هل يمكن العيش بدون مواقع التواصل الاجتماعي؟، يبدو السؤال عبثيا ولا داعي منه، لكن في الحقيقة يجب ان نطرح مثل هذه الأسئلة على أنفسنا بين الحين والآخر، يشكوا الملايين من هيمنة مواقع التواصل الاجتماعي على تفاصيل حياتهم اليومية، اذ يرافق هذه الهيمنة ضغوط نفسية وعصبية تصل في بعض الأحيان الى النفور والتصادم...
هل يمكن العيش بدون مواقع التواصل الاجتماعي؟، يبدو السؤال عبثيا ولا داعي منه، لكن في الحقيقة يجب ان نطرح مثل هذه الأسئلة على أنفسنا بين الحين والآخر.
يشكوا الملايين من هيمنة مواقع التواصل الاجتماعي على تفاصيل حياتهم اليومية، اذ يرافق هذه الهيمنة ضغوط نفسية وعصبية تصل في بعض الأحيان الى النفور والتصادم مع الوسط المحيط بالفرد؛ نتيجة لما تمارسه هذه الشبكات من سطوة تفرض واقعا حياتيا جديدا مخالفا في الوقت نفسه الأسلوب الحياتي القديم لهؤلاء الافراد.
يعتقد الكثير ان العودة الى الوراء والى نمط الحياة في السابق من الصعب او المستحيل، فلم يتخيل أحد انه يستمتع الى الراديو القديم المحمول في جيبه، او ينصت الى مذياع العجلة الذي يعتبر أحد اهم الوسائل في نشر المعلومة ونشر التسلية والترفيه الى غيرها من الوظائف الإعلامية، وقد يرى ومن المستحيل أيضا ان يتعرف على أصدقاء جدد بعيدا عن شبكات التواصل الاجتماعي.
من اوجد فرضية الاستحالة والصعوبة يعود بذلك الرأي الى ما سهلته مواقع التواصل الاجتماعي واستخدامات الهاتف الذي ربط القارات السبع ببعضها، وجعلها قرية كونية صغيرة قائمة على الشبكات المعلوماتية، وسرعة انتشار المعلومة في ارجاع المعمورة.
فعن طريق الهواتف الذكية والشبكات الاجتماعية تسهّل على البشرية العيش ومواجهة الصعوبات في الحياتين اليومية والمهنية، فالكل أصبح بحاجة اليها في التعاطي مع التغيرات الدائمة والبحث عن صداقات ومناطق جديدة للتحرك فيها، وهذا بطبيعة الحال من الصعب ادراكه دون الاعتماد على الاكتشافات التقنية الحديثة.
بعد التغلغل الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي في الانطقة الحياتية، صار من الصعب الانكفاء على الذات في ظل الذهاب الى المزيد من التشابك بين النطاقين العملي والشخصي، إضافة الى المزيد من الاعتماد على الجانب الرقمي الذي شكل هوية رقمية لكل فرد مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي.
ومع الارتباط الوثيق الذي وصلت اليه الحالة بين الافراد وشبكات التواصل الرقمية، يبقى الانسان بحاجة الى قسط من الانفراد مع النفس ليبدأ التأمل والتفكير الصحيح بعيدا عن الضغوطات المتواصلة لهذه التنبيهات والاشعارات التي تظهر على سطح الشاشة الذكية.
لقد تمكنت مواقع التواصل الاجتماعي من جعل حياتنا عبارة عن يوم طويل، اختفت فيه الفروق بين اوقات العمل والدراسة والاجازة، وكأننا ندور في إيقاع واحد تحت ضغط متواصل يفقد فيه الفرد معالم طريقه نحو الراحة النفسية والمتعة الذاتية بعيدا عن سلطة الهواتف والمواقع الالكترونية.
ومع هذه السلطة القوية هنالك ثمة من يستطيع العيش مكتفيا بالهاتف البسيط الذي يهاتف فيه اقاربه وأعضاء اسرته، غير مكترث لعدم اشتراكه بمواقع التواصل الاجتماعي، ومختصر استخدامه لهذا النوع من التقنية لغاية الاتصال المحدود وهم في طبيعة الحال من كبار السن غالبا او ممن يعيشون في المناطق النائية بعيدا عن مراكز المدن لكنهم مقتنعين بهذا الأسلوب.
التخلي عن المواقع والوسائط الحديثة ليس بالسهولة التي نتصورها ونتحدث فيها بصورة دائمة، ذلك لان كما أسلفنا أصبح لهذه المواقع نصيب كبير من أيام المستخدم سواء في العمل او المنزل، وبذلك ليس بالإمكان الخلاص من الخيوط غير المرئية التي التفت على كيان الفرد وغلفته بالوجود غير الطبيعي.
صاحب هذا المقال خاض في احدى السنوات تجربة ان يكون خارج العالم الافتراضي لمدة أحد عشر يوما، ولم يتغير شيء بالنسبة لحياته الشخصية سوى شعوره بالراحة النفسية طوال مدة الانقطاع، وهنا اود القول أتمنى من القارئ لهذه السطور الا يضع افكارنا هذه ضمن النزعة الرجعية بينما الحياة تتقدم يوم بعد آخر، لكن الفحوى من هذا الطرح هو التقليل من الضغوطات النفسية على الانسان لكي يعيش حالة من الاستقرار الذهني.
اضف تعليق