q

عالم الصيدليات، بات اليوم بمواصفاته الغريبة من العوالم المعقدة، حيث أسعار الدواء أخذت تتسارع في الارتفاع، مع الاختلاف في هذه الاسعار بين صيدلية وأخرى، يتبع ذلك أنواع من الأدوية تدفع للعجب، فليس غريبا أن تجد نوعا من المضادات الحيوية بسعر معين، لتجد ان سعره تضاعف لعدة مرات ولا تعرف السبب، فالدواء هو نفسه والشركة هي نفسها، وعندما تسأل صاحب الامر، اما لا يجيبك بشيء، أو انه يقول لك توجد عدة شركات تقوم بتصنيع الدواء نفسه، وهناك أفضلية بين الشركات.

فالشركات السويسرية يُقال أنها من أجود الشركات المصنّعة للدواء، تليها الشركات الانكليزية ووو، أما الشركات التي تقع في أسفل القائمة من حيث الجودة، فهي الشركات الصينية والمصرية والسورية ايضا، ولكن في كثير من الأحيان يكون المريض مجبورا على شراء الدواء الرخيص مع علمه أنه قد لا يشفيه، لأن الدواء الانكليزي له مفعوله بسبب كونه غير مزيّف، أو كما يسميه باعة الأدوية (أصلي)، وما بين العلاج المزيف او (التقليد) و (الأصلي) قد يفقد الانسان حياته، او يبقى عاجزا عن الحركة في أفضل الحالات.

وهناك قضية مهمة اخرى تتعلق بأسعار الأدوية، فالاسعار لا يحكمها تشريع او قانون، فيكون الصيدلي هنا هو صاحب القرار، حيث يأتي المريض، ويدخل الى الصيدلية وفي يده (وصفة الطبيب) مكتوب فيها أنواع الأدوية، يقوم المريض بتسليم الورقة الى الصيدلي بدون كلام، فيقوم الصيدلي بقراءة العلاج ومن ثم البحث عنه في رفوف الصيدلية، واذا عثر عليه يفرح المريض واذا لم يعثر او يكون ناقصا لأحد الأدوية يحزن المريض ويتألم، بعد ذلك يبدأ الصيدلي يضع الدواء في كيس من النايلون ويحسب سعر كل دواء ثم يجمع المبلغ ويقول للمرض (50) ألف دينار، أو (30) ألف واحيانا (90) ألف وأكثر، نحن هنا لا نتحدث عن أسعار المختبرات وفحص الدم والايكو والمفراس والرنين والسونار وتخطيط القلب، فأسعار هذه الاجراءات تصل مئات الآلاف، ويحتاج المريض الى محفظة متخمة بالنقود حتى يفيها حقها!.

الغريب حول ذلك أن المريض لا يعترض على الصيدلي أبدا، إنما يقدم له الأموال عن الادوية مع الشكر والتقدير، مع انه يشعر بالغبن بسبب ارتفاع الاسعار وعدم خضوعها الى الرقابة، بل هي متروكة الى ضمير الأفراد العاملين في الصيدليات، ويبقى الصيدلي هو وضميره، اما فساد الضمير فإن من يتحمله هنا هو المريض ولا أحد سواه.

الدواء بين الأصلي والتقليد

(شبكة النبأ المعلوماتية) تابعت هذه الظاهرة، وأقصد ظاهرة ارتفاع الاسعار، واختلافها من صيدلية الى اخرى، فيمكن أن تجد الدواء في هذه الصيدلية بسعر معين، وفي الصيدلية التي تجاورها بسعر آخر أقل أو اكثر مع ان الدواء نفسه والشركة المصنعة نفسها، أما لماذا الاختلاف في السعر فذلك علمه عند الله؟؟....

كذلك هناك مشكلة حول نوع الدواء ومنشأه، يقول احد المرضى أنه كرر الدواء ثلاث مرات ولم يحصل على الشفاء، وكان يُقال له ان الدواء الذي يتناوله ليس (اصلي)، وانما (تقليد)، وبين هذا وذاك يبقى المريض في انتظار الفرج!!.

وعندما طرحت سبب ارتفاع الاسعار على بعض الصيادلة، فأجاب أحدهم، أن قيمة سعر الدواء تخضع لنوع الدواء نفسه، أي حسب ما يكتبه الطبيب للمريض، فهناك سعر عال وآخر أقل، وتوجد لدينا (والكلام للصيدلي)، قضية ايجار الصيدلية ومكان وجودها، فاذا كان مكانها مهما يزداد سعر الايجار وهذا ينعكس على سعر الدواء، كذلك توجد اجور للعمال حسب الاتفاق، وتوجد اجور الامتياز أيضا (الشهادة او الأذن الذي يمنح للصيدلاني كي يستطيع فتح صيدلية)، وفي بعض الأحيان تصل اجور الامتياز الى مليون ونصف مليون دينار.. اما اجور العمال فقد تصل الى مليونين ونصف مليون دينار او اقل شهريا بحسب الاتفاق، اما الإيجار السنوي للصيدلية فقد يصل الى 15 مليون دينار او اكثر تعبأ لمكان وجود الصيدلية وأهميته.. كل ذلك يؤثر بصورة مباشرة على ارتفاع أو انخفاض اسعار الدواء.

اما بالنسبة للتفاوت في اسعار الدواء الواحد فقد اجاب سيد ذو الفقار الموسوي وهو معاون طبي ويعمل في احدى الصيدليات، قال: ان التفاوت في سعر العلاج الواحد يرجع الى نوع الشركه المصنعة لهذا لعلاج فالشركات السويسرية تكون افضل الانواع واغلاها وقد يصل احيانآ سعر العلاج الى 90 دولارا أو اكثر حسب نوع العلاج المطلوب.. ثم تأتي من بعدها الشركات لانكليزية ايضا، حيث أن اسعارها مرتفعه نوعا ما. ثم تأتي الشركات الرخيصة مثل المصرية والصينية والهندية حيث تكون اسعارها رخيصة جدا. تصل الى 1000 دينار و 500 دينار ايضا.

أسعار خاضعة للمزاج

المواطن ابو كرار (موظف حكومي 44 سنة) قال: ان اسعار الادوية في الصيدليات الاهلية باهظة جداً وخصوصاً في مثل هذه لظروف الصعبة التي يمر بها البلد، فان المواطن صاحب الدخل القليل لا يستطيع شراء ما يحتاجه من الدواء وذلك بسبب عدم امتلاكه ما يكفيه من المال لتسديد سعره، وخصوصا ان بعض الاطباء يحددون في الوصفة اسم الشركة المصنعة وهذه مشكله كبيرة يعاني منها اغلب الناس، لأن ذلك سوف يجبرهم على تسديد سعر الدواء حتى وان كانوا لا يملكون المال الكافي أي أنهم يضطرون ويجبرون على توفير المال بأية طريقة كالديْن مثلا، هذا بالاضافة الى القرار الجديد الذي اتخذته الحكومة باللجوء الى جمع الضرائب من المرضى والمراجعين في المراكز الصحية والمستشفيات، ومضاعفة استيفاء المبالغ الخاصة بقطع التذاكر عدة مرات، واستيفاء مبلغا آخر (5000) عن زيارة المرضى، اما بخصوص اسعار العمليات الجراحية في القسم الخاص، فهذا يعني تحضير مبلغ كبير للمعالجة، وهو ما يعجز عن توفيره اغلب الناس، الامر الذي ادى الى تعقيد المشكلة وسد الابواب امام لفقراء.

وعن بيع الأدوية التي لا تعمل ولا تفيد المريض بشيء، فقد قال صيادلة مختصون، هناك ادوية رخيصة تم تقليدها، وهي في الغالب اما منتهية الصلاحية او هي اصلا لا تقدم اية فائدة للمرضى، وهنا يبرز دور التجار الدخلاء على المهنة، وتعدد المناشئ وضعف الرقابة على دخول الادوية عبر المنافذ الحدودية او الموانئ والأجواء، ولهذا السبب نلاحظ انتشار الكثير من الأدوية المزيفة، او منتهية الصلاحية، حيث يتم عرض ادوية كثيرة في بعض الشوارع ومن قبل بعض الباعة على الارض احيانا، وهناك اسواق مختصة في بيع الادوية من دون مراقبة او محاسبة، تعرض ادوية مزيفة او منتهية الصلاحية ايضا ولا تجد من يحاسبها بصورة منتظمة ومتواصلة، لكن الانسان الفقير المضطر قد يلجأ لشرائها وتناولها على أمل (كاذب) بالشفاء، وقد تؤدي به الى الموت، لا نستبعد ذلك.

وأخيرا نوجّه دعوة الى الجهات الصحية المعنية، كي تضاعف من اهتمامها في تطبيق القوانين السارية، وتشريع ما يلزم لتنظيم عملية بيع وشراء وتوفير انواع الأدوية للمرضى، وخاصة لذوي الدخل المحدود ومن لا يمتلك دخلا أصلا، كذلك هناك قضية مهمة جدا، ترتبط بأسلوب استيراد الأدوية ومراقبة التجار وانواع الأدوية، فهذه الأدوية قد تكون رديئة وربما مزيفة او منتهية الأعمار، وفوق هذا كله يدفع التجار مقابلها اموال عراقية كي تقتل او تزيد من امراض العراقيين، نتمنى من الجهات المسؤولة أن تضع خطة لمراقبة عمل الصيدليات والتجار والاسعار، عملا بما يرتضيه الله تعالى وضمير الانسان.

اضف تعليق