبل تجار سياسة، اعلامنا يزخر بالموارد البشرية والمادية ويفتقر الى ادارة الموارد، اعلامنا يفتقر معايير الجودة، اعلامنا محلي لايرتقي للتأثير الخارجي.

داعش تمكنت من تحقيق أهداف رسالتها الإعلامية من خلال مواقع التواصل وشيكة الانترنت. نحن مازلنا نحمل رسائل مشتتة واختصر القول اننا نعمل على عدة رسائل بأسلوب متشابه في حين ان وحدة الرسالة وتعدد أساليب ايصالها هو الأسلوب الأمثل.

الاستاذ جواد العطار:

الاعلام (السلطة الرابعة) يعتريه ضعف كبير بحاجة الى ترميم واعادة هيكلة وصياغة فليس صحيحاً ان يكون الاعلام في مرحلة التحول الديمقراطي الذي يشهده العراق بعد ٢٠٠٣ عائقاً امام هذا التحول فاالاعلام عندنا:

١- غير مهني بالاجمال. ٢- غير حيادي. ٣- حزبي. ٤-طائفي. ٥- تحريضي مخرب للتعايش السلمي. ٦- دعائي بشكل مقرف. ٧- الخبر الاول الذي يتصدر النشرة قول وفعل وحركة الزعيم والممول والراعي وليس اخبار الوطن والمواطنين. ٨- اعلام مشوش يضع المواطن في حيرة من امره لمن يصدق. ٩-اعلام غير قادر على التعبئة الوطنية بالاتجاه الايجابي. ١٠- باالمجمل اعلام غير قادر على كسب ثقة المواطن. اما الاعلام الحكومي فهو انتقائي اقصائي يسبح بحمد الماسك بالسلطة فحسب لكل ذلك الاعلام بحاجة الى اعادة صياغة.

الاستاذ حميد مسلم الطرفي:

للإعلام ثلاثة عناصر أو لنسمها أركان أولها العلم وهو الإحاطة به كونه علم من العلوم الاكاديمية التي تفرغ لها ذوو الاختصاص وثانيها الفن وهو الحرفية في الاداء الاعلامي ( كيفية جذب المتلقي ) وثالثها الرسالة فكل إعلام خالٍ من الرسالة يعني خالٍ من الهدف.

محنة العراق بعد عام 2003 أن هناك أكثر من دولة إقليمية وخارج الإقليم استهدفته بإعلام ممنهج فني حرفي يحمل رسالة مؤداها إفشال تجربة الحكم التي حصلت في العراق بعد التغيير. والذي يعود بالذاكرة ويتأمل الأداء الإعلامي لقنوات فضائية لا نريد أن نسميها هنا يجد الرسالة التي تحملها واضحةً بالمحاور التالية :

1- إشاعة روح اليأس والإحباط من مجمل أداء الدولة.

2- النفخ في الروح الطائفية بشكل فج وسقيم يبعث الفتنة ويزيد الاحقاد والغل في النفوس في تغطيتها لمعظم ما تتخذه الحكومة من قرارات أواجراءات وحتى المناسبات الدينية فإنها لا تغطيها إلا بدافع إثارة الطرف الآخر واستفزازه.

3- تناولت موضوع الفساد -وهو موجود- ليس بدافع النقد والتقويم وفضح المفسدين بل بدافع الهدم وخلط الحابل بالنابل لكي يزداد المفسد فساداً ويحبط النزيه لانه تساوى مع المفسدين.

4- غض الطرف بشكل متعمد عن كل انجاز وترويج إكذوبة أن نفط العراق من 2003 وحتى الان تم سرقته.

وهنا من حق القارئ الكريم أن يسأل وهل مهمة الإعلام أن يسكت عن الفاسدين ما دمنا قد أقررنا بوجود الفساد ؟ الجواب يقيناً لا وعليه فلابد من تحديد معيار واضح وبوصلة نستدل بها لكشف الإعلام الذي يحمل رسالة البناء وتمييزه من ذاك الذي يريد هدم الدولة والذهاب بها نحو المجهول أو العودة لحكمٍ دكتاتوري جديد.

إن البوصلة التي تدلنا على ذلك هي مبدأ النظام العام أو سلطة القانون أوهيبة الدولة أواحترام الدستور كلها مسميات متشابهة في تقديري لانها تمثل السيرة العقلائية. الإعلام حسن النية لا يمس ويخرب هذه السقوف لأن ضياعها يعني ضياع الجميع فمن حقه أن ينتقد ويفضح ويعري ولكن عينه بصيرة برسالته فمتى ما رأى أن الرأي العام بات قريباً من الاخلال بالنظام العام عاد وذكر بكل ما من شأنه أن يحافظ عليه.

إن الإعلام الموجه الذي ظل يقرع في آذان الموصليين سنوات عدة بمسميات الجيش الصفوي، وتهميش السنة، والحكم الطائفي هو من تراكم الى الحد الذي خذل فيه الاهالي الجيش العراقي وباتوا يقذفونهم بالحجارة ليرحبوا بداعش وحكمها الذي يأنون منه اليوم.

إن هذا النوع من الاعلام أدى رسالته بجدارة ولم تخفف من وطأته إلا أعمال داعش وجرائمه وطريقة حكمه في المناطق التي احتلها بعد عام 2014. إن من المؤسف جداً أن نمتلك عشرات القنوات الفضائية لكننا لم ننتبه الى تأسيس رسالة موحدة للدولة وللنظام الذي نريد إلا اللهم في الفترة الاخيرة في معارك التحرير حصل ما يشبه ذلك في توجيه نشرة اخبارية موحدة. إن أدوات الإعلام التي نمتلكها لا تكفي وحدها لأداء المهمة بل لا بد لنا من تحديد سقف الرسالة التي نريد ولازال الطريق سالكاً لمن شاء والله المعين.

الاستاذ عباس العطار:

واقع الإعلام في عالم متغير، أن العنوان يثير الغرابة ويفتح تساؤلات كثيرة أهمها هل يمكن للإعلام أن يكون ثابت اذا لم يتغير العالم؟ ومن يغير واقع الإعلام الأحداث والوقائع ام السياسة الإعلامية للوسيلة واهداف القائم بالإتصال؟ كل هذه التساؤلات وغيرها تأخذنا لمعرفة أن الإعلام بمفهومه العام هو تلك الوسائل التي يتم عبرها نقل الأحداث والوقائع كما هي دون رتوش أو تغيير في المحتوى.

وهنا يوصف الإعلام بالموضوعية والحرفية والتزام بأخلاقيات المهنة ومدونات السلوك الإعلامي، وقد كانت نتائج استطلاعات الرأي التي قام بها علماء الاتصال والإعلام حول مفهوم الموضوعية تتفاوت بين دولة واخرى ووسيلة وثانية وجمهور واخر. لكن يمكن وصف بعض وسائل الإعلام بأنها ذات حرفة اوموضوعية بنسبة معينة وهذه جدلية ما زالت محل اهتمام المعنيين ومتجددة مع التطورات الحاصلة في حركية مفاهيم الإعلام والاتصال ونظرياته وفلسفته ومدارسه.

وبالرجوع لموضوع واقع الإعلام في عالم متغير نعتقد ان العنوان يذهب إلى حيث يتحول الإعلام إلى دعاية حين تتناقل وسائل الإعلام الخبر والحدث وتبثه للجمهور بصور مختلفة حسب سياستها لأن كل وسيلة تسعى الى إشباع رغبات متابعيها وجمهورها لتحرك فيهم بواعث الجذب والتأثير ومن ثم تغيير القناعات وتحويلها إلى ثقافة وسلوك وهنا لا يمكن ان يطلق على هذه الأفعال والممارسات بالإعلام كما أسلفنا بل تصبح دعاية تقف وراءها اهداف ونوايا غير معلنة حسب سياسة الوسيلة الإعلامية وملكيتها وفلسفتها والنظرية الاتصالية المتبعة.

الحقيقة ان الواقع للمتتبع والراصد والعامل بحقل الإعلام والباحث في شؤونه يدرك جيدا ان الاعلام غالبا هو من يحرك ويغير العالم وليس العكس والوقائع والأحداث التي هزت العالم وقلبت موازين القوى وغيرت الكثير من الأنظمة كان محركها الإعلام، بل إن اغلب التغيرات في سلوكيات المجتمعات والتغيير في القيم والأعراف وطريقة الحياة العامة بتفصيلاتها كافة كان للإعلام دور كبير فيها، وذهب الإعلام إلى أبعد من ذلك حين تداخلت الحضارات والثقافات بسبب ظهور ثورة الانترنت وأصبح العالم كله متشابك يرى من ثقب إبرة ولا توجد صعوبة في البحث حين يريد الجمهور إشباع رغبته أو تعزيز مفاهيم معينة من خلال محركات البحث التي وفرتها شبكة الإنترنت. نعتقد أن الواقع يغيره الإعلام وهو اللاعب الرئيس في تغير العالم.

(ختاما)

اختتم الجلسة الاستاذ الدكتور عبد الحميد الصائح بالقول:

يعد التضليل الاعلامي من ابرز ابرز ادوات واليات الحرب الاعلامية، وللاسف نحن لم نولِ هذا الموضوع اهتماما بالغا، ما ان بدأت الحرب وهي حرب مقدسة وصريحة ضد الارهاب دون شك، حتى انطلقت رياح التضليل الاعلامي وقلب الحقائق، واعلان الحرب الاعلامية التي تهيأ لها الاعداء والمناوئون مبكرا. ونحن فقط ننفي، ونعترض ونتذمر، لاننا بلا خطط اعلامية استباقية.

يشاع كثيرا أن التضليل هو الكذب، بينما التضليل المحترف أبعد مايكون عن الكذب، لان الكذب اذا ما حصل، كأن تنفي قولا قيل، أوتنكر حدثا حدث، اوتركّب صورة، اوتنتج مشهدا تمثيلا على انه واقعة ينهي المصداقية ويفضح الهدف، لكن التضليل الصحيح اخطر من الكذب؛ وهو متلون متنوع يتطلب مهارات غير عادية.

وقد شخصنا اكثر من 28 اسلوب من اساليب التضليل، وتشويش الراي العام، ابرزها: الانتقائية المتحيزة، التلاعب بالمعلومات، إهمال خلفية الأحداث مما يجعلها ناقصة ومشوهة، الخلط بين الأخبار والرأي، كتابة الخبر على شكل رأي والعكس كذلك.

التضليل باضافة معلومات بعيدة عن الحدث للايحاء بعلاقتها به، التضليل باولويات العناوين وتسلسل الأخبار في النشرات اليومية، المبالغة والتهويل، الغموض وانقاص متعمد للمعلومات المفسرة للحدث، التضليل باصدار أحكام بالإدانة على المواقف والأشخاص والجماعات والدول بهدف الترويج لاتجاهات محدّدة، الإيهام بادعاء التوازن الشكلي بين رأيين مختلفين، إغراق الجمهور بمعلومات لاتهمه، وهو عكس الانقاص.

لتضليل بتشتيت الانتباه لتمرير قضية أو قرار معين عبر تسليط الضوء على قضية أخرى، التلاعب بزمن الصورة وزوايا الكاميرا ومساحة المشهد المقتطع، واخيرا وليس اخرا التضليل بالتشبية، تشبية حدث بسيط بحدث اكبر، أوالعكس حسب اجندة التهويل اوالتهوين المطلوبة، وغالباً مايكشف تحليل المضمون عن الأهداف والفعاليات الظاهرة والكامنة في الخطاب الإعلامي عن إشارات ضمنية واضحة من تلك الصيغ.

كل هذه الاساليب والنشاط المدروس والتلاعب بتحديد الاوليات تعرض له العراق وجيشه وحشده ومحافظاته ومدنه وسنته وشيعته على حد سواء وقد أجاد الدواعش ومن هم خلفهم استخدام هذه الوسائل من خلال آلة اعلامية خطيرة وجيش اعلامي الكتروني محترف. وأهم شيء في تلك الوسائل هو استدراج المقابل لارتكاب اخطاء تشبه في الشكل تجاوزاتهم .

على سبيل المثال، جماعات داعش تستخدم القسوة باستعراض جرائمها على اعلى درجة من البشاعة وهو اسلوب مدروس يهدف محليا؛ الى ارهاب المناطق التي لم يدخلوها، كي تَفرغ وتسلمّ امرها حال وصولهم اليها، وفرض الطاعة على المناطق التي دخلوها، وعالميا؛ ارسال رسالة تحدي وايهام بالسيطرة على الموقف. وهي قسوة لاتبرر اكتساب قسوة مضادة مع الاسرى والمدنيين، وقد لاحظنا في المعارك الحالية كيف يسلط الضوء بطرق غير مسبوقة على مايبث من تسجيلات لممارسات افراد عناصر من المقاتلين العراقيين ضد اسرى من الدواعش او المدنيين.

عرض صور قسوة داعش في الاعلام مفيدة لهم، بينما عرض صور قسوة مقاتلين ضد اشخاص بلباس مدني مضرة بنا، اولئك يمثلون الشر والفوضى والجريمة وهؤلاء يمثلون الدولة والقانون، اولئك يريدون ارهاب المجتمع ونحن نريد كسب ثقته، لذلك ينبغي تشكيل لجان خاصة لمراقبة التصوير في مناطق الحرب لانك في اي حرب اينما حركت الكاميرا تجد مشهد جريمة. الجدل في مشروعية المشهد وتوظيفه من ابرز اساليب التضليل والتهويل، وقد شاهدنا نماذج من ذلك التضليل الذي استغل رسائل ورموز خاطئة وصور وشعارات ليصور للعالم ان الجيش العراقي يستهدف المدنيين لاغراض طائفية .

انا هنا اتحدث عن آليات الحرب الاعلامية، فالجريمة ضد المدنيين العزّل في كل حال وتحت اي ظرف؛ فعلٌ اجرامي منبوذ لايبرره فعل آخر، و لابد ان نعمل، تثقيفا واداء على ترسيخ مبدأ ان الدولة تقتص ولاتنتقم وتعمل في اطار احترام القانون الدولي والاتفاقات التي تضمن حقوق الاسرى والمدنيين في مناطق النزاع.

والطبقة السياسية العراقية حتى هذه اللحظة لاتعترف ولاتصدق بان الاعلامي ممكن ان يكون راسم سياسة وصاحب قرار، بل تتعامل معه كأي طبّال، او ملمّع أحذية، مع احترامي للمهنتين، تحتاجه ليقول عكس مايرى، ويمجد اشخاصا فاشلين لايجيدون لاالحرب ولاالسلم، فيبدو كاذبا، فاشلا في التضليل، مهزوما في الحرب مع العدو.

ان ميثاق الشرف مهم واهم مايمكن ان يضبط ايقاع الفوضى، وقد شاركت انا في وضع ميثاق شرف مهني ضم جميع القنوات العراقية ووسائل الاعلام في ورشة بعمان وهو اهم ميثاق في تقديري. لكن بسبب حزبية الاعلام وفئويته لم يتم الالتزام ببنوده الـ61. وساقوم بنشرة كاملا ويتضمنه كتابي المقبل الاعلام وتشكيل الراي العام اتفق معك في اننا ينبغي دعم خياراتنا الوطني العليا ومنها حشدنا وجيشنا في مواجهة الارهاب. وان نعتمد على الكفاءات المحترفة في وضع سياسة اعلامية لدعمهم .

بدزن شك ان على الاعلاميين واجبات اكثر من الحقوق ولو عددنا الضوابط الذاتية والملزمة التي بنبغي الالتزام بها لأخذنا وقتا لكن الامر يتصل بقضيتين:

الاولى- هل الإعلاميون يعرفون بالضبط واجباتهم؟ وهل هم محترفون برقابة وتزكية نقابة الصحفيين؟ وانا اقصد الافراد والمؤسسات معا.

الثانية- والمهمة هي ان قول الحقيقة نفسه يفسر تجاوزا وتعديا؟ ماذا يفعل الاعلامي اذا كان قول الحقيقة يهدد حياته؟

اضافة الى ان اي خروج عن السياق المهني والاصولي سواء على الصعيد السياسي او الاعلامي او اي صعيد اخر امر مرفوض لكن الاشكال الاساس حين يكون الواقع سيئا مثل انتشار الفساد والنزاعات السياسية البينية وانعدام الاعمار وتفشي البطالة. وتداعي التعليم والفقر وغير ذلك، حيث يبدو نقله إعلاميا بأمانة اساءة بحد ذاته. عدا ذلك فاي اعلام مخلص يتمنى نقل صورة طيبة عن بلاده.

لاسيما ما يتعلق بتقدم العملية الاعلامية مراحل للتاثير في صناعة القرار والتدخل في الاحداث ولعل السبب الرئيس هو انعدام هامش التاثير التام مع تطور وسائل الاتصال التي جعلت المتلقي نفسه منتجا المادة الاعلامية انتاجا كاملا من الكلمة الى الصورة الى البث ومايسمى بالمواطن الصحفي الذي يعتبر ثورة في عالم التكنلوجيا ومتغيرات التأثير في الرأي العام.

ملتقى النبأ للحوار مجتمع يسعى إلى تحفيز المناقشات بهدف توليد الأفكار من أجل دعم المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وإسداء النصح لها من خلال عدة فعاليات يقوم بها الملتقى.
للاتصال: 07811130084// altalkani@gmail.com

اضف تعليق