عندما ندقق في طبيعة حياة العراقيين، سوف نرى بأن الفقر قد ملء تفاصيل حياتهم، وتتزايد نسبته يوم بعد آخر، بسبب ضعف التنمية الاقتصادية في البلاد لأسباب لا تحصى، هنا علينا أن نبين أهم أسباب التي تقف وراء ذلك، وهي تأثير الضرائب على هذه التنمية، علما أن أي مجتمع سيسعى في حركة حياته الى تحقيق مستوى حضاري ينعم أفراده بالرفاهية وراحة البال، والنظر إلى مستقبل زاهر، وتتجسد في ذلك المعاني السامية، وتمثل التنمية الشاملة شكلا من أشكال الرقي، والاستجابة لكل الاحتياجات بمختلف مستوياتها.
في الحقيقة هناك علاقة قوية ومتبادلة بين البناء الاقتصادي للدولة والبناء الإنساني للشعب, وهذا وهذا يعني ان التطور الاقتصادي له تأثير على تطوير البنية المالية العامة للدولة والبنية الأخلاقية للمجتمع، حيث يترك آثاره الكبيرة على البناء الاقتصادي للدولة، ويشير مصطلح التنمية الاقتصادية الى الثغرات الهيكلية في الاقتصاد الوطني، ومن ثم فإنها تتضمن التغيرات في تركيبة الإنتاج وتوزيع الموارد الإنتاجية بين النشاطات الاقتصادية المختلفة.
علما أن الدولة والمؤسسات والأفراد يلعبون دورا كبيرا في تحقيق التنمية الاقتصادية، وتحقيق الرفاهية، ومن الطبيعي ان هذه البرامج تحتاج الى مصادر تنموية وأموال من اجل تنفيذها، ويجب وجود أشكال متنوعة من المصادر تعتمد عليها الدولة في تغطية تلك البرامج، وتعدّ الضرائب من أهم هذه المصادر التي تعتمد فيها الدولة على انجاز خدماتها ومشاريعها، وقد تعبر الضرائب عن معنى من معاني المشاركة والمواطنة والعدالة، في الاستفادة من الخدمات والمشاريع والبرامج، وأن الدولة يمكن أن تجني هذه الأموال بشكل صحيح، وتعمل على الاستفادة من الضرائب، والمشاريع الأخرى لتكوين مجتمع قادر على إدارة جميع المشاريع، والتخلص من الأزمات، وحالات الفقر، وتحقيق مخزون إضافي لحالات الطوارئ في المجال الاقتصادي.
ولذلك نرى أن عملية التنمية تهدف في جوهرها الى زيادة الطاقة الانتاجية للاقتصاد، وأن فاعلية النظام الضريبي، في تحقيق التوازن الاقتصادي تبرز من خلال دور النظام في درء الانحرافات والتقلبات، التي تنتاب حركة النشاط الاقتصادي، ففي العراق تم استخدام الضرائب للحفاظ على الوضع التوازني، وحماية النشاط الاقتصادي من التقلبات والأزمات الاقتصادية، اذ ان السياسة الضريبية تلعب دورا ملحوظا في إحلال التوازن والاستقرار الاقتصادي، وتنظيم حجم الموازنة.
التهرب الضريبي وآثاره السيئة
في الوقت الذي تعد فيه عملية أداء الضريبة حق للدولة والمجتمع، نجد أن الكثير من المواطنين يسعون الى التهرب من دفعها، بشتى الوسائل والطرق ويلجأ بعضهم إلى استخدام الاحتيال والنصب، واستغلال البعض ودفع الرشا للتخلص من الضرائب المطلوبة, ويقف وراء ذلك أسباب متنوعة، وما زال الوعي الضريبي مشكلة في الكثير من الدول وخصوصا النامية التي يشعر المواطن فيها بعدم المسؤولية اتجاه الدولةن او أن هناك مشكله انتماء وضعف في الثقة بين الدولة والمجتمع، او شعور المواطن بعدم وجود عدالة في توزيع الخدمات وغيرها، وعموما فإن ذلك جعل الدولة تفقد مصدر من أهم المصادر، أو قد تلجأ للقوة وما ينجم عنها من مشاكل، بالمقابل هناك ظهور حالة الفساد الإداري والمالي مما تفقد المعاني السامية لفلسفة الضريبة.
ولأهمية هذا الموضوع الذي له تأثيره على الفرد والمجتمع والدولة، وما يترتب عليه من حدوث ازمات في الجانب الاقتصادي، استطلعت (شبكة النبأ المعلوماتية)، آراء بعض المعنيين والمهتمين وتم طرح بعض التساؤلات، إلى الجهات المعنية مع تسليط الضوء على آراء بعض المواطنين والمهتمين والخبراء في هذا المجال، وذلك لمعرفة تأثير التهرب الضريبي على الدولة واقتصادها، وكان السؤال الأول:
- ما هو دور الضرائب في تطوير التنمية الاقتصادية؟
التقينا الدكتور (أيهاب علي النواب)، دكتور في كلية الادارة والاقتصاد جامعة كربلاء، وأجابنا قائلا:
فيما يخص موضوع الضرائب ودورها في التنمية الاقتصادية، فأن لها دور وتأثير كبير في النشاط الاقتصادي، فوجود الضرائب يعني وجود جهاز انتاجي او ان هناك وجود للقطاع الخاص، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى، تساهم الضرائب في تمويل النفقات العامة الخاصة بالدولة، اذ تعد من الايرادات الدائمة كما تساهم في اعادة توزيع الدخل من اصحاب الدخول المرتفعة، الى اصحاب الدخول المنخفضة، وكذلك تساهم في الحد من الاستيرادات ودعم المنتوجات المحلية.
سؤالنا الثاني: كيف يمكن الحد من التهرب الضريبي؟
- التقينا الدكتور (عدي طلفاح)، أكاديمي في جامعة تكريت، وأجاب بالتالي:
مسألة التهرب الضريبي، امر واقعي تعاني منه كثير من الدول، وللتهرب الضريبي صور متعددة منها ما هو مخالف لأحكام القانون، ومنها ما هو مسموح به قانونا، كما لو ترك التاجر المهن التي تخضع للضرائب وممارسة تجارة اخرى، تتمتع بالإعفاء الضريبي، ويمكن الحد من التهرب الضريبي، وضع قوانين تحدد النسبة ووقت للدفع، ونشر أشخاص لأخذ بعض أنواع الضرائب من المواطنين مباشرة، مع ترك غرامة أكبر أو قطع الخدمة العامة عنه، مع الأخذ بنظر الاعتبار إلى مستوى المعيشي للمواطن، ومراعاته، ونرى أن في القانون العراقي قوانين شبيه بما تقدمنا ذكرة، إلى أن هذه القوانين غير معمول بها بصورة صحيحة، وذلك لأسباب قد تكون عدم وجود رقابة على الموظفين، أو فساد أداري ومالي، لذا علينا وضع جهات رقابية تحد من هذا العمل.
وأجابنا الدكتور (فاضل الياسري) أكاديمي في جامعة كربلاء، قائلا:
لا يمكن لأحد من التهرب الضريبي، ويكون ذلك من خلال تفعيل القوانين المختصة، بهذا الموضوع وتفعيل الجباية، وتشكيل أو تفعيل لجان تنفيذيه، لجبايه الضرائب ومحاسبه المقصرين، وهناك الاجراءات متبعة منها ربط بيانات القطاع المصرفي لأصحاب البطاقات والحسابات المصرفية، بدائرة ضريبة الدخل، وكذلك فرض العقوبة عليهم ومنها عدم السفر، لحين اكمال اجراءات الضريبية، لذا علينا من تطوير مجتمعنا وعمل حسابات مصرفية لجميع المواطنين لسرعة التعامل، وكذلك الحد والقضاء على المشكلات والازمات والظواهر السيئة في المجتمع.
سؤال آخر: ما مدى أهمية مستوى الوعي الضريبي بالعراق؟
أجاب الأستاذ (علي أياد الساعدي)، خبير في الشأن الاقتصادي، بالقول:
يستهدف نشر الوعي الضريبي بين أفراد المجتمع، تحفيزهم على أداء واجباتهم الضريبية، وفقاً لأحكام القانون بشكل طوعي, وتهيئة الفرصة لهم لتلافي الوقوع تحت طائلة العقاب والجزاءات القانونية، ومن الأهمية نشر الوعي الضريبي هو لنجاح أي برنامج للإصلاح الضريبي، أن يدرك الأفراد أن الضرائب التي يدفعونها، ستصرف لتزويدهم بالخدمات العامة، أذن ثمة ضرورة ملحة لنشر الوعي الضريبي بين المكلفين، حتى وهم يجلسون إلى مقاعد الدراسة، لكي ينشأ المواطن وهو على بينة من الالتزامات المستقبلية، التي يجب أن يوفيها تجاه دولته، وهي الالتزامات التي تقابل بالتأكيد، ما يطالب به دولته من حقوق وخدمات عامة، ويتم الوعي من خلال برامج خاصة، ودروس معينة وطرق الكترونية حديثة، وبعضها بسيطة، ليسهل نشر الوعي لكافة الثقافات والفئات العمرية.
اضف تعليق