q

بعضهم من باب التندّر أخذ يطلق على عصرنا الحاضر بعصر الفايروسات، وربما هناك ربط بين مثل هذا الوصف وبين أنواع الفايروسات الخطيرة التي ساعدت على انتشار انواع من الامراض غير معروفة سابقا، معظمها راح يهدد حياة الانسان في الصميم.

فقد ظهر فايروس لم يسمع به أحد من قبل، ويأتي ضمن مسلسل الفايروسات التي اكتسحت العالم في العصر الحديث وتسببت بمشكلات صحية قضت على الآلاف من البشر كما هو الحال مع الفايروسات التي أطلقوا عليها تسميات لها علاقة ببعض الحيوانات مثل (انفلونزا الطيور والخنازير) وغيرها، وقد ظهر فايروس جديد سمي زيكا، يكون تأثيره الصحي كبير وخطير على المواليد البشرية الجديدة، فيجعل الوليد مشوّه خلقيا، أو غير مكتمل النمو، فيكون عالة على المجتمع بسبب عدم ولادته الطبيعية.

وهناك عدة وسائط ناقلة لمثل هذه الفايروسوت، وهذا الوسط الناقل كما تدلل التجارب المختبرية ينتمي الى نوع من أنواع الحشرات المعروفة بين الناس، مثل البعوض الذي يعد من اكثر الحشرات الناقلة لفايروس زيكا، وعندما بدأ هذا الفايروس بالظهور، كان الكل ينظر له ويتعامل معه على انه شيء بسيط يمكن معالجته والقضاء عليه بسرعة، ولكن ما حدث لاحقا أكد أن الفايروس استفحل واشتدّ عوده وبات ينذر بخطر غير بسيط.

فقد قالت منظمة الصحة العالمية إن عدوى زيكا الفيروسية المرتبطة بتشوهات خطيرة للمواليد في البرازيل تستفحل بصورة شديدة وقد تصيب نحو أربعة ملايين شخص في الأمريكتين. وقالت مارجريت تشان مديرة المنظمة لأعضاء المجلس التنفيذي للمنظمة التابعة للأمم المتحدة إن انتشار الفيروس الذي ينتقل عن طريق البعوض تحول من مجرد خطر بسيط الى "أمر ينذر بالخطر". وقالت إن لجنة طوارئ تابعة للمنظمة ستجتمع في الأول من شهر فبراير شباط القادم لاقتراح رد دولي على تفشي العدوى التي يشتبه بصلتها بولادة أطفال مشوهين في البرازيل.

وهناك مشكلة في اطار مكافحة هذا المرض، تكمن في عدم وجود عقار مخصص لدحر هذا الفايروس والقضاء عليه او إضعافه، ويظن عدد من المسؤولين أن العلاج الممكن في هذا الجانب، هو مكافحة البعوض بصورة دقيقة وقوية، وهذا ما أعلنته رئيسة البرازيل عندما صرحت بأن دولتها لا تملك عقارا او مصلا فعالا ومضادا لفايروس زيكا، وأن العمل في هذا المجال ينحصر حاليا فقط بمحاربة البعوض.

هذا يؤكد عدم اكتشاف أو انتاج عقار حيوي ضد هذا الفايروس، وفي السابق، أي في مكافحة الفايروسات السابقة، كانت عملية اكتشاف وانتاج الفيروس تستغرق شهورا أو سنوات، وفايروس زيكا لا يختلف كثيرا في ذلك، فالعقار الذي يضع له حدا يحتاج الى فترة زمنية كافية، مع مئات التجارب والمحاولات التي تفشل حينا وتنجح حينا، وفي الآخر يتوصل الاطباء الى العقار المطلوب، ولكن يحتاج ذلك الى وقت وعمل مستمر واموال طائلة، وقد قال بروس ايلوارد المدير المساعد لمنظمة الصحة العالمية إن ابتكار لقاح آمن وفعال لعلاج الفيروس قد يستغرق عاما كما ان التيقن من ان فيروس زيكا هو المسؤول الفعلي عن ولادة أجنة مشوهة أو وجود علاقة بينهما من الأصل سيستغرق من ستة الى تسعة أشهر.

تنافس لابتكار لقاح لفيروس زيكا

في هذا السياق تتسابق الشركات والعلماء على ابتكار لقاح مضاد لفيروس زيكا مع تنامي المخاوف من الفيروس الذي يحمله البعوض وارتبطت الإصابة به بظهور تشوهات عند حديثي الولادة وينتشر سريعا في الأمريكتين. وظهر الفيروس الآن في 23 بلدا ومنطقة في الأمريكتين. وقالت البرازيل- وهي البلد الذي شهد أكبر عدد من الإصابات- إن بها نحو 3700 حالة تشوه عند الولادة تطلق عليها تسمية "صغر حجم الرأس" ويشتبه بشدة أنها مرتبطة بالفيروس.

وتعقد منظمة الصحة العالمية التي مقرها جنيف اجتماعا طارئا يوم الاثنين للمساعدة في تحديد التحرك الذي ستقوم به إزاء انتشار الفيروس. وكانت المنظمة قد تعرضت لانتقادات بسبب بطئها الشديد في التحرك في مواجهة وباء الإيبولا الذي انتشر في غرب أفريقيا. وقال مسؤولون من المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة لرويترز إنه جرى تفعيل مركز لعمليات الطوارئ كي يعمل على مدار الساعة للتعامل مع زيكا. وكانت منظمة الصحة العالمية قدرت يوم الخميس أن الفيروس قد يصيب أربعة ملايين شخص في الأمريكتين. وهو ما يعطي جهود البحث القائمة بالفعل سمة الإلحاح. وأوضح قائمون على تطوير لقاح للفيروس أن إنتاج مثل هذا اللقاح للاستخدام العام قد يستغرق شهورا على أقل تقدير إن لم يكن سنين.

وأفاد أحد أهم القائمين على تطوير اللقاح أن أقرب المشاريع إلى إنتاجه هو مشروع شركة إنوفيو للمستحضرات الدوائية. وبإمكان هذه الشركة إعداد اللقاح للاستخدام الطارئ قبل نهاية العام. وقفز سهم إنوفيو 13 في المئة يوم الجمعة. وقال العالم الكندي جاري كوبينجر لرويترز يوم الخميس إن أولى مراحل اختبار اللقاح على البشر يمكن أن تبدأ في أغسطس آب. وإذا كانت التجربة ناجحة فقد يمكن استخدامه خلال حالة طوارئ صحية عامة بحلول أكتوبر تشرين الأول أو نوفمبر تشرين الثاني. وكان كوبينجر قد ساعد في تطوير لقاح تجريبي لفيروس الإيبولا.

وقالت شركة هاواي بيوتيك لتطوير اللقاحات المملوكة للقطاع الخاص إنها بدأت برنامجا رسميا لاختبار لقاح مضاد لزيكا في الخريف الماضي مع بدء انتشار الفيروس في البرازيل. ولكنها لم تعلن جدولا زمنيا حتى الآن لإجراء تجارب سريرية. وقال إليوت باركس رئيس مجلس إدارة الشركة لرويترز "في الوقت الراهن نحن في المرحلة ما قبل السريرية... وأظن أن الجميع في هذه المرحلة."

وقال مطور آخر للقاح في القطاع الخاص هو ريبليكينز الذي مقره بوسطن إنه يستعد لبدء الدراسات على الحيوانات وتأثير لقاح زيكا عليها خلال الأيام العشرة المقبلة. وقال صمويل بوجوتش رئيس الشركة لرويترز إن من المرجح الكشف عن البيانات الخاصة بالتجارب التي أجريت على الفئران والأرانب خلال الشهرين المقبلين. وأضاف "لا أحد يملك في يده 500 مليون دولار تجعل التجارب تطبق على البشر. ونأمل ونحن نقوم بعملنا أن ينضم إلينا ممولون كبار."

وظل زيكا يعتبر مرضا ضعيفا نسبيا إلى أن أعلن مسؤولو الصحة البرازيليون أنه مثير للقلق بالنسبة للنساء الحوامل. وبينما لم يتم الكشف عن علاقة مباشرة بين زيكا والمرض فإن العلماء يشتبهون بشدة بأن هناك صلة بين زيكا وآلاف الأطفال الذين يولدون في البرازيل برؤوس صغيرة على نحو غير طبيعي أو بعيوب في المخ أو في البصر. ولا يوجد علاج للإصابة بفيروس زيكا. ولا يشكو نحو 80 في المئة من المصابين من أي أعراض. وهو ما يجعل من العسير على المرأة الحامل أن تعرف هل هي مصابة. وتتركز جهود محاربة زيكا على حماية الناس من لدغ البعوض والقضاء عليه. وهذه مهمة صعبة في كثير من أجزاء أمريكا اللاتينية حيث يعيش الناس في فقر وحيث توجد أجواء مواتية لانتشار الحشرات.

وقالت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف "ليس لدينا لقاح لزيكا بعد. الشيء الوحيد الذي يمكننا فعله هو محاربة البعوض." وشددت على دعوتها لبذل جهود على المستوى الوطني للقضاء على الحشرة. وأضافت أن اختبارات تطوير لقاح ستبدأ الأسبوع المقبل في معهد بوتانتان وهو واحد من أهم مراكز البحوث البيولوجية الطبية في ساو باولو بالبرازيل. وظهر زيكا في البرازيل بينما تستعد لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو بين 5 و21 أغسطس آب. وهو حدث يستقطب مئات الآلاف من الرياضيين والمسؤولين والمتفرجين. وطمأنت اللجنة الأولمبية الدولية الفرق اليوم بأن دورة الألعاب الأولمبية ستكون آمنة من فيروس زيكا. ولكنها دعت الزوار إلى توخي الحرص في حماية أنفسهم بحسب رويترز.

فيروس زيكا يستفحل بشراسة

في السياق نفسه قالت منظمة الصحة العالمية إن عدوى زيكا الفيروسية المرتبطة بتشوهات خطيرة للمواليد في البرازيل تستفحل بصورة شديدة وقد تصيب نحو أربعة ملايين شخص في الأمريكتين. وقالت مارجريت تشان مديرة المنظمة لأعضاء المجلس التنفيذي للمنظمة التابعة للأمم المتحدة إن انتشار الفيروس الذي ينتقل عن طريق البعوض تحول من مجرد خطر بسيط الى "أمر ينذر بالخطر". وقالت إن لجنة طوارئ تابعة للمنظمة ستجتمع في الأول من شهر فبراير شباط القادم لاقتراح رد دولي على تفشي العدوى التي يشتبه بصلتها بولادة أطفال مشوهين في البرازيل.

وقالت في اجتماع بجنيف "مستوى المخاطر عال بدرجة هائلة". وقالت وهي تعد برد سريع من جانب المنظمة "رصد الفيروس في الأمريكتين العام الماضي لكنه ينتشر بصورة شرسة الآن. حتى اليوم سجلت حالات في 23 دولة واقليما بالمنطقة". كانت منظمة الصحة العالمية واجهت انتقادات العام الماضي لتأخرها في التعامل مع وباء الايبولا بغرب افريقيا الذي أودى بحياة أكثر من عشرة آلاف شخص بعد ان تعهدت المنظمة بسرعة مواجهة الوباء. وقالت تشان في إشارة إلى حالات ولادة أطفال يعانون من تشوهات تتسم بصغر حجم الرأس والمخ وعدم اكتمال النمو "لن نتريث حتى تخبرنا الأبحاث بوجود صلة بين الفيروس والاصابة بتشوه الأجنة بل علينا ان نتخذ ردا الآن". ولا يوجد لقاح أو علاج لفيروس زيكا الفيروسي الذي ينقله البعوض من جنس (ايديس ايجبتاي) الذي ينقل ايضا حمى الدنج والحمى الصفراء وهو يتسبب في ارتفاع درجة حرارة جسم المريض وظهور طفح جلدي ولم تظهر على 80 في المئة من المصابين بالفيروس أي أعراض.

وتتركز معظم الاجراءات على الحد من انتشار البعوض ووقاية البشر منه. وقال بروس ايلوارد المدير المساعد لمنظمة الصحة العالمية إن ابتكار لقاح آمن وفعال لعلاج الفيروس قد يستغرق عاما كما ان التيقن من ان فيروس زيكا هو المسؤول الفعلي عن ولادة أجنة مشوهة أو وجود علاقة بينهما من الأصل سيستغرق من ستة الى تسعة أشهر. وقال "في مجال اللقاحات لا أعرف ان جهودا بذلت من قبل بعض المجموعات للبحث في جدوى انتاج لقاح ضد المرض" مشيرا الى ان ذلك قد يستغرق عدة اشهر أخرى.

وقال مسؤولو صحة بالولايات المتحدة إن هناك جهتين محتملتين لابتكار لقاح ضد زيكا وقد تبدأ الاختبارات الاكلينيكية على البشر في هذا المضمار أواخر العام الجاري ولن يكون هناك لقاح متوافر على نطاق واسع إلا بعد بضع سنوات. وقال ماركوس اسبينال مدير ادارة الأمراض المعدية في الهيئة المسؤولة بمنظمة الصحة العالمية عن الأمريكتين أمس الخميس إن ثمة اشتباها واسع النطاق في ان عدوى زيكا الفيروسية تتسبب في تشوه المواليد وقد تصيب من ثلاثة الى أربعة ملايين شخص في الأمريكتين منهم 1.5 مليون شخص في البرازيل وحدها.

وقالت وزارة الصحة البرازيلية إن عدد حالات الاشتباه بصغر حجم الرأس زاد إلى اربعة آلاف حالة. وقالت تشان إنه لا توجد الآن علاقة سببية مباشرة بين زيكا وتشوهات الأجنة على الرغم من الاشتباه في وجود صلة قوية بينهما. ومع استعداد ريو دي جانيرو لاستقبال مئات الالاف من الزوار لمهرجانات السامبا ودورة الالعاب الأولمبية من الخامس الى 21 من اغسطس آب تجاهد المدينة البرازيلية للتخلص من زائر غير مرغوب فيه هو فيروس زيكا لتجد نفسها أمام معركة صعبة.

وقالت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إنه تم رصد 31 حالة اصابة بزيكا في البلاد ممن سافروا الى مناطق تنتشر بها العدوى. وقال البيت الأبيض إن الرئيس باراك أوباما دعا إلى سرعة تطوير اختبارات ولقاحات وعلاجات لفيروس زيكا عقب انتشار فيروس زيكا. واكتشفت حالات اصابة بفيروس زيكا في الدنمرك وبريطانيا فيما يتوقع خبراء الصحة انتشار المرض في القارة الاوروبية نظرا لتفشي الحالات في امريكا الجنوبية وتعدد الأسفار بين قارتي اوروبا وامريكا الجنوبية.

ولم يكن فيروس زيكا -الذي رصد بافريقيا في عام 1947- معروفا في الأمريكتين حتى العام الماضي حيث ظهر في شمال شرق البرازيل ثم واصل انتشاره بسرعة في أمريكا اللاتينية عبر البعوض من جنس (ايديس ايجبتاي) الذي ينقل ايضا حمى الدنج والحمى الصفراء وفيروس التشيكونجونيا. وأصدرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها الاسبوع الماضي تحذيرات بعدم سفر الأمهات الحوامل الى 14 دولة ومنطقة بمنطقتي الكاريبي وأمريكا اللاتينية التي ينتشر بها الفيروس بحسب رويترز.

منظمة الصحة العالمية تدعو لاجتماع طارئ

من جهتها دعت منظمة الصحة العالمية إلى عقد اجتماع طارئ لتقييم خطر انتشار فيروس "زيكا" في العالم. وتتوخى من هذا الاجتماع البت في ما إذا كان يجب أن تعلن حالة طوارئ على الصعيد العالمي لمواجهة الوباء. تعقد منظمة الصحة العالمية اجتماعا الإثنين لتحديد ما إذا كان انتشار فيروس "زيكا"، الذي يشتبه بأنه يسبب تشوهات خلقية يشكل "حالة طوارئ للصحة العامة في العالم". ودعت مديرة المنظمة إلى هذا الاجتماع المغلق للبت في ما إذا كان الوباء يجب أن يعتبر "حالة طوارئ للصحة العامة على نطاق دولي". وسيعقد الاجتماع على شاكلة مؤتمر هاتفي بين مسؤولين في منظمة الصحة العالمية وممثلين عن دول ينتشر فيها الوباء وخبراء. ولن يعلن المشاركون قراراتهم. وهذا النوع من الاجتماعات نادر ويدل على قلق المنظمة من انتشار للفيروس على المستوى العالمي.

وكانت البرازيل التي تشهد أوسع انتشار للفيروس، حذرت منذ تشرين الأول/أكتوبر من الارتفاع غير العادي في عدد المواليد المصابين بصغر الجمجمة في شمال شرق البلاد. ومنذ ذلك الحين سجلت 270 إصابة، مؤكدة بصغر الجمجمة ويشتبه بـ3448 حالة أخرى مقابل 147 طوال عام 2014. وأوصت كولومبيا والسلفادور والإكوادور والبرازيل وجامايكا وبروتوركو النساء بتجنب الحمل قبل السيطرة على الوباء.

وفي أوروبا وأمريكا الشمالية سجلت عشرات الإصابات بالفيروس لدى أشخاص عائدين من عطل أو رحلات عمل إلى الدول التي ينتشر فيها الفيروس. وكانت المنظمة حذرت الأسبوع الماضي من أن الفيروس الذي ينتقل بلسع البعوض ينتشر بشكل واسع في الأمريكيتين وتوقعت إصابة ما بين ثلاثة وأربعة ملايين شخص به.بحسب فرانس برس. وقالت مديرة المنظمة مارغريت شان إن علاقة الفيروس بزيادة حالات صغر الجمجمة لدى المواليد الجدد موضع "اشتباه" قوي مع أنها لم تثبت بشكل نهائي

زيكا والنساء الحوامل في البرازيل

في هذا السياق حل الخوف محل الفرحة بالحمل بين عشرات النساء الحوامل في البرازيل مركز انتشار فيروس زيكا. وفي مدينة ريسيفي الساحلية الكبيرة انتشر الذعر في عنابر التوليد منذ إعلان ارتباط الفيروس بحالات تلف خلايا أمخاخ الأجنة. وفيروس زيكا ينتقل عن طريق البعوض ورصد لأول مرة في الأمريكتين العام الماضي. ولا يوجد لقاح أو علاج له.

وفي نحو أربعة أخماس الحالات لا يحدث الفيروس أعراضا تذكر لذلك لا تعلم النساء ما إذا كن قد أصبن به أثناء فترة الحمل. ولا تكون إجراءات الفحص فعالة إلا في الأسبوع الأول من الإصابة وهي غير متاحة سوى في العيادات الخاصة بتكلفة 900 ريال أي أعلى من الحد الأدنى الشهري للأجور في البلاد. وفي مستشفى آي.إم.آي.بي في ريسيفي تنتظر النساء الموشكات على الوضع بقلق الفحص بالموجات الصوتية الذي سيحدد ما إذا كانت أجنتهن مصابة بصغر حجم الرأس وتلف في خلايا المخ. وشهد المستشفى بالفعل ولادة 160 طفلا مصابا بهذا التشوه منذ أغسطس آب الماضي. وتقول اليزانجيلا باروس (40 عاما) ودموعها تنساب من خلف الزجاج السميك لنظارتها الطبية "إنه أمر مفزع. أنا قلقة من أن تصاب ابنتي بصغر حجم الرأس." وأضافت "الحي الذي أقيم فيه فقير وممتلئ بالبعوض والقمامة وليس به ماء جار. أربعة من جيراني أصيبوا بفيروس زيكا." ولا تتمتع نساء مثل باروس يعشن في أحياء عشوائية تسودها الفوضى في مدن البرازيل بأي دفاعات ضد بعوضة (ايديس اجيبتاي) التي تنقل فيروس زيكا وغيره من الأمراض مثل حمى الدنج والحمى الصفراء. فهن لا يتحملن أثمان المستحضرات الطاردة للحشرات ولا يخضن أي برامج لتنظيم الاسرة.

وجعلت صور مفزعة لأطفال مشوهين العديد من النساء يفكرن مليا قبل الاقدام على الحمل. ويشعر الأطباء بالقلق من أن يؤدي انتشار الفيروس إلى زيادة في عمليات الإجهاض السرية الخطرة في البلد الذي تقطنه أغلبية كاثوليكية. وعمليات الإجهاض غير مشروعة وفقا للقانون البرازيلي باستثناء حالات الاغتصاب وعندما تكون حياة الأم مهددة. ودفع الانتشار السريع لفيروس زيكا في 22 دولة في الأمريكتين بعض الحكومات إلى توجيه النصح للنساء بتأجيل الانجاب. فقد أوصت السلفادور النساء بمنع الحمل لمدة عامين. كما أثار كذلك جدلا بشأن إباحة الإجهاض في المنطقة التي تنص قوانين العديد من دولها على قيود صارمة عليه. وقالت أدريانا سكافوتزي طبيبة النساء بمستشفى آي.إم.آي.بي "الخوف يتزايد بين النساء لأن هذا مرض جديد لا نعرف الكثير عنه."

فيروس زيكا لا ينتقل بالرضاعة وقد ينتقل عبر الجنس

من جهتها قالت منظمة الصحة العالمية إنه لا توجد أدلة حتى الان على أن فيروس زيكا -الذي ينقله البعوض ويشتبه أنه السبب في إصابة مواليد بتلف في المخ في البرازيل- ينتقل إلى المواليد عبر الرضاعة الطبيعية. وقالت المنظمة التابعة للامم المتحدة أيضا في بيان يوم الاثنين "تم عزل الفيروس زيكا في الحيوانات المنوية للانسان كما ان هناك حالة عدوى محتملة من شخص لاخر خلال العملية الجنسية. لكن هناك حاجة الى مزيد من الأدلة للتأكيد على ان الاتصال الجنسي هو وسيلة من وسائل انتقال الفيروس زيكا."

وأعلنت منظمة الصحة عن انتشار الفيروس في كل دول الأمريكتين عدا كندا وتشيلي. ولم ترصد بعد حالة إصابة في البر الأمريكي لكن امرأة أصيبت بالفيروس في البرازيل ثم وضعت مولودا مصابا بتلف في المخ في هاواي وهي ولاية أمريكية مكونة من ارخبيل من الجزر. وينتمي فيروس زيكا إلى عائلة الفيروسات المصفرة أو المسببة للحمى الصفراء الذي ظل محصورا في افريقيا وآسيا من الخمسينات وحتى عام 2007 حين امتد شرقا إلى جنوب ووسط أمريكا وله صلة بحمى الدنج ومرض غرب النيل وينقله بعوض من المناطق الاستوائية.

وقالت وزارة الصحة البرازيلية إن عدد حالات الاشتباه بصغر حجم الرأس الناجم عن اضطراب عصبي يؤدي الى صغر حجم الجمجمة والمخ للمواليد زاد إلى 3893 حالة في يناير كانون الثاني. وقالت منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة الماضي إن هذا الرقم يزيد 30 مثلا على أي رقم أعلن في أي عام منذ عام 2010. وذكرت المنظمة في بيانها أن الانتشار السريع للفيروس في 21 دولة في المنطقة منذ مايو ايار 2015 يرجع الى نقص الحصانة بين السكان وانتشار نوع البعوض الذي ينقله ويسمى بعوض الزاعجة المصرية أو بعوض الحمى الصفراء.

ولاتزال الادلة على طرق أخرى للعدوى محدودة. وطلبت منظمة الصحة من النساء اللاتي يعتزمن السفر لمناطق ينتشر فيها فيروس زيكا استشارة الطبيب قبل السفر وبعد العودة. وقالت المراكز الامريكية لمكافحة الامراض والوقاية منها إن الاضواء سلطت مؤخرا على فيروس زيكا بعد ان قالت البرازيل انها تحقق في صلة محتملة بين العدوى وأطفال يولدون برؤوس صغيرة وهو شيء مرتبط بعدم اكتمال نمو المخ بحسب رويترز.

انتشار كبير لفيروس زيكا في اميركا

كذلك عقدت منظمة الصحة العالمية اجتماعا طارئا حول وباء زيكا الذي لا ينطوي على خطورة كبيرة على ما يبدو لكن يشتبه بتسببه بتشوهات خلقية للاجنة وينتشر بطريقة سريعة في القارة الاميركية مع توقع ثلاثة الى اربعة ملايين حالة في 2016. وقالت مارغريت شان مديرة منظمة الصحة العالمية في اجتماع بجنيف "اكتشف الفيروس العام الماضي في منطقة الاميركيتين حيث ينتشر بشكل كبير". واضافت "تم تسجيل حالات في 23 بلدا وناحية في المنطقة. ومستوى الانذار عال جدا". وقررت شان دعوة لجنة الطوارىء للانعقاد في الاول من شباط/فبراير لتقرير ما اذا كان الوباء يشكل "حالة طارئة على الصحة العامة ذات بعد دولي". وابدت منظمة الصحة العالمية خشيتها من "احتمال انتشار على المستوى العالمي". كما تخشى المنظمة من "ترافق محتمل للاصابة بتشوهات خلقية للاجنة واعراض عصبية" وايضا "نقص الحصانة بين الاهالي الذين يعيشون في المناطق التي بلغها الفيروس مؤخرا" و"غياب اللقاحات والعلاج المتخصص والتشخيص السريع".

وعلاوة على ذلك اشارت شان الى ان "الوضع الناجم عن ظاهرة النينو (ظاهرة مناخية ازدادت قوتها منذ 2015 وتفاقم الاحتباس الحراري) من شانه ان يزيد هذا العام عدد اسراب الناموس". وفيروس زيكا الذي اكتشف لاول مرة في غابة في اوغندا في 1947، تنتشر عدواه عبر بعوضة تعرف ب "البعوضة النمر". وحذرت منظمة الصحة العالمية في تغريدة من ان "اوبئة كبيرة يمكن ان تسجل في مدن وذلك على المستوى العالمي". وفي اميركا اللاتينية فان البرازيل هي اكثر بلد تاثرا بفيروس زيكا مع نحو 1,5 مليون حالة، بحسب المنظمة. واعلنت الهندوراس الخميس تسجيل الف حالة عدوى بفيروس زيكا منذ كانون الاول/ديسمبر 2015.

وقال ماركوس ايسبينال المسؤول في منظمة الصحة العلمية في جنيف "يمكننا توقع ما بين ثلاثة واربعة ملايين حالة" في القارة الاميركية. واوضح سيلفان الديغيري المسؤول الاخر في المنظمة انه يتوقع بلوغ هذا العدد "خلال 12 شهرا". وقال كريستيان ليندمييه المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية ان تقييم الوباء يبقى دون حجمه الفعلي لان معظم حالات الاصابة لا تنطوي على خطورة.

وحتى ان لم يتم اثبات وجود علاقة سببية مباشرة بين الفيروس واعراض من قبيل صغر حجم راس الجنين او تشوهات عصبية تؤدي الى ضعف الاعضاء العلوية والسفلية، فقد نصحت النساء بتجنب الحمل في العديد من الدول مثل كولومبيا والسلفادور والاكوادور والبرازيل وجمايكا.

من جهتها نصحت وزيرة الصحة الفرنسية ماريسول توران ب "قوة" الخميس الحوامل بتاجيل سفراتهن الى مناطق الانتيل او غويانا الفرنسية (اميركا الجنوبية).

وتلزم منظمة الصحة العالمية حتى الان الحذر وقال اسبينال "لا نعرف ما اذا كان بامكان هذا الفيروس تجاوز مشيمة الجنين". ولئن كانت الاعراض في معظمها اقرب لاعراض الزكام (حمي والام راس وظهر) لدى الحوامل، فان زيكا يمكن ان ينتقل الى الجنين ويتسبب بتشوهات خلقية مثل صغر حجم الراس وتقلص دائرة الجمجمة ما من شانه التاثير على التطور الذهني وصولا ربما الى الوفاة. وطالبت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ب "تحرك عاجل" للحد من انتشار الفيروس. ودعت منظمة الصحة العالمية من جهتها الى تقليص اعداد معاقل الناموس (القضاء او تعديل مواقع التكاثر) والحد من امكانات الاتصال بين الحشرات والبشر. ولتحقيق ذلك اوصت منظمة الصحة باستخدام وسائل المكافحة وارتداء ملابس (يفضل ان يكون لونها فاتحا) تغطي اكثر ما يمكن من الجسد وغلق الابواب والنوافذ والنوم تحت واقيات من الناموس بحسب فرانس برس.

منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر

من جهتها توقعت منظمة الصحة العالمية أن يواصل فيروس "زيكا" الذي يؤدي إلى تشوهات خلقية خطرة عند الأجنة التي تولد مع رأس صغير جدا، انتشاره السريع في كل القارة الأمريكية. وقد رصد الفيروس لحد الآن في 21 بلدا من أصل 55، ولم يتم تطوير أي دواء أو لقاح ضده. أفادت وكالة الصحة العالمية أن فيروس "زيكا" الناجم عن لسعة بعوض، والذي قد يؤدي إلى تشوهات خلقية خطرة عند الأجنة يواصل انتشاره في كل القارة الأمريكية، ما عدا تشيلي وكندا، بحسب منظمة الصحة العالمية التي اعتبرته "مصدر قلق بالغ".

ويشتبه في أن هذا الفيروس قد يؤدي عند إصابة امرأة حامل به إلى تشوه خلقي في جمجمة الجنين الذي يولد مع رأس صغير جدا (مرض الصعل). وقد رصد الفيروس في 21 بلدا من أصل 55 في القارة الأمريكية، على ما جاء في بيان صادر عن منظمة الصحة العالمية الذي أوضح أن البعوض الناقل للفيروس والمعروف بالبعوض المصري والذي يسبب أيضا حمى الضنك وشيكونغونيا ينتشر في جميع بلدان القارة الأمريكية، ما عدا كندا وتشيلي.

وتوقعت المنظمة الأممية بالتالي أن "يواصل فيروس زيكا انتشاره ليطال على الأرجح جميع البلدان والأقاليم في المنطقة التي يتواجد فيها البعوض". وقالت مارغريت تشان المديرة العامة للمنظمة خلال افتتاح اجتماع للجنة التنفيدية في جنيف إن "الانتشار السريع جدا لفيروس زيكا إلى مناطق جغرافية إضافية حيث لا يتمتع السكان بحصانة قوية هو مصدر قلق بالغ، نظرا للرابط المحتمل بين إصابة النساء الحوامل وولادة الرضع مع جمجمة صغيرة جدا، الصعل".

وأكدت المديرة العامة أنه "لم يتم بعد إثبات العلاقة السببية بين الإصابة بفيروس زيكا خلال الحمل ومرض الصعل"، مضيفة أن "الأدلة الحالية هي جد مقلقة".

فقد أدى ارتفاع شديد في حالات الصعل في أمريكا اللاتينية عموما والبرازيل خصوصا حيث ستقام دورة الألعاب الأولمبية في الصيف إلى إصدار الولايات المتحدة وبلدان أخرى تحذيرات للنساء الحوامل اللواتي يرغبن في السفر إلى المنطقة. وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن أفضل وسائل لتجنب الإصابة تقضي بالابتعاد عن مياه المستنقعات حيث يتجمع البعوض واستخدام مواد لطرد البعوض واستعمال الناموسيات. وكشفت أن الفيروس ينقل عبر الدم، موضحة في بيانها "تم تشخيض عدوى واحدة انتقلت خلال العلاقة الجنسية" ومضيفة أنه لا بد من مزيد من الأدلة في هذا الشأن. لم يتم تطوير أي علاج شاف أو لقاح ضد هذا المرض، وما يتوافر حاليا يقتصر على علاجات من أعراضه التي تشبه بشكل رئيسي تلك العائدة للإنفلونزا (ارتفاع الحرارة وآلام الرأس) مع طفح جلدي، وتظهر عادة خلال فترة تتراوح بين ثلاثة و12 يوما بعد التعرض للسعة البعوض بحسب فرانس برس.

غابة زيكا في اوغندا تكتسب شهرة عالمية

في سياق مقارب وقبل اشهر قليلة، كان غابة زيكا في اوغندا محمية طبيعية لا يعرفها سوى العلماء والمهتمون بالبيئة، لكنها اليوم تكتسب شهرة عالمية بعد انتشار الفيروس الذي يحمل اسمها والذي يضرب بلدانا عدة في القارة الاميركية. وينتقل هذا الفيروس بلسعات البعوض، وقد يؤدي الى تشوهات خطيرة لدى الاطفال الذين يولدون من امهات مصابات به، وتتوقع منظمة الصحة العالمية ان يصل عدد الاصابات بهذا الفيروس الى ثلاثة ملايين او اربعة خلال هذه السنة. وقد دعت المنظمة الى اجتماع عاجل الاثنين لمواجهة تداعيات هذا الوباء.

لكن في اوغندا نفسها، حيث تقع غابة زيكا، لا يبدو ان قلقا كبيرا يصيب السكان كما هو الحال في الدول الاميركية. ويقول حارس الغابات غيرالد موسيكا لمراسل وكالة فرانس برس "بعض الناس ممكن يقيمون قرب الغابة شعروا ببعض القلق بعدما سمعوه" عن هذا الفيروس الذي يحمل اسم الغابة المجاورة لبيوتهم.

والحارس نفسه لم يكن يعلم بوجود هذا الفيروس قبل اسبوعين، علما انه امضى سبع سنوات من عمره يجوب فيها دروب غابة زيكا التي رصد فيها الفيروس اول مرة في العام 1947. ومعظم الحالات المحلية من الاصابة بفيروس زيكا لم تكن عوارضها خطرة، اذ اقتصرت على ارتفاع في الحرارة واحمرار في العيون. اما في البرازيل، فقد ادى انتشار المرض الى حالات خطرة تجلت بولادة الاف الاطفال المصابين بتشوه دماغي لا علاج له.

وتشدد وزارة الصحة في اوغندا على عدم تسجيل حالات اصابة بفيروس زيكا بين مواطنيها، وان الوباء المسجل حاليا في عدد من دول القارة الاميركية لا يرجع مصدره الى الشرق الافريقي. وقالت في بيان "لم نسجل اي حالة منذ سنوات في اوغندا والوباء غير موجود في بلدنا".

وتقع غابة زيكا على مقربة من الطريق المؤدي الى المطار الدولي على بعد 25 كيلومترا من العاصمة كامبالا، وهي ما زالت موقعا للابحاث التي يجرها معهد الابحاث حول الفيروسات في اوغندا. وتحظر لافتة اتت عليها اشعة الشمس والزمن الدخول الى منطقة الابحاث، وتضم الغابة الممتدة على 12 هكتارا ستين نوعا من البعوض. ويفتخر المعهد المسؤول عن الغابة بأن زوارها كانوا من كبار شخصيات العالم، مثل الرئيس الاميركي جيمي كارتر الذي اتى لمراقبة الطيور في هذه المحمية التي يقصدها اسبوعيا طلاب من جامعات العالم، من كندا الى المانيا بحسب فرانس بريس.

اضف تعليق