إن التعامل مع المراهقين ينبغي أن يتمحور حول تنمية إحساس واضح بالذات، يجعل تواصلهم مع آبائهم مبنيا على أسس قوية من الاحترام والإيجابية لسنوات طويلة، أي تمتد منذ بداية فهمه لمحيطه وانتهاءً لآخر محطة يمكن ان يعيشها، فما هي أسس التعامل الإيجابي مع أبنائنا المراهقين؟...

فترة المراهقة في حياة الانسان هي ليست فترة انتقال من الطفولة فقط كما يعتقد الكثير من الناس ببساطة، فالواقع انها فترة تغيير في النواحي الفسيولوجية قبل كل شيء، ويصاحب هذا التحول سلوكيات جديدة أكثر تعقيداً من سلوكيات المراحل الأخرى، ومن هنا تبدأ الكثير من المعاناة والشكاوى من الوالدين والتساؤلات ايضاً عن كيفية التعامل مع أبنائهم المراهقين بما يضمن علاقة طيبة بينهم على اقل تقدير، وهذا ما يتطلب جهد كبير ومعرفة والدية لتخطي أزمات المراهقة.

ما هي صفات المراهق؟

لنتمكن من التعاطي بواقعية مع سلوكيات المراهق ورغباته ينبغي علينا معرفة الصفات النفسية للمراهق، فهو سريع الاستثارة والعصبية، يريد لنفسه ان يكون محور البيئة التي يتواجد فيها، لا يقبل النصيحة في الغالب وان قبلها فهو لإسكات والديه او من يقدم له النصيحة فقط، يميل الى الظهور بمواصفات الانسان الخارق الذي يفهم ويعي كل شيء تقريباً.

 ولا يحبذ تدخل الاهل في بعض قراراته التي يعتبرها ضمن خصوصيته، وفوق كل هذا هو عنيد ومتهور ومتسرع، وكل هذه الصفات او اغلبها هي عبارة أسلحة موقوتة يجب التعامل معها بحذر ووعي بالنتائج التي ستصدر في حال كان التعامل غير سليم. 

من الواقع

اعرف أحد العوائل المحترمة جداً والملتزمة جداً ايضاً، هذه العائلة وبسبب التزامها العالي يتطرفون في ممارسة الضغط على أبنائهم مما أوصل أحدهم الى حيث لا يفكرون فيه طوال حياتهم، فبعد ممارسة التسلط عليه لمنعه من لعب كرة القدم بداعي الخوف عليه من تأخر مستواه الدراسي، فاجئ الجميع بالسفر الى مكان مجهول مع تغير رقم هاتفه واغلاق كل طرق التواصل لئلا يصل اليه أحد من اهله وبقي على هذه الحال لشهور عديدة مما ثار الرعب في نفوس والديه وبالتالي بعث لهم رسالة مفادها ان لا تفرضوا علية ما لست بمقتنع فيه. 

في هذا السياق تقول المختصة في التربية (كارولين ديلوريتو) في مقالها المنشور على موقع (سايكالايف) " إن التعامل مع المراهقين ينبغي أن يتمحور حول تنمية إحساس واضح بالذات، يجعل تواصلهم مع آبائهم مبنيا على أسس قوية من الاحترام والإيجابية لسنوات طويلة"، أي تمتد منذ بداية فهمه لمحيطه وانتهاءً لآخر محطة يمكن ان يعيشها.

ماهي أسس التعامل الإيجابي مع أبنائنا المراهقين؟

من أبرز أسس التعامل الناجحة لكسب المراهق هي مايلي:

على الوالدين ان يكونا أصدقاء لأبنائهم وليس مجرد ابوين، وهو ما يجعل أبنائهم المراهقين لا يترددون في ان يقصدوهم لحل مشاكلهم لكونهم يشعرون انهم يستمعون إليهم ويحترمونهم ولا يستخفون بمشاعرهم وبالتالي يحافظون على طريقة مهذبة في التواصل معهم.

وعلى الوالدين تجنب حديث الغضب مع ابنهم المراهق لكونه أمر محبط سيما عندما يكون المراهقون غير مطيعين، فالرد بطريقة غاضبة يزيد من تدهور العلاقة بين الطرفين لذا، إن كنتما غير متأكدين من استماع ابنكما اتركا الأمر يمر حتى تهدأ العاصفة، وسيذكر أنكما احترمتما غضبه ويقدر لكما ذلك، بعد ان يتم معاتبته وطلب عدم تكرار مثل هذا السلوك الغير طبيعي والذي يدل على عدم الاحترام للوالدين.

ولا بأس من مشاركة الأسرة وجبة واحدة يومياً مع الأبناء سواء في المنزل او خارجه، فمشاركة الموائد هي مشاركة للأرواح وليس مجرد مشاركة وجبة غذاء كما يعتقد البعض، ولها من الأهمية مالها لأنها لها إثر في تحسن الأداء الأكاديمي، وخفض معدلات الاكتئاب، وتحسن الصحة الجسدية والتوازن العاطفي. 

ومن الجيد ان يترك للمراهق حق التجريب واختبار عواقب سلوكياته، فالتجريب هو من يوصل الانسان الى القناعة وحين يقتنع الانسان بسوء عاقبة فعله سوء يغادره والعكس هو المنطقي بالطبع، لذا يجب ان لا يجبر المراهق على القيام بما لا يقتنع به، وبهذه الأسس التي ذكرت يتربى المراهق تربية إيجابية وبالتالي تصدر منه سلوكيات إيجابية.

اضف تعليق