q
عندما يبدو أن الروبوتات تتفاعل مع الناس وتُظهر مشاعرَ شبيهةً بمشاعر الإنسان، فقد ينظر إليها الناس على أنها قادرة على "التفكير" أو التصرف بناءً على معتقداتها ورغباتها الخاصة، وأنها ليست مُبرمجة آليًّا، يمكن أن يكون الترابط الاجتماعي مع الروبوتات مفيدًا في رعاية المسنين ويؤدي إلى درجة أعلى من الامتثال...
بقلم محمد السيد علي

عندما يبدو أن الروبوتات تتفاعل مع الناس وتُظهر مشاعرَ شبيهةً بمشاعر الإنسان، فقد ينظر إليها الناس على أنها قادرة على "التفكير" أو التصرف بناءً على معتقداتها ورغباتها الخاصة، وأنها ليست مُبرمجة آليًّا.

هذه النتيجة توصل إليها فريق بحثي إيطالي، بعد تجارب تفاعُلية أُجريت بين البشر وروبوت "بشري" يُدعى (iCub)، طوّره المعهد الإيطالي للتكنولوجيا، الذي يختبر خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تُمكّن الروبوت من إصدار تعابير وحركات واقعية تشبه البشر، ونشروا نتائج الدراسة، اليوم "الخميس"، 7 يوليو، في دورية "تكنولوجي مايند آند بيهافير" (Technology, Mind, and Behavior).

من جهتها، تشير أجنيسكا فيكوفسكا -قائدة وحدة الإدراك الاجتماعي في التفاعل بين الإنسان والروبوت بالمعهد الإيطالي للتكنولوجيا، وقائدة فريق البحث- إلى أن "العلاقة بين الشكل المُجسّم والسلوك الشبيه بالبشر والميل إلى إسناد الفكر المستقل والسلوك المتعمد إلى الروبوتات لم يتم فهمها بعد".

تقول "فيكوفسكا" في البيان الصحفي المُصاحب للدراسة، الذي اطلعت "للعلم" على نسخة منه: أصبح الذكاء الاصطناعي يمثل جزءًا من حياتنا بصورةٍ تتزايد يومًا بعد يوم، وبات من المهم أن نفهم كيف أن التفاعل مع الروبوت الذي يعرض سلوكياتٍ شبيهةً بسلوكيات الإنسان قد يؤدي إلى زيادة احتمالية إسناد الفاعلية المقصودة إليه.

ومن خلال ثلاث تجارب شملت 119 مشاركًا، درس الباحثون كيف يمكن للأفراد إدراك تصرفات الروبوت (iCub)، بعد التواصل معه ومشاهدة مقاطع فيديو له.

وقبل التفاعل مع الروبوت وبعده، أكمل المشاركون استبانةً في حين عُرضت عليهم صورٌ للروبوت في مواقف مختلفة، وطُلب منهم اختيار ما إذا كان دافع الروبوت في كل موقف ميكانيكيًّا أم مقصودًا.

فعلى سبيل المثال، شاهد المشاركون ثلاث لقطات تُصوّر الروبوت وهو يختار أداة، وكان عليهم تحديد ما إذا كان الروبوت قد "أمسك بأقرب جسم له" أم أنه "كان مفتونًا بهذه الأداة ولذلك اختارها".

في التجربتين الأُوليين، قام الباحثون بالتحكم عن بُعد في تصرفات الروبوت، بحيث يتصرف بشكل اجتماعي، ويُحيّي المشاركين، ويقدم نفسه ويطلب من المشاركين أن يعرفوه بأنفسهم.

وكانت الكاميرات في عيني الروبوت قادرةً أيضًا على التعرف على وجوه المشاركين والحفاظ على التواصل البصري معهم، ثم شاهد المشاركون ثلاثة مقاطع فيديو وثائقية قصيرة مع الروبوت، بعد أن تمت برمجته للرد على مقاطع الفيديو بالأصوات وتعبيرات الوجه بالحزن أو الرهبة أو السعادة.

وفي التجربة الثالثة، قام الباحثون ببرمجة الروبوت، ليتصرف بشكل أكبر كآلة وليس كـ"بشري" في أثناء مشاهدة مقاطع الفيديو مع المشاركين؛ إذ تم إلغاء تنشيط الكاميرات الموجودة في عيني الروبوت حتى لا يتمكن من الحفاظ على الاتصال البصري معهم، وقام فقط بنطق جمل مسجلة للمشاركين حول المواقف التي كان يمر بها، أما جميع ردود الفعل العاطفية على مقاطع الفيديو فقد حل محلها "صوت تنبيه" وحركات متكررة لجذع الروبوت ورأسه ورقبته.

ووجد الباحثون أن المشاركين الذين شاهدوا مقاطع فيديو باستخدام الروبوت الشبيه بالبشر كانوا أكثر تعرضًا لتقييم تصرفات الروبوت على أنها مقصودة، وليست مُبرمجة، في حين أن أولئك الذين تفاعلوا فقط مع الروبوت الشبيه بالآلة لم يفعلوا ذلك.

وعن دلالات التجربة، تقول "فيكوفسكا" في تصريحات لـ"للعلم": تُظهر النتائج أن التفاعل مع الروبوت الذي يتصرف بطريقة شبيهة بالإنسان يزيد بالفعل من احتمالية إسناد الفاعلية المقصودة إليه، إن هذا لا يرجع إلى مجرد التواصل مع الروبوت، بل بسبب سلوكه الشبيه بالبشر.

وأضافت أن "هذه النتائج تُظهر أيضًا أنه من المرجح أن يعتقد الناس أن الذكاء الاصطناعي قادرٌ على التفكير المستقل عندما يخلق لديهم انطباعًا بأنه يمكن أن يتصرف تمامًا مثل البشر".

وحول أهمية النتائج، تقول "فيكوفسكا": يمكن أن توجه هذه النتائج عملية تصميم الروبوتات الاجتماعية في المستقبل، إذ تُظهر نتائجنا أن الروبوتات التي تبدو شبيهةً بالبشر تزيد من احتمالية معاملتها كشركاء تفاعل، ويمكن أن يؤخذ هذا في الاعتبار عند تطوير الروبوتات المساعدة اجتماعيًّا.

وتتابع: في بعض سياقات التطبيق، قد يكون الترابط الاجتماعي مع الروبوتات مفيدًا، على سبيل المثال، في رعاية المسنين، قد يؤدي الارتباط الاجتماعي مع الروبوتات إلى درجةٍ أعلى من الامتثال فيما يتعلق باتباع التوصيات المتعلقة بتناول الأدوية، ومن ناحية أخرى، من المهم أيضًا تحديد السياق الذي قد يكون فيه الترابط الاجتماعي مع الروبوتات غير مرغوب فيه.

ونوهت بأن تحديد السياقات التي يكون فيها الترابط الاجتماعي وإسناد القصد مفيدًا لرفاهية البشر هو الخطوة التالية للبحث في هذا المجال، قبل عمل هذه الخطوة، من الضروري فهم العوامل في مظهر وسلوك الروبوت التي تسهم في الترابط الاجتماعي وإسناد القصد، وتسهم نتائج دراستنا في هذا المجال من خلال إظهار أنه مع المظهر نفسه للروبوت، فإن خلق سلوك يشبه الإنسان أو لا في أثناء أداء نشاط اجتماعي يؤثر على احتمال تفاعلنا مع الروبوتات.

اضف تعليق