q

اتاح التطور التكنلوجي الناتج عن ثورة المعلومات عبر الانترنت، امكانية "معرفة كل شيء في كل وقت"، ففي كل ثانية، تتدفق عبر الانترنت كميات هائلة من المعلومات الجديدة حول المستخدمين والذين يبحثون عن مضامين معينة للمواد المصورة المنشورة، في هذا الواقع الجديد، تملك مجموعات الانترنت العملاقة وخصوصا فيسبوك اليد الطولى في معرفة ميول المستخدمين ومرجعياتهم المعلوماتية والفكرية والاجتماعية وحتى الاقتصادية التي تتعلق بسوق الاعلان، لأن كثيرا من الناس لم يعودوا يتابعون المضامين الاعلامية والاعلانية سوى عبر الانترنت، وهذه المجموعات هي وحدها من يقدر على جمع المعلومات عن مستخدمي مواقعها، واذا كان البعض يتهمون هذه المجموعات بانها لا تقدم معلومات شفافة.

ضمن السياق نفسه بعدما كان بث المواد المصورة يقتصر على شاشات التلفزيون، صار قياس ميول المستخدمين اليوم مهمة صعبة بسبب تشعب وسائل البث بين المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك ويوتيوب.

مثال ذلك تعرض موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك لاتهامات بالانحياز لأحد المتنافسين في انتخابات الرئاسة الأمريكية أكثر من مرة، في المقال دافع مارك زوكربرغ، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، بقوة عن موقع التواصل الاجتماعي التابع لشركته عقب انتقادات وجهت إلى الموقع تتضمن نشر أخبار كاذبة ساعدت في صعود نجم دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وشدد زوكربرغ، أثناء حديثه في إطار أنشطة مؤتمر تيكونومي للتكنولوجيا في كاليفورنيا، على أنه لا ينبغي محاسبة فيسبوك على دقة الأخبار.

وأظهرت بيانات أن الموضوعات الإخبارية الكاذبة على موقع التواصل الاجتماعي كانت أكثر تداولا من الموضوعات الأخرى اللاحقة التي تكشف كذب الأولى.

وأصبح فيسبوك مصدرا هاما للتغطيات الإخبارية بالنسبة لأعداد متزايدة من الناس في جميع أنحاء العالم، خاصة الأمريكيين، وصُمم قسم "أحدث الأخبار" (News Feed) في فيسبوك خصيصا بحيث يعرض على المستخدمين المحتوى الذي يعتقد أنه الأكثر أهمية بالنسبة لهم، وهو ما يؤدي إلى ما يصفه البعض بـ"فقاعة الترشيح" والتي تعزز آراء الشخص دون عرض وجهات نظر مغايرة.

وفي وقت سابق من العام، واجهت شبكة التواصل الاجتماعي واسعة الانتشار اتهامات بأنها ضد ترامب عقب تردد مزاعم بأن مديري خدمة الأخبار يعطون أفضلية لأخبار اللبيراليين كي تظهر في قائمة الأخبار الأكثر تداولا على الموقع (Trending Box).

ورغم نفي شركة فيسبوك لتلك المزاعم، فُصل طاقم الموظفين العاملين في خدمة الأخبار، وبدأت الشركة في الاعتماد على "لوغاريتم" طورته من أجل اختيار الأخبار الأكثر تداولا على الموقع.

ونتيجة لذلك، ظهر عدد كبير من الأخبار التي ثبُت لاحقا أنها كاذبة على صفحات عدد كبير من المستخدمين.

وكان موقع فيسبوك يصر مرارا على أنه شركة تكنولوجيا وليس ناشرا للأخبار ويرفض فكرة أن يتحمل مسؤولية المحتوى الذي ينشره المستخدمون على منصته. ولكن بعد الانتخابات قال زوكربيرج إن فكرة أن الأخبار الزائفة أو المضللة على فيسبوك ساهمت في ترجيح كفة الفائز دونالد ترامب هي "فكرة مجنونة."

ومن أشهر الأخبار الكاذبة التي انتشرت في فترة الحملة الانتخابية الأمريكية تقارير زعمت أن البابا فرنسيس أعلن تأييده لدونالد ترامب وأن ضابطا اتحاديا كان يحقق مع المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون قد عثر عليه ميتا.

من جهة أخرى، تلقت طموحات الصين لتشديد القيود على الانترنت دفعة جديدة بتجدد مخاوف قديمة تتمثل في الإرهاب والأخبار الكاذبة، فيما حذرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل من قوة الاخبار المزيفة في وسائل التواصل الاجتماعي التي تساهم في صعود الشعبويين، بعد اطلاقها حملتها لولاية رابعة، وعليه يبدو ان الشبكات الاجتماعية تكرس نوع من انواع القوة الناعمة عن طريق ما تتيحه من خدمات اخبارية ومعلوماتية متعددة المضامين والمصادر.

الإرهاب والأخبار الكاذبة تحتم زيادة القيود على الانترنت عالميا

فقد دعا مسؤولون وقيادات في قطاع الأعمال بالصين في المؤتمر العالمي الثالث للانترنت الذي عقد الأسبوع الماضي في وو تشن إلى فرض المزيد من القواعد الصارمة وأشاروا إلى قدرة المتطرفين على تنظيم أنفسهم عبر الانترنت ونشر الأنباء الكاذبة خلال الانتخابات الأمريكية الأخيرة وقالوا إنها علامات على أن الفضاء الالكتروني أصبح خطرا وغير عملي، وقال رين شيانلينغ نائب الوزير بأعلى سلطة للانترنت في الصين يوم الخميس إن هذه العملية أشبه "بتركيب المكابح لسيارة قبل السير بها على الطريق".

وأوصى رين باستخدام نظم التعرف على مستخدمي الانترنت الذين ينشرون أنباء كاذبة أو شائعات حتى يمكن معاقبة المسيء، وتجيء هذه التعليقات في وقت تواجه فيه شبكتا التواصل الاجتماعي الأمريكيتان فيسبوك وتويتر انتقادات لدورهما في قيام بعض المستخدمين بنشر معلومات زائفة مغرضة يقول البعض إنها ساهمت في التأثير على انتخابات الرئاسة الأمريكية لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب. بحسب رويترز.

وخلال السنة الأخيرة أضفت الصين الصفة الرسمية على سلسلة من قيود الانترنت بما فيها قانون للأمن الإلكتروني أحدث ضجة عن إقراره هذا الشهر وكذلك فرض قواعد تقول جماعات للأعمال في الخارج إنها قد تحول دون دخول شركات أجنبية إلى السوق.

وأتاح المؤتمر الذي يعقد سنويا في هذه المدينة الواقعة خارج شنغهاي فرصة للاطلاع على الموقف الصيني المتشدد الجديد إذ أن المشاركين في السنتين السابقتين كان يتاح لهم الدخول على المواقع التي تحجبها الصين في العادة ومنها جوجل وفيسبوك لكن هذا لم يحدث في العام الحالي، وكان قانون الأمن الإلكتروني الصيني الذي يبدأ سريان مفعوله في يونيو حزيران المقبل قد أثار مخاوف من الرقابة الشديدة ومتطلبات تخزين البيانات محليا، وتقول الهيئة المشرفة على قطاع الانترنت في الصين إن القانون لا يستهدف الشركات الأجنبية ويرمي للتخفيف من مخاطر الإرهاب عبر الانترنت على بنية تحتية حيوية.

ميركل تحذر من الاخبار المزيفة التي تساهم في صعود الشعبويين

حذرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل من قوة الاخبار المزيفة في وسائل التواصل الاجتماعي التي تساهم في صعود الشعبويين، بعد اطلاقها حملتها لولاية رابعة، وحذرت ميركل في خطاب امام البرلمان لاول مرة منذ اعلانها الاحد ترشحها للانتخابات العام المقبل، من "التلاعب" بالرأي العام عبر الانترنت. وقالت "النقاش (السياسي) يحدث في بيئة اعلامية جديدة تماما"، واضافت ان "الاراء لا تتشكل بالطرق نفسها التي كانت عليها قبل 25 عاما"، مشيرة الى انه "لدينا اليوم مواقع مزيفة ومستخدمون وهميون ومتنمرون -اشياء تجدد نفسها وتفرض اراء مع خوارزميات معينة وعلينا التعامل معها".

وبحسب ميركل، فان التحدي امام حزبها المحافظ الاتحاد المسيحي الديموقراطي هو "الوصول الى الناس والهامهم". واكدت انه "يجب علينا التصدي لهذه الظاهرة، والقضاء عليها ان اقتضى الامر"، واكدت المستشارة دعمها لمبادرات من ائتلافها الحكومي بالقضاء على "خطاب الكراهية" عبر وسائل التواصل الاجتماعي في وجه ما وصفته ب "المخاوف بشأن استقرار النظام المألوف لدينا"، وتابعت محذرة "الشعبوية والتطرف السياسي في تزايد في الديموقراطيات الغربية"، واعلنت "غوغل" و"فيسبوك" الاسبوع الماضي قطع عائدات الاعلانات التابعة للمواقع الاخبارية المزيفة بعد حملة الانتخابات الاميركية والتي يشتبه في تأثيرها على نتيجتها المفاجئة.

وتشغل ميركل (62 عاما) منصب المستشارية منذ احد عشر عاما، وهي فترة قياسية في الحكم في الدول الغربية، وتشير استطلاعات الراي الى انها تتمتع بفرص كبيرة للفوز. لكن حزبها الاتحاد المسيحي الديموقراطي فقد زخمه مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في ايلول/سبتمبر او تشرين الاول/اكتوبر 2017. بحسب فرانس برس.

وبذلك ستحطم ميركل الرقم القياسي في مدة الحكم لـ14 عاما في المانيا الذي سجله المستشار كونراد اديناور بعد الحرب العالمية الثانية. لكنها ستعادل سلفها وراعيها السياسي هلموت كول الذي بقي مستشارا لـ16 عاما.

زوكربرج ينفي مجددا تأثير فيسبوك على الانتخابات الأمريكية

نفى مارك زوكربرج الرئيس التنفيذي لفيسبوك مجددا مزاعم تأثير موقع التواصل الاجتماعي الشهير على انتخابات الرئاسة الأمريكية وقال في وقت متأخر يوم السبت إنه "من غير المرجح بشدة" أن تكون الأخبار الكاذبة قد غيرت النتيجة.

وبعدما وقع في شراك خلافات تتعلق بالمحتوى خلال الشهور الأخيرة أصر فيسبوك على أنه شركة تكنولوجيا وليس شركة إعلامية. ولكن الفحص الدقيق للموقع زاد منذ الفوز المفاجئ للمرشح الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي جرت إذ يزعم منتقدون أن الموقع ساعد على نشر أكاذيب عبر القصص الإخبارية المغلوطة وتلفيق الأنباء، وأضاف "من بين كل المحتوى الذي ينشر على فيسبوك يعد أكثر من 99 في المئة مما يراه الناس حقيقيا" مشيرا إلى أن هدف الشبكة هو "منح كل شخص صوت"، وقال البيان إن فيسبوك بدأت العمل في سبيل تمكين الناس من وضع علامة على الأخبار الكاذبة.

وقبل انتخابات الرئاسة الأمريكية في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني اطلع مستخدمو فيسبوك على تقارير إخبارية خاطئة تدعي أن البابا فرنسيس يؤيد ترامب وأخرى تفيد بالعثور على ضابط اتحادي يحقق في مسألة البريد الإلكتروني الخاص بالمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون ميتا، وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن الإدارة العليا بدأت حوارا بشأن فحص تدخل فيسبوك في التأثير على الآراء والأصوات مضيفة أن مجموعة من نواب الرؤساء والمديرين التنفيذيين بدأوا في مناقشة الدور الذي لعبه فيسبوك في نتيجة الانتخابات.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مجهولة قولها إن الفريق المسؤول عن سياسة فيسبوك اجتمع وتعتزم الشركة بحث مخاوف، العاملين في اجتماع موسع، ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من ممثلي فيسبوك بشأن تقرير الصحيفة.

تشعب وسائل البث يصعب قياس ميول المستخدمين

تقول ميغان كلاركن نائبة المدير التنفيذي لمؤسسة "نيلسن" كبرى المؤسسات في هذا المجال على مستوى العالم "سنشهد في المستقبل مزيدا من التشعب، وظهورا للمزيد من منصات البث للمواد المرئية"، وتضيف كلاركن التي شاركت في الاسابيع الماضية في مؤتمر "اسبوع التسويق" في نيويورك "هناك حاجة متزايدة لقياس (توجهات المستخدمين) بشكل يحيط بالمنصات المتاحة، مع توفير بيانات مقارنة".

ويقول المسؤول العلمي في مؤسسة "سيمونز ريسرتش" ستيفن ميلمان "لقد انتقلنا من حال كنا فيه نفتح صنبورا صغيرا لنخرج منه بعض القطرات من المعلومات، الى حال تفيض فيه المعلومات مثل الطوفان"، لكن هذه المعلومات ليست مطلوبة كلها، وهي كثيرة جدا، لذا ينبغي اختيار ما هو مناسب منها، بحسب ميغان كلاركن.

واقرت "فيسبوك" بوقوع خطأ يتعلق بعدد زوار الصفحات التي تنشأ للترويج لشركات او علامات تجارية، اذ ان زيارة الشخص الواحد اكثر من مرة كانت تسجل زيارة في كل مرة، وما ان يجري تصحيح الخطأ كان العدد الذي يقدمه الموقع عن الزوار ينحسر بما بين 33 و55 %، وفي ايلول/سبتمبر اقرت بانها قدمت على مدى عامين معلومات مضخمة عن مشاهدات المقاطع المصورة المنشورة على صفحاتها بما بين 60 و80 %، واعلنت اتخاذ جملة اجراءات لمعالجة الخلل.

وفي هذا السياق تطرح ايضا مسألة استخدام البيانات الشخصية للمستخدمين لاهداف تجارية، وقد وقعت "نيلسن" اتفاقا مع "فيسبوك" لتزويدها ببيانات لتطوير نتائجها، ولكنها تغفل اسماء الاشخاص، ويقول نائب رئيس "نيلسن" ديفيد وونغ "لا نحصل على اية معلومات شخصية"، وانما مجرد معلومات تفيد في فهم ميول المستخدمين، وفقا للعمر والجنس.

وتوصلت "نيسلن" بذلك الى تصميم نظام "توتال اوديانس" الذي يتيح قياس ميول المشاهدين للبرامج والمضامين المصورة على كل القنوات وعبر كل وسائل البث، من التلفزيون الى الحواسيب والاجهزة اللوحية والهواتف الذكية.

وعملت شركات منافسة لمجموعة "نيلسن"، مثل "كومسكور"، و"كانتار ميدا" على تصميم انظمة مشابهة، لكن الارقام التي تصدرها "نيسلن" تتغير مع الوقت، وكثير من المواد المنشورة على الانترنت لا يعرف تاريخ بثها، وبالتالي لا يمكن معرفة الوقت الاجمالي الذي كانت فيه متاحة للمشاهدة، ويقول ستيفن ميلان "نريد ان نعرف كل شيء يحصل في العالم في كل وقت، لكننا لن نستطيع ذلك، ليس لدينا سوى اجزاء" من الصورة.

اضف تعليق