q
على الرغم من أهمية شريحة الشباب في المجتمعات وإسهامها في تطور الدول وخلق كل ما هو متجدد، لكن قد يصيب الأغلبية منهم شعور بالخوف من مستقبلهم ضمن طبيعة الأحداث التي تجري في بلدهم، كما هو الحال في العراق الذي يمر بمحنه عصيبة وحروب وانعكاسات نفسية، ودمار واضح في الثقافة ومنظومة القيم والعادات من قبل بعض المخربين...

على الرغم من أهمية شريحة الشباب في المجتمعات وإسهامها في تطور الدول وخلق كل ما هو متجدد، لكن قد يصيب الأغلبية منهم شعور بالخوف من مستقبلهم ضمن طبيعة الأحداث التي تجري في بلدهم، كما هو الحال في العراق الذي يمر بمحنه عصيبة وحروب وانعكاسات نفسية، ودمار واضح في الثقافة ومنظومة القيم والعادات من قبل بعض المخربين، كل هذه الأسباب تؤدي إلى خوف الشباب من الخوص والتوجه نحو بناء مستقبلهم، ونلاحظ اغلب الخريجين وخاصة ذوو المراتب الأولى في اقسامهم حيث لا يجدون من يحتضن شهاداتهم أو وضعهم في مكان ملائم لاختصاصهم، ويعد هذا سبب كبير للتخلف الحاصل على الصعيد الشبابي والوظيفي، لذا على الدولة العمل على معالجة هذه الظاهرة، من خلال وسائل فعالة، والقيام بتوفير فرص عمل في القطاع الخاص مع اخذ الاعتبار باختصاصهم، وتوفير معامل و ورشات عمل للشباب المبتكرين هذه فيما يخص العمل الميداني، أما من حيث الحالة النفسية فينبغي أن تقوم المؤسسات والمنظمات بدورات توعية وتشجيع الشباب على بناء المستقبل.

ولأهمية الموضوع وتأثيره الكبير على المجتمع، وتدهور فئة الشباب، والخوف على الأجيال القادمة، قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) باستطلاع وجهات نظر المختصين ومن يهمه الأمر حول هذا الموضوع وطرحت عليهم السؤال كالآتي:

ما الأسباب التي تؤدي إلى خوف الشباب من المستقبل، وكيف يمكن معالجة هذا الخوف؟

لماذا يخشى الشباب المستقبل

التقينا الدكتور (كاظم العامر)، دكتوراه تاريخ صحافة، فأجابنا قائلا:

خوف الشباب جاء بسبب عدم وجود نظام يرعى مستقبلهم؟ فالمستقبل بالنسبة لهم مظلم، لا وجود لفرص عمل ولا سوق عمل يستوعبهم، مع سيادة التفكير الفردي حيث يسرق الاخ حق اخيه، والطلاق متفشي، النصب والاحتيال يسود المجتمع، وضعف الرابطة الوطنية بسبب الغزو والطائفية، وسيطرة الاحزاب علي ثروة الشعب، كما أن انقلاب الوضع الاقتصادي حيث الجهلة والنصابين امتلكوا المال والبيوت الفارهة، وتفشي الرشوة وظهور العصابات وانتشار الفقر والعوز وهو من اسوأ ما يتعرض له الشباب في هذا الزمن.

وأجابنا الأستاذ (علي الطالقاني)، كاتب وإعلامي ومدير مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، بالقول:

إن خوف الشباب من المستقبل هي ظاهرة خطيرة على المجتمع لذا نذكر بعض الاسباب المؤدية إلى هذا الخوف:

- النشأة في بيئة غير آمنة من جهة التربية والرعاية.

- العوز والحرمان له دور كبير في ترعرع الشباب وبالتالي سيخلف آثار تفقد الشباب الثقة بالنفس:

- من الاسباب المهمة عدم وجود برامج مستمرة للشباب خلال مسيرتهم، لذلك عدم وجود هدف في حياتهم وعدم وجود رعاية لهم في هذا الاتجاه سيترك اثر نفسي في المستقبل.

- الحرص والخوف الشديدين من قبل الاهل على الشباب مما يجعلهم بعيدين عن فهم طبيعة الحياة ومشاكلها.

وأهم وسائل معالجة خوف الشباب هي:

- رعاية الشباب والاهتمام بشؤونهم وتعليمهم بطريقة تنسجم مع مرحلتهم العمرية عبر التفاهم والتواصل اليومي.

- الاهتمام بالشباب يأتي بمشاركة الاهالي ومؤسسات الدولة كل حسب توجهه ودوره في رعايتهم.

- تمكين الشباب اقتصاديا عبر دعمه افكارهم وتنمية مشاركتهم في القطاع الخاص.

- تنمية الطاقات الابداعية ورعايتها وفهم متطلباتها.

تأثير وضع العراق على الشباب

وتوجهنا بالسؤال إلى الأستاذ (طالب عباس الظاهر)، اديب وصحفي، فأجابنا قائلا:

الخوف من المستقبل والتوجس من القادم في بلدنا ولعله عند القسم الأكبر من الشباب في الوقت الراهن، إنما هو شعور وتوجس طبيعي، وأمر يفرضه الواقع في تقديري في ظل تراكم هذه الأزمات والمشاكل والمعضلات العديدة التي تحيط بلدنا ومواطنينا عموماً، ناهيك عن التحديات الكبيرة التي تعصف بمستقبل شبابنا على المستوى الشخصي خصوصاً، وخاصة إن الشاب في مقتبل العمر تواجهه عدة تحديات، وأهمها ايجاد عمل يوفر الحد الأدنى من متطلبات المعيشة الكريمة، الزواج وتكوين أسرة، بناء بيت ضمن أبسط المواصفات للاستقرار الاجتماعي، التفرغ لتنشئة الأبناء التنشئة الصالحة، وطبعاً هناك غيرها أيضا، وبنظرة متفحصة لواقع الشباب وضمن معطيات ما هو متوفر وما هو ملح وضروري ومطلوب، سيتضح لنا حجم السوداوية التي تصبغ بعتمتها وجه المستقبل في عين شبابنا، فلا أمان ولا استقرار ولا ضمانة يوفرها الوطن، سواء على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي المالي، اضافة إلى التحديات الشخصية على صعيد توفير مصادر تؤدي الى الاستقرار المهني المؤدي بالضرورة الى الاستقرار النفسي، ورغم كل هذه العوامل المحبطة إلا إنه يبقى هناك أمل وحسب قول المأثور: ( محال دوام الحال)، خاصة وإن الشباب هم صناع المستقبل، يبقى الطموح والأمل معقود بسواعدهم وعقولهم المتفتحة من أجل المستقبل، وتغيير ما يمكن تغييره لصنع هذا المستقبل بغد مشرق وضاء.

والتقينا الدكتور (خليل جوده الخفاجي)، دكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر، فأجابنا بالقول:

يعد الشباب اساس بناء اي مجتمع وتعد الفترة من 15 الى 45 هي مرحلة الشباب في البلدان العربية ودول جنوب غرب اسيا، ولهذا فان هذه الشريحة تعد واحدة من ركائز تقدم الامم وازدهارها وقد عنيت حكومات الدول المتقدمة في أوربا او امريكا الشمالية واستراليا، بأجراء مسح سكاني لهذه الطبقة التي تعتمد عليها في كل خططها الخمسية او العشرية وذلك بتهيئة ورش عمل او اماكن للعمل، عن طريق تقديم سلف وتتبني الدولة بتهيئة كافة شروط المعمل الذي يريد بنائه عن طريق الاستشارة والدعم المادي، هذا فضلا عن أن الدول المتقدمة تعمل ورش للشباب بعد مرحلة السادس الاعدادي لغرض اعطاء فرصة لهواياتهم والذهاب الى اختيار ورشة عمل مناسبة كان تكون زراعية او صناعية او نجارة فهو يسلك نشاطه بحرية، اما في البلدان العربية فان جميع او اغلب الشباب مستقبلهم مجهول بسبب عدم اهتمام الدولة بهذه الشريحة في كافة المجالات، وعدم التخطيط لهم ونجده يتخبط في ادارة حياته إلا القليل الذي يعتمد على خيرات اسلافه، ولهذا لو انتبهت الدولة واحتضنت هذه الشريحة لأصبح لديها انتاج وافر من خلال المصانع والورش وغيرها، لأدارتها وبهذه الطريقة نقضي على البطالة أولا وتوفير انتاج ثانيا ونحتضن الشباب، وبهذه الطريقة يكون البلد بأمان وتربية صحيحة ونقضي على الانحراف والشذوذ والتسكع وغيرها ونأمن البلد ونبنيه بنفس الهمة، وإن جميع شبابنا اليوم يخافون من المستقبل المجهول كونهم لا توجد لديهم سيولة مالية او من يدعمه او يستند اليه كونه يعيش على ارض رخوة بسبب انعدام التخطيط للشباب، وفي جميع دول العالم توجد منظمات شبابية هدفها اطلاع الشباب على ثقافة ووعي البلدان المتطورة للاستفادة منها وتقوم بالقيام بدورات وحملات توعية لصالح الشباب، من خلال برامج تلفزيونية او غيرها، وعلى سبيل المثال للحصر جيل الشباب العراقي من مواليد 1955 الى 1965 عانى كثيرا بسبب الحرب العراقية الايرانية وحرب الخليج والحصار وغيرها، مما ادى الى انهاك قواه البدنية والنفسية واصبح مشرد في كل دول العالم للبحث عن لقمة العيش لذا انا اوجه الحكومات العربية عامة والعراقية خاصة بالاهتمام بالشباب ودعمه لأنه عماد الدولة واساس قوتها ومنه تبني وتعمر البلدان.

اختراق الدروع الوهمية للخوف

وأخيرا التقينا الدكتور (كريم خضير فارس المسعودي)، دكتوراه فلسفة التربية وآداب اللغة العربية وطرائق تدريسها، فأجابنا قائلا:

الخوف من التغير ما هو قادم وحتى الوحدة والقلق والنجاح والفشل كلها مخاوف تشكل عائقا يحول في توسعة آفاق الشباب، وتجعله يعيش في توتر ورهبة وقلق بدلا من التسلح بالشجاعة والرغبة والانطلاق والاستمتاع بالحياة، والسر في هذا التحول من الخوف إلى الشجاعة يكون بداية الاعتراف إلى الأمام، ولحد لم يكن بالإمكان تحليله وهي ليست سهلة، ولكنها ليست صعبة على من يريد الإطلاق والتحرر من أوهام تقيده وتسلب منه متعة العيش في راحة وحرية وشجاعة، ومن الحيل التي تساعد قهر المخاوف يحكي قصة لنفسه فإن كنت تخشى شيئا حاول التحدث عنه بطريقة غير عاطفية كما لو كنت تصف صورة رائعة أمامك، ففي دراسة أجريت في جامعة كولومبيا طلبوا من الناس أن يشاهدوا صورا مخيفة، ومن ثم التحدث عنها مع لجنة تلاحظ كيف يرون ما شاهدوا فلوحظ نشاط في منطقة اللوزتين في الدماغ، وهي مسؤولة عن الذكاء العاطفي وهي التي تسجل إشارات مرتبطة وتلتقطها، ولوحظ أيضا في المنطقة نفسها إشارات مرتبطة بضبط النفس والسيطرة على هذا الخوف وضبطه من خلال التحدث عنه، فالخوف يجعل من المستحيل على الشاب التقدم خطوة واحدة إلى الأمام حيث يسيطر على تفكيره، مما يجعله يشك في قدراته ويشل من تقديره الذاتي وتتعاظم من مصادر الشك في كل ما يدرك انه قاد على تحقيقه، لتصبح الأمور غير واقعية علما أن التعامل مرتبط بإرادة الفرد ورغبته للتخلص من هذه القيود، ولكن هناك طاقة وقوة تميز كل واحد على حدة في قدرته على إدارة هذه الأمور وهزيمتها، واختراق الدروع الوهمية للقلق والخوف.

اضف تعليق