جميعنا او اغلبنا وحتى الصادقين منا في حادثة ما جربنا انكار دورنا فيها، وعادة ما يكون ذلك هرباً من دور سلبي او اتهام او خطيئة ارتكبناها او الصقت بنا، هذه الحالة تدعى بالـ(الانكار) الذي يعرفه علم النفس على انه "آلية من آليات الدفاع اللاشعورية...
جميعنا او اغلبنا وحتى الصادقين منا في حادثة ما جربنا انكار دورنا فيها، وعادة ما يكون ذلك هرباً من دور سلبي او اتهام او خطيئة ارتكبناها او الصقت بنا، هذه الحالة تدعى بالـ(الانكار) الذي يعرفه علم النفس على انه "آلية من آليات الدفاع اللاشعورية والتي يرفض فيها الشخص أن يعترف بما اقترفه من أخطاء؛ خوفًا من العقاب، وهي من العمليات التي تكمن في اللاوعي والهدف منها حماية الفرد نفسه من الدخول في حالة من القلق والانزعاج.
الشخص الذي يمارس عملية الانكار (المنكر) يصر على رفض الاقرار بالوقائع والاحداث رغم الادلة الدامغة على وجودها وثبات تحققها، فيقوم برفض معلومات واضحة لا غبار عليها مما يخلق حالة من تجاهل بعض المعلومات التي قد تكون مفيدة ضمن جملة المعلومات المرفوضة.
من الامثلة على الانكار هو انكار شاب معين لتدخين السكائر لكونه يعيش ضمن بيئة محافظة تعتبر التدخين من المحرمات او المخالفات، فهو ينكر هذا السلوك طالما يستخدم ما يقضي على رائحة التدخين.
المحللون النفسيون يقول ان الانكار اول مرحلة من مراحل تكيف الانسان فعندما يحدث تغيير غير مرغوب فيه لدى الانسان كالصدمة من حادث ما يحدث الإندفاع تجاه الإنكار ومن هنا تبدأ عملية التكيف، وهذا الإنكار في حالة العقل الناضج يظهر تدريجا في الوعي لكنه يتحول تدريجياً الى منطقة الا وعي، وهنا يأتي الانكار كوسيلة للتكيف والمسايرة مع القمع الذي يواجه الانسان بينما يحاول الشخص جمع مشاعره ومصادر الانفعال ليواجه الصدمة بصورة مباشرة، وعكس الرفض هو القبول الذي يجعل الفرد يتقبل لكل ما يوجه له رغبة في تحاشي الصدام او التصارع، لكن ذلك متوقف على نوع الصدمة.
وبعد هذه المرحلة (المرحلة الاولى) وبعد تعامل الانسان بصورة ذكية وتمكنه من التعامل مع المشكلة او الصدمة تشرع الصدمة بالاختفاء بعوامل ليست لها علاقة بالإدراك الواعي، وتظهر عملية التسامي التي تمنح الانسان توازن معقول بدون النسيان التام ولا التذكر التام، كما قد يكون التسامي عملية للحل الكامل، حيث تختفي الصدمة بعيداً في نهاية المطاف ويكون مآلها هو النسيان الكامل.
يؤثر الانكار سلباً في العلاقات المجتمعية، اذا يلجأ الانسان الى الانكار مع كل سلوكية خاطئة يرتكبها وبذا لا يرى ما لديه من عيوب وأخطاء او ينكرها تماماً ويحاول التظاهر بما ليس فيه من صفات، أو أنه يتغاضى عما يمر به من مشاعر سلبية أو خلافات معينة مع الآخرين، وهو بذلك ينفي ان تكون لديه مشكلة من الاساس وهو ما يزيد الامر تعقيداً وبالتالي تتفكك الكثير من العلاقات الاجتماعية على اعتباره لا يعتذر ولا يقبل بالاستسلام بفعلته، والمنكر هنا غافلاً او متغافلاً لحقيقية ان مواجهة هذه الاخطاء ومحاولة تصحيحها سوف تعمل على تقوية العلاقة مع الآخرين وتجعله يشعر بالارتياح أكثر من كونه رافضاً لها.
علامات الإنكار
في حالات كثيرة قد نخطأ في التمييز بين فيما كان انكاراً ورفضاً غير منطقي او دفاعاً عن النفس، لكن توجد ثمة علامات اذا توفرت سنتمكن خلالها من الحكم على نوع الانكار وهذه العلامات هي: محاولة القاء التهم واللوم في ملعب الاخرين لإبعاد اللوم عن ساحته، رفض التفكير في المشكلة مطلقاً، الاصرار على انه على صواب رغم ادراكه للعواقب، يلجأ إلى التبرير ويجد له طرقًا كثيرة، واخيراً التظاهر بالشعور بالحزن للهروب من مشكلته وإنكارها، هذه لعلامات انو توفرت في سلوك الفرد فهو مصاب بلعنة الانكار النفسية.
المعالجات
يمكن معالجة مشكلة الانكار بأتباع عدة خطوات علاجية في اغلبها نفسية، وهذه الخطوات هي: ان المعالجون النفسيون يرون ان هذا المرض يعيق التقدم والنمو النفسي لدى المصاب به فلا بد له ان يكون على استعداد عاطفي ونفسي لتقبل النقد مواجهة مشكلته لحلها وحين يتوفر هذا الاستعداد يبدأ العلاج الفعلي، ثاني خطوات العلاج هي العلاج المعرفي السلوكي الذي بموجبه يساعد المعالج الشخص على دراسة أفكاره وسلوكياته الحالية وابتكار طرق استراتيجية لإجراء تغييرات جذرية في السلوك.
وكذلك من خطوات العلاج النفسي للمرض هي محاولة تغير قناعة المنكر ان الانكار لا يوصل الى نتيجة مرضية له على اعتبار ان الحقيقة ستبين ولو بعد حين وبالتالي يحاول تغير سلوكية الانكار عن قناعة، وهذه الخطوات العلاجية تأتي تحت يافطة (العلاج المعرفي السلوكي) التي سنتمكن عبرها من تضيق مساحة الانكار وابدالها بسلوكيات جميلة تعبر عن اصالة الانسان وصدقة.
اضف تعليق