إسلاميات - الإمام الشيرازي

زعيم يحمي نفسه من دون سلاح

قراءة في محاضرة صوتية لسماحة الإمام السيد محمد الشيرازي –طاب ثراه-

في الدول التي ترفع شعارات الحرية والديمقراطية دونما تطبيق عملي، هي التي يكون في الزعيم وحتى الوزير، وربما مدير الدائرة، وحتى الشرطي، ينتابه الخوف دائماً من المواطن عندما يسير في الشارع، ولذا نجد السلاح والسيارات المضللة لإخفاء من بداخلها، والسيارات المصفحة ضد الرصاص...

مقدمة:

في الدول التي ترفع شعارات الحرية والديمقراطية دونما تطبيق عملي، هي التي يكون في الزعيم وحتى الوزير، وربما مدير الدائرة، وحتى الشرطي، ينتابه الخوف دائماً من المواطن عندما يسير في الشارع، ولذا نجد السلاح والسيارات المضللة لإخفاء من بداخلها، والسيارات المصفحة ضد الرصاص، هي التي توفر الامن والاطمئنان للزعيم ومن على شاكلته في المراتب الدنيا، حتى يتمكن من التنقّل هنا وهناك.

الامام والمرجع الديني السيد محمد الشيرازي في هذا المقطع الصوتي، يعلل هذه المشكلة النفسية المتفاقمة، ثم يجيب عما اذا كان بالامكان ان نرى يوماً رجل الدولة، في أي مرتبة كان، وهو يتجول في الشوارع والاسواق العامة، ويسلّم على المواطنين كأي فرد منهم؟

لنقرأ ونستمع، لنجد الحل، فهو يفيدنا في يوم لا نتوقعه، نكون في موقع رسمي معين، كما يفيد "المسؤولين" في المناصب المختلفة بالدولة.

اغتيال الامام علي، لم يكن ساسياً بامتياز

"لماذا قُتل علي...؟!

هل قتله عبد الرحمن بن ملجم انتقاماً لظلم ألحقه به؟ أو لأن الامام علي، عليه السلام، لم يكن عادلاً؟ أو لم يكن يساوي بين الناس في العطاء؟ أو مارس القمع والاضطهاد بحق فرد، او مجموعة افراد في المجتمع؟

الجواب على ذلك بالنفي قطعاً، لأن أولاً: ابن ملجم لم يكن من أهل العراق، ولم يكن في الكوفة حتى يكون له تماس مباشر مع الامام علي، عليه السلام. ثم انه ورد الى الكوفة مع وفدٍ من اهالي اليمن، وقد أكرمهم الإمام، عليه السلام، ومنهم ابن ملجم نفسه، إنما الدافع الاساس له لتنفيذ عملية الاغتيال كان الشهوة الجنسية وليس قضية سياسية، حيث ورد في التاريخ أن فتاة في الكوفة أغوته فوقع في غرامها بشكل، وعندما اراد ان يتزوجها شرطت عليه جملة شروط منها؛ قتل الامام علي، عليه السلام.

وحينما ارتكب فعلته الشنيعة في مسجد الكوفة، جيء به مقيداً الى الامام، عليه السلام، فبادره بالسؤال:

- ويلك لم فعلت هذا...؟!

- أ بأس الإمام كنت لك؟!

فقال: لا

والامام هنا؛ لم يقل له: أ لم أعطيك؟ أو أ لم اساعدك او غير ذلك؟ انما تحدث عن دور الإمام في المجتمع، وما يجب عليه أن يكون.

بيد أن الجواب الوحيد الذي تفوه بن ابن ملجم في حضرة الامام، عليه السلام:

"أ منقذٌ أنت من في النار".

بمعنى انه عَرف مصيره المحتوم من وراء غواية تافهة ونزوة عابرة.

وثمة سؤال يطرح نفسه عن سبب عدم تعرّض الامام علي، عليه السلام، قبل هذا الى أي عملية اغتيال او اعتداء بأي شكل من الاشكال؟

ربما يُقال؛ أن الامام كان قوياً يهابه الناس، ولا يجرؤ أحد على مبارزته، او رفع السيف بوجهه، ولكن؛ أ لم يتمكن أحد من رمي حجارة عليه من سطح المنازل؟! أو رميه بسهم من بعيد –مثلاً- او حتى اغتياله بالسمّ، وغيرها من محاولات الاغتيال او إلحاق الأذى؟

العدالة تحرس صاحبها

عندما كان أمير المؤمنين يخرج لوحده ليلاً في مدينة الكوفة، كان بعض اصحابه يقتفون أثره ويتبعونه، ولدى استشعاره بهم، يسألهم عن سبب ملاحقتهم له، يجيبون بانهم يخافون عليه من محاولات اعتداء محتملة عليه من قبل أعدائه، فكان يجيب بأن رب السموات والارض هو الذي يحفظ من في الارض –مضمون الرواية-، فلا يحتاج الى من يمنع عنه الخطر والضرر كونه يعلم انه في محيط اجتماعي لم يلمس منه سوى العدل والمساواة والسماحة واللين والحرية.

لم يكن أمير المؤمنين يواجه معارضة سياسية بالمرة، كما حصل مع من سبقه، وايضاً من لحقه في حكم المسلمين، حتى المناوئين له، كانت معارضتهم يغلب عليها الطابع العقائدي، كما كان حال الحسن البصري، او ابن الكواء وامثالهما، فهم لم يسجلوا على الإمام خطأ في الادارة وسياسية البلاد والعباد، فهم كانوا يقبضون من بيت المال أسوة بسائر المسلمين، فلا يجرأون على التطاول على الامام من هذه الناحية، وكذلك الخوارج الذين شككوا بحقانية الإمام كقائد وحاكم ومعصوم من قبل الله –تعالى- وليس له الحق في الحكم (لا حكم إلا لله)، بل وكفروه ايضاً، فهم انما يعدون افرازاً للحرب النفسية التي شنها معاوية خلال حرب صفين، وربما لو لم تكن هنالك صفين، ولا مكيدة رفع المصاحف، لما ظهر شيء اسمه الخوارج، او من يخرج عن طاعة الامام علي، عليه السلام.

إن عدالة الحاكم تمثل لافراد المجتمع، مدخلاً نحو السعادة والعيش الكريم، لذا من مصلحتهم حماية من يعمل على تطبيقه لعدم خسارته والابتلاء بحاكم يسومهم سوء العذاب بظلمه واضطهاده، وإن وجد من يضيق عليه العدل –كما يصفهم أمير المؤمنين- او يتضرر بحكم ثرائه او مكانته الاجتماعية، كما هو حال طلحة والزبير، فانهم ايضاً لا يجرأون على مواجهة الامام من هذه الناحية، لذا نراهم لجأوا الى مكيدة اخرى لتعبئة الشارع ضده، عليه السلام، مثل اتهام الامام بالوقوف خلف مقتل عثمان.

وربما يُقال؛ ان العدل والمساواة تحديداً، من شأنها ان تلحق الضرر بأصحاب الرساميل والاملاك والثروة، فيكون هدفاً متحركاً للتخلص منه، بيد ان الحقيقة الناصعة تؤكد دائماً ايجابية هذه القيمة السماوية والحضارية، وانها تشمل بفائدها جميع افراد المجتمع، سواءً الفقير منهم والغني، لانها تعطي كل ذي حق حقه، فالعدل لا يعني تحويل الاغنياء الى فقراء، وانما ردع الظلم –كممارسة اجتماعية وسياسية- عن افراد المجتمع بشكل عام، وهذا ما يبحث عنه الجميع في بلادنا، ومنها العراق، فكلما كان السعي نحو العدل والمساواة اكثر وبمصاديق علمية على الارض، كانت هذه الارض اكثر أمناً للرئيس والوزير وأي مسؤول حكومي على هذا الطريق.

اضف تعليق


التعليقات

الكاتب الأديب جمال بركات
مصر
أحبائي
من قتل الإمام على ملعون وسيخلد في الجحيم
الإمام على كان نعم الحاكم العادل بين الرعية وبشئونهم عليم
هذا الشخص المسمى ابن ملجم لاأدري كيف طاوعته نفسه لإرتكاب هذا الجرم الجسيم
وانا شخصيا كلما تذكرت هذا الجرم وتلك الخيانة تتجدد داخلي الأحزان بسبب غدرالسافل ومؤامرة اللئيم
احبائي
دعوة محبة
ادعو سيادتكم الى حسن الحديث وآدابه....واحترام بعضنا البعض
ونشر ثقافة الحب والخير والجمال والتسامح والعطاء بيننا في الأرض
جمال بركات...مركز ثقافة الألفية الثالثة2019-01-30