يعد شهر رمضان المبارك المناسبة الامثل للتغيير المعنوي، خصوصاً وانه يتميز بالاجواء الايمانية والنفسية القادرة على التغيير نحو الافضل على مستوى التعاملات والعبادات، شهر رمضان الكريم فرصة استثنائية لصلة الرحم وهي من القيم الإنسانية والدينية والمعنوية الواجب الحفاظ عليها وتريسخها في علاقتنا الاسرية...
يعد شهر رمضان المبارك المناسبة الامثل للتغيير المعنوي، خصوصاً وانه يتميز بالاجواء الايمانية والنفسية القادرة على التغيير نحو الافضل على مستوى التعاملات والعبادات، شهر رمضان الكريم فرصة استثنائية لصلة الرحم وهي من القيم الإنسانية والدينية والمعنوية الواجب الحفاظ عليها وترسيخها في علاقتنا الاسرية، فقد حثنا الدين الاسلامي على ضرورة صلة الأرحام، قال الله سبحانه وتعالى ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)). (النساء، آية 1)
وقال نبينا الكريم محمد (ص): "أفضل الفضائل: أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك"، وقال (ص): "لا تقطع رحمك وان قطعك"، كما وقال الإمام علي (ع) "إنَّ أهل البيت ليجتمعون ويتواسون وهم فجرة فيرزقهم الله، وإن أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضا فيحرمهم الله وهم أتقياء".
هذا يعني ان صلة الرحم واجبة على المسلم، وقطيعته من الكبائر، لا سيما في زمننا الذي بات فيه الجشع مهيمن على العقول والرغبات مسطيرة على الروح حتى اصبحت الاشياء المادية والانا الذاتية اولاً في تفكير وسلوك الكثيرين من اسرنا في مجتمعنا.
وللأسف الشديد، فإن كثيرًا من المسلمين أصبحوا مقصرين في وصل أرحامهم بالشكل الذي حدده الإسلام في ظل تطور الزمن واختلاف شكل الحياة، بل إن هناك من يقطع رحمه نهائيًا ولا يعرف عن أقاربه شيئًا، رغم أن الفرد سيسأل عن مدى صلة رحمه لقوله تعالى (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام).
لذلك يجب على المسلمين الالتفات إلى صلة أرحامهم، وتجاوز ما قد يحدث أحياناً من سوء فهم يؤدي إلى القطيعة والتدابر، خصوصاً وان شهر الله هو دعوة الى التواصل العائلي والتسامح الاخوي ونبذ الكراهية والصراعات، فعلى المسلم ان يبادر بصلة اخيه المسلم ويترك الخلافات والظنون والحسد، وليكن شهر الرحمة شهر تقوية العلاقات الاسرية، وتنمية التواصل العائلي، والابتعاد عن الانعزالية التي باتت تسود في مجتمعنا المعاصر.
المطلوب هو إحداث تغيير حقيقي في التواصل العائلي في هذا الشهر المبارك، بالمزيد من التواصل، والتزاور، والتحابب، ويجب أن لا تشغلنا همومنا وأعمالنا اليومية عن صلة أرحامنا، ومثلما دعنا الله سبحانه لصلة الرحم قد نهانى عن قطيعة الرحم فقال في محكم كتابه الكريم ((فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمَّهم وأعمى أبصارهم)).
كل هذا يدل على أهمية التواصل وصلة الرحم في العائلة الواحدة والمجتمع على وجه العموم، فشهر رمضان دعوة حقيقية لإعادة ترميم العلاقات الاجتماعية وتوطيد العلاقة بين الأهل والأقارب وهذا ما المعنى الاصيل لصلة الرحم، لتكون هدفاً لنشر المحبة والود بين الجميع، ولا مانع من أن يتحدث كبير الأسرة عن أهمية صلة الرحم وأنها من أسباب دخول الجنة.
فالواجب استثمار شهر رمضان في تنقية النفس من الضغائن والأحقاد وتمهيد الطرق الإنسانية بين المسلم وأخيه المسلم، فمن سمات صلة الرحم هو الإحسان للاهل والتودد إليهم وزيارتهم ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم.
وعليه يجب ان لا تقتصر صلة الرحم بالأقارب فقط، بل يوجد رحم عام وهي رحم الإسلام التي تشمل جميع المسلمين في كل بقاع الأرض، فالمفترض أن يقف المسلمون بجوار بعضهم البعض في الكوارث والنكبات رغم اختلاف الدول التي ينتمون إليها.
كما أن صلة الرحم لا تزيد فقط من أجر المسلم خاصة وهو صائم وإنما أيضًا تزيد من البركة في رزقه، وايضا ان الوالدين لهما دور كبير في تعميق هذا الأمر في المسلم منذ صغره، حيث يجب تربية الطفل منذ حداثة عمره على زيارة أقاربه ومعرفة حقوقهم عليه، خاصة أن كثيرًا من الشباب لا يعرفون عن هذا الأمر شيئًا في ظل تسارع وتيرة الحياة وتباعد المسافات، وهذا أمر خطير له آثار سلبية على الصعيدين الديني والاجتماعي.
من هنا فإن الشهر الكريم يظل فرصة حقيقية لكل مسلم في أن يصل رحمه بعد أن تقطعت بفعل تباعد المسافات وتسارع وتيرة الحياة، والتساؤل المهم في هذا هذا الشهر المبارك هو: كيف نستفيد من رمضان قبل أن ينقضي ليكون بداية حقيقية لصلة الرحم.
اضف تعليق