q
يعتبر هوس السرقة نوع من الإدمان الذي يعزز فيه الإشباع واللذة السلوك بنفس الطريقة التي يستمد بها بعض الأفراد المتعة من إشعال الحرائق في حالة البيرومانيا أو هوس الحرائق وهذا ما يؤكد تشابه هوس السرقة كواحد من أنواع الإدمان السلوكي باضطرابات استخدام المواد المخدرة...

قد تتفاجئ حين يخبرك احدهم ان شخصا ما قام بسرقة حاجة ما لعلمك بأن الشخص السارق ليس بحاجة المال، فتتسيد الحيرة للوهلة الاولى ولا تستطيع فهم الذي يجري، فيشخص الناس البسطاء الامر على انه مرض وهم محقين في ذلك لكنهم لا يفقهون ماهو المرض وماهي مسبباته، غير اننا كمختصين نسرد تفاصيل اكثر عنه وعن حيثياته، فماهو هوس السرقة او الكلبتومانيا؟، ومالفرق بينه وبين السرقة؟ وماهي اسبابه؟، وهل يمكن علاجه؟

ما هي الكلبتومانيا؟

بحسب الإصدار الخامس للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية فإن الكلبتومانيا هي أحد أنواع اضطرابات السيطرة على الدوافع، تندرج تحت المظلة الكبرى للاضطرابات النفسية التي تتسم بمشكلات في ضبط النفس العاطفي والسلوكي، وتتميز بالاندفاع والفشل في مقاومة الرغبات والإغراءات، مثل العديد من الاضطرابات النفسية الأخرى بما فيها اضطرابات الإدمان والمزاج والإدمان السلوكي، ويُعرّف هوس السرقة ايضاً بالعجز أو الفشل المتكرر في مقاومة رغبة الاندفاع نحو سرقة الأشياء التي لا يحتاج إليها الشخص أو تلك ضئيلة القيمة المادية التي يقدر على اقتنائها.

ما الفرق بين السرقة والكلبتومانيا؟

قد يخطأ الكثير من الناس في التفريق بين المفهومين وهو ما يجعلهم يساوون بينهما، لكن الفرق بينهما كبير جداً فالسرقة جريمة يرتكبها الانسان بحق نفسه وبحق الاخيرين، وفيها يبيت اللص النية ويخطط للأمر كثيراً فيختار المكان والاشياء التي يخطط لسرقتها واخيراً يختار التوقيت المناسب للسرقة، والغالبية من السراق يسرقون اشياء باهظة الاثمان او تلك يحتاجها وعادة ما يحتفظون بالأشياء المسروقة أو يقررون الانتفاع بها بأي شكل من الأشكال سواء باستخدامها أو بيعها، فهم بحاجة فعلية لها رغم ان هذا ليس مبرراً للسرقة مطلقاً ولا لا يعني انهم على حق.

اما الكلبتومانيا فهي سرقة لا تحدث بترتيب واعداد عقلاني فلا يقوم الشخص المصاب بالاضطراب بعقد نية السرقة ولا الترتيب لها واختيار المكان والتوقيت الملائمين لذلك، كما انه لا يريد من السرقة ان يحقق عوائد مالية او نفع شخصي بل يأتيه شعوراً مباغتاً ينطوي على رغبة عارمة بالسرقة لا يمكن السيطرة عليه أو احتوائه وهذه جزء من رغبة في التملك والدليل انه يسرق هو قادر على شرائها أو أشياء أخرى ضئيلة أو عديمة القيمة، ويقرر في النهاية عدم الانتفاع بها والتخلص منها أو إرجاعها لصاحبها دون علمه أو حتى منحها لأحد الأصدقاء والمعارف، وهو بذلك يخالف من يقصد السرقة التي يصب فيها اللص جل تركيزه على الأشياء القيمة باهظة الثمن، ويقرر الانتفاع بها في نهاية المطاف.

في هذا السياق يوضح الطبيب والاستشاري النفسي (جون ويلكنز) في حديثه لصحيفة مترو البريطانية قائلا: " يعتبر هوس السرقة نوع من الإدمان الذي يعزز فيه الإشباع واللذة السلوك بنفس الطريقة التي يستمد بها بعض الأفراد المتعة من إشعال الحرائق في حالة البيرومانيا أو هوس الحرائق وهذا ما يؤكد تشابه هوس السرقة كواحد من أنواع الإدمان السلوكي باضطرابات استخدام المواد المخدرة، حيث تلعب تلك المواد الدور نفسه الذي تلعبه عملية السرقة في حالة الكلبتومانيا، ألا وهو بث الشعور بالرضا والسعادة أو تخفيف حدة التوتر.

الاسباب:

لا توجد اسباب واضحة لهذه المرض لكن هناك تكهنات تقول ان احساس البعض بقدرة الاهل على توفير ما يحتاجونه مع منع ذلك عنهم يجعلهم يفكرون بمثل هذه السلوكيات التي يعدونها انتصار لرغباتهم في الاقتناء لغرض الاقتناء لا اكثر، وهم بذلك يصبحون ناشزين يتعرضون للانتقاد ولحكم القانون ان تطور الامر.

ولعلاج هذه العلة النفسية ليس هناك من عقاقير طبية وما يقدم من علاج هو العلاج النفسي فقط المتمثل بالعلاج السلوكي المعرفي الذي يساعد على إدراك التفكير السلبي غير الدقيق الذي يساهم في حدوث هذا النوع من السرقة واكتشاف الدوافع التي تحثهم على القيام ومن ثم الاتيان بعواقب العمل لتغير بوصلة تفكير الانسان المصاب وبالتالي استبدال السلوكيات السلبية التي تدفعهم إلى السرقة بسلوكيات أخرى إيجابية أكثر فائدة.

اضف تعليق