ضعف محتوى وسائل الاعلام وهذا الضعف يمتد وصولا لمواقع التواصل الاجتماعي التي تعج في الوقت الحالي بالكثير من المضامين السطحية التي تنم عن بساطة ناشرها وعدم تعمقه في الفكرة التي تم طرحها عبر اي وسيلة كانت إعلامية او شبكة تواصل اجتماعي، مما يكرس وعياً سطحيا...
بالتوازي مع التطورات الحاصلة في المجال الرقمي والذي شمل جميع القطاعات ومن بينها الإعلامية، حدثت بعض التغييرات انعكست بشكل واضح على أساليب تقديم المعلومة وكذلك الحصول عليها من مصادرها المختلفة.
ثمة ملاحظة ترقد في نفوس بعض المراقبين وبضمنهم كاتب هذه السطور، وهي ضعف محتوى هذه الوسائل وهذا الضعف يمتد وصولا لمواقع التواصل الاجتماعي التي تعج في الوقت الحالي بالكثير من المضامين السطحية التي تنم عن بساطة ناشرها وعدم تعمقه في الفكرة التي تم طرحها عبر اي وسيلة كانت إعلامية او شبكة تواصل اجتماعي.
في الأيام الاخيرة غلبت سمة أساسية على المحتوى الذي تقدمه وسائل الإعلام العربية وهي صفة تردي المضمون وعدم الاهتمام به من قبل المنتجين، اذ نلاحظ ان المادة التلفزيونية لا ترتقي الى الذائقة العامة والعادات الموجودة في المجتمع.
فالممثل يلجأ الى الابتذال بالطرح في اغلب الاحيان، كما ويصح هذا الشيء على جزء من الإعلاميين، بينما في حقيقة الأمر ان من اهم وظائف الأعلام هو التربية والترفيه الخلاق الذي يندرج ضمن قضية توعية الجمهور بالقضايا السياسية والجوانب الاجتماعية بصورة عامة، وليس المشاركة بعملية التراجع والانحدار التي عصفت باغلب المحتويات التي نشاهدها في بعض البرامج.
لعل مجال الإعلام يختلف عن جميع المجالات العلمية، فهو يلازم بعض الأفراد منذ مرحلة الطفولة وصولا لمرحلة المشيب، وهنا يجب ان يتم توظيف الإعلام بشكل سليم بما يضمن التنشئة الاجتماعية الرصينة، والعمل على تنمية ثقافة الأفراد من اجل المعرفة بالقضايا التي تهم الرأي العام.
التربية الإعلامية لا تقل أهمية عن الجوانب الأخلاقية التي من المفترض ان يتحلى بها الفرد، وربما تكون اكثر خطرا في حال تم الإخلال بها او عدم إعطاءها الاهتمام الكافي من قبل الجهات المتصدية لمثل هذه المواضيع.
ان خطر قلة الثقافة الإعلامية له تأثير كبير على شرائح المجتمع بصورة عامة، فعندما يقوم الفنان المشهور او الإعلامي بنشر قضية معينة او أسلوب حياة او بيان طريقة ارتداء الأزياء بشكل قد يبتعد نوع ما عن الذوق العام فان ذلك له ارتدادات سلبية على الاشخاص المعجبين او المتابعين لهذه الشخصية.
وهذه الارتدادات تتمثل بالتقليد الأعمى للتصرفات وكأنها الصواب بعينه، ولا يستطيع احد مناقشتها او الاعتراض عليها، وبسبب ذلك نلاحظ العديد من التجاوزات على الذوق المجتمعي، واتباع أنماط حياة بعيدة كل البعد عن الوضع السائد لدى مجتمع معين، وعدم الالتزام بالقواعد الموضوعة فيه.
الشخصيات المشهورة ربما أعطت لنفسها الحق في رسم سلوكيات لا تنسجم والواقع الذي تعيشه المجتمعات العربية على اقل تقدير، اذ نلاحظ البعض منهم يعمد الى جعل صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي منبرا حرا لا يتقيد بالقيود الاجتماعية.
وهذا بالتأكيد ليس من حقه؛ كونه اصبح شخصية عامة، وعليه ان يعرف حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه ومدى تأثيره بالأشخاص من ذوي الثقافة البسيطة.
كما رأينا في السنوات الاخيرة بعص مقدمي البرامج يتلفظون ببعض الألفاظ دون وضع اي حساب للمشاهدين بمختلف مستوياتهم الثقافية، وبالنتيجة اصبحوا جزء من اداة التخريب وهدم المُثل العليا القائمة بالمجتمع.
ربما العراق من بين البلدان التي لا تمتلك قوة تجبر المؤسسات الاعلامية وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي من اجل عمل فلترة لمحتواها، ومنع المنافي للأخلاق من الظهور حرصا منها على المتلقي.
وهنا نود القول، يجب تفعيل الجانب الرقابي على المحتويات سواء في وسائل الإعلام او عبر الشبكات الاجتماعية، لمنع احداث خلل معين في الجانب التربوي لدى المجتمعات، لاسيما وان بعض المتلقين لا يزالون في طور المراهقة ويصعب عليهم التخلص من التأثيرات المحتملة من هذه الرسائل والمواد الاعلامية المليئة بالمغالطات والأخطاء الكارثية.
كما ويقع على المؤسسات الدينية والمنظمات المجتمعية ان تؤدي دورها بشكل صحيح والوقوف الى جانب الأفراد من اجل التقليل من حجم الآثار السلبية المتوقعة، وتصحيح الممارسات التي تصدر من قبل بعض الأفراد بما يتلائم مع فطرة الإنسان النقية.
التقنية الحديثة نعمة من نعم الله على الإنسان ويجب ان يتم استخدامها بالشكل الأمثل وبما يسهم في تطوير الإنسان وبناء ذاته، ولذا عليه الابتعاد عن نشر المضامين التي لا ترتقي بالشخصية الفردية والذهاب نحو استخدامها لزيادة الرصيد المعرفي.
اضف تعليق