تعد أيام العيد مليئة بالفرح والسرور في اغلب المجتمعات، لما فيها من طقوس جميلة، حيث نلاحظ توجه معظم الأسر للاجتماع في بيت واحد أثناء العيد، والسعي لزيادة عمق وتوطيد العلاقات المتبادلة، لذا تغير هذه الايام الروتين والرتابة واكتساب الطاقة الإيجابية، لكن نلاحظ في السنوات الأخيرة اختفاء هذه الطقوس وقلة الاهتمام بها...
تعد أيام العيد مليئة بالفرح والسرور في اغلب المجتمعات، لما فيها من طقوس جميلة، حيث نلاحظ توجه معظم الأسر للاجتماع في بيت واحد أثناء العيد، والسعي لزيادة عمق وتوطيد العلاقات المتبادلة، لذا تغير هذه الايام الروتين والرتابة واكتساب الطاقة الإيجابية، لكن نلاحظ في السنوات الأخيرة اختفاء هذه الطقوس وقلة الاهتمام بها، واصبحت جميع الأيام متشابهة وعادية، وتعود الأسباب لعدم الاهتمام بالوضع السيئ الذي يمر به العراق، والأحداث من حروب وفشل الحكومات في ادارة الدولة، ومع وجود هذه الأسباب نلاحظ ان تفكير العائلة تركّز على أمور أكثر أهمية من أيام العيد وخاصة أصحاب الدخل المحدود، ولا ننسى أن التواصل عبر الإنترنيت تشكل سببا آخر في التقليل من الزيارات المتبادلة بين العائلات واجتماعها، لأن هذه المواقع باتت تمثل واسطة اسرع في المعايدات المتبادلة والحديث عن بعد أسهل من اللقاء المباشر الذي يتطلب وسائل نقل وصرفيات مختلفة كأجور النقل وما شابه.
إن لأجواء وطقوس العيد خصوصية يجب الاحتفال بها لما كونها تمثل مناسبة لاستقبال حجاج بيت الله الحرام وختام شهر رمضان المبارك، ولمعرفه أسباب أكثر عن قلّة الاهتمام بأيام العيد قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) باستطلاع آراء المثقفين والخبراء ومن يهمه الأمر حول هذا الموضوع، وطرحت السؤال التالي:
- هل أصبح العيد كسائر الأيام؟ ولماذا
بماذا يختلف العيد عن الأيام الأخرى؟
التقينا الدكتور (حيدر الجبوري)، أكاديمي في كلية إدارة اعمال جامعة الكوفة، فأجابنا بالقول:
فيما يخص محور الجدل بين عامة الناس بتصنيف أيام العيد كونها أيام لا تختلف عن باقي الأيام، والرأي الآخر الذي يعطيها اهتمام معين، برأيي المتواضع وكاستنتاج توصلت إليه من خلال سنوات عمري كوني أحد اعضاء المجتمع أن لأيام العيد خصوصية، لابد من منحها تقاليد وأعراف تميزها عن سائر من الأيام الأخرى كوننا كمجتمع اسلامي، ورثنا هذه الممارسات وتوالت علينا جيلا بعد آخر حتى وصلت إلينا، خصوصا وأن عيدي الفطر والاضحى هما كفرحة او هدية لنا كونهما يختمان فرائض دينية واركان اساسية في الاسلام هما الصوم والحج، ويرافقاهما ممارسات اجتماعية، تعمل على تقوية الاواصر بين افراد المجتمع، من خلال تبادل الزيارات واللقاءات التي يسودها الفرح بين عامة الناس، وإصلاح لذات البين بين المتخاصمين منهم، فضلا عن الفرحة التي تسود على وجوه اطفالنا.
وأجابنا الدكتور (عدنان زنگنه)، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة كركوك، قائلا:
العيد هو يوم التعبير عن الفرح هذا الفرح الذي ينبع من قلب الانسان، أي أن فرح العيد يتميز عن الافراح الاخرى، لأنها تتعلق بروح الانسان وهي الاتحاد بين الروح والجسد، ولاسيما عندما يتعلق بالدين والعقيدة والى جانب الأعياد الدينية هناك أعياد قومية و وطنية و مهنية و ذاتية اضافة الى الأعياد الاخرى، باعتقادي ايام الأعياد الدينية كعيد الأضحى المبارك ليس كالأيام العادية الاخرى، لأنها تتعلق بعقيدة وروح الانسان المسلم المسلمون يتهيأون له كل حسب امكاناته، والمتمكنين ماديا يقومون بتقديم الاضحية الى الله تقربا منه، تيمننا بما قام به النبي ابراهيم عليه السلام عندما امر الله بذبح ابنه اسماعيل ومن ثم فداه بذبح عظيم.
أسباب قلّة مظاهر الفرح في العيد
وتوجهنا بالسؤال نفسه إلى الدكتور (سامر الياسين)، اكاديمي في جامعة كربلاء، فأجابنا قائلا:
لا يمكن القطع بإجابة دقيقة من واقع التجربة الخاصة والنظرة الشخصية المحدودة بيد أن الملاحظ تراجع الاهتمام المجتمعي بأيام العيد، لجملة من الاسباب اولها تزايد ضغوط الحياة، وتسارع ايقاعها بصورة افقدت الافراد طعم الراحة ومحطاتها، يتكامل مع ما تقدم طغيان النزعة المادية والسطحية في الحياة بصورة افقدت الجوانب الروحية والطقوس وتماثلاتها ودلالاتها الرمزية الكثير من وزنها النوعي، وتأثيرها في مسار التفاعلات اليومية للأفراد، والاكثر من ذلك ما مر به العراق خاصة من ظروف صعبة جدا تسببت في الشطر الاخر من الاسباب الذاتية لهذا المخرج، ففشل تجربة المتأسلمين قاد الى ردة فعل انتكاسية على حساب النزعة الدينية وتجسيدها الطقوسي، وتغول حمى السوق وصراع الحياة ودوامة البحث عن الحقوق المستلبة والكرامة، مع غياب الخدمات جعل بوصلة اهتمامات الافراد تنحرف عن مسارها المثيولوجي المرتبط بالأعياد والمناسبات الدينية، صفوة القول أن بحث الانسان عن ذاته في دوامة الحياة افقده اتزانه وسلبه الكثير من ثقله الاعتباري وما يرتبط في ذلك من طقوس بضمنها الاعياد وباقي الشعائر.
وكذلك التقينا الأستاذ (عامر الحمداني)، كاتب وصحفي، فأجابنا بالقول:
تعتبر الاعياد من المنح الالهية التي وهبها الباري عز وجل للمؤمنين بعد جهد بذلوه في الصيام ومناسك في الحج ليعم الفرح الناس جميعا، وهي ايام فرح ومسرات اعتاد الناس فيها على اظهار فرحهم من خلال ابتداء ايام العيد بأداء صلاة العيد، ومن ثم كل يعبر عن فرحه بطريقته، فهناك طقوس احتفالية تسبق العيد من خلال شراء الملابس والهدايا وعمل او شراء المعجنات، ويكون التزاور سمة غالبة في الاعياد وما يرافقها من تقديم العيديات التي يفرح بها صغار السن خاصة، وقد تساهم الاعياد كثيرا في صناعة التلاحم الاسري والمجتمعي والعودة للعمل بطاقة جديدة بعد كسر الروتين.
لكن للأسف فقدت ايام الاعياد بريقها المعهود واصبحت الكثير من الممارسات التي تسبق العيد او في ايامه في طريقها للاندثار ليكون العيد كسائر الايام لأسباب عدة منها:
- المشاكل التي تعاني منها العائلة العراقية من جراء الحروب المتوالية وما خلفته من فقدان للأبناء والاباء والازواج.
- تدني المستوى المعيشي للفرد العراقي بسبب التراجع المستمر في مستوى الدخل.
- الازدياد الملحوظ في متطلبات العائلة العراقية.
- فقدان الأمن بشكل نسبي.
- الانشغال في توفير متطلبات الحياة اليومية.
- عدم التناسب بين مدخولات العائلة العراقية ومصروفاتها
- ضعف التواصل العائلي والاسري لدى الجيل الجديد
واخيرا التقينا الدكتور (عز الدين المحمدي)، رئيس مؤسسة الفكر الانساني للإعلام والثقافة والقانون، دكتوراه قانون جنائي، فأجابنا قائلا:
العيد من اعز الايام عند العراقيين والمسلمين بشكل عام، ومنذ الازل عيد الفطر المبارك وعيد الاضحى او ما نسميه بالعيد الكبير فيها من الطقوس والاعراف تشكل ظاهرة اجتماعية في غاية الاهمية، كأفراد والعوائل على السواء فكنا في صغرنا ننتظر العيد بغاية الشوق والعشق، ونعد الايام والساعات لكي نلتقي هذا العيد وكنا نتخيل العيد نور السعادة الذي يملأ قلوبنا ونفوسنا بالترفيه والرفاهية، حيث كنا نستعد لأيامه كأفراد بشراء الملابس الجديدة وكنا لا نلبس تلك الملابس قبل العيد لئلا العيد يزعل منا ولا يأتي، هكذا كان اهلنا يبلغنا لكي لا نلبس ملابس العيد، وعن حلول العيد لا يسعنا السعادة وكنا كالطيور ننهض مع الفجر والظلام لازال لم يبرح كبد السماء، ونلبس ملابسنا بفرح غامر نجيء ونذهب في البيت او المحلة وكأننا نستعرض ازياءنا، ثم نخرج للعيد بعد ان نجمع عيديتنا ونمضي ايام بكل سعادة، اليوم اي منا لا يشعر حلول العيد من سنوات لم نتلذذ طعم العيد كأيام مميزة لها طعم خاص في نفوسنا وايامها لا تمنحنا اية سعادة او الشعور بالرضا، لو بحثنا اسباب ذلك تبدأ من نفوسنا التي لا نشعر بفرحة العيد كما كنا سابقا، فالوضع الاجتماعي للعراقيين لا يسر احد والمشاكل التي تراكمت على الاسر العراقية، والمأساة التي عاشتها العوائل خطفت عنهم السعادة كل اسرة فيها مأساة، وقد تركم ارملة شابة او اطفالا دون معيل الشيوخ والعجائز اختزلت فرحة العيد مع ابنائهم الشهداء، او هناك معوقين او مخطوفين او مغدورين كل افراد الاسرة تعاني المرارة بفقدانهم وغيابهم، وهناك عوائل فقدت المعيل وبقي اليتامى وسلبت منهم السعادة والاحساس بالعيد، وكثير من العوائل لا تمتلك مصاريف العيد ويضطرون إلى إحساسهم بالعيد لكي لا يواجهون متطلبات العيد من ابناءهم ويجعلوها كأيام عادية ليست لها رمزية خاصة عند الصغار والكبار معا، الى جانب أن كثيرا من العوائل يخشون ايام العيد من انفجارات مروعة ومجازر يرتكبونها الارهاب ايام العيد، كما حدثت في الكرادة وفي غيرها من المدن العراقية، الى جانب المشاكل الجمة التي يعاني منها العراقيين، كل تلك الاسباب وربما غيرها ايضا يشعر العراقيين أن العيد اصبح ايامه عادية لا تشكل لديهم اياما مميزة او سعادة او شعورا بالبهجة والاطمئنان.
اضف تعليق