احمد عياش

 

لم يكن الامين لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ليفوّت فرصة ما انتهت اليه معارك حلب ليؤكد أبعاد "الانتصار" الذي أحرزه محوره هناك بفضل الغطاء الجوي الروسي وغض الطرف الاميركي. ومن هذه الابعاد ان ما كان يعد به منذ حرب تموز في لبنان والمنطقة تحقق. ولا داعي هنا للخوض في تفاصيل أكلاف حرب سوريا التي لا يزال الحزب يخوض غمارها حتى الآن وبلغت آلاف القتلى والجرحى فما هو مهم ان قائداً يعد بالنصر فيتحقق.

تأتي معركة حلب التي وضعها نصرالله خلال مهرجان تأبين القيادي اسماعيل زهري في النبطية في اطار اقليمي وسط مواجهة ضارية سياسيا وميدانيا بين ايران والسعودية تتجلى الان في حرب اليمن التي انعطفت في الايام الماضية من المفاوضات السياسية في الكويت الى تصعيد المعارك على أكثر من جبهة.

ولوّح قائد حركة "أنصار الله" عبد الملك بدر الدين الحوثي باحتمال فشل حوار الكويت. وترافقت هذه المواجهة بتوجيه مسؤول إيراني الاهتمام نحو الحرميّن مكة والمدينة .فقد دعا محمد جعفر أسدي مساعد دائرة التفتيش بالحرس الثوري وقائد القوات البرية السابق في الحرس الى اعلان حملة اسلامية "نقول فيها للمسلمين بان مدينتيّ مكة والمدينة هي ملك لجميع المسلمين... ويجب ألا تكون بيد من يخدم اليهود وغير المسلمين" .

بالطبع ما زالت أوراق حلب مفتوحة والتي تمثل انتصارا مهما لرئيس النظام السوري بشار الاسد اذا ما طويت .لكن ملكية الانتصار الفعلية تعود اولا الى القيصر الروسي الذي أهداه جزئيا الى طهران التي دفعت أثمانا باهظة قبل ان تقرر موسكو توفير الغطاء الجوي الحاسم للمعركة. فهل ستكتفي طهران بهذا النصيب من الانتصار؟ المؤشرات تدل على ان الحسابات الايرانية ما زالت تشمل الاقليم باسره.

ولذلك سارع الناطق باسم الخارجية الايرانية بهرام قاسمي الى القول أن تغيير اسم "جبهة النصرة" الى "جبهة فتح الاسلام" هو "ضرب من التلاعب بالالفاظ ... ومؤشر على الافلاس السياسي للجهات الداعمة للتطرف في المنطقة وعلى رأسها السعودية".

وهذا الاتساع للمشروع الايراني عكسه نصرالله الذي شنّ هجوما غير مسبوق على السعودية بدءا مما وصفه بـ"التطبيع مع اسرائيل" مرورا باليمن والبحرين وايران وصولا الى حلب التي "سقطت فيها الاحلام والمشاريع الامبراطورية". وقال ان امام الرياض "فرصة" متاحة فيما يجري طبخه في المنطقة مهدداً بأن "مشروع آل سعود سيهزم" أو ان يكونوا "شركاء وبيطلعلكم حصة".

لا جدال في ما جرى في تركيا والمستمر في تداعياته التي جعلت الرئيس التركي يلوذ بخصمه الروسي يمثل عنوانا للفراغ الكبير الذي تركه الانسحاب الاميركي من المنطقة ويزداد وطأة بالانتخابات الرئاسية. وبات ميزان القوى الذي تتولى موسكو اقامته راجحا لمصلحة الطغاة وفي مقدمهم الطاغية السوري. وكأن نصر الله يقول للسعودية اذا لم تدركوا ما جرى في حلب فانتظرونا في مكة.

اضف تعليق