إن الاعمال المنزلية في البلدان العربية بشكل عام والعراق بشكل خاص، هي من مهام المرأة في الغالب. فهي وان كانت تشاطر الرجل في بعض الحالات الاقتصادية والعملية وما شبه ذلك، مثل تحمل نفقات الاسرة وتقاسم المصاريف التي تحسّن من وضع العائلة، عن طريق عملها خارج المنزل، لكن الوضع لم يتغير في الغالب بالنسبة لعمل المرأة في المنزل، فالرجل في الغالب لن يزج نفسه في العمل المنزلي، مؤمنا بأنه لا يقع ضمن اختصاصه، اما عندما تعمل المرأة خارج البيت فلا يعترض على ذلك، وإن كانت هذه الاعمال التي تقوم بها المرأة مشابهة لعمل الرجل!، فلا تزال الصورة النمطية السائدة في مجتمعنا ترى أن تهيئة الطعام والتنظيف وغسيل الثياب وغيرها، هي أعمال تتخصص بها المرأة دون الرجل إلا ما ندر.
وقد حاولت (شبكة النبأ المعلوماتية) أن تبحث في الاسباب التي تكمن وراء تخصيص الاعمال المنزلية للمرأة فقط، وذلك من خلال الاطلاع على آراء بعض الرجال والنساء ايضا حول هذا الموضوع.. كما اهتمت شبكة النبأ بمعرفة موقف الشريعة الاسلامية حول هذا الامر، وذلك بهدف معرفة المفاهيم الصحيحة من الخاطئة وامكانية التخلص من العادات البالية، والتي لا تزال تنتشر في مجتمعاتنا، وقد وجهنا السؤال التالي لعدد من الرجال والنساء: لماذا لا يساعد الرجل المرأة في بعض الأعمال المنزلية؟! فكانت الإجابات كالتالي.
من شب على شيء شاب عليه
يقول السيد (حسام) وقد استنكر سؤالنا !! أنا لا اقوم بأي عمل في المنزل حتى (استكان الشاي) لا أعيده الى المطبخ، فهذه الامور ليست من مهامي ويكفي أنني أكد واتعب خارج المنزل. كما انني تربيت منذ نعومة أظفاري على هذا السلوك، وقد كان أبي وجدي هكذا، وأمي أيضا لم تكن تسمح لي بتاتا بمساعدة أخواتي في التنظيف عندما كنت صغيرا، وكانت تقول لي، يا بنيْ ان هذه الاعمال من واجبات المرأة. وحتى بعد أن تزوجت لم يتبدل شيء في الامر.. فهذا هو ما ألفنا عليه آباءَنا!!. فقد نشأنا واعتدنا على هذه المفاهيم وانا على قناعة بها وليس من السهل ان أتغير الآن!!.
في حين تقول (فاطمة علي) رأيا مخالفا لذلك: ان زوجي متفهم ويساعدني كثيرا في اعمال المنزل، فلقد حرصت منذ بداية حياتنا الزوجية ان اطلب منه المعونة في كل شيء وهو تقبّل ذلك واعتاد عليه، فالمثل الشعبي يقول (ابنك مثل ما تربي وزوجك مثل ما تعودا) وما ساهم في ترسيخ ذلك، انه كان يعاون امه عندما كان صغيرا فلم يكن يملك أخوات في العائلة.. وانا أربي اطفالي ايضا على مبدأ روح التعاون، فالعائلة كلها تعمل معا في المنزل ولا فرق بين ذكر وانثى، فالعائلة كيان واحد والعمل الجماعي يقوي العلاقات الاسرية ويزيد الاحترام والمحبة بين افرادها جميعا.
مواريث اجتماعية خاطئة
أما (محمد رضوان) وهو متزوج من موظفة فيقول: انا وزوجتي نعمل خارج المنزل ونحن ندخل الى البيت عائدين من العمل الوظيفي في نفس الوقت تقريبا، وان اغلب اعمال البيت تقوم بها زوجتي، ولكني أراعي واقدر ارهاقها وتعبها فأسعى في تخفيف الاعباء عنها فأقوم احيانا بغسل ملابسي بنفسي واقوم بكيها، واساعد في تحضير وجبة العشاء وأعاون الاطفال في الدروس ايضا، وهذه الاعمال ليست جديدة عليَّ فقد كنت اقيم في قسم السكن الداخلي في بغداد اثناء الدراسة الجامعية، وكنت اقوم بكل اعمال الطبخ والغسيل وما شابه بنفسي. واستدرك (محمد رضوان) قائلا: لكن من المستحيل ان اعمل أي شيء من الاعمال المنزلية امام الاقارب والاصدقاء. فأنا في داخلي أؤمن بأن الحياة الزوجية مشاركة، لكن للأسف نحن نعيش في مجتمع لا يزال حبيس العادات والتقاليد التي ترى في قيام الرجل ببعض الاعمال المنزلية امراً معيباً!.
تراثنا الإسلامي يناقض العادات البالية
وكان لنا لقاء مع الشيخ محمد موسى.. لمعرفة رأي الدين في هذا الموضوع.. حيث قال: ليس من واجب المرأة من الناحية الشرعية ان تخدم في بيت زوجها وهي ان قامت بشيء فهو عمل تطوعي، وديننا الاسلامي يزخر بالروايات الشريفة التي تدعو الرجل لمساعدة المرأة في اعمال المنزل.. ولنا في رسول الله وأهل بيته صلوات الله عليهم مثالا وقدوة حسنة.
حيث تذكر الروايات ان الامام علي (عليه السلام) وهو سيد الرجال.. كان يساعد فاطمة الزهراء في البيت حيث كان يكنس الارض ويطحن معها الدقيق فقد روي ان رسول الله (ص) دخل على البيت يوما فوجد عليا وفاطمة يطحنان، فقال أيكما أتعب.. فقال علي: فاطمة يارسول الله، فقال لها قومي يابنية، فقامت، وجلس يطحن مع علي!!.
فبعد هذا الحديث من نحن امام هذين العملاقين لنتثاقل عن مساعدة أمهاتنا واخواتنا وزوجاتنا.. وأضاف: أنه لا وجود لنص اسلامي يقول ان قيام الرجل ببعض المهام في البيت يحط من شأنه بل على العكس فهو يزيد الود والمحبة بين الشريكين.
وتأسيسا على ذلك كله.. رأينا ان الكثير من الرجال اتفقوا على ان التنشئة منذ الصغر ونظرة المجتمع والعادات والتقاليد هي وراء عزوفهم عن مساعدة المرأة في البيت.. بينما حث الاسلام الرجل على غير ذلك!! وهذا مؤشر مؤسف يدل على اننا مجتمع يحتاج ان يكون اقرب الى شريعة الله ولا يأخذ اعتبار العيب اكثر من الحرام ومن الخلق اكثر من الخالق.
ويبقى السؤال.. متى سيترك بعض الرجال هذه الاعراف البالية التي ما انزل الله بها من سلطان ويتخلى عنها لصالح الفعل الصحيح الذي يتمثل بمساعدة ومعاونة المرأة.. ذلك الكائن الضعيف والقارورة التي أوصى بها نبينا الاكرم الرجل خيرا، وأن يساعدها ببعض المهام الملقاة على عاتقها وهي لن تزيده إلا علوّا وشأنا.
اضف تعليق