يحتفل المسلمون اليوم وشيعة أمير المؤمنين عليه السلام بعيد الغدير.. وهو اليوم الذي تم فيه تنصيب الإمام علي (ع) خليفة على المسلمين بعد الرسول الأكرم (ص) وذلك بأمر من الله تعالى.. نقله جبرئيل لكي يتم إعلانه أمام 120 ألفا من المسلمين الذين احتشدوا في ذلك اليوم حول الرسول (ص).
إن هذا العيد تم غض النظر عنه بسبب السياسات المغرضة لأعداء المسلمين.. وبعد محاولات المناوئين لطمس حقيقة خلافة أمير المؤمنين (ع) برغم أن الشواهد الموثّقة في أمهات المصادر لا تتناقض ولا تختلف في أمر هذا التنصيب.. ولكن لسوء طالع الانسان.. تم تغييب منهج الغدير فبقيت البشرية تدور في العماء.. أناسها بعضهم يأكل حقوق البعض الآخر في دوامة الحروب التي لم تبقي ولم تذر.. ولو يريد المسلمون والبشرية العودة الى السعادة والحرية عليهم بمنهج الغدير.
يبان ذلك من تهنئة سماحة آية الله العظمى.. السيد صادق الشيرازي لإمام العصر وصاحب الزمان الحجة المهدي المنتظر (عج) والمسلمين والبشرية في هذا العيد الأغر..(أقدّم التهاني والتبريكات بمناسبة حلول عيد غدير خُم، الذي يُعدّ من أفضل أعياد الإسلام، إلى المقام الشامخ والرفيع للإمامة والعصمة، إلى بقيّة الله الأعظم مولانا الإمام المهديّ الموعود عجّل الله تعالى فرجه الشريف وصلوات الله عليه. وأسأل وأتمنّي من الله العليّ القدير أن يعجّل في ظهور الإمام، لكي ينجو العالم من المشاكل والصعوبات التي أحاطت بكل إنسان وبكلّ مكان).
وبيّن سماحته تلك الأهمية الكبرى لواجب الجميع وبلا استثناء.. القيام بمهمة التوضيح للمسلمين وللناس أجمع وقائع هذا اليوم بالدليل الذي لا يقبل الريبة.. حتى يعرف الكل منهج الغدير وثقافته ومبادئه التي أرادها الله سبحانه ورسوله (ص) في صالح المسلمين والبشرية كلها.. فليس ثمة من هو معفي من هذا الواجب.. واجب التبليغ بيوم الغدير ومتبنياته.
أوضح هذا سماحة السيد صادق الشيرازي في كلمته المباركة بمناسبة هذا العيد الأغر.. فقال (ذكر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، في خطبة الغدير عبارة تتعلّق بأمير المؤمنين صلوات الله عليه، وكرّرّها نبي الإسلام طوال 23 سنة منذ بداية البعثة وحتى استشهاده صلى الله عليه وآله، حيث قال: (فليُبلّغ الشاهد الغائب). وهذه الّلام في عبارة (فليبلّغ) هي لام الأمر. فقد أمر النبي صلى الله عليه وآله من كان حاضراً ومن كان شاهداً ومن كان يري بعينيه ومن كان قد سَمِعَ بأذنيه ـ أن يُبلّغ إلى من كان غائباً عن مشهد الغدير ولم يرَ ولم يسمع، ليُوصل رسالة التبليغ إليهم).
الجمهور الكبير الذي حضر وشهد على ما دار في يوم الغدير .. تلقّى أمر رسول الله (ص) بصورة مباشرة.. حتى يتمم واجبه ويؤدي دوره في التبليغ بمبادئ الغدير.. ونحن أيضا يشملنا هذا الواجب وإن سمعنا بحيثياته شفاها ولم نكن من الحضور.. فكوننا ما كنا حاضرين بسبب البعد الزمني بيننا وبين هذا العيد لا يعفينا من واجب التبليغ.
سماحة المرجع الشيرازي السيد صادق (أدامه الله) قال في كلمة التهنئة والتذكير..(لقد كتبوا أنه في يوم الغدير اجتمع مئة وعشرون ألف شخص من الرجال والنساء، وأن النبي صلى الله عليه وآله تحدّث لهؤلاء المئة وعشرون ألف انسان. وهذا العدد من الناس قد شهِدوا بأن خطاب النبيّ في عبارة (فليُبلّغ) قد جاء بلام الأمر، وكان الخطاب موجّه لكافّة المسلمين في العالم الذين لم يحضروا غدير خم، بل الخطاب لم يكن فقط للمسلمين بل لعامة الناس (قل يا أيها الناس إنّي رسول الله إليكم جميعاً)، فالأمر بالتبليغ واجب على الجميع).
وحتى نتذكر دائما ونعرف واجبنا التبليغي في هذا الأمر قال سماحته..(في الإجمال فإن الأمر بالتبليغ موجّه لنا أيضاً وإن لم يكن خطاب المشافهة موجّه لنا، ولا فرق في هذا المجال بين أن يكون الأمر بخطاب النبيّ بشكله وتفاصيله موجّه لنا أيضاً كما هو في يوم الغدير. فقد أمر الله تعالى جميع أولئك الحاضرين في يوم الغدير، بأن يقوموا بتبليغ ما سمعوا وما شاهدوا).
وأكد سماحة السيد صادق الشيرازي على وجوب أن يتنبّه الجميع الى أداء دوره في نشر منهج ومبادئ وثقافة الغدير على الملأ.. حتى يُسعَد المسلمون والانسانية كلها.. فقال.. إن (عبارة (فليُبلّغ) تشمل كل فرد منّا من نساء ورجال. فعلي الجميع أن يقوموا بأمر التبليغ بأمر من رسول الله صلي الله عليه وآله لكي يعرّفوا خطاب الغدير لمن لم يكن حاضراً. أي تعريفه لجميع البشر، ولكافة الناس الذين يعيشون في العالم في كلّ زمان ومكان).
وربما يذهب بعضهم الى أن قضية التبليغ بالغدير يخص فقط المخاطَبين من الرسول (ص) بصورة مباشرة.. يبيّن سماحة المرجع أن المشافهين مشمولون بهذا الأمر كونه يعود عليهم بالخير والحرية والسعادة والرفاه.. فالذي يقوم بواجب التبليغ انما يعمل ذلك من أجله وذويه أولا وإحقاقا للحق ثانيا وفائدة للبشرية كلها.. فهو واجب مطلق الجميع مشمولون به.
ولعل ما تعيش به أمة الاسلام من ظروف الضنك وشظف العيش وتكالب الأعداء عليها.. يضاعف هذا الوجوب.. ويجعل التبليغ بمنهج الغدير حاجة ماسّة لا مناص من تبنّيها والقول بها في كل زمان ومكان.. فبيّن ذلك سماحة المرجع صادق الشيرازي بما لا قبل الغموض او الريب عندما قال للجميع:
(إنه واجب مطلق، وليس خاصّاً بالمخاطبين والمشافهين، فكلّ حسب طاقاته وإمكاناته عليه أن يهيّئ مقدّمات الوجود وبالأوامر التي أرادها النبيّ في يوم الغدير ولصاحب الغدير مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، لكي يصل ذلك إلى العالم. والقرآن الكريم قد أكّد على ذلك بعبارة (البلاغ المبين)، فعبارة فليبلّغ التي قالها الرسول صلي الله عليه وآله هي نفسها البلاغ المبين).
اضف تعليق