q
تتحدث شركات التكنولوجيا ومسوقوها والمحللون المختصون بها عن مفهوم "الميتافيرس" بوصفه الحدث التكنولوجي الأبرز الذي يترقبه المعنيون، كما أنه اجتذب انتباه - وتمويل - بعض أكبر الأسماء في عالم التكنولوجيا، كمؤسس موقع فيسبوك، مارك زوكربيرغ، ومؤسس شركة الألعاب الإلكترونية إيبيك غيمز، تيم سويني...

تتحدث شركات التكنولوجيا ومسوقوها والمحللون المختصون بها عن مفهوم "الميتافيرس" بوصفه الحدث التكنولوجي الأبرز الذي يترقبه المعنيون، كما أنه اجتذب انتباه - وتمويل - بعض أكبر الأسماء في عالم التكنولوجيا، كمؤسس موقع فيسبوك، مارك زوكربيرغ، ومؤسس شركة الألعاب الإلكترونية إيبيك غيمز، تيم سويني.

فما هو الميتافيرس؟ لمن لا خبرة لهم به، قد يبدو الميتافيرس وكأنه نسخة منقحة من الواقع الافتراضي. لكن البعض يعتقدون أنه قد يصبح مستقبل الإنترنت. بل إن ثمة اعتقاداً بأن مقارنته بالواقع الافتراضي ربما ستشبه مقارنة الهواتف الذكية بالجيل الأول من الهواتف المحمولة الضخمة التي أُنتجت في ثمانينيات القرن الماضي.

فبدلاً من الجلوس أمام جهاز كمبيوتر، ربما كل ما ستحتاج إليه عند الاتصال بالميتافيرس هو نظارة أو جهاز يوضع على الرأس لكي تتمكن من دخول عالم افتراضي يربط بين مختلف أنواع البيئات الرقمية.

وبخلاف الواقع الافتراضي الحالي، الذي يستخدم بالأساس في ألعاب الفيديو، فإن العالم الافتراض الجديد قد يستخدم في أي شيء - كالعمل واللعب والحفلات الموسيقية والذهاب إلى دور السينما، أو مجرد الالتقاء بالأصدقاء.

غالبية الناس يتصورون أنك ستحتاج إلى أن يمثلك "أفاتار"، أو صورة رمزية ثلاثية الأبعاد، لكي تتمكن من استخدامه. ولكن لأن الميتافيرس لا يزال مجرد فكرة جديدة، فإنه لم يٌتفَق بعد على تعريف موحد له.

لماذا اكتسب كل هذا الزخم بشكل مفاجئ؟ عادة ما تثار ضجة دعائية حول العوالم الرقمية وما يعرف بالواقع المعَزز كل بضعة أعوام، لكنها سرعان ما تخبو.

إلا أن هناك قدراً كبيراً من الإثارة والترقب للميتافيرس في أوساط المستثمرين الأثرياء وشركات التكنولوجيا الضخمة، ولا أحد يرغب في أن يتخلف عن الركب إذا ما صار هذا المفهوم بالفعل هو مستقبل الإنترنت.

كما يسود شعور بأنه للمرة الأولى، أوشكت التقنية أن تكون متاحة، مع التقدم الذي تشهده ألعاب الفيديو باستخدام الواقع الافتراضي، واقتراب الاتصالية من الشكل الذي يتطلبه الميتافيرس.

ما علاقة فيسبوك بالميتافيرس؟ فقد استثمر أموالاً طائلة في الواقع الافتراضي من خلال نظارات "أوكيولاس"، ما جعلها أرخص ثمناً من منافساتها، وربما يكون قد تكبد خسائر نتيجة لذلك، وفقاً لبعض المحللين.

كما يعكف على تصميم تطبيقات واقع افتراضي للقاءات الاجتماعية والاجتماعات في أماكن العمل، بما في ذلك تطبيقات تتفاعل مع العالم الحقيقي.

رغم ما اشتهر به فيسبوك من شراءه للشركات المنافسة له، فإنه يزعم أن الميتافيرس "لن يُصمم بين عشية وضحاها من قبل شركة واحدة"، وتعهد بالتعاون مع شركات أخرى، واستثمر فيسبوك 50 مليون دولار أمريكي في تمويل هيئات غير ربحية للمساعدة في "تصميم الميتافيرس بشكل مسؤول".

ما الشركات الأخرى المهتمة بالميتافيرس؟ لطالما تحدث تيم سويني، رئيس شركة إيبيك غيمز (التي تنتج لعبة فورتنايت)، عن طموحاته المتعلقة بالميتافيرس.

تستخدم ألعاب الفيديو متعددة اللاعبين والتي تمارس عبر الإنترنت عوالم تفاعلية مشتركة منذ عقود. هذه العوالم ليست ميتافيرس، لكنها تشترك معه في بعض الأفكار.

في الأعوام الأخيرة، وسعت فورتنايت من منتجاتها، حيث استضافت حفلات موسيقية وملتقيات لبناء العلامة التجارية، وغير ذلك، داخل عالمها الرقمي الخاص. أثار ذلك إعجاب الكثيرين ولفت انتباههم إلى ما يمكن تحقيقه، كما سلط الضوء على رؤية السيد سويني بشأن الميتافيرس.

هناك بعض الألعاب الأخرى التي تقترب أيضاً من مفهوم الميتافيرس. على سبيل المثال روبلوكس، التي تعد منصةً لآلاف الألعاب المنفردة التي ترتبط جميعاً بنظام بيئي أكبر، وفي غضون ذلك، تستثمر "يونيتي"، وهي منصة لتطوير المنتجات ثلاثية الأبعاد، فيما يعرف "بالتوائم الرقمية" - وهي نسخ رقمية للعالم الحقيقي، كما أن شركة تصميمات الغرافيكس "نفيدا" تعكف حالياً على بناء ميتافيرس خاص بها، تصفه بأنه منصة للربط بين العوالم الافتراضية ثلاثية الأبعاد.

هل يتعلق الأمر إذاً بالألعاب فقط؟ لا. رغم أن هناك الكثير من الأفكار حول الشكل الذي سيتخذه الميتافيرس، إلا أن غالبية الرؤى تضع التفاعل الإنساني في لب ذلك المفهوم، فيسبوك على سبيل المثال، يقوم باختبار تطبيق للاجتماعات الافتراضية أطلق عليه "وركبليس" (أو مكان العمل)، ومنبر اجتماعي اسمه "هورايزونز" (أو آفاق)، وكلاهما يستخدم نظم أفاتار افتراضية خاصة به.

تطبيق "وركبليس" التابع لفيسبوك يتخيل اجتماعات افتراضية يستطيع الأشخاص خلالها استخدام حواسبهم في نفس الوقت، وهناك تطبيق آخر للواقع الافتراضي هو "في.آر.تشات" يركز تركيزاً كلياً على الالتقاء والدردشة عبر الإنترنت، ولا هدف له سوى استكشاف بيئات مختلفة ومقابلة أشخاص آخرين، وربما كانت هناك تطبيقات أخرى بانتظار من يكتشفها، سويني صرح مؤخراً للواشنطن بوست بأن لديه رؤية لعالم تستطيع فيه شركة تصنيع سيارات تسعى إلى الترويج لطراز جديد أن "تطرح سياراتها في الوقت الحقيقي، فيتمكن المرء من قيادتها في الحال في العالم الافتراضي، ربما عندما تذهب للتسوق عبر الإنترنت، سيكون بإمكانك قياس الملابس رقمياً أولاً، ثم تطلبها ويتم توصيلها إليك في العالم الحقيقي.

هل التكنولوجيا موجودة بالفعل؟ شهدت تكنولوجيا الواقع الافتراضي تطوراً كبيراً في الأعوام الأخيرة، حيث ابتُكرت نظارات باهظة الثمن بإمكانها خداع العين البشرية وجعلها ترى الأشياء بالأبعاد الثلاثية، بينما يتنقل اللاعب في العالم الافتراضي. كما أصبحت أكثر شيوعاً - فقد كانت نظارة "أوكيولاس كويست-2" التي تستخدم في ألعاب الواقع الافتراضي من بين الهدايا الرائجة خلال أعياد الميلاد في 2020.

وربما يشير تفجر الاهتمام بتقنية التشفير "إن.إف.تي"، التي قد تزودنا بوسيلة موثوقة لتتبع ملكية السلع الرقمية، إلى الكيفية التي سيعمل بها الاقتصاد الافتراضي في المستقبل.

والعوامل الرقمية الأكثر تطوراً سوف تكون بحاجة إلى اتصالية أكثر جودة واتساقاً وقابلية للتنقل - وهو شيء ربما يتحقق مع توسيع نطاق تقنية ال 5 جي.

حالياً، لا يزال كل شيء في مراحله الأولى. وتطور الميتافيرس - إذا حدث من الأصل، سوف يكون شيئاً تتصارع عليه شركات التكنولوجيا العملاقة على مدى العقود القادمة، وربما لأبعد من ذلك.

الخيال أصبح حقيقة

يبدو أن ما كان خيالا في طريقه لأن يصبح واقعا متجسدا مع مصطلح جديد أخذ يغزو عوالم التكنولوجيا بشكل واسع مؤخرا، ألا وهو "الميتافيرس" (Metaverse) الذي يبدو كأنه تعبير قادم من إحدى الروايات أو أفلام الخيال العلمي، ولكن الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك (Facebook) مارك زوكربيرغ بدا جادا جدا مطلع هذا الشهر وهو يتحدث بحماس بالغ عن قدرة الميتافيرس على تغيير شكل ومستقبل الشركة التي ساهم في تأسيسها، بل شكل ومستقبل وسائل التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت ذاتها.

فقط تخيل أن تكون قادر على الجلوس مع صديقك الذي يبعد عنك بآلاف الكيلومترات، أو أن تحضر بشكل افتراضي في مقر عملك بالرغم من أنك على الشاطئ، هذه هي فكرة ميتافيرس، ويمكن تعريف ميتافيرس بأنها رؤية جديدة للمستقبل، وهو ما يراهن عليه مارك زكربيرج ويصفه بأنه الثورة المقبلة في تطور الإنترنت. وفي الواقع، الميتافيرس هو مصطلح مرتبط بالخيال العلمي، وقد ظهر للمرة الاولى في عام 1992.

وقد تمت صياغة هذا المصطلح على يد “Neal Stephenson”، في روايته التي تحمل الاسم “Snow Crash”، وهو الذي عبر حينها عن عالم افتراضي يمكن للبشر أن يتفاعلون مع بعضهم البعض فيه.

الميتافيرس هذا المصطلح كان خياليًا بالكامل عندما ظهر للمرة الأولى. لكن في الوقت الحالي هو في طريقه للتحول لحقيقة. ويُذكر أن الرواية السابق ذكرها هي واحدة من الروايات المعروفة بين رواد أعمال وادي السيليكون.

وقد تحولت هذه الفكرة في الأشهر الأخيرة لواحدة من أهم الأفكار المتداولة في المجتمع التقني، وقد ازدادت أهمية الأمر عندما أعلنت فيسبوك رسميًا عن تأسيس فريق عمل جديد داخل الشركة للعمل على الميتافيرس، طبقًا لرؤية مارك زكربيرج بالطبع.

وصرّح زكربيرج لأحد المواقع قائلًا: “هذا سيكون جزءًا ضخمًا من الفصل القادم في صناعة التكنولوجيا”. وقد ذكر ايضًا أنه يتوقع أن تتحول فيسبوك خلال السنوات الخمسة القادمة من شركة تواصل اجتماعي لشركة ميتافيرس، ويختلف تعريف مصطلح “ميتافيرس” من شخص لآخر ومن منصة لأخرى. لكن يمكن وصفها ببساطة بأنها الدمج بين العالم الحقيقي الذي نعيش فيه، والعالم الافتراضي.

وتطبيق هذه الفكرة سيتم بالاعتماد على تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي. وهي تقنيات تستثمر فيها فيسبوك منذ سنوات طويلة، وبالرغم من أن الميتافيرس كما نفهمها حاليًا قد تتضمن إمكانية استعراض معلومات في الوقت الحقيقي في أي مكان. إلا أنها قد تصل في المستقبل لإمكانية نقلك لأي مكان. حيث أنه وكما ذُكر في المقدمة. يمكنك وأنت في منزلك أن تتواجد بشكل فعلي في أي مكان آخر، وأن يتفاعل معك الآخرين وكأنك فعلًا في هذا المكان، وفي ظل موجة العمل من المنزل الحالية. والتي تحدث بسبب فيروس كوفيد-19. يمكن للموظفين أن يتواجدوا سويًا ويتواصلون مع بعضهم البعض. وهو أمر أشار له زكربيرج في اجتماع سابق، واعتمادًا على نفس الفكرة. يمكن للأشخاص من جميع أنحاء العالم أن يجتمعون بشكل افتراضي لحضور حفل ما، تمامًا كما لو كانوا هناك.

وفيسبوك وشركات أخرى لا تعمل في هذا المكان بدافع الابتكار فقط. بل نجاح هذه الفكرة سيسمح للشركة بتحقيق مبيعات ضخمة، من خلال بيع الأجهزة والمستلزمات الضرورية لدخول الميتافيرس، وكذلك بيع السلع الافتراضية التي سيمكنك استخدامها وأنت داخل هذا العالم.

عالم موازي يفتح شهية عمالقة القطاع الرقمي

تخيلوا عالما رقميا يمكنكم أن تعيشوا فيه حياة موازية من دون مغادرة المنزل: أهلاً بكم في الـ"ميتافيرس" التي تعتبرها "فيسبوك" وشركات ألعاب الفيديو والإنترنت الأخرى العملاقة، بمثابة القفزة الكبيرة التالية في تطور الشبكة العنكبوتية.

من حفل مع الأصدقاء إلى تسلق قمة إيفرست من خلال خوذة الواقع الافتراضي مرورا بعقد اجتماعات مع الزملاء في مكاتب أعيد استصلاحها رقميا... تفتح "ميتافيرس" آفاقا من شأنها دفع حدود العالم المادي لتقريب العالمين الواقعي والافتراضي من بعضهما إلى درجة الاندماج.

وتم تطوير هذا المفهوم عام 1992 من جانب نيل ستيفنسون في رواية الخيال العلمي "سنو كراش"، وهو كتاب مرجعي لرواد الأعمال في سيليكون فالي، إلى ان أصبح مصطلح "ميتافيرس" في الأشهر الأخيرة إحدى أكثر الكلمات شعبية في عالم التكنولوجيا وألعاب الفيديو.

حتى أن أكبر الشركات في القطاع تستثمر ملايين الدولارات في تطويرها... وآخر المنضمين إلى هذا المجال هي فيسبوك التي أعلنت الاثنين عن إنشاء فريق مخصص للـ"ميتافيرس"، وقال رئيس الشبكة مارك زاكربرغ لموقع "ذي فيرج" الأسبوع الماضي "سيكون هذا جزءا كبيرا جدا من الفصل التالي لصناعة التكنولوجيا"، مشيرا إلى أن "ميتافيرس هو وريث الإنترنت المحمول".

مستقبل التفاعلات الاجتماعية

وبصورة تدريجية، يُفترض أن تسمح الشاشات والصور المجسمة (هولوغرام) وخوذ الواقع الافتراضي ونظارات الواقع المعزز بـ"تنقلات" مرنة بين العالم الافتراضي والأماكن المادية، بما يشبه "التنقل عن بعد"، وفق زاكربرغ الذي يأسف لمحدودية الهواتف الذكية في توفير النفاذ إلى المساحات الرقمية.

ومع ذلك، انطلق السباق في هذا المجال بين عمالقة ألعاب الفيديو الجدد مثل "روبلوكس"(منصة تتضمن عددا لا يُحصى من الألعاب التي أنشأها أطفال ومراهقون) أو "فورتنايت" التي تحلم بجعل القواعد التي وضعتها الشبكات الاجتماعية مثل انستغرام وتيك توك وسنابتشات أمرا باليا.

وفي نهاية نيسان/أبريل 2020، في أوج مراحل الإغلاق الأولى خلال جائحة كوفيد-19، حققت خمس حفلات افتراضية ظهر فيها مغني الراب الأميركي ترافيس سكوت على شكل صورة رمزية (أفاتار) ǧعلى لعبة فورتنايت، نجاحا كبيرا إذ استقطبت 12 مليون لاعب فيديو، وإثر هذا النجاح، أطلقت اللعبة التي تضم 350 إغلمليون لاعب تتراوح أعمارهم بين 14 و 24 خعاما أيضا، مهرجانا سينمائيا يُسمى "شورت نايت"، إضافة إلى "بارتي رويال" وهي حفلة افتراضية عملاقة يحييها منسقو أسطوانات معروفون.

وأوضح مسؤول في شركة "إبيك غايمز" المطورة للعبة "فورتنايت" نهاية آذار/مارس لوكالة فرانس برس "خصوصا في هذه المرحلة التي بات فيها اللقاء الجسدي أكثر صعوبة، من المهم للغاية وجود هذه التجارب الافتراضية. ننظر حقا إلى فورتنايت كمنصة للتجارب الاجتماعية المتصلة وليس مجرد لعبة".

تقبل أكبر للتجارب الافتراضية

هل يفتح ذلك الباب أمام مستقبل حماسي أم أننا متجهون إلى عالم أشبه بالديستوبيا (أدب يتناول مجتمعا خياليا فاسدا)؟ تقول كاثي هاكل المستشارة في شؤون التكنولوجيا التي تقدم المشورة للشركات عن "ميتافيرس"، إن الجيل المقبل أكثر تقبلا لفكرة إعطاء معنى حقيقي للتجارب والقطع الافتراضية.

وهي توضح "أول حفلة حضرتها كانت في ملعب. أما أول حفلة حضرها ابني فكانت (لمغني الراب الأميركي) ليل ناس إكس على لعبة روبلوكس. إحياء الحفلة عبر لعبة روبلوكس لم يجعلها أقل واقعية".

كذلك ترفض كاثي هاكل الرؤية البائسة المقدمة في كتاب "سنو كراش" عن عالم افتراضي يهرب فيه الناس من أهوال الواقع، وهي فكرة عادت للظهور بعد عقدين من الزمن في رواية "بلاير وان" التي نُقلت إلى الشاشة الكبيرة عبر فيلم لستيفن سبيلبرغ عام 2018.

"فيسبوك" تبدأ العمل على "ميتافيرس" وزوكربيرغ يؤكد أنها مستقبل الشبكة الاجتماعية ولتحقيق هدفها الجديد، وظفت فيسبوك استثمارات كبيرة في التكنولوجيا التي تجعل الناس يشعرون جسديا أنهم في مكان آخر، مثل أجهزتها "بورتال" للاتصال عبر الفيديو، وخوذ "أوكولوس" ومنصة "هورايزن" للواقع الافتراضي.

لكن حتى مارك زاكربرغ أقر بأن خوذ الواقع الافتراضي الحالية "فيها بعض الشوائب" وتتطلب مزيدا من التطوير لنوع التجارب التي يطمح إليها "في السنوات الخمس المقبلة تقريبا".

من الإنترنت إلى العوالم الافتراضية

تُبشِّر الشركات التقنية الكبرى بعالم الواقع الافتراضي الذي سيصبح متاحًا في متناول كل يد، ويغيِّر من تجربتنا مع الإنترنت إلى الأبد. يناقش محرر القسم التقني ستيف كوفاتش في تقريره على موقع «CNBC» هذا الأمر، موضحًا الشكل الربحي والإطار الزمني المحتمل لإدخال هذا المفهوم إلى حيز الواقع.

تتحدث أقسام الأخبار التقنية عن الابتكار الذي قد ينقل شركة «فيسبوك» من شركة التواصل التي نعرفها إلى عالم الخيال العلمي، ويعد التقرير أنه سيكون إما التطور التالي للإنترنت أو أحدث كلمة طنانة للشركة التي ستُستخدم بهدف إثارة حماسة المستثمرين تجاه بعض الابتكارات الغامضة التي قد لا تتحقق خلال العقد المقبل.

في كلتا الحالتين، تعمل شركات التكنولوجيا – وخاصةً «فيسبوك» – على تعزيز مفهوم «ميتافيرس» «metaverse»، وهو مصطلح الخيال العلمي الكلاسيكي للعالم الافتراضي الذي يمكن العيش والعمل واللعب بداخله. ويذكِّر التقرير بفيلم «Ready Player One»، فالفكرة مشابهة لمفهوم ميتافيرس الذي تطمح له الشركات: ضع نظاراتك المحوسبة وانتقل فورًا إلى العالم الرقمي؛ حيث كل شيءٍ ممكن.

معدَّات الواقع الافتراضي

يوضح التقرير أن «فيسبوك» سيبيع الأجهزة المتعلقة بميتافيرس، لكنها لن تكون مصدر الربح الحقيقي للشركة. قال زوكربيرج في مكالمة الأرباح أن هدف «فيسبوك» يتمثل في بيع سماعاتها بأرخص سعرٍ ممكن والتركيز على جني الأموال من خلال التجارة والإعلان داخل ميتافيرس.

وأوضح زوكربيرج في المكالمة: «لن يرتبط نموذج أعمالنا بمحاولة بيع الأجهزة بزيادة كبيرة أو ما شابه؛ لأن مهمتنا تتمثل في خدمة أكبر عددٍ من الأشخاص، لذلك نريد أن نجعل ما نقوم به متيسر التكلفة قدر الإمكان حتى يتمكن أكبر عدد ممكن من الناس من الدخول فيه، وبالتالي مضاعفة حجم الاقتصاد الرقمي بداخله».

يذكِّر التقرير بوجود قسم للواقع الافتراضي في شركة فيسبوك «أوكيولوس». لا تزال سماعات الرأس الافتراضية التي ينتجها أوكيولوس ذات قدرات محدودة نسبيًّا، لكن «فيسبوك» تأمل في تحسين التكنولوجيا بحيث تبدو سماعات الرأس أشبه بزوجٍ من نظارات واربي باركر «ماركة نظارات أمريكية» بدلًا من الخوذة الكبيرة الموجودة الآن. يشدد التقرير على أهمية هذه النقطة، إذ إن ميتافيرس لن ينجح إلا لو أعطى الجهاز مستخدمه إحساسًا حقيقيًّا بالوجود الفعليِّ في العالم الرقمي.

الجانب الربحي

سيظل للإعلانات دورها المعتاد، لكن «فيسبوك» سيركز على بيع السلع الافتراضية. وكان زوكربيرج قد أكد على أن الإعلان في ميتافيرس سيشكل «جزءًا مهمًا» من إستراتيجية «فيسبوك» للربح من ميتافيرس، لكنه بدا أكثر تفاؤلًا بشأن التبادل التجاري في العالم الرقمي.

يفكر الكثيرون اليوم في بعض ألعاب الفيديو الافتراضية المشهورة مثل ماينكرافت وروبلوكس وفورتنايت؛ لتخيل كيف يمكن أن يبدأ ميتافيرس. تجني هذه الألعاب المجانية الربح عن طريق بيع سلع افتراضية للاعبين. وقد ألمح زوكربيج في مكالمة الأرباح أن «فيسبوك» ستنتنسخ تلك الإستراتيجية لجني الأرباح في ميتافيرس، عبر اقتطاع حصة صغيرة من كل معاملة.

وينقل التقرير عن زوكربيرج قوله: «أعتقد أن السلع الرقمية والمصممين سيكونان هائلين، من ناحية الأشخاص الذين يعبرون عن أنفسهم من خلال صورهم الرمزية «الأفاتار»، ومن خلال الملابس الرقمية، ومن خلال السلع الرقمية، والتطبيقات التي يمتلكونها، والتي يحضرونها معهم من مكانٍ إلى آخر»، وأضاف: «سيتركز جزء كبير من تجربة ميتافيرس حول القدرة على الانتقال الفوري من تجربةٍ إلى أخرى. وبالتالي القدرة على امتلاك سلعك الرقمية ورصيدك ونقلهم من مكانٍ إلى آخر، سيكون هذا استثمارًا كبيرًا يصنعه الأشخاص».

عمالقة التقنية يتفقون على ميتافيرس

أصبح مصطلح الميتافيرس المصطلح الأهم في المجال التقني، وذلك بعدما ظهر اهتمام شديد بهذه التقنية من طرف أهم العقول في وادي السليكون، ومن ناحية أخرى فهذه التقنية تمثل المستقبل الحقيقي لشبكة الإنترنت. إلى جانب أنها ستنقل التواصل الاجتماعي لمستوى جديد كليًا من الواقعية وستفتح الطريق لآلاف المشاريع والتقنيات الجديدة.

وقد بدأ مارك زوكربيرج التخطيط لتحويل شبكته الاجتماعية لميتافيرس. مع اهتمام كبير من مؤسس إنفيديا جنبًا إلى جنب مع المدير التنفيذي لمايكروسوفت والذي رأى في الميتافيرس فرصة كبيرة للمجالات التجارية.

يمكن لجميع مكونات الإنترنت ولكل الابتكارات التقنية أن تكون جزءًا من الميتافيرس. كما أن ألعاب الواقع الافتراضي هي واحدة من أهم هذه المكونات، إلى جانب الفعاليات التي تتم عبر الإنترنت وكذلك التواصل الاجتماعي، والإنترنت نفسه.

ولعل واحد من أهم الأسباب التي تزيد من أهمية هذه التقنية هو كونها غامضة وجديدة كليًا. وقد ظهر هذا المصطلح للمرة الأولى على يد الكاتب Neal Stephenson في روايته Snow Crash سابقًا في عام 1992. واصفًا بها عالم افتراضي شديد الضخامة.

وجذب مفهوم الميتافيرس رجال الأعمال أيضًا، وعلى رأسهم رواد المجال التقني. مثل مارك زوكربيرج، جيف بيزوس، سيرجي برين، وغيرهم الكثيرين. ولعل السبب الأهم هو كمية الأرباح التي يمكن تحقيقها من هذا المجال.

ويمكن وصف هذه التقنية بأنها عبارة عن عالم افتراضي شديد الضخامة. لذلك فالأرباح قابلة للتحقيق سواء على شكل منتجات يمكن بيعها أو إعلانات يمكن عرضها ضمن هذا العالم، ويمكن لتقنيات مثل الواقع الافتراضي، الواقع المعزز، والذكاء الاصطناعي أن تدفع هذا المجال بقوة إلى الأمام. كما أن الاهتمام الشديد من عمالة المجال التقني سيلعب دورًا رئيسيًا في ذلك.

إلا أن مراحل تطوير هذا العالم لازالت في بداياتها، وهذا طبقًا للصورة النهائية التي يتوقعها رواد المجال. كما أن هذه الصورة ستحتاج لاعتماد كبير على تقنيات الواقع المعزز مع وجود أجهزة وإكسسوارات تسمح فعليًا بنقل المستخدم وجسده للعالم الافتراضي.

ساحة المعركة المقبلة

قبل مدة طويلة من دخول الإنترنت إلى الوعي العام، كان هناك طريق المعلومات فائق السرعة.

أصبح الاسم شائعا في أوائل التسعينيات لوصف الدعامة الرقمية التي كان من المتوقع أن تصبح قناة للاتصالات، والترفيه، والتجارة. وكان عمالقة وسائل الإعلام والاتصالات في ذلك الوقت يحلمون بالسيطرة على هذه الشبكة المنتشرة.

ما ظهر أخيرا، على شاكلة الإنترنت، كان عبارة عن شبكة تتكون من شبكات أكثر انفتاحا، الأمر الذي مهد الطريق لفئة جديدة تماما من الوسطاء عبر الإنترنت.

بعد ذلك بعقود صار بعضهم في عالم التكنولوجيا يعتقدون أن بإمكانهم رؤية عالم معلومات جديد يتلألأ في الأفق، الميتافيرس. وهو عالم للواقع الافتراضي الغامر بالكامل، إنه مكان يتيح للناس متابعة جميع جوانب حياتهم بشكل تفويضي، كما لو أنهم كانوا في عالم رقمي مواز.

وكما هي الحال مع طريق المعلومات فائق السرعة، من المحتمل أن تكون الرؤى المبكرة للميتافيرس تقريبية وغير كاملة لما سيبدو عليه الواقع المطلق. فما هو الشكل الذي ستتخذه، وما هي أولى "تطبيقاتها الجوهرية"، إنما هي مسائل متروكة للتخمين. الأهم من ذلك، أنه لم يتم تحديد من سيضع القواعد ومن سيجمع الأرباح - على الرغم من أن عمالقة الإنترنت اليوم في موقع الصدارة.

لقد وضع مارك زوكربيرج رهانه بالتأكيد. ففي أواخر الشهر الماضي أعلن الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك أن شركته لن ينظر إليها في يوم ما على أنها شبكة اجتماعية، بل "شركة ميتافيرس".

ونظرا إلى الضغوط السياسية التي تتعرض لها "فيسبوك"، فقد يبدو هذا التصريح كأنه محاولة لتشتيت الانتباه. لكن محاولة تشكيل أفكار المستقبل بهذه الطريقة كانت دائما سبيلا مهما لشركات التكنولوجيا من أجل تحضير السوق لما تخطط لبيعه لاحقا ـ ويسعى زوكربيرج لهذا الشيء منذ فترة من الوقت. فقد مرت سبعة أعوام منذ أن اشترى شركة الواقع الافتراضي أوكيولوس.

قد يضطر زوكربيرج إلى الانتظار فترة أطول للحصول على عائد مالي من هذه الاستثمارات. وبالنسبة إلى كثيرين، فإن فكرة القيام ببعض من أهم تفاعلاتك الشخصية والاجتماعية من خلال شخصية رقمية في عالم افتراضي، إنما تستحضر مستقبلا من الخيال العلمي البعيد وغير الجذاب تحديدا.

لكن بعد أن فرضت الجائحة عزلة اجتماعية على كثير من سكان العالم، لم تعد فكرة الهروب إلى فضاء رقمي بالكامل تبدو غريبة. فإذا كان العاملون قد اتجهوا إلى استخدام برنامج زووم بتلك السهولة، فلماذا لا يلتقون في مكتب رقمي؟

هذه ليست قضية إما كل شيء وإما لا شيء مطلقا. فبدلا من إغراق المستخدمين مباشرة في عالم افتراضي بالكامل يمكن أن تتشكل الميتافيرس بشكل تدريجي. استخدام الواقع المعزز لتحقيق جوانب من الميتافيرس في العالم الملموس، مثلا، سينظر إليه على اعتبار أنه يتشكل أولا كتراكب رقمي جزئي.

يمكن أن يكون المنتج النهائي "حديقة مسورة" مطلقة، حيث تستفيد شركة واحدة من الإقبال الكبير من المستخدمين. وإذا شيدت "فيسبوك" وشركات الإنترنت الكبيرة الأخرى حدائق خاصة بها - خاصة إذا باعت أجهزة معينة تسمح بالدخول إلى هذه الأماكن - فقد تكون النتيجة عبارة عن مجموعة من العوالم المعزولة، وهذا سيجبر المواطنين الرقميين على اختيار المكان الذي سيقضون فيه الجزء الأكبر من وقتهم.

من ناحية أخرى، يمكن أن يشتمل الميتافيرس على مجموعة من العوالم المترابطة بشكل وثيق، بعضها يخضع لتحكم المستخدمين بالكامل. سيكون هذا مكانا يمكن فيه للأشخاص أخذ بياناتهم الشخصية، والسلع الرقمية، والخدمات المفضلة معهم أثناء تنقلهم من مكان إلى آخر.

من المغري النظر إلى عمالقة الإنترنت على أنهم نسخة اليوم من قوى الاتصالات والإعلام التي كانت في أوائل التسعينيات، التي تحلم بتشكيل وامتلاك النسخة المقبلة من وسيلة الإنترنت. في هذه المقارنة، من المغري أيضا النظر إلى تكنولوجيا البلوكتشين والعملات المشفرة على أنها القوى اللامركزية للإنترنت في بداياتها. يرى عشاق العملات المشفرة أن الأشخاص يمتلكون زواياهم الخاصة في ميتافيرس متجزئ، بدلا من إلقاء جميع بياناتهم في عدد قليل من المنصات الواسعة.

مع ذلك، الحد من قوة شركات التكنولوجيا المهيمنة لن يكون بالأمر الهين. سيعتمد الأمر بشكل كبير على نتيجة الضغط العالمي الحالي من أجل وضع ضوابط أكثر فاعلية. وسيعتمد أيضا على ما إذا كانت التكنولوجيا الكامنة وراء ثورة التشفير ستؤدي إلى ظهور تجارب جديدة وطرق جديدة للتفاعل، غير متوافرة من خلال الخدمات الجماهيرية عبر الإنترنت اليوم. ولا يزال من الصعب معرفة ما الذي يمكن أن تكون عليه الأمور بالضبط.

وكما تبدو الصورة الآن، فإن قوى الإنترنت اليوم تتخذ موضعا جيدا للسيطرة على مستقبل الميتافيرس. إذا حدث ذلك، سينتهي بها المطاف مع قوة أكبر بكثير مما لديها الآن لتشكيل حياة مليارات الأشخاص على الإنترنت. فما الذي يا ترى الشيء الذي يمكن أن يسير على نحو خاطئ؟

روبلوكس تريد السيطرة على ميتافيرس

أصدرت روبلوكس، منصة الألعاب التي تحظى بشعبية كبيرة بين الأطفال الصغار، النتائج المالية. وجاءت إيرادات الشركة في الربع الثاني دون التوقعات، وتبلغ قيمة المنصة الآن في السوق نحو 45 مليار دولار، مما يجعلها أكثر قيمة من عملاق ألعاب الفيديو التقليدية Electronic Arts.

واعتبارًا من شهر مايو، قالت الشركة إن لديها 43 مليون مستخدم نشط يوميًا، بزيادة 28 في المئة عن العام الماضي. وقالت الشركة إن هذا الرقم ارتفع إلى 43.2 مليون بنهاية الربع الثاني.

وكلما زاد عدد مستخدمي المنصة، زادت الأموال التي تجنيها الشركة من بيع عملتها الافتراضية Robux، التي يمكن استخدامها في عمليات الشراء داخل اللعبة. وتأخذ الشركة جزء من إيرادات Robux وتشارك الباقي مع مطوري الألعاب.

واستحوذت الشركة على عالم الألعاب بشكل كبير لأنها ليست مجرد لعبة واحدة في حد ذاتها. وبدلاً من ذلك، إنها منصة بها ملايين الألعاب التي ينشئها المستخدمون، كما أنها رائدة في ما يسمى ميتافيرس، وهي فكرة أن المزيد والمزيد من الناس يتفاعلون مع المحتوى الافتراضي في عالم عبر الإنترنت.

علاوة على ذلك تمتلك كل من فيسبوك ومايكروسوفت و Epic Games خططًا طموحة بشأن ميتافيرس، ولكن يبدو أن Roblox لديها طموحات أكبر. إذ أعلنت الشركة أنها تشتري شركة ناشئة تسمى Guilded، التي تطور أدوات بناء مجتمع الألعاب مثل الدردشة الصوتية والمرئية بالإضافة إلى تطبيقات التقويم والجدولة، وقال الرئيس التنفيذي لشركة Roblox في بيان صحفي: يتمتع فريق Guilded بشغف واضح لتمكين المجتمعات. لديهم فريق رائع وتكنولوجيا رائعة. نحن متحمسون جدًا لمساعدتهم على الاستمرار في طريقهم.

استغل الموسيقيون المشهورون الوصول إلى المعجبين الأصغر سنًا من خلال إقامة حفلات موسيقية في منصة Roblox، وقدم Lil Nas X عرض Roblox في شهر ديسمبر وحصد أكثر من 30 مليون مشاهدة. وأجرى اليوتيوبر ومغني الراب KSI سلسلة من العروض في نهاية الأسبوع الماضي.

بالإضافة إلى ذلك تجذب الشركة انتباه وسائل الإعلام الرئيسية وشركات الألعاب أيضًا. إذ أطلقت منصة نفتليكس في شهر يونيو لعبة عبر Roblox تتيح للاعبين زيارة نسخة افتراضية من ستاركورت مول الذي يعود إلى حقبة الثمانينيات من Stranger Things، والذي كان مكان رئيسي خلال الموسم الثالث من العرض.

وأعلنت شركة الألعاب والترفيه الكندية Spin Master الأسبوع الماضي أنها تخطط لعرض حلقة جديدة من برنامجها الشهير Bakugan عبر Roblox. وذلك قبل أسبوع من بثه عبر نفتليكس، وقالت نائبة رئيس شراكات العلامات التجارية في Roblox: من خلال دمج جماهيرنا الجماعية، يمكننا أن نقدم لمجتمع Roblox وكذلك لمحبي Bakugan طرقًا جديدة وفريدة من نوعها للتواصل وتجربة الترفيه معًا داخل Roblox ميتافيرس.

اضف تعليق